تتميز محافظة ظفار بتنوع جيولوجي فريد إذ توجد بها صخور الدرع العربي الذي يقدر عمرها أكثر من مليار سنة وهي الأقدم في شبه الجزيرة العربية وتعدّ المحافظة إقليمًا جيولوجيًا مستقلًا ضمن 3 أقاليم جيولوجية في سلطنة عمان، وتطغى على تركيبة المحافظة الصخور الروسوبية مشكلة نسبة 90% وهي التي ترسبت في البحر ابتداء من جبل سمحان إلى جبال القمر إلى منطقة اللكبي وصوقرة والبادية شمالا.

وقال الدكتور علي بن فرج الكثيري، الخبير الجيولوجي: توجد في سلطنة عمان 3 أقاليم جيولوجية وهي إقليم ظفار وإقليم الحقف وإقليم شمال عمان، والظروف الجيولوجية في هذه الأقاليم الثلاثة مختلفة، وتتميز محافظة ظفار بوجود مكتشفات لأقدم الصخور في شبه الجزيرة العربية، وهي صخور الدرع العربي وتسمى أحيانا بالصخور القاعية المتبلورة التي تمتد من مرباط إلى حاسك (سهل صالوت) وفقا للتسمية المحلية، وهي عبارة عن صخور نارية بلوتونية (بردت في باطن الأرض) وصخور أخرى متحولة من أصل ناري يقدر عمرها بحوالي 800 مليون سنة إلى 1.3 مليار سنة تتخللها صخور نارية على شكل قواطع جرانيتية وبازلتية أحدث عمرا حيث يقدر عمرها بحوالي 750 مليون سنة، وتتكون الصخور النارية البلوتينة في هذه المنطقة من معادن متبلورة قد يتجاوز قطرها السنتيمتر أحيانا لأنها بردت ببطيء في باطن الأرض وهي تتكون غالبا من الكوارتز والفلدسبار الفاتح والأحمر والمعادن الصفائحية (المايكا) والمعادن الداكنة مثل الهورنبليند والبايروكسين والألوفين، وتتنوع الصخور القاعية المتبلورة في سهل صالوت حسب محتواها من المعادن ،على سبيل المثال تحتوي صخور الجرانيت غالبا على الكوارتز والفلدسبار الأحمر، بينما يغلب الفلدسبار الفاتح والكوارتز في صخور الجرانوديوريت والتونوليت ويندر الكوارتز في صخور الديوريت ويغلب فيها الفلدسبار الفاتح والهورنبليند بينما يغلب البايروكسين والفلدسبار الفاتح مع بعض الألوفين في صخور الجابرو، علما بأنه تستخدم العناصر المشعة مثل اليورانيوم والآرجون وغيرها لحساب تقدير عمر الصخور النارية، بينما يقدر عمر الصخور الروسوبية بالأحفوريات أو المستحاثات وأنواع الكائنات المتحجرة بها، كذلك لدينا في سهل صالوت صخور مرباط الرملية الرسوبية والتي تكونت فوق الصخور القاعية المتبلورة، حيث تحمل هذه الرسوبيات ظواهر لوجود الجليد في حقبة زمنية قديمة حيث يعتقد العلماء بأن الكرة الأرضية ككل كانت مغطاة بالثلج (نظرية كرة الثلج) وهذه الدلائل موجودة في منطقة وادي عين بمرباط أسفل جبل سمحان، ومن ناحية التركيبة الصخرية فإن قرابة 90% من محافظة ظفار عبارة عن صخور روسوبية ترسبت في البحر ابتداء من جبل سمحان إلى جبال القمر إلى منطقة اللكبي وصوقرة والبادية شمالا، وأغلب هذه الرسوبيات تتكون من الحجر الجيري وبعض رواسب الصخور الرملية في مرباط وشمال غرب ريسوت مثل عين أنساريتا ومنطقة الحوطة بولاية رخيوت كذلك توجد بعض مواقع الجبس والطين الصلصال.

وأكد أن سهول محافظة ظفار بدءًا من ريسوت وامتدادًا إلى ولاية طاقة هي عبارة عن روسوبيات فيضية نتيجة جريان الأودية والفيضانات وتتكون من التربة والحصى المتباعدة إذ إنها لا تتكون على شكل طبقات صخرية مثل التي تترسب في المياه والبحار وإنما مجموعة من الصخور مختلفة الأحجام والأشكال بالإضافة إلى الطين والتربة، ولها دلالات إذ كلما كان شكل الحجر غير منتظم يعنى ذلك أن الحجز نقل من مسافة قصيرة، وتتجاوز نسبة الطين في الرسوبيات الفيضية 60% بمعنى أن الأودية والفيضانات جلبت الطين والصخور الجيرية على شكل طمي من مواقع أخرى ورسّبتها في السهل، وتعتمد خصوبة السهل على تقليب التربة وإضافة بعض المغذيات.

وأشار إلى أن السهل الممتد من ريسوت إلى ولاية طاقة تعرض للكثير من عوامل التسطيح نتيجة حركة البشر والمركبات، ومن خلال التقليب ستكون هذه الأراضي أكثر خصوبة وإن كانت فيها كمية كبيرة من الحصى والصخور، وتؤدي كميات الأمطار دورًا رئيسيًا في تعزيز نمو النباتات في السهل، كما أن وجود الحصى يقلل من عوامل التعرية للتربة .. مشيرًا إلى أن ما يفصل الجبال عن السهل هي الصدوع متوازية مع صدوع تكوين خليج عدن والبحر الأحمر، والمقصود بالصدع فالق أرضي نتيجة حركة الصفائح التكتونية ونزول أجزاء من الأرض على جانب الصدع وكنتيجة لذلك تتكون السهول الفيضية وعلى ضوء ذلك تفتح الأودية مجارٍ لها في هذه السهول.

وأكد أن مناطق عاشوق وقرضيت والمغسيل تكونت في ذروة نشاط تكون خليج عدن والبحر الأحمر والجزء البركاني موجود في اليمن، والجزء منها في محافظة ظفار تم تغطيته بالرسوبيات وهذه المنطقة ضمن نطاق ما يسمى بالوادي الصدعي وهو غير نشط حاليا ويتكون من صدعين متوازيين إذ تهبط الصخور التي في الوسط إلى أسفل مما يؤدي إلى دخول البحر ويرسب الرسوبيات البحرية الجيرية، وهذا ما تتميز بها مناطق المغسيل وعاشوق وقرضيت .. مؤكدًا حسب الوضع الجيولوجي فإن محافظة ظفار غير معرضة للزلازل القوية إذ تقع المحافظة بعيدا من صدع "أوين" الذي يبعد عن مدينة صلالة حوالي 150 كيلومترًا باتجاه البحر وهو عبارة عن صدع تباعدي لا تنتج عنه زلازل قوية خلافا للصدوع التي تلتقي عندها الصفائح التكتونية، وتتباعد الصفيحة الأفريقية وصفيحة الصومال عن الصفيحة العربية بحوال 2.2 سنتمتر سنويا انطلاقا من صدع "أوين" حيث من المتوقع علميا أن ينتج عن هذا التباعد اتساع البحر الأحمر عبر ملايين السنين.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: محافظة ظفار عبارة عن

إقرأ أيضاً:

مراسل الجزيرة نت: هذه حكايتي مع الجوع في غزة

غزةـ من قلب الجوع وتحت وابل القصف وتحت رحمة النزوح، يروي لنا مراسل الجزيرة نت رائد موسى تجربته الشخصية المريرة، لا بصفته ناقلا للأخبار فقط، بل كأحد ضحاياها، حيث لم يسلم جسده ولا عائلته من الجوع والتشريد.

وفي هذه الشهادة الصادمة، يكتب موسى من بين الركام والخيام، بأنامل "ترتجف من شدة الجوع"، حكايته الخامسة مع النزوح، والتجويع الممنهج، والخوف الذي صار ظلا دائما له ولسكان قطاع غزة، هذه ليست فقط شهادة صحفية، بل صرخة من داخل المجاعة.

حكايتي مع الجوع

هذه كلمات خطتها أنامل ترتجف من شدة الجوع، لا خوفا، فقد تماهينا مع الخوف في غزة، وبات بالنسبة لنا نمط حياة، حتى إنه يرافقنا كظلنا، ويشاركنا أماكن نومنا، ويزاحمنا في شوارعنا وخيامنا وأفكارنا، منذ أن اندلعت هذه الحرب المجنونة التي تقترب من إتمام عامها الثاني تواليا.

لست على يقين من بقائي على قيد الحياة لأقرأ ما كتبت بعد نشره على موقع الجزيرة نت، فاحتمالات الموت هنا، قصفا أو جوعا، أعلى بكثير من فرص النجاة.

الجوع وحده قاس، ويفترس مع جسد الإنسان كرامته وإنسانيته، فكيف لو رافقته تجربة نزوح قاسية هي الخامسة لي منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، لكنها هذه المرة كانت أكثر قسوة وقد فرقت بيني وبين زوجتي وبناتي.

في مطلع يونيو/حزيران الماضي وقع ما كنا نخشاه، وشملت أوامر الإخلاء الإسرائيلية المنطقة التي كنا ننزح بها في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، وكان علينا أن ننزح، ولكن إلى أين؟

كان الناس يهيمون على وجوههم، يسيرون إلى حيث "اللامكان"، وقد حشر الاحتلال زهاء 900 ألف نسمة في شريط ساحلي ضيق ومحدود يعرف بمنطقة المواصي غرب المدينة، ولم يعد فيها موضع لقدم.

قررت وزوجتي الصحفية أحلام حماد أن لا مكان لنا في هذه المدينة، وهي مسقط رأسها، ولا بد من النزوح خارجها، فكان أن وجدت لها ولابنتينا صبا (15 عاما) وصدف (13 عاما) مكانا في شقة تستأجرها مؤسسة "فلسطينيات" في مدينة دير البلح من أجل عمل ومبيت الصحفيات ممن تقطعت بهن السبل، وتقتضي ظروف عملهن البقاء بعيدا عن أسرهن.

العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ قرابة عامين دمر قطاع غزة بالكامل (مواقع التواصل) دمار شقتي

ونزحت أنا، أو ربما يجدر بي القول إنني عدت إلى مدينتي غزة، التي غادرتها نازحا نحو مدينة رفح في الأسبوع الأول من الحرب، ولكني لم أعد إلى شقتي السكنية في برج مكون من 14 طابقا وبات أثرا من بعد عين، نتيجة غارة جوية إسرائيلية.

إعلان

للشهر الثاني أقيم لدى صديق يعيش رفقة نجله البكر في شقته السكنية بحي النصر شمال مدينة غزة، بينما زوجته غادرت إلى مصر في رحلة علاج من مرض سرطان الثدي، رفقة بقية أبنائها، قبيل الاجتياح الإسرائيلي لمدينة رفح في مايو/أيار الماضي.

نمازح بعضنا كثيرا ونحن نفكر يوميا فيما سنأكل، وغالبا ما يكون عدسا بلا خبز، لم نكن نعلم طريقة طهوه، واستعنت بزوجتي لإرشادنا من أجل إعداد "شوربة العدس"، التي تستدعي أن نشعل نارا في وسط الشقة باستخدام خشب من قطع أثاث حطمها صديقي محمد من غرفة نومه، حيث لا يتوفر غاز الطهي في القطاع منذ ما يزيد عن 4 أشهر.

اليوم فقط تناولت رغيفا من الخبز، وشعرت بشبع لم ألمسه منذ نحو أسبوع، إذ لم يكن الخبز أو الطحين متوفرا لدينا. اتصلت بي الزميلة نور النجار وقالت لي "سأرسل لك كنزا"، وهي تعلم أن الخبز حاليا هو كنز حقيقي وحلم بالنسبة لأكثر من مليوني إنسان مجوع في غزة، وقد أدركت مقصدها "هل تعنين خبزا؟"، وضحكنا قهرا، وهي تشرح لي كيف أنها كابدت من أجل تدبير كمية طحين بأسعار باهظة، حيث وصل سعر الكيس الواحد زنة 25 كيلوغراما إلى أكثر من 250 ضعف ثمنه الطبيعي.

معاناة سكان غزة للحصول على الفتات في ظل سياسة التجويع المستمرة (الجزيرة) هندسة التجويع

قبل نحو أسبوعين دمر الاحتلال مكانا في خان يونس تستخدمه النجار كتكية خيرية والقيام بمبادراتها الإغاثية، ويندرج هذا الاستهداف في سياق سياسة ممنهجة إسرائيلية تقوم على "هندسة التجويع"، ليس فقط بالحصار الخانق وإغلاق المعابر ومنع إدخال الإمدادات الإنسانية منذ الثاني مارس/آذار الماضي، وإنما كذلك باستهداف ما تبقى من تكايا خيرية، حيث تشير البيانات الرسمية إلى استهداف نحو 100 تكية خيرية ومركز توزيع طعام، فضلا عن ارتكاب جرائم اغتيال لعاملين في المجال الإنساني.

كنت قد قضيت أسبوعا أو أكثر من غير خبز، وكان استحضاري لتجربتي المؤلمة مع مرض الغضروف "طوق نجاة" ساعدني كثيرا على الصبر والتحمل، وقد اعتمدت نظام الصيام المتقطع، الذي خضته لخفض وزني بعد إصابتي بالغضروف، ووفق هذا النظام أقضي ما بين 20 إلى 24 ساعة متواصلة على وجبة طعام واحدة.

ليست إلا صحنا من "شوربة العدس"، في حين أسكن معدتي طوال هذه الساعات بالماء فقط، ولست واثقا من كونه نظيفا تماما وصالحا للشرب، فمع التجويع نعاني في غزة من تعطيش أيضا، وقد منع الاحتلال إمدادات المياه، واستهدف الآبار والشبكات، وقطع الكهرباء عن محطات التحلية.

أخبرتني زوجتي أنها وصبا وصدف يتغلبن على الجوع وعدم توفر الطعام بالصيام من الفجر وحتى مغيب الشمس، ويتقاسمن على موعد الإفطار رغيفا واحدا مع القليل من الدقة المصنوعة من العدس المطحون، وحبة بندورة واحدة، لا تقوى الأغلبية في غزة على شرائها، لشح الخضروات في الأسواق، وارتفاع أسعارها بصورة غير مسبوقة.

الوجبات البسيطة أصبحت من الماضي بعد إحكام جيش الاحتلال الإسرائيلي الحصار على غزة (الجزيرة) غزة الأغلى على وجه الأرض

ومثلما أخبرني صديق مقيم في كندا "الأسعار في غزة حاليا هي الأعلى على وجه الأرض"، وأجريت معه مقارنة أسعار، وكانت في غزة أعلى بمتوسط يتراوح ما بين 10 إلى 500 ضعف عنها في كندا بالنسبة لسلع مختلفة.

إعلان

الناس في غزة تموت حرفيا من الجوع، وقد انهارت العبارة الشائعة لدينا "ما في حدا بيموت من الجوع"، حيث أودت المجاعة بأرواح ما يزيد عن 100 من أعمار مختلفة، أغلبيتهم رضع وأطفال.

وبات الحصول على الطعام "مهمة انتحارية"، قضى في سبيله أكثر من ألف شهيد في "مصايد الموت"، وما يزيد عن 6 آلاف جريح و45 مفقودا، منذ 27 مايو/أيار الماضي، استهدفتهم نيران قوات الاحتلال على أعتاب مراكز توزيع المساعدات التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية، المدعومة أميركيا وإسرائيليا، والمرفوضة من هيئات محلية ودولية.

قال لي صديق كان ميسور الحال قبل الحرب، وقد خسر عمله وكل مدخراته، ويعيل أسرة من 6 أفراد، إن زوجته تودعه بالدموع كلما ذهب للحصول على هذه المساعدات لإطعام أطفاله وكأنه ذاهب إلى الموت بلا عودة، لكن لا خيار أمامه "لن أكون شاهدا على موت أطفالي من الجوع".

مقالات مشابهة

  • واشنطن تعرض 10 مليون دولار مقابل معلومات عن "العولقي" زعيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية
  • كمال الدالي بمؤتمر الجبهة الوطنية: الرئيس السيسي لم يختر الطريق السهل بل الصحيح.. والمواطن أساس برنامج الجبهة الوطنية
  • وضع حجر الأساس لمجمع سياحي متكامل في صلالة باستثمارات 80 مليون ريال
  • الأردن والعراق وسوريا.. تحالف جيولوجي يكشف خبايا الصفيحة العربية
  • وزارة الإعلام تستضيف عددا من الإعلاميين للترويج عن موسم خريف ظفار 2025
  • وضع حجر الأساس لمجمع سياحي متكامل في صلالة باستثمار 80 مليون ريال
  • الجزائر: أب يفقد ابنه وشباب عالقون بين الصخور
  • موجة حارة ثانية تضرب تركيا قادمة من الجزائر وشبه الجزيرة العربية!
  • مراسل الجزيرة نت: هذه حكايتي مع الجوع في غزة
  • عرب الجزيرة وفيلق كردفان!