دعا محلل الشؤون العسكرية في صحيفة هآرتس آموس هارئيل الجيش الإسرائيلي إلى الخروج عن صمته وإبلاغ الإسرائيليين برأيه الصريح في صفقة تبادل للأسرى، ووصفها بحل ينقذ إسرائيل من أزمتها الخانقة ولو مؤقتا.

وفي مقال مطول في هآرتس بعنوان "فرصة الأسرى تنفد وعلى المنظومة الأمنية الحديث علنا"، كتب هارئيل أن رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيي السنوار يُعوّل على انفجار إقليمي بعدما باتت مفاوضات الأسرى أقرب إلى الفشل منها إلى تحقيق صفقة، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يبدي أي مرونة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إيكونوميست: بإمكان هاريس التغلب على ترامب لكن كيف ستحكم؟list 2 of 2صحف عالمية: حصاد الديمقراطيين سيكون مرا إذا تركوا نتنياهو يفعل ما يشاءend of list

وأضاف أن الحديث يدور منذ زمن طويل عن صفقة أسرى بشروط قاسية تشمل وقف إطلاق النار، لكنه يدور أيضا عن احتمال حرب طويلة الأمد تتوسع إلى نزاع إقليمي أكبر.

وذكّر هارئيل برفض نتنياهو إبداء أي مرونة في المفاوضات عندما كرر اعتزام إسرائيل الاحتفاظ بمحوري فيلادلفيا ونتساريم بعد 4 أيام فقط من اختتام مفاوضات في الدوحة وصفها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالفرصة الأخيرة.

وحسب هارئيل، فإن السنوار يبدو مهتما أكثر الآن بمواصلة القتال، كما تبدو واشنطن عاجزة عن إنجاح وساطتها، وستكرس قريبا شغلها الشاغل لتحقيق نصر للمرشحة الديمقراطية في الانتخابات الرئاسية الأميركية كامالا هاريس، خاصة أن المسألة الفلسطينية بقيت على هامش أولويات مؤتمر الحزب الديمقراطي رغم الاحتجاجات في الشارع الأميركي.

واستغرب المحلل الإسرائيلي عدم إقدام الجيش والكابينت الأمني على اتخاذ قرار بخصوص جبهة الشمال رغم ازدياد التوتر هناك، واحتمالات شن حزب الله وإيران عملا انتقاميا قد يؤدي إلى اشتعال فتيل نزاع إقليمي أوسع. وقال إن "أسماك القرش تشتم رائحة الدم في الماء ولم يشف غليلها كل الخراب الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي بـغزة".

تصلب نتنياهو

وأضاف هارئيل أن عائلات الأسرى ترى منعطفا خطيرا بعد استعادة جثث 6 محتجزين، فنتنياهو عاجز عن هزيمة حماس لكنه عرف كيف يستفيد من ملف الأسرى داخليا بإثارة حالة التباس حول هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول وإلقاء اللوم في ما حدث على المنظومة الأمنية، وتحويل قضية الأسرى إلى ملف سياسي مثير للانقسام، وإقناع أنصاره بأن فقدان السيطرة على محوري فيلادلفيا ونتساريم يؤثر على وجود إسرائيل ذاتها، حتى لو كان ثمن هذا التصلب مزيدا من الأسرى القتلى.

ونقل عن معلقين سياسيين قناعتهم برغبة نتنياهو في جرّ واشنطن إلى حرب إقليمية شاملة تهاجم فيها البرنامج النووي الإيراني، قائلا إن هذا قد لا يتحقق لكن الأكيد أن حرب الاستنزاف الحالية تخدم نتنياهو تماما وتقدم له ذريعة للحفاظ على جمود كل الجبهات؛ الانتخابات ومحاكمته والتحقيق في الحرب الحالية.

وقال هارئيل إن الصفقة التي عرضتها أم إسرائيلية على السنوار لمبادلة كل الأسرى الفلسطينيين بـ5 من أبناء قادة المنظومة الأمنية الإسرائيلية قد تحققت بشكل ما، فحماس لم تعد العدو المركزي وإنما الجيش وجهاز الأمن العام، وفي كل ذلك يبدو نتنياهو غير معني ولا يدفع ثمنا سياسيا لواحدة من أسوأ الكوارث التي حلت بإسرائيل.

وروى محلل الشؤون العسكرية كيف كان أقارب الأسرى الستة الذين عادوا قتلى يسمعون أصوات الطلقات في القطاع المجاور وهم يدفنون الجثث في غلاف غزة، وكان ذلك تذكيرا بالمسافة القصيرة بين بيوت القتلى وبين الأنفاق التي احتجزوا فيها، ورغم ذلك لم تجد إسرائيل حيلة لإنقاذهم.

"اخرجوا عن صمتكم"

وأضاف هارئيل أن قيادة الأركان في وضع صعب بسبب شعور الإخفاق إثر فشل الجيش في التصدي لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وبسبب قناعة تحدوها بأن إسرائيل تواجه فشلا إستراتيجيا يتعمق على جبهات عديدة.

وحسب الكاتب الإسرائيلي، فإن القيادة العليا في الجيش في خلاف عميق مع نتنياهو، وقيادة الأركان -مثلها في ذلك مثل قادة المنظومة الأمنية- مقتنعة أن الحل سيكون -ولو مؤقتا- صفقة أسرى فورية، وإلا سيقتل المزيد من الأسرى.

ويلفت إلى أن هذا الحل المؤقت سيسمح للجيش بالتعافي جنوبا، ويتيح له أيضا إيجاد حل دبلوماسي مرحلي في الشمال يحول دون حرب شاملة تدفع فيها إسرائيل أثمانا غير مسبوقة. وقد أبلغ قادة المنظومة الأمنية نتنياهو وجهة نظرهم هذه في الجلسات المغلقة، لكن نتنياهو يرفض حتى الإقرار صراحة بمسؤوليته عن إخفاق 7 أكتوبر/تشرين الأول كما فعل قائد الاستخبارات العسكرية أهارون هاليفا في خطاب استقالته.

وذكّر هارئيل بما جاء على لسان ضابط في غزة أقرّ بأن الأنفاق فاجأت الجيش بتشعبها الشديد في كل غزة، لكن نتنياهو يريد التمسك بممر نتساريم بزعم منع تنقل مقاتلي حماس إلى شمال غزة، مشيرا إلى أن هذه السيطرة لن تمنع -على الأرجح- تسللهم إلى المناطق الشمالية تحت الأرض.

ودعا هارئيل قادة المنظومة الأمنية إلى الخروج عن صمتهم ومخاطبة الإسرائيليين صراحة وعلنا بالإفصاح عن رأيهم المهني في صفقة الأسرى، وأيضا في مسألة تجنيد الحريديم وعنف المستوطنين في الصفة الغربية.

وأقر الكاتب بثقل وصمة الإخفاق التي تلاحق قيادة الأركان وكبار ضباط الجيش، لكنه يرى أن من واجبهم فعل ذلك لأن أولى خطوات رأب صدع المجتمع الإسرائيلي تتمثل في إعادة الأسرى الأحياء منهم والأموات، قائلا إن المهمة باتت مستعجلة في ضوء سلوك التحالف الحاكم الذي يتجاهل أضرار الحرب ولا يهتم إلا بمصلحة ناخبي الأحزاب التي تشكله.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

كاتب إسرائيلي يتحدث عن أسباب خشية النظام المصري من فكرة التهجير إلى سيناء

أكد الكاتب الإسرائيلي شاحر كلايمن، أن مصر تخشى الدخول في حالة حرب مع "إسرائيل"؛ كون كل هزيمة في حرب مآلها إسقاط النظام، موضحا أن "خوفها الأشد من نقل الغزيين إلى سيناء، هو تحول شبه الجزيرة إلى مربض مناوشات مع إسرائيل تفجر مثل هذه الحرب".

وقال كلايمن في مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"؛ إن "رفض الهجرة من قطاع غزة، هو مبدأ مصري صلب بالضبط، مثل الحفاظ على السلام وعدم التدخل في أي حرب، وهذا هو ما قاله إبراهيم عيسى، المقدم التلفزيوني المصري المعروف بالقرب من النظام الحالي".

وأضاف الكاتب أنه "يحتمل أن يبدو هذا القول للإسرائيليين غريبا بعض الشيء، ففي كل بضعة أيام ينشر شريط آخر لمسيرة عسكرية في بلاد النيل، ويمكن للمرء حقا أن يسمع طبول الحرب، فضلا عن ذلك، قيل غير مرة؛ إن مصر هي جيش توجد له دولة وليست دولة يوجد لها جيش، فهل هذه الدولة بالذات تتحفظ على الحرب؟ كي نفهم المنطق يجب أن نفهم المبنى الهرمي للمجتمع المصري".

الجنرالات يسيطرون في الدولة
وذكر الكاتب أنه "منذ ثورة الضباط الأحرار في 1952، التي أطاحت بالملكية، تسيطر في مصر النخبة العسكرية، في أحداث الربيع العربي أيضا كان من أطاح بحسني مبارك هم الضباط الكبار، وفي بداية الأسبوع، أحيوا في القاهرة 14 سنة على الخطاب الدراماتيكي لنائب الرئيس، عمر سليمان، الذي أعلن فيه عن نقل الصلاحيات السلطوية من مبارك إلى المجلس العسكري الأعلى".

إظهار أخبار متعلقة


وأشار إلى أنه "في مصر، الجيش ليس مجرد منظمة عسكرية؛ فالجنرالات يسيطرون على مئات المخابز ومشاريع البناء والفنادق. حسب التقديرات، فإن ثلث الاقتصاد المصري يوجد تحت سيطرتهم، من هنا يمكن أن نفهم لماذا يعد التهديد الأكبر على الحكام في مصر واليوم عبد الفتاح السيسي، ليس الإخوان المسلمين، ولا حتى المتظاهرين الذين يحتجون بجموعهم، فهؤلاء وأولئك قابلون للقمع".

وأكد الكاتب أن "التهديد الأكبر يوجد في صفوف الجنرالات، وإذا لم يواصل السيسي تضخم ميزانيات الجيش، فالقرار سيؤثر فورا على مصالحهم الاقتصادية والشخصية، عتاد أقل وقوات أقل يعني مال أقل وهكذا، ولهذا السبب، فإن الحرب تشكل خطرا، مشكوك أن تكون القيادة في القاهرة مستعدة لأن تأخذه".

وقال: "يكفي التذكير بأن هزائم الجيوش العربية أدت في الماضي إلى انقلابات وإلى تغييرات في الحكم، وفي سوريا وزير الدفاع حافظ الأسد صعد إلى الحكم بعد حرب الأيام الستة (نكسة 1967)، والمعركة تلك أيضا أدت إلى نهاية طريق الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وبعد ثلاث سنوات من ذلك، توفي وحل محله نائبه أنور السادات، باختصار، لا طريقا أكثر ضمانة لفقدان الحكم من حرب ضد إسرائيل".

مصالح وكراهية لاذعة
في المقابل، قال الكاتب؛ إنه "حتى نحو خمسة عقود على اتفاقات السلام، لم تلغ جنون الاضطهاد المصري. في بلاد النيل يوجد تخوف دائم في أوساط دوائر معنية من تطلعات التوسع الإسرائيلية".

وأوضح كلايمن أنه "في مناورات دورية، السيناريو هو اجتياح من الجيش الإسرائيلي، والأخطر من ذلك أنه على مدى عقود لم تبذل القيادة المصرية جهدا لتغيير مضامين تحريضية ضد إسرائيل، وفي السنوات الأخيرة فقط طرأ بعض التغيير في المضامين، هكذا نشأ اتفاق سلام بارد يقوم على مصالح أمنية وسياسية فقط".

وأضاف: "إذا كان ثمة درس ينبغي استخلاصه من قصور 7 تشرين الثاني/ أكتوبر 2023، فهو أنه لا تكفي المصالح للحفاظ على الاستقرار والهدوء في الشرق الأوسط".

إظهار أخبار متعلقة


وبين أنه "أحيانا الكراهية اللاذعة من شأنها أن تخرب على الاعتبارات العقلانية، صحيح حتى الآن يخيل أن هذا ليس الوضع في مصر، وصحيح أن السيسي أقرب إلى السلام من أسلافه، لكنه بعيدٌ سنوات ضوء عن مواقف أصولية على نمط الإخوان المسلمين، العكس هو الصحيح الرئيس المصري أدى بالذات إلى تعزيز التعاون مع إسرائيل".

وختم أن "معارضته الحادة لخطة ترامب لإخلاء الفلسطينيين، ينبغي أن نعيدها إلى التهديد بأن تصبح شبه جزيرة سيناء عش إرهاب برعاية الغزيين، ولا يزال، إسرائيل تعلمت بالطريقة الأصعب بأنه يجب الاستعداد لكل سيناريو".

مقالات مشابهة

  • وزير إسرائيلي: لن أدعم المرحلة الثانية من صفقة الأسرى
  • نيران صديقة.. كاتب إسرائيلي عن ترامب: قراراته تدمر القيم الأمريكية
  • إعلام إسرائيلي: ترامب يضغط لإطلاق سراح جميع الرهائن قبل المرحلة الثانية من الاتفاق
  • مكتب نتنياهو: تسريبات المفاوض السابق من الكابينت جريمة جنائية
  • إسرائيل تطالب بتمديد المرحلة الأولى من "صفقة غزة"
  • عائلات الأسرى تتهم نتنياهو بمحاولة عرقلة صفقة الأسرى
  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو يعقد مشاورات أمنية هاتفية بعد انتهاء مهلة ترامب لحماس
  • أسرى إسرائيل المفرج عنهم يدعون لإتمام صفقة التبادل
  • أسير إسرائيلي مفرج عنه يطالب باستمرار صفقة التبادل
  • كاتب إسرائيلي يتحدث عن أسباب خشية النظام المصري من فكرة التهجير إلى سيناء