لجريدة عمان:
2024-11-23@15:52:51 GMT

ملتقى فلسطين الرواية العربية والذاكرة

تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT

ملتقى فلسطين الرواية العربية والذاكرة

هي قصة، تُحكى، ذات مضمون، بأسلوب معين، يتطور كلاهما عبر الزمن، وصولا الى الرواية، الأوروبية التبلور والظهور، والعالمية المنشأ في ظل ما تراكم من سرد واكب تطور المجتمع، من باب أن لكل أمة سردياتها.

لقد مثّلت الرواية أكثر الأشكال تطورا في عالم السرد والقص؛ لقدرتها العجيبة في خلق عالم بشري متكامل وحيّ، مصورة بصدق ما كان ويكون، باتجاه التغيير بمدى رحب متسع.

لسنا في باب محاججة حول نشوئها، ولكن في مجال تأمل هذا الشكل الحكائي الذي وجد طريقا في تاريخ الأدب العربي، والذي لا يذكرنا مثلا بفن المقامة لبديع الزمان الهمذاني ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري، بل وفي تاريخ الآداب الشعبية. ومن المهم تأمل الملاحم القديمة العالمية وشبيهاتها العربية.

إننا في باب تطور الشكل الأدبي الذي وجد طريقا للقص من خلال أشكال قصّ ورواية واضحة المعالم تصل الجمهور الواسع، تقدم قصة ما بمضمون معين وبلغة مفهومة.

وعليه، فلا يمكن أن نقبل على قراءة رواية بدون أسلوب ولغة يكونا رافعتين لها، كما أن أية لغة ثقيلة ممتلئة بجماليات كثيرة لن تنهض برواية ضعيفة المضمون.

في هذا السياق، فإن ملتقيات الرواية دوما بالرغم من تناولها الكثير من المحاور، إلا أنها لا تخرج عن بحث اتجاهات ومواضيع الرواية وطرق السرد.

في ملتقى فلسطين للرواية العربية، كان من الطبيعي أن تكون الذاكرة مثلا أحد محاور الملتقى، كونها تشكل زمنا فلسطينيا خاصا صار عمره 76 عاما، بالاستناد الى زمن نكبة فلسطين، ولنا أن نرى العمر قد فاق القرن بالاستناد الى الاحتلال البريطاني.

ولأن المقصود هنا الذاكرة الخاصة بالنكبة الفلسطينية، فقد كان من الطبيعي أن تحضر كونها من أزمان الرواية الحديثة والمعاصرة، دون أن ننسى أن فلسطين عرفت فن الرواية في وقت متقارب مع نشوئها في مصر أيضا.

بعد بضع سنوات على نكبة فلسطين، عادت القصة والرواية تظهران، ثم راحت تتبلور في الستينيات، لتتطور بشكل أكبر في العقود التالية، حيث ما أن تذهب موجة من الرواة حتى تتسلم الراية كوكبة أخرى.

وبعد هذه السنوات، نستطيع الآن مثلا تقصي وجود الذاكرة كزمن خاص في الروايات الفلسطينية، من خلال دراستها من حيث:

- وجود الظاهرة الزمنية.

- سياقها.

- توظيفها إبداعيا.

- طرق السرد، وتقنياته.

- رؤية الكاتب.

فإلى أي مدى تجلت طاهرة الذاكرة؟ وهل أبدع الفلسطينيون في تقديمها وأي اتجاه؟

فإذا درسنا الذاكرة بما يتعلق بعام النكبة 1948، فإننا سنجد تشابها مع الذاكرة المتعلقة بهزيمة عام 1967، كما سنجد اختلافا أيضا. ومع تتبع الزمن الفلسطيني عبر مراحله وتحولاته المرتبطة بحدث تاريخي سياسي معين: العدوان الثلاثي، 1967، 1970، 1973، 1979، 1987، 1993، 2000،...2023 نجد أن التطور الأدبي في كل زمن يلقي بظلاله على اختيارات المواضيع وطرق سردها.

والمقصد هنا أن الرواية الفلسطينية لم تتقوقع، بل ظلت حية حتى الآن وغدا، وهي بحاجة للاستمرار، بالاعتماد على شغف المواهب وتطويرها إبداعيا.

ترى ما هي الفترات الزمنية التي ظهرت في الرواية؟ وأيها ظهرت أكثر من غيرها؟ وهل لذلك علاقة بعمر الكاتب أو الفترة التي عاش فيها أو التي كان يطل عليها من خلال من سبقوه؟

ويبقى السؤال الأهم كيف كانت رؤية الكاتب؟

في ظل تذكر ما كان، ما عشناها وما سمعنا عنه ورأينا جزءا منه، نجد أن الماضي المستعاد لم يشكل فقط نوستالوجيا الحنين، ولا مجرد البكاء على الأطلال، بل باتجاه بناء الوطن أدبيا، بناء وحدته المكانية التي تنظر لفلسطين التاريخية نظرة واحدة، بهدف عميق وهو عدم الاستسلام لفكرة التجزئة المكانية، فلم تكن فلسطين يوما مكانا محددا بزمن هزيمة؛ فالهمة الأدبية هي هنا بمثابة همة وطنية وقومية وإنسانيا.

وخطورة الذاكرة هنا أنه مرتبطة عضويا وموضوعيا بالهوية؛ فلا ذاكرة فلسطينية بدون الهوية، ولا هو هوية بدون ذاكرة، وفيما يتجلى الوطن الفلسطيني المستلب كمكان روائي خاص.

لذلك، فإن كل ما ذكرناه يتجلى داخل الشخصيات، حسب الأعمار، فكل شخصية روائية هو منتج زمنيا ومكانيا لما مرّ بفلسطين ولها. أتعلق الأمر بفلسطيني الوطن هنا أو في خارج فلسطين، فيما يعرف بالشتات.

وهنا، فإن بناء الشخصيات هنا هو بناء ما تجلى من تأثيرات قضية فلسطين على الأفراد، من جهة، لما يشكل ذلك من تأثير قوي يشكل تحديا للفلسطيني والكاتب معا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تحرك الفلسطيني في أي زمن أو مكان، بما فيه من حيوات. وهنا يكمن الإبداع الحقيقي في التعامل مع الشخصية في الرواية الفلسطينية؛ والتي هي تتأثر بالجذور مكانا وزمنا، ومكان الرواية وزمانها الخاص؛ فشخصيات غسان كنفاني مثلا في عائد الى حيفا، تختلف وتتشابه مع شخصيات المتشائل لإميل حبيبي، وصولا إلى شخصيات الروائيين الآن.

نقرأ التأثيرين معا، حتى وإن كان التأثير الأول يبدو غير مرئيّ تماما في روايات معينة، التي اختارت أن تركز على هذا الزمن. ولكنهما يتفاعلان. ولعل أكثر من عبر عن هذه الحالة الشاعر الكبير محمود درويش، حين عبر عن هذه العلاقة العضوية بين الفلسطيني وفلسطين أينما يكون.

الفلسطيني الشخصية الواقعية، توارث ليس الذاكرة فقط، بل أثرها في الوعي واللاوعي، أما الشخصية الروائية فهي التي تتجلى فيها الشخصية الواقعية. ثمة نمط هنا، يجعل الشخصية الإنسانية في الرواية، متفاعلة مع خصوصيات المكان، والمشاعر الطبيعية، والدوافع العادية في جوانب المجتمع، لكنها غير قادرة عن الفكاك كونها من فلسطين، وتلك هي الذاكرة-الدافع القدري الذي يجعل نفي الفلسطيني عن وطنه مستحيلا.

وهذا ما ذهب اليه جبرا إبراهيم جبرا في روايته "البحث عن وليد مسعود"1978، حين ظلت ذكريات وليد مسعود مرتبطة بالوطن، حتى وهو خارج الوطن. وهو الحال في رواية "تايه" 2019 لصافي صافي, يبدو أن التعلق بالمكان (الأصلي بيت نبالا) لم يقتصر على الكاتب، بل امتد إلى شخصية تايه وأمه، فالأم ترفض نفسيا الشعور بأن فترة اللجوء ستطول، وأنها ستنتهي قريبا، لذلك فقد اختارت البقاء في مغارة ريثما تعود، خشية التعلق بالمكان الجديد، بمعنى أنها رفضت أن يكون لها بيت جديد. "أم تايه هي الاقرب للتوجه غربا إذا ما انتهت الحرب، ولن تندم على اغراضها في المغارة، فالكنز هناك والغذاء هناك والماء هناك ورفات الأحبة هناك".

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

استشاري نفسي: اضطرابات النوم والسكريات تتسببان في إضعاف الذاكرة

قال الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، إنّ هناك الكثير من الأطفال يتعرضون إلى النسيان الدائم في سن مبكر وخاصة في المرحلة قبل دخول المدرسة، موضحا أنّ النسيان قد يحدث بسبب خلل في الذاكرة أو تخزين المعلومات دون القدرة على استرجاعها.

أسباب حدوث النسيان وخلل الذاكرة

وأضاف «هندي»، خلال حواره ببرنامج «هذا الصباح»، المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، أنّ هناك الكثير من الأسباب التي تؤثر على ضعف الذاكرة لدى الأطفال وتتسبب في حدوث النسيان مثل قلة النوم والأرق واضطرابات النوم، ما يسبب خللا في الذاكرة والإدراك واستدعاء المعلومات، مشيرا إلى أن هناك دراسة في ألمانيا تفيد بوجود بنية عمل تعمل أثناء النوم وترتب الأفكار، بالتالي تعطي المعلومات وتحل المشكلات وتنمي المهارات حتى أثناء النوم.

السكريات تصيب ذاكرة الطفل بالضعف

وتابع: «التغذية السيئة تؤثر أيضا على الذاكرة، إذ إن هناك أنواع أطعمة تؤدي إلى ضعف الذاكرة مثل السكريات، بالتالي هناك علاقة بين البدانة والسمنة عند الأطفال والذاكرة، كما أنه كل ما الإنسان تناول أطعمة منخفضة السعرات الحرارية كل ما كانت الذاكرة قوية».

مقالات مشابهة

  • غداً..الجامعة العربية “تناقش” تهديدات إسرائيل للحشد الشعبي
  • مطالب بالتحقيق حول مصير الأغنام التي وزعها وزير الفلاحة السابق على متضرري الزلزال
  • عضو بـ«النواب»: «بداية» من أهم المبادرات التي تعمل على تحسين حياة المواطنين
  • جامعة عدن تُبهر ببحث علمي في ملتقى الجامعات العربية بالشارقة
  • 10 أطعمة ومشروبات لتحسين التركيز والذاكرة
  • لم يتقبل الخسارة.. ركل منافسه في وجهه وأفقده الذاكرة
  • استشاري نفسي: اضطرابات النوم والسكريات تتسببان في إضعاف الذاكرة
  • بالصور: الهلال الاحمر الفلسطيني يستقبل رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في فلسطين
  • اتفاقية تعاون بين هيئة تنمية المجتمع بدبي ومكتب اليونيسف لدول الخليج العربية
  • مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية نظّم (ملتقى لغة الطفل)