لجريدة عمان:
2025-02-05@08:13:53 GMT

ملتقى فلسطين الرواية العربية والذاكرة

تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT

ملتقى فلسطين الرواية العربية والذاكرة

هي قصة، تُحكى، ذات مضمون، بأسلوب معين، يتطور كلاهما عبر الزمن، وصولا الى الرواية، الأوروبية التبلور والظهور، والعالمية المنشأ في ظل ما تراكم من سرد واكب تطور المجتمع، من باب أن لكل أمة سردياتها.

لقد مثّلت الرواية أكثر الأشكال تطورا في عالم السرد والقص؛ لقدرتها العجيبة في خلق عالم بشري متكامل وحيّ، مصورة بصدق ما كان ويكون، باتجاه التغيير بمدى رحب متسع.

لسنا في باب محاججة حول نشوئها، ولكن في مجال تأمل هذا الشكل الحكائي الذي وجد طريقا في تاريخ الأدب العربي، والذي لا يذكرنا مثلا بفن المقامة لبديع الزمان الهمذاني ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري، بل وفي تاريخ الآداب الشعبية. ومن المهم تأمل الملاحم القديمة العالمية وشبيهاتها العربية.

إننا في باب تطور الشكل الأدبي الذي وجد طريقا للقص من خلال أشكال قصّ ورواية واضحة المعالم تصل الجمهور الواسع، تقدم قصة ما بمضمون معين وبلغة مفهومة.

وعليه، فلا يمكن أن نقبل على قراءة رواية بدون أسلوب ولغة يكونا رافعتين لها، كما أن أية لغة ثقيلة ممتلئة بجماليات كثيرة لن تنهض برواية ضعيفة المضمون.

في هذا السياق، فإن ملتقيات الرواية دوما بالرغم من تناولها الكثير من المحاور، إلا أنها لا تخرج عن بحث اتجاهات ومواضيع الرواية وطرق السرد.

في ملتقى فلسطين للرواية العربية، كان من الطبيعي أن تكون الذاكرة مثلا أحد محاور الملتقى، كونها تشكل زمنا فلسطينيا خاصا صار عمره 76 عاما، بالاستناد الى زمن نكبة فلسطين، ولنا أن نرى العمر قد فاق القرن بالاستناد الى الاحتلال البريطاني.

ولأن المقصود هنا الذاكرة الخاصة بالنكبة الفلسطينية، فقد كان من الطبيعي أن تحضر كونها من أزمان الرواية الحديثة والمعاصرة، دون أن ننسى أن فلسطين عرفت فن الرواية في وقت متقارب مع نشوئها في مصر أيضا.

بعد بضع سنوات على نكبة فلسطين، عادت القصة والرواية تظهران، ثم راحت تتبلور في الستينيات، لتتطور بشكل أكبر في العقود التالية، حيث ما أن تذهب موجة من الرواة حتى تتسلم الراية كوكبة أخرى.

وبعد هذه السنوات، نستطيع الآن مثلا تقصي وجود الذاكرة كزمن خاص في الروايات الفلسطينية، من خلال دراستها من حيث:

- وجود الظاهرة الزمنية.

- سياقها.

- توظيفها إبداعيا.

- طرق السرد، وتقنياته.

- رؤية الكاتب.

فإلى أي مدى تجلت طاهرة الذاكرة؟ وهل أبدع الفلسطينيون في تقديمها وأي اتجاه؟

فإذا درسنا الذاكرة بما يتعلق بعام النكبة 1948، فإننا سنجد تشابها مع الذاكرة المتعلقة بهزيمة عام 1967، كما سنجد اختلافا أيضا. ومع تتبع الزمن الفلسطيني عبر مراحله وتحولاته المرتبطة بحدث تاريخي سياسي معين: العدوان الثلاثي، 1967، 1970، 1973، 1979، 1987، 1993، 2000،...2023 نجد أن التطور الأدبي في كل زمن يلقي بظلاله على اختيارات المواضيع وطرق سردها.

والمقصد هنا أن الرواية الفلسطينية لم تتقوقع، بل ظلت حية حتى الآن وغدا، وهي بحاجة للاستمرار، بالاعتماد على شغف المواهب وتطويرها إبداعيا.

ترى ما هي الفترات الزمنية التي ظهرت في الرواية؟ وأيها ظهرت أكثر من غيرها؟ وهل لذلك علاقة بعمر الكاتب أو الفترة التي عاش فيها أو التي كان يطل عليها من خلال من سبقوه؟

ويبقى السؤال الأهم كيف كانت رؤية الكاتب؟

في ظل تذكر ما كان، ما عشناها وما سمعنا عنه ورأينا جزءا منه، نجد أن الماضي المستعاد لم يشكل فقط نوستالوجيا الحنين، ولا مجرد البكاء على الأطلال، بل باتجاه بناء الوطن أدبيا، بناء وحدته المكانية التي تنظر لفلسطين التاريخية نظرة واحدة، بهدف عميق وهو عدم الاستسلام لفكرة التجزئة المكانية، فلم تكن فلسطين يوما مكانا محددا بزمن هزيمة؛ فالهمة الأدبية هي هنا بمثابة همة وطنية وقومية وإنسانيا.

وخطورة الذاكرة هنا أنه مرتبطة عضويا وموضوعيا بالهوية؛ فلا ذاكرة فلسطينية بدون الهوية، ولا هو هوية بدون ذاكرة، وفيما يتجلى الوطن الفلسطيني المستلب كمكان روائي خاص.

لذلك، فإن كل ما ذكرناه يتجلى داخل الشخصيات، حسب الأعمار، فكل شخصية روائية هو منتج زمنيا ومكانيا لما مرّ بفلسطين ولها. أتعلق الأمر بفلسطيني الوطن هنا أو في خارج فلسطين، فيما يعرف بالشتات.

وهنا، فإن بناء الشخصيات هنا هو بناء ما تجلى من تأثيرات قضية فلسطين على الأفراد، من جهة، لما يشكل ذلك من تأثير قوي يشكل تحديا للفلسطيني والكاتب معا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تحرك الفلسطيني في أي زمن أو مكان، بما فيه من حيوات. وهنا يكمن الإبداع الحقيقي في التعامل مع الشخصية في الرواية الفلسطينية؛ والتي هي تتأثر بالجذور مكانا وزمنا، ومكان الرواية وزمانها الخاص؛ فشخصيات غسان كنفاني مثلا في عائد الى حيفا، تختلف وتتشابه مع شخصيات المتشائل لإميل حبيبي، وصولا إلى شخصيات الروائيين الآن.

نقرأ التأثيرين معا، حتى وإن كان التأثير الأول يبدو غير مرئيّ تماما في روايات معينة، التي اختارت أن تركز على هذا الزمن. ولكنهما يتفاعلان. ولعل أكثر من عبر عن هذه الحالة الشاعر الكبير محمود درويش، حين عبر عن هذه العلاقة العضوية بين الفلسطيني وفلسطين أينما يكون.

الفلسطيني الشخصية الواقعية، توارث ليس الذاكرة فقط، بل أثرها في الوعي واللاوعي، أما الشخصية الروائية فهي التي تتجلى فيها الشخصية الواقعية. ثمة نمط هنا، يجعل الشخصية الإنسانية في الرواية، متفاعلة مع خصوصيات المكان، والمشاعر الطبيعية، والدوافع العادية في جوانب المجتمع، لكنها غير قادرة عن الفكاك كونها من فلسطين، وتلك هي الذاكرة-الدافع القدري الذي يجعل نفي الفلسطيني عن وطنه مستحيلا.

وهذا ما ذهب اليه جبرا إبراهيم جبرا في روايته "البحث عن وليد مسعود"1978، حين ظلت ذكريات وليد مسعود مرتبطة بالوطن، حتى وهو خارج الوطن. وهو الحال في رواية "تايه" 2019 لصافي صافي, يبدو أن التعلق بالمكان (الأصلي بيت نبالا) لم يقتصر على الكاتب، بل امتد إلى شخصية تايه وأمه، فالأم ترفض نفسيا الشعور بأن فترة اللجوء ستطول، وأنها ستنتهي قريبا، لذلك فقد اختارت البقاء في مغارة ريثما تعود، خشية التعلق بالمكان الجديد، بمعنى أنها رفضت أن يكون لها بيت جديد. "أم تايه هي الاقرب للتوجه غربا إذا ما انتهت الحرب، ولن تندم على اغراضها في المغارة، فالكنز هناك والغذاء هناك والماء هناك ورفات الأحبة هناك".

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تأثير تناول السكريات على الذاكرة والأداء العقلي

السكريات هي واحدة من المكونات الأساسية التي نستهلكها يوميًا، حيث توفر طاقة سريعة للجسم. ومع ذلك، في ظل الاعتماد المتزايد على الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر، بدأ العلماء في دراسة تأثير السكريات على الدماغ، خاصة فيما يتعلق بالذاكرة والأداء العقلي، وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن تناول كميات كبيرة من السكريات قد يؤثر بشكل سلبي على وظائف الدماغ، بما في ذلك الذاكرة والتركيز، وفيما يلي نعرض لك تأثير تناول السكريات على الذاكرة والعقل، بالإضافة إلى العواقب المحتملة للإفراط في استهلاكها.

 

1.ارتفاع مستويات السكر وتأثيره على الدماغ:
 

عند تناول السكريات بكميات كبيرة، يرتفع مستوى الجلوكوز في الدم بشكل سريع، مما يؤدي إلى إفراز هرمونات مثل الأنسولين التي تؤثر على الدماغ. الدراسات أظهرت أن الإفراط في تناول السكريات قد يضعف قدرة الدماغ على تخزين المعلومات ومعالجتها بشكل فعال، مما يقلل من القدرة على التركيز وتذكر المعلومات.

2.تأثير السكريات على الذاكرة طويلة المدى:
تناول السكريات بشكل مفرط يمكن أن يؤثر على المناطق المسؤولة عن الذاكرة في الدماغ، مثل الحُصين (hippocampus). الدراسات أظهرت أن استهلاك كميات كبيرة من السكر قد يساهم في تقليل نشاط هذه المناطق، مما يضعف القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات على المدى الطويل.

3.زيادة خطر الإصابة بالخرف:
أظهرت بعض الدراسات أن النظام الغذائي الغني بالسكريات قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض مثل الخرف والزهايمر، تعود هذه العلاقة إلى تأثير السكر على الالتهابات والعملية الأيضية في الدماغ، مما يؤدي إلى تدهور الخلايا العصبية ويفاقم من مشاكل الذاكرة.

4.التقلبات في مستويات السكر وتأثيرها على التركيز
التقلبات المستمرة في مستويات السكر في الدم نتيجة لتناول السكريات بشكل مفرط تؤدي إلى شعور بالإرهاق والتعب العقلي، هذا يمكن أن يتداخل مع قدرة الشخص على التركيز في مهام معقدة أو الحفاظ على مستوى عالٍ من الأداء العقلي.

5.أثر السكريات على الدماغ على المدى البعيد
على المدى البعيد، قد يؤدي استهلاك السكريات بشكل مفرط إلى تغييرات هيكلية في الدماغ، مما يؤثر على وظيفة الذاكرة والقدرة على التعلم. تناول السكريات قد يزيد من مستويات المواد الكيميائية الضارة في الدماغ، مما يضعف قدرة الدماغ على تكوين روابط جديدة.

رغم أن السكريات توفر طاقة سريعة للجسم، فإن استهلاكها بشكل مفرط قد يكون له تأثيرات سلبية على الدماغ، وخاصة على الذاكرة والتركيز. من المهم اتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على سكريات طبيعية من مصادر مثل الفواكه والخضروات، بدلاً من الاعتماد على السكريات المكررة الموجودة في الأطعمة الجاهزة والمشروبات الغازية. الحفاظ على توازن غذائي يساهم في الحفاظ على صحة الدماغ وتحسين وظائفه المعرفية على المدى الطويل.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تخطط لبناء مستوطنة جديدة في أشهر أحياء فلسطين
  • عقار تجريبي يصلح الذاكرة التي أتلفها الزهايمر
  • أستاذ علاقات دولية: مصر تسعى لدعم فلسطين عبر القنوات المفتوحة مع الدول العربية
  • فلسطين تشارك في أعمال الدورة (٥٥) للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان في الكويت
  • بالفيديو .. لإيصال رسالة الصمود بإمكانيات بسيطة وأرواح عظيمة شباب فلسطين يعيدون بناء ما دمره الاحتلال
  • مجلس الجامعة العربية يطالب الأعضاء في الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها تجاه حق فلسطين في تقرير مصيره
  • هل انتهت الرواية: انباء عن نهاية من اشعل زناد الحرب..؟
  • مناقشة الرواية التاريخية النسوية: مقاربات لنماذج روائية في معرض الكتاب
  • تأثير تناول السكريات على الذاكرة والأداء العقلي
  • برلماني: بيان وزراء الخارجية يعكس حرص الدول العربية على دعم الشعب الفلسطيني