بقلم: تاج السر عثمان بابو

«1»
تمر في شهر أغسطس الحالي االذكرى الرابعة للتوقيع على الوثيقة الدستورية 2019 التي كرّست التي كان للعسكر اليد العليا فيها، وكرست الجنجويد دستوريا بدلا من حله، كما في رغبة الشارع يومئذ وهتافاته ” العسكر للثكنات والجنجويد ينحل”، رغم ذلك انقلب العسكر على الوثيقة الدستورية بدءا من اتفاق جوبا الذي تحول لمناصب ومحاصصات ، وعدم تنفيذ ما جاء في الوثيقة من محاسبة وقصاص للشهداء في مجزرة فض الاعتصام ، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، مما شجع لارتكاب المزيد من الجرائم كما يجري في مدن دارفور حاليا ، وبقية المجازر ضد الانسانية، وحتى انقلاب 25 أكتوبر 2021، وما تم فيه من انتهاكات ومجازر،رغم ذلك فشل حتى في تكوين حكومة ، وجاء الاتفاق الإطارى بتدخل خارجي ، ليشعل نار الخلاف حول دمج الدعم السريع في الجيش مما أدي للحرب اللعينة الدائرة رحاها الآن ، التي لا بد من وقفها بعد أن احدثت دمارا وخرابا غير مسبوق في البلاد، وعودة الحكم المدني الديمقراطي ، وخروج العسكر والجنجويد من السياسة والاقتصاد ، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب.

بالتالي بعد تجربة فشل الوثيقة الدستورية والشراكة مع العسكر والدعم السريع ،، يجب “عدم تجريب المجرب” وإعادة إنتاجها بشكل آخر، حتى لا يتم إعادة إنتاج الأزمة والحرب، والسير قدما في الخروج من الحلقة الجهنمية للانقلابات العسكرية وحكم العسكر، بعد تجربة الحرب المريرة التي تتطلب التغيير الجذري واستدامة الديممقراطية والتنمية والسيادة الوطنية، وقيام علاقات خارجية متوازنة ، في وطن يسع الجميع، فما هي أهم معالم تجربة الوثيقة الدستورية التي أدت لفشلها؟

«2»
كما اشرنا سابقا ، مضت اربع سنوات علي توقيع الوثيقة الدستورية في 17 أغسطس 2019 بين اللجنة الأمنية وقوي الحرية والتغيير التي كرّست هيمنة المكون العسكري في الشراكة ، كما هو الحال في اتفاق تقاسم السلطة الذي اعطي العسكر :
– 21 شهرا الأولي
– تعيين وزيري الداخلية والدفاع.
– الابقاء علي الدعم السريع والقوات المسلحة والشرطة في يد المجلس السيادي.
– الابقاء علي الدعم السريع وعلى مليشيات النظام البائد (كتائب الظل ، الدفاع الشعبي، الوحدات الجهادية الطلابية. الخ)، بدلا من الترتيبات الأمنية لنزع السلاح ، وحلها ودمجها في المجتمع..
– تعيين المجلس السيادي لمفوضيات مهمة مثل: الانتخابات – الدستور- المؤتمر الدستوري.
– الابقاء علي المراسيم الدستورية من 11 أبريل 2019 الي بداية سريان الاتفاق.

«3»
تم الاتفاق بتدخل وضغوط خارجية اقليمية وعالمية بات معلوما تفاصيله للجميع بهدف فرض “الهبوط الناعم” الذي يعيد سياسات النظام السابق الاقتصادية والقمعية وتحالفاته العسكرية التي تفرط في سيادة البلاد ونهب ثرواتها الزراعية والمعدنية والحيوانية وأراضيها الخصبة ومياهها الجوفية، والاستمرار في الاتفاقات الجزئية ، كما في اتفاق جوبا ،التي تعمق الصراعات القبلية والاثنية وتهدد وحدة البلاد، ولضمان الحفاظ علي مصالح تلك القوي ( قواعد عسكرية ، موانئ، الخ).

ابقي الاتفاق علي المصالح الطبقية للرأسمالية الطفيلية المدنية والعسكرية ومصادر التراكم الرأسمالي الطفيلي ( العائد من حرب اليمن ، نهب وتهريب الذهب ،وعدم ضم شركات الذهب والبترول والجيش والأمن والمحاصيل النقدية ، والماشية والاتصالات . الخ لولاية وزارة المالية.) .
كان الهدف من الاتفاق اجهاض الثورة وأهدافها وقيام شراكة بين العسكر والمدنيين يكون المهيمن فيها المكون العسكري ، بدلا من قيام الدولة المدنية الديمقراطية، اضافة لقطع الطريق أمام قيام نظام ديمقراطي يكون منارة في المنطقة.

«4»
منذ التوقيع علي الوثيقة الدستورية كان الحصاد هشيما ، كما أكدت تجربة الوثيقة صحة التوقعات باجهاض الثورة والسير في “الهبوط الناعم” تحت هيمنة المكون العسكري كما في حالة :
– عدم الرضا والخرق المستمر للوثيقة الدستورية ، وعدم تنفيذ جداولها الزمنية مثل: لم يحدث في لجنة التقصي في مجزرة فض الاعتصام.
– عدم تكوين المجلس التشريعي.
– تدهور الاوضاع المعيشية والاقتصادية بدلا من تحسينها ودعم الدولة للتعليم والصحة ، وتمكين الشباب والمرأة. الخ ، كما جاء في الوثيقة .
-البطء في تفكيك النظام البائد واسترداد الأموال المنهوبة.
– عدم الغاء القوانين المقيدة للحريات، واصدار قوانين ديمقراطية للنقابات والاتحادات. الخ.
– لم يتم إعادة جميع المفصولين العسكريين والمدنيين.
– لم يتم تكوين المحكمة الدستورية واصلاح النظام العدلي والقانوني.
– خرق المكون العسكري للوثيقة الدستورية بهمينته علي ملف السلام والسياسة الخارجية من مجلس الوزراء ، والالتفاف علي “الوثيقة الدستورية” ، وافراغها من مضمونها، وتوقيع اتفاق جوبا الذي كان انقلابا “علي الوثيقة الدستورية”، تعلو بنوده عليها ، والتطبيع مع اسرائيل بلقاء البرهان – نتياهو ، والسماح بالقواعد العسكرية علي البحر الأحمر. الخ.
– مصادرة حق الحياة الذي كفلته الوثيقة الدستورية ،بالقمع واطلاق النار علي المواكب والتجمعات السلمية مما أدي الي استشهاد البعض وجرحي ،والاعتداء علي الصحفيين والنساء من بعض المتفلتين من القوات النظامية ، وقيام بيوت أشباح للدعم السريع ، والتهاون مع مواكب الفلول ” الزحف الأخضر”، والدعوات للمصالحة معهم ، وللانتخابات المبكرة دون انجاز مهام الفترة الانتقالية، اضافة لخلق الأزمات التموينية والاقتصادية، وتأجيج الصراعات القبلية والاثنية في دارفور والشرق ” إغلاق الميناء” وجنوب وغرب كردفان، حتى اعتصام “الموز” الذي تم بعده انقلاب 25 أكتوبر الذي تفاقمت بعده الاوضاع وفشل حتى في تكوين حكومة كما هو معروف ، وجاء الاتفاق الإطاري بتدخل خارجي، وهو في جوهره تكرار بشكل آخر للوثيقة الدستورية، فقد كرّس الدعم السريع واتفاق جوبا والشراكة مع العسكر ، وأدي للخلاف حول مدة دمج الدعم السريع في الجيش ، مما أدي لانفجار الحرب اللعينة الجارية بهدف السلطة والثروة.

مما يتطلب مواصلة اوسع تحالف قاعدي لوقف الحرب ، واصلاح ما خربته الحرب ، وقيام الحكم المدني الديمقراطي ، واستدامة الديمقراطية والتنمية، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية، ليقرر في شكل الحكم ، والتوافق على دستور ديمقراطي، وقانون انتخابات يفضي لانتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الدعم السریع بدلا من

إقرأ أيضاً:

نتنياهو ضالع في تسريب الوثيقة السرية لصحيفة "بيلد"

تبين من بروتوكول جلسة المحكمة العليا الإسرائيلية، التي نظرت قبل شهر في قضية تسريب وثائق سرية من مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، أن المحامي عوديد سابوراي، وكيل المتحدث باسم نتنياهو والمتهم المركزي في القضية، إليعزر فيلدشتاين، قال إن "نتنياهو كان ضالعا في تسريب الوثيقة السرية التي سُرقت من شعبة الاستخبارات العسكرية إلى صحيفة "بيلد" الألمانية".

جاء ذلك بعد السماح، اليوم الأربعاء 8 يناير 2025، بنشر مضمون بروتوكول المحكمة، وأن سابوراي أبلغ المحكمة بأن فيلدشتاين أطلع نتنياهو في حينه على نشر متوقع للوثيقة في الصحيفة الألمانية، وقوله لنتنياهو إنه "أنا وأوريخ سنسرب"، ويهونتان أوريخ هو أحد مستشاري نتنياهو.

وأضاف سابوراي، حسبما أفاد موقع "واللا" الإلكتروني، أن فيلدشتاين عمل بتوجيه من نتنياهو، وكشف عن محادثة بين فيلدشتاين ونتنياهو بعد مؤتمر صحافي حول مقتل أسرى إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة ، وقال إن "فيلدشتاين همس في أذنه: ’بحوزتي وثيقة من مصادري في شعبة الاستخبارات العسكرية، مع المضمون نفسه ولكنه مُحَدّث. ونعمل أنا وأورين على إخراجها إلى الملأ’".

وأضاف سابوراي أنه بعد نشر الوثيقة، قال أورين لفيلدشتاين إن "الزعيم مبسوط"، وأن هذا يدل على أن نتنياهو كان ضالعا في تسريب الوثيقة.

ويتبين من البروتوكول أيضا، أن ممثل النيابة العامة قال إن ضابط صف في الاحتياط، آري روزتفيلد، الذي نقل الوثيقة السرية إلى فيلدشتاين، لم ينقل وثيقة واحدة، وأن روزنفيلد حاول نقل الوثيقة إلى شخص آخر أيضا.

يشار إلى أن تسريب الوثيقة إلى "بيلد" جاء بعد رفض الرقابة نشرها في القناة 12 الإسرائيلية، وكان هدف التسريب التأثير على الرأي العام بأن حماس هي التي ترفض التوصل لاتفاق تبادل أسرى. لكن الوثيقة تكشف أيضا عن وسيلة سرية للغاية لجمع معلومات استخباراتية، وهو ما تصفه النيابة العامة بأنه يشكل مسا بأمن الدولة.

وأضافت النيابة، وفقا للبرتوكول، أن سلوك روزنفيلد أثناء التحقيق معه أدى إلى تخوف كبير من احتمال كشف معلومات حساسة، "والتخوف هو من أنه سيستمر في تسريب معلومات. وكان حافزه تجاوز الهرمية القيادية (في الجيش) ونقل معلومات إلى رئيس الحكومة مباشرة".

وقدمت النيابة إلى المحكمة نصوص محادثات بين فيلدشتاين وصحافي ألماني، يشرح فيها فيلدشتاين حول المعلومات السرية في الوثيقة والمعلومات التي لا يعتبرها سرية.

وحسب المحامي سابوراي، فإن فيلدشتاين لم يكن مدركا أن كشف المعلومات سيقود إلى كشف مصدرها، وأنه "ليس بالإمكان القول إنه أدرك أهمية المعلومات أو مصدرها".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية مؤسسات حقوقية إسرائيلية تستنكر وقف منح تأشيرات عمل لمنظمات إنسانية دولية مسؤولون: الجيش الإسرائيلي سيبقى في مناطق بلبنان لأشهر أو سنوات إسرائيل ترفض إجراء تحقيق أممي في جرائم جنسية بحق فلسطينيين الأكثر قراءة الولايات المتحدة قدمت مساعدات عسكرية لإسرائيل بـ 22 مليار دولار! حلس: "فتح" ستبقى حامية للحق الفلسطيني رغم التضحيات والأثمان الباهظة وزير الجيش الإسرائيلي يُهدّد حماس بضربة قوية ويوجه دعوة لسكان غزة الجيش الإسرائيلي يصدر أوامر إخلاء جديدة شمال قطاع غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • نتنياهو ضالع في تسريب الوثيقة السرية لصحيفة "بيلد"
  • قائد الجيش السوداني يكشف عن تعديلات في الوثيقة الدستورية
  • خطاب ماكرون يثير سعار نظام العسكر: الجزائر التي نحب و نتشارك معها الكثير من الأبناء والقصص (فيديو)
  • تفاصيل الوثيقة الإسرائيلية لمحادثات صفقة التبادل الجارية في الدوحة
  • تيكتوكر جزائري يمثل أمام محكمة فرنسية بتهم التحريض على قتل معارضين لنظام العسكر
  • الأمن بالتوازي مع العسكر.. صنعاء تتصدى لأجهزة الاستخبارات
  • قطع غانا لعلاقاتها مع جبهة البوليساريو يتزامن مع أداء الرئيس لليمين الدستورية
  • وزير الشئون النيابية يؤكد اعتزاز مصر بالعلاقات الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي
  • في ذكراها الثالثة كيف كان صدى استقالة حمدوك؟
  • في ذكراها.. سر توقف مها أبو عوف عن التمثيل مرتين