رغم الانتقادات القوية التي تطال سياسته من مسؤولين سياسيين وأمنيين، والتحذيرات من أنه يقود إسرائيل إلى طريق الهاوية، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يكترث لكل هذه التحذيرات ويواصل تعنته في عرقلة كل مساعي التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب ويسمح بالإفراج عن الأسرى والمحتجزين.

وفي هذا السياق، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، من اتجاه إسرائيل نحو هاوية، وقال إن شراكة نتنياهو مع من وصفهما بالإرهابيَـــيْن، وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ستنتهي بالبلاد إلى الهاوية.

كما اتهم اللواء الاحتياط في الجيش الإسرائيلي يتسحاق برِيك، نتنياهو بتعمد عرقلة المفاوضات عبر إضافته المزيد من الشروط، محذرا في هذا الصدد من أن إسرائيل باتت عالقة في وحل غزة، حيث تفقد المزيد من جنودها دون أمل في تحقيق أهداف الحرب.

ومن الواضح أن عدم اكتراث نتنياهو بالتحذيرات التي يطلقها معارضوه مردها إلى جملة من العوامل، يوجزها الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين في كون المعارضين الإسرائيليين للحكومة الحالية ولرئيسها لا يقدمون خطابا بديلا.

فقد استطاع نتنياهو أن ينفرد بالحكم في إسرائيل، ويستغل الحرب التي يشنها على قطاع غزة لتحقيق أهدافه الخاصة، كما يقول جبارين الذي وصف نتنياهو بأنه مدمن على خلق الأزمات ويعرف بمعارضته الدائمة لصفقات التبادل مع المقاومة الفلسطينية.

تفعيل ساحات الحرب

وبحسب جبارين، فلا أحد من السياسيين يريد أن يرث الفوضى التي يتركها نتنياهو، وخاصة ما يتعلق بإعادة الأسرى والتبعات الاقتصادية للحرب على غزة، مشيرا إلى أن الشارع الإسرائيلي لم يدفع بعد ثمن الحرب.

ويذهب رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل، الدكتور بلال الشوبكي في الاتجاه نفسه بقوله إنه لا توجد معارضة إسرائيلية موحدة في مواجهة نتنياهو، فمعظم تصريحات المعارضين تحاول أن تظهر أسوأ ما لدى نتنياهو لأغراض حزبية ضيقة ولا علاقة لها بالحرب على قطاع غزة.

وبالإضافة إلى غياب الخطاب البديل لدى المعارضة، فإن نتنياهو -يتابع الشوبكي- يتمتع بقاعدة جماهيرية وفقا لاستطلاعات الرأي، وقاعدته اليمينية مرتاحة لخطابه ولسياسته.

غير أن الشوبكي -في حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- يشير إلى أن هناك مخاوف فعلية داخل إسرائيل من أن رئيس الوزراء الحالي أفرغ المؤسسات الرسمية من مضمونها، و"حوّل إسرائيل من دولة مؤسسات إلى دولة يتخذ فيها القرار شخص واحد".

ويتفق الضيفان على أن تعنت نتنياهو وعدم اكتراثه بالتحذيرات الداخلية مرده أيضا إلى موقف الإدارة الأميركية الحالية التي لا تريد انتقاد إسرائيل بشكل لاذع حتى لا تفسد الحملة الانتخابية على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، كما يؤكد الشوبكي، الذي قال إن هذه الإدارة توظف المفاوضات لغايات انتخابية.

ويعتقد الشوبكي أن نتنياهو سيستمر في موقفه في ظل غياب البديل الداخلي وغياب الضغوط الخارجية، وأيضا لأن شريحة كبيرة من الإسرائيليين لا تشعر بعد بأثر الحرب عليها، ويؤكد أن فصائل المقاومة الفلسطينية بدأت بتفعيل ساحات الحرب حتى تصبح ملموسة لدى الإسرائيليين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

الصفقة المنتظرة: نتنياهو يريد ولا يريد

الأنباء المتداولة حول صفقة تبادل الأسرى والهدنة في قطاع غزة تراوح بين التفاؤل والتشاؤم. تارة يتحدثون عن تقدم كبير إلى درجة تحديد مواعيد محتملة للتوصل إلى اتفاق كامل، وتارة أخرى يتحدثون عن صعوبات كبيرة لا تساهم في عملية التقدم بل وتهدد بفشل الجهود المبذولة من الوسطاء القطريين والمصريين. ولكن وبرغم الأخبار المتناقضة في الحقيقة هناك تقدم ملموس وتمت إزالة عقبات جوهرية، ولكن يبقى السؤال الذي يحير الكثيرين: هل بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية معني بالتوصل إلى صفقة أم لا؟

التقدم الكبير الذي أحرز تم بعد أن تنازلت حركة «حماس» عن مطلب وقف الحرب ووافقت على إعادة انتشار للقوات الإسرائيلية وليس انسحاباً كاملاً كما كانت شروطها قبل الجولة الأخيرة. وإسرائيل بالمقابل وافقت على الانسحاب من المناطق المأهولة ومن محور «نتساريم» ووضع آلية لفحص السيارات التي ستدخل من الجنوب للشمال وبالعكس، وفي هذا الموضوع تعهدت قطر على ما يبدو بتوفير أجهزة لمسح السيارات بأشعة إكس، بينما يتحرك الأفراد بحرية. كما وافقت إسرائيل على الانسحاب من محور فيلادلفيا باستثناء مساحة تصل بين كرم أبو سالم وبين معبر رفح. وتم الاتفاق على فتح معبر رفح على أساس اتفاق عام 2005 برقابة أوروبية وكاميرات إسرائيلية. وستبقي إسرائيل مواقع لها في الشمال وعلى طول الحدود، كما ستخضع كل المناطق لمراقبة إسرائيلية بكاميرات ومسيّرات.

ولا تزال هناك خلافات حول مطلب إسرائيل بتزويدها بقائمة لكل المحتجزين الإسرائيليين الأحياء، والإفراج عن النساء المجندات باعتبارهن ضمن تصنيف الحالات الإنسانية والرجال المدنيين المصنفين عسكريين بسبب خدمة الاحتياط في الجيش. وخلاف حول الأسرى الفلسطينيين حيث تطالب إسرائيل بفيتو على عشرات الأسماء بمن فيهم القادة مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدات، وقادة الجناح العسكري مثل عبد الله البرغوثي وحسن سلامة وإبراهيم حامد. بينما «حماس» تصر على الإفراج عنهم مع موافقتها على مبدأ الفيتو الإسرائيلي. وتصر إسرائيل على ترحيل بعض الأسرى إلى خارج الوطن بينما تريد «حماس» أن تكون الحرية للأسرى للاختيار سواء بالبقاء في الوطن أو البقاء خارجه.
المشكلة التي توحي بتناقض كبير لدى نتنياهو فيما يتعلق بالصفقة، فهو يصر على عدم وقف الحرب حتى القضاء على حركة «حماس» كما صرح بذلك لصحيفة «وول ستريت جورنال» أول من أمس. وهذا يعني أنه لا يريد الصفقة. وفي أحيان أخرى يقول إن هناك تقدماً في المفاوضات وأنه يريد صفقة ولكن ليس بكل ثمن. وفي أحسن الأحوال هو يريد المرحلة الأولى فقط التي تسمى المرحلة الإنسانية ولا تشمل الجنود والشبان الإسرائيليين. ويبدو ذلك بسبب مطالب الإدارة الأميركية الحالية وأيضاً رغبة الرئيس المنتخب دونالد ترامب في وقف إطلاق النار قبل دخوله إلى البيت الأبيض.
من التصريحات الإسرائيلية المتعاقبة يتضح أن إسرائيل تريد الإبقاء على الاحتلال في قطاع غزة في وضع أقرب إلى الوضع في الضفة الغربية، أي احتلال مع حرية عمل تتيح القيام باجتياحات وعمليات قصف واغتيالات متى تشاء السلطات الإسرائيلية. ومن الواضح أن الحكومة الإسرائيلية التي اتخذت قراراً بتصفية كل الذين على علاقة بهجوم السابع من أكتوبر من مقاتلين وقادة عسكريين ومدنيين. أي كل المسؤولين في «حماس» وكل النشطاء والذين تبوؤوا مناصب في الحركة. وهذه عملية لن تنتهي في عدة شهور بل تحتاج لسنوات. ولهذا من الصعب تصور وضع تنهي فيه إسرائيل احتلالها لغزة في غضون السنوات القليلة القادمة.

تصريحات نتنياهو ومواقفه تتعرض لانتقادات شديدة من قبل أهالي المحتجزين في غزة، ومن قِبل قادة المعارضة الذين يتهمون نتنياهو بأنه يحاول تعطيل الصفقة، وأنه لا يريد الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، لأن وقف الحرب يعني أنه سيقدَّم للمحاكمة وسيتعرض لاتهام بالتقصير في الحرب عند تشكيل لجنة تحقيق رسمية، ويطالبون نتنياهو بعقد صفقة حتى لو كان الثمن وقف الحرب، على اعتبار أن الحرب استنفدت أهدافها ولم تعد هناك أهداف واضحة. وأن استمرار الحرب فقط لأسباب شخصية بالنسبة لنتنياهو ولا تعود للدولة وحاجتها للحرب، وفي هذه الفترة تطالب المعارضة بإسقاط نتنياهو.

نتنياهو من جهته يشعر بالعظمة على ضوء التطورات التي حصلت في المنطقة كنتيجة للمغامرة المجنونة التي أقدمت عليها حركة «حماس»، وهو ينسب لنفسه كل هذه التغييرات سواء بتدمير غالبية قدرات حركة «حماس» والضربات الكبيرة التي تعرض لها «حزب الله»، وسقوط نظام بشار الأسد في سورية، وإضعاف وتفتيت محور إيران الذي اصطُلح على تسميته «محور المقاومة». وهو يتمتع الآن بدعم شعبي أفضل من الذي كان له قبل الحرب، وبالتالي لا يبالي بصرخات المعارضة ولا حتى أهالي الأسرى، وما يهمه هو تعزيز علاقته بالرئيس ترامب. وعلى الأغلب علاقته بترامب هي التي ستحدد سلوكه القادم، وهو يراهن على تغير الرأي العام الإسرائيلي مع الوقت.

(الأيام الفلسطينية)

مقالات مشابهة

  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • نتنياهو ووقف إطلاق النار
  • إسرائيل تقتل 5 صحافيين في غزة في قصف سيارتكم التي تحمل رمز الصحافة
  • لماذا يستهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي النساء والأطفال في الحرب على غزة؟
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • الصفقة المنتظرة: نتنياهو يريد ولا يريد
  • تمديد حالة الطوارئ في إسرائيل.. لماذا وافق الكنيست الإسرائيلي عليه؟
  • شواطئ.. لماذا تتحارب الأمم؟ (1)
  • نتنياهو: لن نكشف عن تفاصيل المفاوضات والإجراءات التي نقوم بها
  • قلق متصاعد في “إسرائيل”.. ما خيارات نتنياهو لردع اليمنيين؟