حصاد محدود لمفاوضات جنيف.. هل يُصعّد حرب السودان؟
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
الخرطوم- بعد 10 أيام، وفي غياب الحكومة والجيش السوداني، اختتمت في جنيف السويسرية مفاوضات رعتها الولايات المتحدة لوقف الحرب المستعرة في السودان منذ حوالي 16 شهرا، حيث يتوقع مراقبون ومحللون أن يتجه المجتمع الدولي لسياسة أشد حزما، وأن تتصاعد المواجهات العسكرية بين طرفي الصراع، مما يضاعف معاناة السودانيين.
وأكد البيان الختامي لمحادثات جنيف أنه تم الحصول على ضمانات من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لتوفير ممر إنساني آمن، في محاولة للتخفيف من تداعيات الحرب الدائرة بين الطرفين، موضحا أن الممر سيكون "آمنا ودون عراقيل عبر شريانين رئيسيين، هما الحدود الغربية عبر معبر أدري في إقليم دارفور، وطريق الدبة التي تتيح الوصول إلى الشمال والغرب من بورتسودان".
وشددت دول الوساطة في بيانها، على ضرورة عدم استخدام الغذاء والمجاعة سلاحا في الحرب، مؤكدين على مواصلة "تحقيق تقدم" بغرض فتح ممر آمن ثالث للمساعدات عبر سنّار في جنوب شرق البلاد.
من جانبه قال المبعوث الأميركي للسودان توم بيرييلو، خلال مؤتمر صحفي عقب نهاية المفاوضات "إننا نحاول تطبيق حظر التسليح على أطراف الصراع السوداني، والنزاع سيبقى مستمرا ما لم تكن هناك رغبة من الأطراف بإيقافه"، متهما طرفي النزاع بعدم الالتزام الكافي بتطبيق اتفاق جدة.
وقال المبعوث إنه كان من الممكن التقدم بالمحادثات لو حضر جميع أطراف النزاع السوداني، موضحا أنهم يحاولون تجسير الخلافات بينها، وأنهم ظلوا يتشاورون مع الجيش والدعم السريع منذ أشهر لوقف الحرب.
رسائل أميركيةوفي تطور جديد، اجتمع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، اليوم الجمعة، مع وزير المخابرات العامة المصرية عباس كامل بعد أن وصل إلى بورتسودان، بحضور المدير العام لجهاز المخابرات السوداني أحمد إبراهيم مفضل، حيث أكد كامل على اهتمام بلاده بأمن واستقرار السودان، معربا عن أمله في إنهاء الحرب سريعا لوقف معاناة الشعب السوداني.
وقالت مصادر قريبة من مجلس السيادة للجزيرة نت، إن مدير المخابرات المصرية طرح أفكارا ومقترحات من القيادة المصرية لتحقيق تفاهم حول حوار سوداني أميركي بشأن تنفيذ "إعلان جدة"، بما يتيح وقف العدائيات ومناقشة الترتيبات الأمنية والعسكرية.
وأوضحت المصادر السيادية -التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها– أن كامل نقل نتائج اتصال الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس عبد الفتاح السيسي مؤخرا، ثم مباحثات الأخير مع وزير الخارجية الأميركي في العلمين المصرية قبل 3 أيام. وكشفت أن البرهان أبدى رغبته في تحقيق السلام وانفتاحه للتعاون في هذا الشأن، مع تمسك حكومته بعدم تجاوز تنفيذ "إعلان جدة" قبل الانتقال لمناقشة بقية الملفات.
حصاد محدودترى مديرة البرنامج الأفريقي بمركز "الأهرام للدراسات الإستراتيجية" أماني الطويل، أن مفاوضات جنيف "لم تحقق اختراقا نحو وقف الحرب، وحصادها كان محدودا"، حيث انحصر في موافقة الحكومة السودانية على فتح معبر أدري مع تشاد لتمرير الإغاثة إلى إقليم دارفور.
وتعتقد الباحثة المهتمة بشأن السودان في تصريح للجزيرة نت، أن موقف الجيش المتعلق بتنفيذ "إعلان جدة" كان صحيحا، لكن آلياته والوصول إلى ذلك كان غير صحيح، ودعت البرهان إلى التخلص من ضغوط القوى السياسية وحالة تقييم بعض هذه القوى، وأن يقف على مسافة واحدة من كافة التنظيمات.
وتوقعت الباحثة أن تشهد المرحلة المقبلة تصعيدا عسكريا وسياسيا في السودان، وأن يستدعي طرفا الحرب حلفاءهما لتعزيز مواقفهما، بالإضافة إلى تغير في طريقة تعامل المجتمع الدولي بدلا من المرونة التي أبداها بشأن مفاوضات جنيف.
أما الباحث والمحلل السياسي خالد سعد، فيقول إن الوساطة كانت عاجزة عن ممارسة ضغوط كافية على أطراف النزاع والدول المرتبطة بها، وبدت الولايات المتحدة الأميركية على غير عادتها مستعجلة لتسوية سياسية، لأن جزءا من هذا الأمر متعلق بتنافس سياسي في الانتخابات الرئاسية المرتقبة.
كما عجزت الدول عن تصميم وساطة شاملة، واكتفت بحصر المحادثات في أطر وقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية، دون أن يشمل ذلك مقترحات عملية ومقبولة سياسيا لآليات تطبيق هذه الأطر، فضلا عن تجاهلها للبيئة السياسية المنقسمة، وعدم الاستجابة لتطلعات أصحاب المصلحة، الذين يربطون إنهاء الحرب باحتياجات العودة الآمنة وإعادة الإعمار، وفقا للمحلل.
وتوقع أيضا أن تعمل الوساطة في معالجة هذه القضايا بشمولية أكبر، وربما يسمح ذلك باستعادة منبر جنيف، خصوصا إذا تهيأت الظروف المناسبة لقيادة الجيش لخوض المحادثات حتى نهايتها، وحصلت على تطمينات واضحة بشأن شواغلها الداخلية.
رحلة متعثرةكانت الإدارة الأميركية قد دعت في نهاية يوليو/تموز الماضي كلا من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى جولة جديدة من المفاوضات في جنيف لوضع حد للحرب المستمرة منذ 15 أبريل/نيسان 2023، بعد تعليق آخر جولة في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وانطلقت محادثات جنيف بين شركاء إقليميين ودوليين في 14 أغسطس/آب الجاري، بهدف "التوصل إلى اتفاق لوقف العنف في السودان، وتمكين وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين"، وفي حين حضر وفد الدعم السريع غابت الحكومة السودانية، ورهنت مشاركتها بتنفيذ "إعلان جدة".
وتدخل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مرتين، مهاتفا رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وجرت مشاورات في جدة بين الحكومة والوساطة الأميركية السعودية بشأن تنفيذ "إعلان جدة"، وتوسيع الجهات والدول المراقبة للمفاوضات، غير أنها أخفقت.
وبعد جهود مصرية، وافق البرهان على مشاورات جديدة مع الإدارة الأميركية في القاهرة الأربعاء الماضي، لكن تم إلغاؤها في اللحظات الأخيرة، وتبادل مجلس السيادة والمبعوث الأميركي توم بيرييلو الانتقادات.
وقال المبعوث الأميركي إن تأجيل المشاورات السودانية الأميركية "كان بسبب خرق الوفد السوداني للبروتوكول" من دون ذكر تفاصيل، بينما ذكر مجلس السيادة "أن الاجتماع لم ينعقد لظروف تتعلق بالوفد الأميركي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مجلس السیادة إعلان جدة
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني: مقتل 60 عنصرا من "الدعم السريع" بهجوم على الفاشر
الخرطوم - أعلن الجيش السوداني، الخميس 24 ابريل 2025، قتله 60 عنصرا من قوات "الدعم السريع"، خلال تصديه لهجوم شنته على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد.
وقالت الفرقة السادسة مشاة بالجيش في الفاشر، عبر بيان، إن "قوات الجيش والقوات المساندة تمكنت من صد هجوم عنيف شنّته عناصر مليشياوية (تقصد "الدعم السريع") متسللة باتجاه المحور الجنوبي الغربي للمدينة أمس الأربعاء".
وأضافت: "قتل 60 من عناصر ميليشيا الدعم السريع، وأصيب 52 آخرون، وفر بقية المهاجمين، مخلفين وراءهم القتلى والجرحى".
وتابعت أن "قوات الدعم السريع قصفت الفاشر مدفعيا على فترات متقطعة، ما أدى إلى استشهاد 5 مدنيين وإصابة 40 آخرين، بينهم نساء بإصابات بليغة".
وحتى الساعة 10:45 "ت.غ" لم يصدر تعقيب من قوات "الدعم السريع".
تأتي هذه التطورات بعد أيام من هجوم لـ"الدعم السريع" على مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور وإعلانها السيطرة عليه بعد اشتباكات مع الجيش والقوات المساندة له، خلّفت 400 قتيل وعشرات آلاف النازحين حسب الأمم المتحدة.
ومنذ 10 مايو/ أيار الماضي، تشهد الفاشر اشتباكات بين قوات الجيش و"الدعم السريع"، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
ويخوض الطرفان منذ أبريل/ نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
وبوتيرة متسارعة، تتناقص في الفترة الأخيرة مساحات سيطرة "الدعم السريع" لصالح الجيش في أغلب ولايات السودان الـ18.
وتسارعت انتصارات الجيش في ولاية الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.
وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد "الدعم السريع" تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 ولايات من أصل 5 بإقليم دارفور (غرب).