دينا محمود (واشنطن، لندن)
بترشحها عن الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية، تنضم كامالا هاريس، السياسية والمحامية المخضرمة، التي ستُكمل عامها الستين في العشرين من أكتوبر المقبل، إلى قائمة طويلة من الشخصيات، التي شغلت في السابق منصب نائب الرئيس في الولايات المتحدة، قبل أن تقرر المضي قدماً، على طريق السعي للإمساك بزمام أمور الدولة الأكبر في العالم.


تضم هذه القائمة 29 من أصل 49 سياسياً أميركياً، تولوا في الفترة ما بين عاميْ 1789 و2021، ثاني أعلى مواقع السلطة التنفيذية في وطنهم، ثم سعوا بعد ذلك إلى ارتداء عباءة الرجل الأول، إما فور انتهاء فترات حكم الرؤساء الذين خدموا معهم، أو خلال العقود القليلة التالية لذلك.
منصة انطلاق
ورغم ما يراه مراقبون، من أن شغل منصب نائب الرئيس في بلد مثل الولايات المتحدة، ربما يشكل منصة انطلاق رئيسة، تؤهل صاحبه للوصول بسهولة أكبر إلى قمة هرم السلطة، فلم ينجح حتى الآن سوى 15 من بين هؤلاء السياسيين، في الجلوس في المكتب البيضاوي.
تأمل كامالا هاريس، التي اختيرت نائبة للرئيس على بطاقة ترشح الرئيس الحالي جو بايدن في انتخابات عام 2020، في أن تصبح «النائب المحظوظ السادس عشر»، وذلك لإكمال مسيرة حافلة، بدأت منذ حقبة ما يُعرف ب«الآباء المؤسسين» للولايات المتحدة، وهم مجموعة الساسة الأميركيين، الذين اضطلعوا بدور جوهري، في وضع أسس الدولة في هذا البلد، منذ استقلاله عن بريطانيا، في أواخر القرن الثامن عشر.
ف «جون آدامز»، وهو أول نائب للرئيس يسعى لتولي المنصب الأرفع في الولايات المتحدة، كان في حقيقة الأمر، أول نائب لأول رئيس للبلاد، قبل أن يخلف رئيسه جورج واشنطن في عام 1797، ويصبح ثاني الرؤساء الأميركيين. وبعد أربع سنوات فحسب، سار توماس جفرسون نائب آدامز على دربه، وتولى الرئاسة خلفا له عام 1801، ولثماني أعوام هذه المرة.
ولكن آرون بَر، نائب توماس جفرسون في ولايته الأولى فحسب، لم يُكلل بالنجاح نفسه، الذي حالف سابقيْه في موقع الرجل الثاني. فقد خسر بَر، الذي وُصِفَ في زمنه بالسياسي المثير للجدل، الانتخابات التي خاضها مستقلا أمام جفرسون ذاته عام 1804، ليصبح بذلك أول نائب رئيس في التاريخ الأميركي، يخفق مسعاه في أن يصبح رئيسا.
وبعد 32 عاما كاملة، كرر مارتن فان بيورين، نائب الرئيس أندرو جاكسون، ما حققه آدامز وجفرسون من فوز انتخابي في السباق الرئاسي، حينما أصبح في 1837 الرئيس الثامن للولايات المتحدة.
حظوظ متباينة
على مدار العقود التالية من القرن التاسع عشر، تباينت حظوظ نواب الرؤساء الأميركيين، ممن طمحوا للوصول إلى سدة الحكم. فمنهم من تولى الرئاسة دون خوض انتخابات على الإطلاق، ك «جون تايلر» الذي أصبح الساكن العاشر للبيت الأبيض بعد وفاة الرئيس وليام هاريسون عام 1841، وهو ما تكرر بعد ذلك بتسع سنوات فحسب، حينما أصبح ميلارد فيلمور رئيساً إثر وفاة الرئيس الثاني عشر زاكري تايلور، عقب تنصيبه ب 16 شهرا فقط.
سيناريوهان مماثلان، أفضيا لوصول أندرو جونسون، إلى الحكم في واشنطن عام 1865، بعدما اغتيل رئيسه أبراهام لينكولن في منتصف أبريل من العام نفسه، ولأن يجد تشستر آيه. آرثر نفسه في المكتب البيضاوي، عقب اغتيال الرئيس العشرين جيمس جارفيلد عام 1881.
غير أن المصير السعيد ذاته، لم يحظ به نواب رئيس آخرون، مثل جون سي. بريكِنريدج وهنري ويلسون، في عاميْ 1860 و1872 على التوالي، وهو ما امتد إلى نظراء لهم في الربع الأول من القرن العشرين، ك «تشارلز فيربانكس» (1908)، وتوماس آر. مارشال (1920).
وتخلل تلك السنوات، وصول النائبيْن ثيودور روزفلت وكالفين كوليدج إلى قمة هرم الحكم، إثر اغتيال الرئيس ويليام ماكينلي في عام 1901 بالنسبة للأول، والوفاة المفاجئة للرئيس التاسع والعشرين وارن جي. هاردينج عام 1923، بالنسبة للثاني.
ومع مطلع ثلاثينيات القرن العشرين، أصبح ترشح نواب الرئيس في الولايات المتحدة، للمنصب الأرفع في البلاد، أمراً أكثر شيوعاً، بل وبات بمثابة القاعدة. فاعتباراً من فترة الحكم الأولى ل «فرانكلين روزفلت» عام 1933، أطلق 15 من أصل 18 نائب رئيس تعاقبوا على هذا المنصب، حملات رئاسية خاصة بهم، بعد أن شغلوا منصب النائب.
اللافت أن خمسة فقط من هؤلاء النواب الـ 15، هم من تمكنوا في النهاية من الجلوس على مقعد الرجل الأول، سواء بالفوز في الانتخابات، أو خلافة الرئيس الذي توفي أو اغتيل أو استقال. وتضم قائمة هؤلاء النواب، الساسة الديمقراطيين هاري ترومان (1945 بعد وفاة الرئيس فرانكلين روزفلت، قبل أن يفوز بالانتخابات التالية عام 1948)، وليندون جونسون (1963 إثر اغتيال الرئيس جون كينيدي ومن ثم الفوز في الاقتراع الرئاسي الذي أُجري في العام التالي)، وجو بايدن (فائزا بالانتخابات التي أُجريت عام 2020). أما من الحزب الجمهوري، فقد نجح النائبان ريتشارد نيكسون وجورج بوش الأب، في تولي الرئاسة عاميْ 1969 و1989 على الترتيب، عبر الفوز بالانتخابات التي أُجريت في العام السابق لذلك.
لكن ظروف وصول نيكسون وبوش الأب إلى المكتب البيضاوي، اختلفت بعض الشيء. ف «نيكسون» تولى الرئاسة إثر فوزه بانتخابات خاضها بعد سبع سنوات كاملة من تركه منصب النائب، وذلك بعدما فشلت محاولته الأولى في البقاء في البيت الأبيض رئيسا لا نائبا للرئيس دوايت آيزنهاور، من خلال اقتراع عام 1960.
مفارقات أميركية
من بين المفارقات التي شهدتها الساحة السياسية الأميركية، أن نيكسون ذاته، اضطر في عام 1974، للتخلي عن السلطة لنائبه جيرالد فورد، إثر استقالته على خلفية فضيحة «ووترجيت». أما بوش الأب، فقد انتقل على العكس من ذلك، من موقع الرجل الثاني إلى منصب الرئيس مباشرة، بفضل الفوز على منافسه في انتخابات 1988.
اللافت كذلك، أن الانتصار الانتخابي الذي حققه نيكسون عام 1968، كان على حساب نائب الرئيس آنذاك هيوبرت هَمفري. مصير هَمفري، لاقاه على أي حال وولتر موندَيل، نائب الرئيس جيمي كارتر، عندما قرر بعد أربع سنوات من انتهاء حكم رئيسه الديمقراطي، مواجهة الرئيس الجمهوري وقتذاك رونالد ريجان في انتخابات 1984 التي انتهت ببقاء ريجان أربع سنوات أخرى في السلطة.
كما خسر دان كويل نائب بوش الأب رهانه الانتخابي في عام 1992 أمام الديمقراطي بيل كلينتون، وهو ما تكرر للمفارقة مع آل جور نائب كلينتون نفسه بعد ثماني سنوات، حينما خسر جور من الجمهوري جورج بوش الابن عام 2000.
ومنذ ذلك الحين، لم يخض أي نائب للرئيس في الولايات المتحدة الانتخابات الرئاسية، بعد انتهاء فترة شغله لمنصبه بشكل مباشر. فالجمهوري مايك بنس نائب الرئيس السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب، انسحب مبكرا للغاية من السباق الانتخابي الدائر في الوقت الحاضر، بعدما كافح لعدة شهور لإقناع الناخبين الجمهوريين، بأنه السياسي الأقدر على تمثيلهم فيه.
أما الرئيس بايدن، الذي كان مرشحا عن الديمقراطيين في مواجهة ترامب، قبل أن يتخلى عن حملته في يوليو الماضي، فلم يخض انتخابات 2020 التي قادته للرئاسة، سوى بعد أربع سنوات، من انتهاء فترته كنائب للرئيس باراك أوباما.
وقاد انسحاب بايدن المفاجئ من الماراثون الانتخابي في الحادي والعشرين من يوليو الماضي، إلى أن تصبح كامالا هاريس فجأة، طرفا في انتخابات، ربما لم تكن تحلم بخوضها في هذا التوقيت على الأقل، ولكنها باتت الآن تطمح إلى تحقيق الفوز فيها، لاستكمال مسيرة نواب كُثر للرئيس في بلادها، تمكنوا من إقناع مواطنيهم، بأن بوسعهم لعب دور البطولة على الساحة السياسية، بعدما قبعوا لسنوات في خلفية المشهد.

أخبار ذات صلة هاريس تقدم تعهدات بشأن وقف إطلاق النار في غزة هاريس تتعهد بإصلاح نظام الهجرة في الولايات المتحدة

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: كامالا هاريس نائب الرئيس الأميركي الانتخابات الرئاسية الأميركية فی الولایات المتحدة نائب الرئیس فی انتخابات أربع سنوات رئیس فی فی عام قبل أن

إقرأ أيضاً:

المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني

 

أوضح المبعوث الأمريكي للسودان، توم بيرييلو، أن السبيل الوحيد لإنهاء معاناة السودانيين هو إنهاء الحرب وتمكين الشعب السوداني من اتخاذ قراراته بشأن مستقبله.

الخرطوم ــ التغيير

قال بيرييلو في منشور على منصة “إكس” إنه عقد  اجتماعات مثمرة في بورتسودان مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، وقادة المجتمع المدني وفريق الأمم المتحدة الإنساني.

أكد أن الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوداني بشكل فوري، مشيرًا إلى أن السبيل الوحيد لوضع حد للمعاناة هو إنهاء هذه الحرب ومنح الشعب السوداني القدرة على تحديد مستقبله.

أوضح أن الرسالة التي تلقاها بوضوح من ممثلي المجتمع المدني الذين قابلهم في بورتسودان تنص على أن الجرائم التي تستهدف النساء السودانيات يجب أن تتوقف، ويجب حماية المدنيين.

وأضاف “نحن نتشارك معهم في حرصهم على إنهاء هذه الحرب، وإيقاف الفظائع التي ترتكب ضد المدنيين، وضمان سودان موحد وديمقراطي وسلمي.

ورحب المبعوث الأمريكي بالتحسينات الأخيرة في توسيع الوصول للمساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة، كأكبر دولة مانحة للمساعدات للسودان، ستبذل قصارى جهدها لضمان وصول الغذاء والماء والأدوية إلى الناس في جميع الولايات الثماني عشرة بالإضافة إلى اللاجئين.

و قال: “أعبر عن تقديري للجهود الأخيرة التي تهدف إلى تحسين تدفق المساعدات الطارئة لـ 25 مليون سوداني يعانون من المجاعة والجوع الحاد. يجب علينا الاستمرار في زيادة كميات الغذاء والدواء المرسلة من بورتسودان وأدري، وتوسيع نطاق رحلات الإغاثة إلى المناطق النائية”.

أشار إلى أنه استمع إلى الآراء التي طرحها العاملون في المجال الإنساني من الأمم المتحدة في بورتسودان، مضيفًا: “مع تقديم الولايات المتحدة لأكثر من نصف الدعم الإغاثي في السودان، أُقدِّر التقدم الذي تم إحرازه في جهود تقديم المساعدة للمجتمعات الضعيفة في مختلف أنحاء البلاد، وستستمر الولايات المتحدة في دعم جهود الشركاء لتوسيع نطاق الإغاثة الطارئة للسودانيين الضعفاء”.

الوسومالحرب المبعوث الأمريكي بورتسودان توم بريللو

مقالات مشابهة

  • نواب أمريكيون يسعون لوقف بيع بعض الأسلحة للإمارات
  • تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسي.. "مستقبل وطن" ينظم مبادرة شتاء دافئ لتقديم البطاطين لمحدودي الدخل
  • قيصر الحدود يرحب باستخدام الأرض التي منحتها تكساس لتنفيذ خطط الترحيل
  • نائب وزير التربية وعدد من قيادات الوزارة يضعون اكليلا من الزهور على ضريح الشهيد الرئيس الصماد
  • استقالة ثلاثة من نواب حزب الحركة القومية في تركيا
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني
  • الأردن.. الحكمم بالسجن 10 سنوات على نائب سابق بتهمة تهريب أسلحة للفلسطينيين
  • حكم بسجن نائب أردني 10 سنوات لنقله الأسلحة إلى الضفة الغربية
  • الاردن يحكم بسجن نائب اردني 10 سنوات بتهمة تهريب سلاح للفلسطينين
  • المملكة المتحدة تدرس حظر وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون سن الـ16