الأمن القومي رؤية جديدة لمواجهة التحديات.. جهود حثيثة للدولة لحمايته على جميع الاتجاهات الاستراتيجية (ملف خاص)
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
يعد ملف الأمن القومى واحداً من الملفات المهمة التى تُوليها الدولة اهتماماً بالغاً، ولا سيما فى ظل التحديات الإقليمية المحيطة الراهنة مع تصاعد الصراعات والأزمات، فوضعت الحكومة ضمن برنامجها الجديد متطلبات المرحلة، بداية من مراجعة شاملة لأساليب الحماية والأمن القومى، وتعزيز القدرات العسكرية إلى تأمين الحدود وتحسين مستوى التنسيق الإقليمى والدولى.
تضع القيادة الحالية نصب عينيها مهمة صياغة رؤية أمنية متكاملة وقادرة على التعامل مع التهديدات المتزايدة والمتغيرات الأمنية الراهنة، من خلال حراك دائم وردود فعل سريعة وفعالة، فى ظل التحولات العميقة التى تشهدها المنطقة، وتسعى الحكومة إلى تطوير استراتيجيات شاملة تتجاوز الطرق التقليدية، مع التركيز على تعزيز الأمن القومى واستقرار الدولة فى مواجهة التهديدات العابرة للحدود.
جهود حثيثة تقوم بها الدولة لحماية الأمن القومى على جميع الاتجاهات الاستراتيجية على النحو الذى يسهم فى تأمين مقدراتها وحماية المصالح العليا لشعب مصر العظيم، ما يعكس التزام الحكومة بحماية مصالح الدولة ورفع جاهزيتها لمواجهة أى طارئ، كما أن التحديات التى تواجه مصر ليست فقط أمنية، بل تمتد إلى ضرورة تعزيز الروابط الإقليمية والدولية، وتفعيل الدبلوماسية الأمنية بشكل يسهم فى استقرار المنطقة وحماية الأمن القومى.
«الوطن» فى السطور التالية، تستعرض أبرز مرتكزات ومحددات برنامج الحكومة الجديدة فى ملف الأمن القومى، وتحليلها من خلال مجموعة من الخبراء والمتخصصين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأمن القومى الاتجاهات الاستراتيجية مواجهة التحديات الأمن القومى
إقرأ أيضاً:
الأمن القومى العربى فى خطر
مصر الصخرة التى تحطمت عليها أطماع تل أبيب
يومًا بعد يومٍ يتكشف للعالم أجمع ما يحاك فى الغرف المغلقة، لتصفية القضية الفلسطينية من قبل خفافيش الظلام، حيث ظهر جليًا لنا على مدار الأيام الماضية الدعم منقطع النظير من قبل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لـ «إسرائيل» وهو ما يتطلب من الأنظمة العربية والشعوب فى الفترة القادمة التصدى لتلك المخططات، لاسيما عقب وجود نية الولايات المتحدة لفرض سيطرتها على قطاع غزة.
وعلى مدار العقود الماضية، تصدت الدولة المصرية لتلك المخططات بشكل ملحوظٍ، والعمل على إجهاضها بغية الوصول لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو الحق المشروع للشعب الفلسطينى، والذى واجه آلة القتل الهمجية الإسرائيلية، طوال السنوات الماضية، لتحرر أرضه وعدم التفريط.
وعبر الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ بدء العدوان الإسرائيلى على فلسطين، عن رؤية مصر الثابتة، ورفض التهجير سواء كان قسريًا أو طوعيًا، كما أوضح أن سيناء خط أحمر ولن تكون أبداً جزءا من أى مخططات لتصفية القضية الفلسطينية، خاصة أنه منذ صعود الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لسدة الحكم، وهناك إصرار واضح لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وظهر ذلك جليًا فى الخروج علانية على مدار الأسابيع الماضية، والحديث عن مستقبل قطاع غزة، ومطالبة مصر والأردن باستقبال المواطنين، فى محاولة خبيثة لتصفية القضية الفلسطينية، بشكل يرمى إلى تمدد إسرائيل وسيطرتها فى الإقليم، وهو الأمر الذى قوبل برفضٍ قاطعٍ من قبل الدولة المصرية قيادةً وشعبًا.
الرئيس الأمريكى تحدث خلال لقائه الرسمى مع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، عن التهجير لسكان غزة بشكل واضح، كما كشف النقاب عن المخططات الشيطانية، التى تضمر إزاء القضية الفلسطينية، وأن الولايات المتحدة ستكون لها ملكية طويلة الأمد فى غزة، وهو ما يرمى إلى السيطرة على القطاع وتسليمه لإسرائيل.
استطلعت «الوفد» آراء عدد من السياسيين والاستراتيجيين، حيث أكد اللواء عادل العمدة مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، أن تصريحات ترامب الأخيرة بشأن غزة تعد صلفًا وغرورًا لعدة اعتبارات، منها محاولة الهروب من أزماته الداخلية فى اتجاهات أخرى لإشغال الرأى العام الدولى بعيدًا عن المشاكل الداخلية فى أمريكا، وذلك يأتى فى إطار تحقيق أهدافه ومصالحه، وما صدر من ترامب يوحى أن هناك توافقًا تامًا مع رئيس الوزراء الإسرائيلى.
وأوضح العمدة أن تصريحات ترامب هدفها تمكين إسرائيل من السيطرة على المنطقة، ومعلوم أن ممارسات الرئيس الأمريكى ترامب تستهدف تفريغ قطاع غزة من السكان، والوصول إلى جزء من إسرائيل الكبرى متحقق وآخر للتحكم فى مصادر الطاقة التى يتم استخراجها من غزة، موضحًا أن ترامب كرر فكرة التهجير مرارًا، والدولة المصرية قادرة على إجهاض المخططات الأمريكية فى التوقيت المناسب.
وأفاد العمدة أن المطلوب من العرب إزاء تلك القضية هو إعلاء المصالح القومية على المصالح الذاتية، فضلًا عن التوحد، وأن ترامب فى بداية ولايته الأولى أصر على الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، والثانية تحدث عن صفقة القرن، وما يحدث حاليًا استكمالًا للمخطط.
وأشار العمدة إلى أن ترامب يريد رسم واقعًا بنقل الفلسطينيين إلى مكان آمن، بعيدًا عن العذاب، قائلًا: «على ترامب أن يضطلع بمسئولياته وتبنى مجموعة من الإسرائيليين للعيش فى أمريكا، حتى يتم رفع كفاءة قطاع غزة، مشيرًا أن الموقف المصرى مُشرف وصخرة تتحطم عليها العديد من المخططات الخبيثة بشأن القضية الفلسطينية.
ووجه اللواء نصر سالم، أستاذ العلوم الاستراتيجية بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا الاستراتيجية رسالة للأمة العربية والإسلامية قائلا: هذا يومكم إما أن نكون أو لا نكون، خاصة أن بعد ما يحدث فى غزة الدور على الجميع، ولا يمكن أن ترك الفسطينيين يستباحوا بهذا الشكل.
وتابع موجهًا رسالة إلى ترامب ونتنياهو قائلا: «شكرًا، سيبولنا غزة هنبنيها بأظافرنا، ولا نحتاج منكم أى شىء، رافضًا ما يتدوال عن تهجير الفلسطنيين من أرضهم».
وطالب «سالم» العرب والمسلمين بالتحرم فورًا لإجهاض تلك المخططات، واتخاذ موقف أمام أمريكا، ونبتعد تمامًا عن الشعارات، خاصة أن عدم التصدى لما يروج «ترامب» يتسبب فى ضياع القضية الفلسطينية، ويتم احتلال غزة وإلقاء الفلسطينيين فى البحر.
كما طالب بوجود موقف عربى موحد لعدم استفراد الرئيس الأمريكى ترامب بالفلسطينيين، وكل دولة، موضحًا أن ترامب يعمل بنظرية العالم يكون قطب واحد فقط، وتتوسع على الجيران، لاسيما أن عدم كسر شوكة أمريكا يدفعها للاستمرار فى مخططتها، ونقف لما يحاك للجميع، وعندها سيقف معنا العالم الحر.
وأضاف «سالم» أنه مطلوب الآن مؤتمر فى جامعة الدول العربية، بأقصى سرعة فى القاهرة أو السعودية، لاتخاذ الموقف الموحد وإعلانه للعالم أجمع، بغية أن تعلم أمريكا أنها ليست أمام «عشة فراخ» تمد يدها لتأخذ ما تريد من العالم لصالح أمريكا وإسرائيل، مضيفًا أن ترامب اليوم يتحدث عن التهجير القسرى للفلسطينيين، وغدًا يستكمل باقى خطة التمدد، وهذا يوم الأمة العربية للتصدى لما يحدث.
وقال اللواء محمد الغبارى مدير كلية الدفاع الوطنى الأسبق، إن هدف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، تقسيم الشرق الأوسط إلى إمارات صغيرة وتفتيت الدول العربية إقامة دولة إسرائيلية، مؤكدًا أن بداية التخطيط ما يحدث حاليًا فى غزة وسوريا واليمن وليبيا والسودان.
وأضاف أن أحاديث «ترامب» المتكررة بشأن تهجير الفلسطينيين لن تتحق رغم محاولاته الشديدة منذ تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا رفض مصر والأردن تهجير الشعب الفلسطينى جعل «ترامب» يتراجع عن تصريحاته ويطالب الفلسطينيين بالرحيل إلى أى دولة أخرى.
وأوضح أن تصريحات «ترامب» تعتبر آراء شخصية وليست دولية بسبب عدم وضعه خطة للتعاملات السياسية مع الدول داخل الكونجرس الأمريكى حتى الآن، لافتًا إلى أن الرئيس الأمريكى يرغب فى فرض سيطرته فى ظل ما يحدث من مفاوضات داخل المنطقة بشأن أحداث غزة.
وأكد الغبارى ضرورة تكاتف الدول العربية والإسلامية فى الفترة الحالية لمواجهة إسرائيل، مشيدًا باجتماع وزراء خارجية عدد من الدول العربية فى القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية، وإعلان بيان بشأن رفض تهجير الفلسطينيين وإرسال نسخة منه للأمم المتحددة.
وأشار إلى أن مصر تدرك أهمية موقعها الجغرافى ودورها الدولى، ما يجعلها هدفًا دائمًا لمحاولات الإضعاف، لكنها ستظل دولة قوية قادرة على حماية مواردها ومصالحها.
وأكد اللواء تامر الشهاوى الخبير العسكرى، أن التصريحات المتتالية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن تهجير سكان قطاع غزة، هى إجراء جديد من إجراءات البلطجة الأمريكية والقرارات أحادية الجانب التى لا تستند على أى سند دولى أو أخلاقى أو إنسانى.
وأضاف أن هناك فواتير انتخابية على «ترامب» أن يسددها بعد توليه السلطة، حيث أظهر بعد توليه الحكم رغبة جامحة ونوايا استعمارية فى مناطق متفرقه من العالم قوبلت بالرفض من كل دول العالم، مشيرًا إلى أنه علينا ألا ننسى أن «ترامب» فى فترة رئاسته الأولى أقدم على خطوات لم يجرؤ رئيس قبله أن يقدم عليها، قائلًا: «قام بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وهو ما يدمر القضية الفلسطينية من جذورها وأعترف بالجولان السورية أرضًا إسرائيلية فضلاً عن تبنيه مشروع ما أطلق عليه صفقه القرن».
وأوضح الشهاوى، أنه منذ اندلاع طوفان الأقصى فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ كان لمصر والأردن السبق فى معرفة النوايا الإسرائيلية والأمريكية بشأن تهجير سكان الضفة وقطاع غزة، بالاضافة إلى التصريحات المتتالية من إسرائيل وأمريكا والتى فضحت مخطط التهجير مبكرًا ولم يتغير موقف مصر أبدًا من رفضها لهذا المخطط الشيطانى.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى القضاء على القضية الفلسطينية وتستخدم كل الوسائل المتاحة سواء من تحييد دول بالتطبيع مع إسرائيل أو اللعب بورقة المساعدات أو حتى التلويح بالقوة العسكرية، بالاضافة بالطبع إلى مضاعفة المعونات والمساعدات إلى إسرائيل.
واختتم: «مصر لا تملك إلا الثبات على موقفها التاريخى بشأن القضية الفلسطينية وهو ما أعلنت عنه مصر عشرات المرات أنها لن تتخلى أبدًا عن الشعب الفلسطينى والقضية الفلسطينية بانسحاب إسرائيل من كامل الأراضى التى أحتلتها بعد ٤ يونيو ١٩٦٧، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس والتشبث باتفاقية أوسلوا كمسار لحل الدولتين.
ويرى الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تصريحات الرئيس الأمريكى ترامب بشأن غزة وتهجير الفلسطينيين قسريًا بذريعة إحلال السلام، تعد محاولة لفرض أمر واقع على المؤسسات الأمريكية، والانفراد بالقرار، مشيرًا أن هناك اتجاهًا ثابتًا من أمريكا على مدار التاريخ فى فكرة دعم إسرائيل، وما يحدث يؤكد أن هناك مخططًا لتعديل الحدود بما يصب فى صالح إسرائيل، خاصة أن ترامب تحدث مرارًا أن مساحتها صغيرة.
وأضاف أن ترامب تربطه علاقات وثيقة برئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو، ورغم اختلاف الرؤساء الأمريكيين فكرة تهجير الفلسطينيين، يعد الأكثر فجاجة وهناك رغبة واضحة لإخلاء قطاع غزة والضفة بغية سيطرة إسرائيل عليها، تمهيدًا للضم الكامل وفقًا للمخطط، مضيفًا أن ترامب يسوق حججًا واهية غير مقبولة لتهجير الفلسطينيين، ويحاول تجميل صورة إسرائيل.
وأكد «بدر الدين» أن ترامب يريد أن تسيطر إسرائيل على كل مساحة فلسطين التاريخية، قائلًا: «هل تنتهى الأمور عند السيطرة على فلسطين كاملة أم هناك أطماع فى دول أخرى مثل أجزاء من سوريا ولبنان، مؤكدًا أن هناك لا مبالاة من العرب بالقضية الفلسطينية ويجب أن يكون هناك تأييد من العرب باتخاذ قرارات لها تأثير بعيدًا عن بيانات الشجب والإدانة، وأن يساند الجميع الموقف المصرى الأردنى.
واختتم بأن رسائل ترامب تنذر بحدوث قلاقل وكوارث فى العالم، لاسيما أن جميع التصريحات لا تذكر الإبادة الجماعية للفلسطينيين، بل الانحياز التام لصالح إسرائيل، وهو ما ينذر بانهيار النظام الدولى، ويسود قانون الغاب، ومهما حدث موقف مصر ثابت رسميًا وشعبيًا ضد تهجير الفلسطينيين قسريًا أو طوعيًا خارج أرضهم.
وكشف الدكتور جمال أسعد الخبير السياسى، أن تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، تؤكد ما لا يدع مجالا للشك أنها تصريحات استعمارية وفرض سيطرة على المنطقة بأكملها دون النظر إلى الدول الأخرى، مشيرًا إلى أن هذه التصريحات أعلنت أنه لا فرق بين إسرائيل وأمريكا.
وأضاف أن إعلان أمريكا تهجير الفلسطينيين والاستلاء على أراضيهم، يعد فعلا استعماريا يضرب بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين الدولية، موضحًا أن الشعب الفلسطينى هو الوحيد القادر على تحديد مصيره.
وأكد «أسعد» أن الشعب الفلسطينى غير مجبر على ترك أراضيه ويجب عليه التمسك بعقيدته رغم كل محاولات ترامب لتهجيرهم، لافتًا إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكى تتعارض مع مصالح العديد من الدول، متوقعًا عدم تحقيقها فى الفترة الحالية.