لجريدة عمان:
2024-09-13@00:29:24 GMT

ملتقى فلسطين الرواية العربية والذاكرة

تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT

ملتقى فلسطين الرواية العربية والذاكرة

هي قصة، تُحكى، ذات مضمون، بأسلوب معين، يتطور كلاهما عبر الزمن، وصولا الى الرواية، الأوروبية التبلور والظهور، والعالمية المنشأ في ظل ما تراكم من سرد واكب تطور المجتمع، من باب أن لكل أمة سردياتها.

لقد مثّلت الرواية أكثر الأشكال تطورا في عالم السرد والقص؛ لقدرتها العجيبة في خلق عالم بشري متكامل وحيّ، مصورة بصدق ما كان ويكون، باتجاه التغيير بمدى رحب متسع.

لسنا في باب محاججة حول نشوئها، ولكن في مجال تأمل هذا الشكل الحكائي الذي وجد طريقا في تاريخ الأدب العربي، والذي لا يذكرنا مثلا بفن المقامة لبديع الزمان الهمذاني ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري، بل وفي تاريخ الآداب الشعبية. ومن المهم تأمل الملاحم القديمة العالمية وشبيهاتها العربية.

إننا في باب تطور الشكل الأدبي الذي وجد طريقا للقص من خلال أشكال قصّ ورواية واضحة المعالم تصل الجمهور الواسع، تقدم قصة ما بمضمون معين وبلغة مفهومة.

وعليه، فلا يمكن أن نقبل على قراءة رواية بدون أسلوب ولغة يكونا رافعتين لها، كما أن أية لغة ثقيلة ممتلئة بجماليات كثيرة لن تنهض برواية ضعيفة المضمون.

في هذا السياق، فإن ملتقيات الرواية دوما بالرغم من تناولها الكثير من المحاور، إلا أنها لا تخرج عن بحث اتجاهات ومواضيع الرواية وطرق السرد.

في ملتقى فلسطين للرواية العربية، كان من الطبيعي أن تكون الذاكرة مثلا أحد محاور الملتقى، كونها تشكل زمنا فلسطينيا خاصا صار عمره 76 عاما، بالاستناد الى زمن نكبة فلسطين، ولنا أن نرى العمر قد فاق القرن بالاستناد الى الاحتلال البريطاني.

ولأن المقصود هنا الذاكرة الخاصة بالنكبة الفلسطينية، فقد كان من الطبيعي أن تحضر كونها من أزمان الرواية الحديثة والمعاصرة، دون أن ننسى أن فلسطين عرفت فن الرواية في وقت متقارب مع نشوئها في مصر أيضا.

بعد بضع سنوات على نكبة فلسطين، عادت القصة والرواية تظهران، ثم راحت تتبلور في الستينيات، لتتطور بشكل أكبر في العقود التالية، حيث ما أن تذهب موجة من الرواة حتى تتسلم الراية كوكبة أخرى.

وبعد هذه السنوات، نستطيع الآن مثلا تقصي وجود الذاكرة كزمن خاص في الروايات الفلسطينية، من خلال دراستها من حيث:

- وجود الظاهرة الزمنية.

- سياقها.

- توظيفها إبداعيا.

- طرق السرد، وتقنياته.

- رؤية الكاتب.

فإلى أي مدى تجلت طاهرة الذاكرة؟ وهل أبدع الفلسطينيون في تقديمها وأي اتجاه؟

فإذا درسنا الذاكرة بما يتعلق بعام النكبة 1948، فإننا سنجد تشابها مع الذاكرة المتعلقة بهزيمة عام 1967، كما سنجد اختلافا أيضا. ومع تتبع الزمن الفلسطيني عبر مراحله وتحولاته المرتبطة بحدث تاريخي سياسي معين: العدوان الثلاثي، 1967، 1970، 1973، 1979، 1987، 1993، 2000،...2023 نجد أن التطور الأدبي في كل زمن يلقي بظلاله على اختيارات المواضيع وطرق سردها.

والمقصد هنا أن الرواية الفلسطينية لم تتقوقع، بل ظلت حية حتى الآن وغدا، وهي بحاجة للاستمرار، بالاعتماد على شغف المواهب وتطويرها إبداعيا.

ترى ما هي الفترات الزمنية التي ظهرت في الرواية؟ وأيها ظهرت أكثر من غيرها؟ وهل لذلك علاقة بعمر الكاتب أو الفترة التي عاش فيها أو التي كان يطل عليها من خلال من سبقوه؟

ويبقى السؤال الأهم كيف كانت رؤية الكاتب؟

في ظل تذكر ما كان، ما عشناها وما سمعنا عنه ورأينا جزءا منه، نجد أن الماضي المستعاد لم يشكل فقط نوستالوجيا الحنين، ولا مجرد البكاء على الأطلال، بل باتجاه بناء الوطن أدبيا، بناء وحدته المكانية التي تنظر لفلسطين التاريخية نظرة واحدة، بهدف عميق وهو عدم الاستسلام لفكرة التجزئة المكانية، فلم تكن فلسطين يوما مكانا محددا بزمن هزيمة؛ فالهمة الأدبية هي هنا بمثابة همة وطنية وقومية وإنسانيا.

وخطورة الذاكرة هنا أنه مرتبطة عضويا وموضوعيا بالهوية؛ فلا ذاكرة فلسطينية بدون الهوية، ولا هو هوية بدون ذاكرة، وفيما يتجلى الوطن الفلسطيني المستلب كمكان روائي خاص.

لذلك، فإن كل ما ذكرناه يتجلى داخل الشخصيات، حسب الأعمار، فكل شخصية روائية هو منتج زمنيا ومكانيا لما مرّ بفلسطين ولها. أتعلق الأمر بفلسطيني الوطن هنا أو في خارج فلسطين، فيما يعرف بالشتات.

وهنا، فإن بناء الشخصيات هنا هو بناء ما تجلى من تأثيرات قضية فلسطين على الأفراد، من جهة، لما يشكل ذلك من تأثير قوي يشكل تحديا للفلسطيني والكاتب معا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تحرك الفلسطيني في أي زمن أو مكان، بما فيه من حيوات. وهنا يكمن الإبداع الحقيقي في التعامل مع الشخصية في الرواية الفلسطينية؛ والتي هي تتأثر بالجذور مكانا وزمنا، ومكان الرواية وزمانها الخاص؛ فشخصيات غسان كنفاني مثلا في عائد الى حيفا، تختلف وتتشابه مع شخصيات المتشائل لإميل حبيبي، وصولا إلى شخصيات الروائيين الآن.

نقرأ التأثيرين معا، حتى وإن كان التأثير الأول يبدو غير مرئيّ تماما في روايات معينة، التي اختارت أن تركز على هذا الزمن. ولكنهما يتفاعلان. ولعل أكثر من عبر عن هذه الحالة الشاعر الكبير محمود درويش، حين عبر عن هذه العلاقة العضوية بين الفلسطيني وفلسطين أينما يكون.

الفلسطيني الشخصية الواقعية، توارث ليس الذاكرة فقط، بل أثرها في الوعي واللاوعي، أما الشخصية الروائية فهي التي تتجلى فيها الشخصية الواقعية. ثمة نمط هنا، يجعل الشخصية الإنسانية في الرواية، متفاعلة مع خصوصيات المكان، والمشاعر الطبيعية، والدوافع العادية في جوانب المجتمع، لكنها غير قادرة عن الفكاك كونها من فلسطين، وتلك هي الذاكرة-الدافع القدري الذي يجعل نفي الفلسطيني عن وطنه مستحيلا.

وهذا ما ذهب اليه جبرا إبراهيم جبرا في روايته "البحث عن وليد مسعود"1978، حين ظلت ذكريات وليد مسعود مرتبطة بالوطن، حتى وهو خارج الوطن. وهو الحال في رواية "تايه" 2019 لصافي صافي, يبدو أن التعلق بالمكان (الأصلي بيت نبالا) لم يقتصر على الكاتب، بل امتد إلى شخصية تايه وأمه، فالأم ترفض نفسيا الشعور بأن فترة اللجوء ستطول، وأنها ستنتهي قريبا، لذلك فقد اختارت البقاء في مغارة ريثما تعود، خشية التعلق بالمكان الجديد، بمعنى أنها رفضت أن يكون لها بيت جديد. "أم تايه هي الاقرب للتوجه غربا إذا ما انتهت الحرب، ولن تندم على اغراضها في المغارة، فالكنز هناك والغذاء هناك والماء هناك ورفات الأحبة هناك".

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

هجمات 11 سبتمبر 2001.. بين الرواية الأمريكية ونظريات المؤامرة

يمانيون – متابعات
23 عامًا مرّت على حادثة 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، تلك الحادثة التي اتخذتها واشنطن ذريعة لشن حرب على “الإرهاب”، بحسب زعمها، فأقدمت على ارتكاب المجازر الدموية بحق الشعوب في عدد من البلدان لا سيّما في العراق وأفغانستان حتى قتلت الملايين.

وإلى اليوم ما تزال تلك الدول تعاني من آثار ما تسببته الاعتداءات الأمريكية من إعاقات دائمة فضلًا عن نهب الثروات والخيرات والدمار الذي خلفته، ناهيك عن الحصار والعقوبات وغيرها من ممارسات الإدارات الأميركية المتعاقبة والقائمة على استعباد الشعوب وقهرها وتدمير بلدانها وسرقة خيراتها…

في 11 أيلول/سبتمبر 2001، ووفقًا للرواية “الرسمية” الأميركية المزعومة، استولت مجموعات صغيرة من الخاطفين على 4 طائرات ركاب أقلعت من نيويورك وبوسطن وواشنطن إلى سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس، واستخدمتها في استهداف عدد من المبان المهمّة والسيادية في العاصمة الأميركية واشنطن وفي مدينة نيويورك.

ماذا حدث في 11 سبتمبر 2001؟

في ذلك اليوم عانى الأميركيون من صدمة كبيرة بعد استهداف طائرتي ركاب مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك، كأول هجوم على الأراضي الأميركية منذ هجوم اليابان على ميناء بيرل هاربر في الحرب العالمية الثانية سنة 1940.

وضربت طائرتان برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، بينما دمرت طائرة ثالثة الواجهة الغربية لمبنى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في واشنطن.

أما الطائرة الرابعة، فتحطمت في حقل بولاية بنسلفانيا، ويُعتقد أن الخاطفين كانوا يعتزمون استخدامها في مهاجمة مبنى الكابيتول، مقرّ مجلسي النواب والشيوخ (الكونغرس)، في واشنطن العاصمة.

بعدها بوقت قصير، أعلنت الولايات المتحدة إغلاق مجالها الجوي، في محاولة لوقف المزيد من الهجمات المحتملة.

“حرب عالمية على الإرهاب”

عقب الهجوم، بدأت الولايات المتحدة حملة دولية للقضاء على تنظيم القاعدة وجميع الدول التي قالت إنها “توفر ملاذًا آمنًا للجماعات الإرهابية، بعد أن تبنى التنظيم هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2011.

في خطاب أمام أعضاء الكونغرس الأميركي، قال الرئيس جورج دبليو بوش وقتها “من اليوم فصاعدًا، ستعتبر الولايات المتحدة أي دولة تؤوي أو تدعم الإرهاب نظاماً معادياً”، معلنًا وضع بلاده في “حالة تأهب للحرب”.

وزعم أنّ “الطريقة الوحيدة لهزيمة الإرهاب الذي يهدّد أسلوب حياتنا هي إيقافه والقضاء عليه وتدميره في مكان نموه.. إما أن تكون معنا أو مع الإرهابيين”.

الغزو الأميركي لأفغانستان

في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2001 بدأت الولايات المتحدة عملية عسكرية ضدّ حكومة طالبان الأفغانية، إثر رفضها تسليم زعيم “القاعدة” أسامة بن لادن الذي وصفته واشنطن بأنه “العقل المدبّر” للهجمات.

وخلال شهرين، تمكّنت قوات الولايات المتحدة وحلفائها من إسقاط نظام حكم “طالبان”، وبعد نحو عامين ونصف من بداية الغزو، أعلن وزير الحرب الأميركي دونالد رامسفيلد نهاية العمليات القتالية الرئيسية، لكن وجود القوات الأميركية استمر في أفغانستان 18 عامًا، حتّى تم الانسحاب في آب/أغسطس 2021 وعودة طالبان للحكم.

الغزو الأميركي للعراق

بعد أقل من عامين من غزو الولايات المتحدة لأفغانستان، بدأت الحرب في العراق في 19 آذار/مارس 2003، وقادت واشنطن تحالفًا دوليًا أطاح بالرئيس العراقي صدام حسين، بدعوى تطويره أسلحة دمار شامل وارتباطه بتنظيم القاعدة، وهو ما اتضح لاحقًا أنها مبررات غير دقيقة، ولم تثبت صحتها.

وفي سعيه لتبرير الحرب على العراق، قال وزير الخارجية الأميركي كولن باول، في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي قبل شهر من الغزو “كل تصريح أُدلي به اليوم مدعوم بمصادر موثوقة، ما نُقدمه لكم هو حقائق واستنتاجات مبنيّة على معلومات استخباراتية موثوقة”.

لكن لم يتم العثور على أي أسلحة كيميائية ولا بيولوجية في العراق، رغم تحقيقات مكثّفة أعقبت القضاء على صدام وجيشه، ليخرج كولن باول لاحقًا ويقول إن خطابه في مجلس الأمن كان “أكبر شيء ندم عليه” خلال عقود من عمله في الخدمة العامة.

حروب أميركا السرية

بجانب الغزو الأميركي لكل من أفغانستان والعراق، كانت هناك حرب أخرى تدور في الخفاء شملت عمليات ترحيل سرية لمشتبه بهم في قضايا إرهاب تعرضوا لتعذيب وحشي في مواقع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والسجن العسكري الأميركي في خليج غوانتانامو بكوبا.

اغتيال أسامة بن لادن

بعد نحو 10 سنوات من الغزو الأميركي لأفغانستان، أعلنت الولايات المتحدة أنها قامت باغتيال أسامة بن لادن، والذي وصفته بالعقل المدبر للأحداث، وذكرت أنه كان يقيم في مدينة أبوت آباد الباكستانية.

أحداث 11 سبتمبر ونظريات المؤامرة

بعد أحداث سبتمبر خرجت عدة تفسيرات تتهم اليهود و”إسرائيل” وإدارة بوش بالتورط في الأحداث، بهدف غزو العراق ودول المنطقة حتّى تتحكم أميركا و”إسرائيل” بالسيطرة على موارد وثروات المنطقة.

وروج مؤيدو هذه النظرية لفكرة مفادها أن الهجوم لم يتسبب بمقتل أي يهودي، لأن أربعة آلاف موظف يهودي يعملون هناك تلقوا إشعارًا مسبقًا بعدم الحضور للعمل.

وذكر فريق آخر أن برجي التجارة العالميين سقطا نتيجة انفجارات متعمّدة في أساساتهما وليس بسبب اصطدام الطائرتين المختطفتين، كما انهار المبنى الذي يضمّ مكاتب وكالة المخابرات المركزية ووزارة الحرب ومكتب إدارة الطوارئ، بعد ساعات من انهيار البرجين التوأمين دون أن تضربه طائرة أو يستهدف بشكل مباشر.

وقالوا “إنّ وقود الطائرات لا يمكنه إذابة العوارض الفولاذية التي يتكون منها برجا التجارة العالميين، مما يشير، من وجهة نظرهم، إلى أنهما ربما تعرضا للهدم بالمتفجرات”.

نظرية ثالثة انتشرت بشكل كبير ترى أن مبنى “البنتاغون” تعرض لهجوم بصاروخ أميركي كجزء من مؤامرة حكومية، وليس نتيجة استهدافه بطائرة مختطفة، ويرون أن الفجوة التي حصلت في مبنى البنتاغون كانت صغيرة، لا تتناسب مع حجم الدمار الذي يمكن أن يسببه ارتطام طائرة ركاب ضخمة.

كما انتشرت نظرية رابعة، تتهم الرئيس الأميركي جورج بوش بالمساعدة في الهجمات أو أنه لم يتّخذ أي إجراء لوقفها، وأن مسؤولي إدارة بوش كانوا على علم بالهجمات وسمحوا بوقوعها عمدًا، حتّى يتمكّنوا من شن حرب في الشرق الأوسط.

* المادة نقلت حرفيا من موقع العهد الاخباري

مقالات مشابهة

  • هجمات 11 سبتمبر 2001.. بين الرواية الأمريكية ونظريات المؤامرة
  • الرواية الحوثية بشأن قتل زوجة عاقل حارة على يد ‘‘سمية العاضي’’
  • مدعوون للمقابلة الشخصية في التربية / أسماء
  • تعديل قانون الأحوال الشخصية.. وصمة عار في جبين المرحلة برمّتها
  • اجتماع عربي لاتيني بالجامعة العربية لدعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة
  • العربية لحقوق الإنسان: حياة كريمة تؤكد صدق الدولة في بناء جمهورية جديدة
  • ناطق الحوثيين ينفي الرواية السابقة بشأن ‘‘الغارات الأمريكية’’ على مدرسة في تعز
  • ضبط لصوص مواتير المياه والمتعلقات الشخصية
  • هوايات تحمي الذاكرة من التدهور.. تعرّف عليها
  • الرواية الحوثية بشأن الغارة الأمريكية على مدرسة في تعز .. وحصيلة الضحايا من الطالبات وهذا ما يحدث الآن