في إعادة تشكيل الحكومة واختيار أعضائها الكثير من الدلالات والأهداف خاصة في ظل هذه المرحلة الخطيرة التي تعيشها بلادنا والعالم العربي والإسلامي بشكل عام، حيث تم حسم اختيار الشخصيات التي ستوكل إليها مواصلة برامج البناء والتنمية والتصدي والمواجهة لقوى العدوان ودعم وإسناد قضايا الأمة وأهمها قضية فلسطين التي خذلها الأقربون وتآمروا عليها، ولولا ذلك لما استمرت الحرب الإجرامية (ضد الإنسانية والإبادة الجماعية لأهل غزة)، من قبل قوات الاحتلال الصهيوني المدعوم من الحلف الصليبي الجديد.
إن تشكيل الحكومة وإن تأخر، لكنه أثبت للداخل والخارج مصداقية قيادة الثورة في القدرة على إدارة العملية السياسية بكفاءة واقتدار، وتحقيق تطلعات أبناء الشعب في رؤية تغيير حقيقي في الأداء والممارسة، وفي الأسماء والكفاءات لكل ما من شأنه حفظ الهوية الإيمانية والاستقلال السياسي والاقتصادي، وحماية المبادئ والقيم الإسلامية العظيمة.
لقد انتهت مرحلة الترقب والانتظار وأتت مرحلة العمل، فخطورة المرحلة تستوجب خطوات عملية هامة لصالح عملية البناء والتنمية ومواجهة المؤامرات التي تستهدف بلادنا، فالعدوان ما زال يراهن على مواصلة استهداف اليمن بمختلف أسلحته بهدف تحطيم إرادة الصمود والتصدي، وأيضاً إشغال اليمن عن مواصلة تطبيق قرارها في إسناد الجهود الإنسانية لإيقاف إجرام الصهاينة وأحلاف الشيطان عن مواصلة إبادة المستضعفين على أرض غزة، من خلال استهداف سفن الأعداء الصهيونية، وغيرها من السفن التي تخترق قرار الحظر والمنع اليمني.
وبحسب اعترافات جنرال أمريكي، فإنه تمت تصفية ما يزيد على سبعين جندياً من المارينز الأمريكي والنخبة الصهيونية كطليعة للتسلل داخل أراضي الجمهورية اليمنية في مهمة استخباراتية، فالمسألة -حسب رأيه- تعود في نجاح ذلك إلى ما كشفته الأقمار الصناعية الروسية وأبلغت به المخابرات الإيرانية، وهي بدورها أخبرت الجيش اليمني الذي تكفل بالمهمة وهي ذاتها الأسطوانة المشروخة التي يعتمدها الأمريكان للحديث عن كل إنجاز يحققه الجيش اليمني في استهداف سفن الإمداد الصهيوني البريطاني الأمريكي أو حتى في مواجهة الاختراقات لحلفاء أمريكا من السعودية والإمارات والعدو الصهيوني.
وهو ما يؤكد توجه الحلفاء نحو تحريك جبهة العمل التخريبي باستخدام العملاء والخونة لتحقيق ما عجزت عنه الجيوش والأسلحة بمختلف أنواعها وأصنافها، صحيح أن الاعتداء على مخازن النفط في الحديدة اسند فيه النجاح للصهاينة، وأيضاً اغتيال الشهيد أبو العبد إسماعيل هنية، والشهيد فؤاد شكر، لكن ذلك بمثابة التسويق السياسي لجهود أمريكية بريطانية والمتحالفين معهما من خونة وعملاء.
الحكومة التي أوكلت إليها هذه المهام والتي حظيت بنيل الثقة من قبل قائد الثوة السيد العلم عبدالملك بن بدرالدين الحوثي، وحظيت بثقة المجلس السياسي الأعلى وشركاء العملية السياسية، بحاجة إلى إثبات صواب الاختيار، وذلك بالإسراع في تحقيق خطوات مهمة على أرض الواقع، ترضي القيادة السياسية وتحقق تطلعات الجماهير، وتثبت للداخل والخارج أنها عند مستوى المسؤولية والمهمة التي اختيرت لها، وهناك ملفات عاجلة تستوجب الإسراع في معالجتها أولها تلافي الأضرار الناجمة عن السيول التي اجتاحت محافظة الحديدة وما جاورها وأيضاً العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال تشجيع المنتجات المحلية، وتوفير البدائل عن المنتجات الخارجية، وقبل ذلك مواجهة التحركات الإجرامية، سواء في جبهات القتال والمواجهة، أو في جبهات الأنشطة التخريبية التي يحاول العدوان تحقيق ما عجزت عنه الجيوش التي جندها في البر والبحر والجو، وأيضاً تعزيز جبهات الوعي في مواجهة الدعايات والإشاعات والأكاذيب التي يحاول العدوان من خلالها تفتيت التلاحم الشعبي والإسناد الجماهيري للقيادة السياسية وقيادة الثورة، وهو الأسلوب الذي يعمل عليه من خلال أبواقه وذبابه الإلكتروني.
المرحلة اليوم جد خطيرة بعد أن بان حلف الإجرام أنه لا يمتلك أي ذرة من الأخلاق والمبادئ والقيم مع من لا يتفق معه في الرأي، وأبرز مثال على ذلك الحرب الإعلامية القذرة في أرض غزة وفلسطين، واليمن، والعراق، وسوريا، وإيران، فبينما يوصم الآخرين بأحط أنواع الأخلاق، رغم أنه يمارسها واقعاً ويرغم الآخرين على تقنينها واتخاذها سلوكاً وواقعاً، فهو يفرض المثلية، ويدعو إلى الفاحشة والعهر والقتل، والإجرام ويوجه حلفاءه بفتح المراقص والحانات، ونشر الإباحية، والانحلال، وقتل وإبادة المستضعفين، ومحاربة الإيمان والعفة، والسمو الأخلاقي، واستباحة القتل والإبادة، لكنه وبسبب انطماس الفطرة الإنسانية، أصبح يرى الحق باطلاً والباطل حقاً، وهي درجة تفوق البهيمية، ويصدق فيهم قول الحق سبحانه وتعالى «ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعم بل هم أضل أولئك هم الغافلون» الأعراف -179.
المهام الجسام تعكس خطورة المرحلة التي يجب أن يسود فيها التكاتف والتكامل بين شركاء العملية السياسية، والجماهير حتى يتم التصدي للمؤامرات الإجرامية، ومواصلة عملية البناء والتنمية التي تلبي رغبات أبناء اليمن الذين شهد لهم الله في كتابه الكريم وزكاهم الرسول الأعظم، وهي شهادة من لا ينطق عن الهوى، من حققوا الإيمان قولاً وفعلاً ونشروا الرسالة، ونصروا المصطفى بعد أن خذله الاستكبار والطغيان والإجرام، وها هي اليوم تتكرر المشاهد ولكن بصورة مختلفة وأدوات حديثة لكن المنهج هو ذاته كفر وطغيان في مواجهة إيمان وحكمة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
سفير تونس بالقاهرة: العلاقات السياسية مع مصر في أبهى صورها
قال سفير تونس بالقاهرة ومندوبها الدائم بالجامعة العربية محمد بن يوسف، إن التاريخ حافل بالعلاقات المتميزة بين تونس ومصر، وحتى في بعض الفترات التي شهدت حدوث بعض الاختلافات في التوجهات السياسية لم تنقطع العلاقات أبدًا.
وأضاف السفير خلال استضافته في حوار مفتوح للجنة العلاقات الخارجية برئاسة حسين الزناتي بعنوان "مصر وتونس.. تحديات وطموحات مشتركة" ان العلاقات الحالية بين البلدين في أبهى صورها، والتي تجلت في زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد لمصر في أبريل ٢٠٢١ التي كانت زيارة تاريخية في فترة ما لم تكن العلاقات في المستوى الذي تشهده اليوم، وحدثت نقلة نوعية على مستوى العلاقات ونشأت كيمياء كبيرة بين القيادتين في البلدين، وكان انعكاسها إيجابيا على العلاقات الثقافية والفنية، وتلاها في 2022 عقد اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسي وزراء البلدين في تونس.
كما أشار إلى أنه عقدت في سبتمبر الماضي لجنة تشاور سياسي، وأنه يجري الإعداد حاليا لزيارة وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي إلى تونس.
وذكر أن هناك تشابهًت كبيرًا بين مصر وتونس على مستوى الثقافة والانفتاح والاهتمام بالتعليم، وعشق الفن والتراث؛ فكانت ولاية المهدية التونسية مهدًا لأول دولة شيعية في تاريخ الإسلام، وهي مسقط رأس المعز لدين الله الفاطمي اول الخلفاء الفاطميين في مصر، وانشئ جامع الزيتونة على غرار الجامع الأزهر العريق وشارع الحبيب بورقيبة هو المعادل لميدان التحرير.
وأضاف: "كنا اول دولة اندلعت منها شرارة الربيع العربي ورحل الرئيس بن علي عن تونس
يوم 14 يناير 2011، ويوم 15 كان لدينا رئيس مؤقت استنادا إلى الدستور. وبفضل وعي ونضج الشعب التونسي وارتفاع نسبة التعليم لم تحدث لدينا خسائر كبيرة أو أعمال عنف وتوترات".
وتابع/ "لا يمر شهر أو شهرين إلا ويشهد علاقات على مستوى القمة أو اتصالات هاتفية، وخلال اللقاءات على المستوى العربي والدولي وتحدث دائما لقاءات بين رئيسي البلدين، وفي السادس من أكتوبر شهدنا انتخابات رئاسية في تونس وتلقينا التهاني وكانت تهنئة مصر خاصة ولم تكن مجرد رسالة تهنئة لكن اتصال من الرئيس السيسي بالرئيس قيس سعيد".
وعن مسيرة تونس الديمقراطية بعد عام 2011؛
قال "عشنا أوضاعا متشابهة مع ما مرت به مصر بعد 2011، فقد كانت هناك محاولة لأخذ البلدين نحو اوضاع لا يعرفها النسيج الاجتماعي فيهما في مجتمعين منفتحين وغير منغلقين ويؤمنان بالدولة وعشنا عشر سنوات اضطرابات عديدة بسبب طبقة سياسية لم تنجح في أخذ البلاد نحو التقدم وتجسيد طموحات المجتمع الذي قام بثورة وينتظر ان تتغير الأمور.
وتابع “ما حدث ان الأوضاع ساءت ونشأ حنين لما قبل عام 2010 والتي ثار عليها الناس، فالرئيس قيس سعيد انتخب عام 2019، لكن بعد الرئيس بن علي كنا قد انتقلنا من نظام رئاسي طبق منذ عام 59 إلى نظام برلماني مختلط ويقترب اكثر من الديمقراطية، لكنه لم يكن هينا مع التعود من قبل على النظام الرئاسي والذي كنا نعيشه في 2010، وأصبحنا وفقًا للدستور الجديد ننقسم بين ثلاث سلطات مجلس نواب يشكل الحكومة ورئيس جمهورية لديه بعض الصلاحيات، ورئيس للحكومة يعينه رئيس الجمهورية ولديه كل السلطة التنفيذية وتقسمت السلطة لوضع غريب وكانت هناك اصوات عديدة بأن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر”.
واستطرد بقوله “في 25 يوليو 2021 جمد الرئيس قيس سعيد مجلس النواب، حيث كانت هناك أوضاعًا مزرية وصلت للعراك ولم تكن مقبولة للمجتمع التونسي وسار في مسار ديمقراطية تونسية تكرس الحقوق والحريات للجميع وتستجيب لطموحات الشعب التونسي، وتقوم مسيرة الإصلاح هذه على تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، فكانت العشرية التي مضت تشهد عدم تطبيق القانون على الجميع سواسية، وتعزز المسار الإصلاحي بتنظيم انتخابات تشريعية أسفرت عن انتخاب مجلس نواب جديد وانتخابات للمجالس المحلية وتنفيذ المجلس الوطني للجهات والأقاليم، والذين ناقشا الميزانية."
وأسفرت الانتخابات في اكتوبر الماضي عن انتخاب الرئيس قيس سعيد لفترة جديدة مدتها خمس سنوات باغلبية 69% بمشاركة 2.8 مليون تونسي، والشعار الذي رفعه الرئيس لفترته الجديدة محاربة الفساد.