القدس المحتلة- منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى منتصف أغسطس/آب الجاري، نفّذ الاحتلال الإسرائيلي في القدس وضواحيها 1652 حالة اعتقال، وفق إحصائيات محافظة القدس الشريف.

وأكدت غير مرة هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية ومنظمات حقوقية أخرى بينها منظمات إسرائيلية تعرض الأسرى الفلسطينيين لاعتداءات متصاعدة في وقت وُصفت فيه سجون الاحتلال بالجحيم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الأرض والدم.. ذهبية أولمبية للاعبة سوداء تؤجج نقاش الهوية بإيطالياlist 2 of 2قطاع الصحة بأفغانستان يشكو أوكرانيا وغياب المسلمينend of list

التقت الجزيرة نت المحامية المقدسية ندين أبو عرفة التي زارت ضمن عملها في مركز الدفاع عن الفرد "هموكيد" عشرات الأسرى الفلسطينيين والمقدسيين، ونشطت في متابعة أحوال الأسرى وظروف الاعتقال ومحاولة تحصيل حقوقهم الأساسية.

المحامية تنقل عن أسير قوله في المحكمة: "أشعر بالخجل لأن 15 شخصا يتحدثون الآن عن بوكسر (لباس داخلي) واحد" (الجزيرة)

 

بداية ما طبيعة الاعتداءات على الأسير أثناء اعتقاله؟

يُلمس أثر الاعتداءات منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول بسبب وتيرتها المتصاعدة، إذ تقع اقتحامات المنازل ليلا أو فجرا من قبل أعداد كبيرة من الشرطة وحرس الحدود أمام مرأى الأطفال.

وخلال الاقتحامات يتعرض الأسير وعائلته للعنف الجسدي والنفسي. مرة اقتحموا أحد المنازل لاعتقال شاب، فنبشوا خزانة والدته، واستدعوا شقيقه الصغير ليشاهد ملابسها الداخلية.

وبخصوص المعتقلين القاصرين، فلا تراعي العناصر تطبيق القوانين الخاصة بهم، خصوصا عند الاعتقال، أما عن البالغين فهذه رفاهية وامتياز لا يحصلون عليها، وتراوح حدة المعاملة حسب مزاج الضابط الذي أمر بالاعتقال. وبعد ذلك يساق معظم المعتقلين المقدسيين إلى مركز المسكوبية قبل توزيعهم على بقية المعتقلات الإسرائيلية.

هناك سياسة إسرائيلية ممنهجة يبينونها بوضوح وصراحة في المحاكم وغيرها من الأروقة فيقولون إن "الوضع قبل السابع من أكتوبر ليس كما بعده".

كيف تنتهك حقوق الأسرى الأساسية في ما يتعلق بالطعام والنظافة الشخصية؟

عدا عن الاعتداءات بالضرب، هناك نية واضحة ومبيتة من قبل مصلحة السجون الإسرائيلية بأن تؤمّن للأسير كمية الطعام التي تضمن عدم موته فقط، قيلت مرارا على لسان قيادات مثل وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير وغيره، ويسوّغون ذلك بأن الشخص الذي لا يمارس أي نشاط في يومه لا يحتاج سعرات حرارية، وعلى المدى البعيد هناك نية لإضعاف جسد الأسير الفلسطيني وتهزيله.

هناك أيضا حرمان من المحافظة على النظافة الشخصية، كما أن استخدام الحمام أحيانا يكون مشروطا بالذهاب إلى "الفورة"، وعندما تُمنع الفورة يصبح من الصعب الذهاب إلى الحمام، وإذا استطاع الأسير ذلك يكون لدقائق معدودة، دون الأخذ بالاعتبار احتياجات الجسم الصحية خلال فصل الصيف.

كذلك فإن شح كميات مواد التنظيف التي يكون بعضها منتهي الصلاحية يؤدي إلى انتشار الأمراض الجلدية بين صفوف الأسرى.

وكل أسير يحصل على لفافة مناديل ورقية واحدة لكل الاستخدامات طوال الأسبوع حتى لو كان يعاني من نزلة برد أو سيلان شديد في الأنف.

على ذكر انتشار الأمراض، ما أبرز الأمراض التي تصيب الأسرى؟

أبرز الأمراض الجرب (سكابيوس) وانتشار القمل، وأنواع الحساسية الجلدية المختلفة، كما أن هناك أمراضا لا يستطيع الأسرى تشخصيها وأيضا عيادة السجن لا تتعامل معها بجدية.

سمعنا مرات عديدة عن ظواهر مقلقة، مثل وجود بقع تنزف دما وقيحا في جسد الأسير، بالإضافة إلى القمل الذي لا يقتصر على شعر الرأس فقط، وإنما يتعداه إلى شعر الجسد والمناطق الحساسة، وذلك يجعل حلق الشعر والتخلص من القمل صعبا، لأن الحلاقة إن توفرت تقتصر على فترة "الفورة"، ولا يستطيع الأسير حينئذ الحلاقة علنا أمام بقية الأسرى.

وفضلا عن ذلك تتسبب الأمراض الجلدية المعدية بالعزلة للأسير، لأن رفاقه في الغرفة يتجنبونه اتقاء المرض، كما أن الأمراض تنتشر بسرعة بسبب الاكتظاظ في الغرف، إذ يوجد في الغرفة 13 أسيرا بحد أدنى من دون تهوية أو مراوح.

ماذا عن الإهمال الطبي في السجون؟

يتجسد الإهمال الطبي بتعطيل مفهوم العيادة الطبية الحقيقية، وحتى عندما يذهب الأسير إليها لا يشخّص مرضه ولا يعطى العلاج الصحيح، وغالبا تحلّ مشكلته مهما كانت بحبة مسكن.

هناك أسرى بحاجة إلى عمليات جراحية، لكن ملفاتهم الطبية تؤجل، فيضطرون إلى التدخل بأنفسهم أو بمساعدة أسرى آخرين غير مؤهلين طبيا.

أحد الأسرى كان لديه ظفر نافر أسفل الجلد، ومع منع استخدام مقص الأظافر تفاقم وضعه الصحي، ورفضت عيادة السجن إزالته بعملية، فتدبّر حبة مسكن، وطلب من الأسرى إزالته بأنفسهم دون امتلاكهم الخبرة، وظل يتألم أسبوعا كاملا.

وفَقد الأسير المقدسي إسحق عرفة، المحكوم بالسجن المؤبد والمهدد بسحب هويته، 35 كيلوغراما من وزنه كحال بقية الأسرى، وعندما طلب متابعة وضعه الصحي قالوا له "نستجيب فقط عندما تموت"، وعندما قدمنا هذا الموقف أمام القاضي في المحكمة الإسرائيلية تجاهل القاضي الأمر.

ما الأمور التي يعاني منها الأسرى أيضا ولا تنال نصيبها من تسليط الضوء؟

نسمع كثيرا في الإعلام ذكرا لمواضيع شُحّ الطعام وإهمال النظافة الشخصية والاعتداءات الجسدية، ولكن لا نسمع بالقدر نفسه عن منع التواصل مع العائلة وحرمان الأسرى من الزيارات كأنها من الكماليات، وذلك يشمل جميع الأسرى ولكنه بارز لدى الأسرى المقدسيين لأن زيارة عائلاتهم لهم سابقا كانت أسهل مقارنة بأهالي الضفة الغربية (لامتلاكهم هوية الإقامة الدائمة وعدم حاجتهم لتصريح)، كما أن زيارات المحامين للأسرى ليست سهلة دائما وهناك رقابة كبيرة عليها.

يظهر لنا الأمر جليّا في تأثير منع التواصل مع العائلة، عند زيارتنا للأسير، إذ يكون صلبا ومتماسكا، لكن عندما نبلغه سلام عائلته وأمه يظهر تأثره واشتياقه.

تحت عنوان "أهلا بكم في جهنم"، أصدرت منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية تقريرا يوثق التغيّر الذي طرأ على ظروف اعتقال الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية بعد 7 أكتوبر، ننقل لكم جزءا من شهادات أسرى مقدسيين عن الظروف غير الإنسانية التي عاشوها في سجون الاحتلال@Aljazeeraquds… pic.twitter.com/7jJvrRde02

— Aljazeera.net • الجزيرة نت (@AJArabicnet) August 8, 2024

هل تنجح التماساتكم القضائية في انتزاع حقوق الأسرى؟

كثرة الالتماسات تجعلنا نلمس آثارا على المدى البعيد، فمنذ الثامن من أكتوبر/تشرين الأول قدمنا التماسات مبدئية وفردية عديدة، وبالحالتين كان هناك تصدّ من المحكمة الإسرائيلية بشكل ديناميكي تزامنا مع تقادم الأشهر في الحرب، ففي البداية تعمدت المحاكم إطلاق يد مصلحة السجون بكل تصرفاتها تجاه الأسرى، بحجة حالة الطوارئ والحرب.

هناك أسير مقدسي اسمه رشيد رشق محكوم بالسجن 13 عاما، ومهدد بسحب هويته المقدسية، قدمنا التماسات باسمه للحصول على مقتنيات شخصية أساسية، ومنها ملابس داخلية، حتى إننا ذهبنا إلى 3 محاكم لطلب لباس داخلي إضافي، أذكر أنه تحدث خلال الجلسة عبر نظام الفيديو عن بعد قائلا "أشعر بالخجل لأن 15 شخصا الآن يتحدثون عن لباس داخلي واحد".

ما أكثر التهم الموجهة للأسرى المقدسيين؟

أستطيع القول إن أغلب الأسرى الذين اطلعت على ملفاتهم منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي حُوّلوا إلى الاعتقال الإداري الذي لا يتضمن تهمة معينة أو لائحة اتهام ويُجدد مرات عديدة دون موعد محدد للإفراج، أما البقية فتكون تهمتهم التحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن العقوبة لا تتناسب مع التهمة التي تكون بسيطة في الغالب، لكنها تضخّم بحجة الحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حريات من أکتوبر تشرین الأول السابع من أکتوبر کما أن

إقرأ أيضاً:

قرار الكرامة في ظِل المهانة!

 

 

سعيدة بنت أحمد البرعمية

 

ليس من الضرورة أن يمتلك الثائر أسطولًا حربيًا كي يثأر لشرفه أو يُطهّر مقدساته أو يُناصر أخيه، يبدو أنّ هذا  ما آمن به البطل الأردني ماهر الجازي حفيد قائد معركة الكرامة مشهور الجازي وعمل على أساسه، وكأنَّ لسان حاله يقول: "دعوني .. إني في أسوأ حالاتي ووحدي أتحمّل ما وصلت إليه قراراتي"؛ فاختار أنْ يتبرأ من عار الأمة العربية بتسجيله للموقف البطولي الذي أفقده حياته ويتم أبناءه وأثكل أمّه ورمّل زوجته وأكسب قبيلته شرفاً جديدًا مضافاً إلى شرف الكرامة بقيادة جده، وهذا ما صُرح به عن أفراد قبيلته عبر شاسات الأخبار بأنّ دم ابنهم ليس أغلى من أطفال غزّة.

 

ماهر الجازي قناص محترف خدم في العسكرية الأردنية يعي جيدًا ما على المُقاتل تجاه عدوه، تفرّد بقراره ثائرًا لإخوته في غزّة غير مُعترف بلغة الحدود موقنًا بصحة قراره، وهو يعي جيدًا مصيره جرّاء هذه العملية، لكنه أقدم على إعطاء الأمة العربية درسًا بسيطًا في "ضروريات اتخاذ القرار".

 

كبّلت الدول العربية جيوشها بقيود الحدود الجغرافية في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل السطو على الحدود الجغرافية ذاتها والتوسع فيها، من خلال توسيع رقعة الحرب تحقيقًا للمطامع الكبرى للكيان؛ الأمر الذي جعل بعض الأفراد من الشعوب العربية تتخذ قرارات فردية من بداية الطوفان إلى الآن، كانت أولى القرارات الفردية التي رأيناها في مصر، حينما أقدم شرطي مصري على قتل سائحين إسرائليين ومرشدهما السياحي المصري في مدينة الإسكندرية في أكتوبر الماضي على إثر حرب طوفان الأقصى نصرة لإخوانه في غزّة. وفي مايو الماضي، يُسجل موقف آخر لجندي مصري يتبادل إطلاق النار مع الإسرائيليين على الشريط الحدودي بين مصر وإسرائيل، ليستشهد هو الآخر ويدفع حياته ثمنًا لقراره الفردي الذي تمليه عليه متطلبات الكرامة.

 

تلك بعض النماذج الفردية لقرارات فردية لبعض من عملوا في الجيش والشرطة آمنوا بأهمية وجودهم وأهمية حملهم للسلاح وأدركوا جيدًا معنى التجنيد في الذود عن الأوطان والثأر للشرف واسترداد المقدسات، سئموا حياة غريبة تعاكس بعجرفتها المهمة العسكرية التي يعملون من أجلها وتناقض ما تدرّب عليه المقاتل، أدركوا في لحظة أنّ لعبة الشطرنج لا تعطي الجندي سوى الموت؛ لذا اختاروا الموت بكرامة وحرية واختاروا لأنفسهم الراحة إلى جوار الشهداء.

 

لا شك أنَّ القرارات الفردية لن تُحرِّر ما سُلِب، ولن تُسجِّل نصرًا يرفع راية، لكنها قد ترسم صورة أخرى في ذهن من يعمل كعسكري مقاتل، يفهم من خلالها ما يميزه كعسكري عن الشخص المدني؛ الأمر لا يحتاج بدلة عسكرية ولا امتيازات تضاف إلى سجله العسكري، الأمر يحتاج فقط أن يُدرك مهامه وعلى ذلك يبني أهدافه ويتخذ قراراته؛ ففي الوقت الذي تفكر فيه إسرائيل- بالرغم من هزيمتها النكراء في غزّة وتراجع دورها الدولي- في إطالة أمد الحرب والتوغل الجغرافي أكثر في المنطقة، تتدثر الجيوش العربية بما أوتيت من قوة تحت دثار النأي بالنفس، ولا تُسجَّل سوى مواقف فردية لعدد بسيط من الأشخاص آثروا الكرامة على المهانة على حساب أرواحهم التي آمنوا أنها لا تستحق إلا حياة الكرامة، في ظل اعتياد المشهد الدامي والانحلال الإنساني وعجز غير مقبول وتراجع مُخزٍ لدور المحاكم الدولية وتعاظم الإجرام الصهيوني؛ لتصل حصيلة العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزّة منذ السابع من أكتوبر الماضي إلى 40988 شهيدًا و94825 مصابًا إلى يومنا.

عمِّي الزير لبِس لباس الحرب

عمِّي الزير لبِس لباس الحرب

هكذا قالت ابنة كُليب حينما لبس عمها الزير سالم لباس الحرب للثأر لأخيه في حرب بكر وتغلب؛ موقنةً بأنَّه حان موعد الثأر.

لا أدري متى يأتي الوقت الذي تلبس فيه جيوش الأمة العربية لباس الحرب بشكل فعلي، كان لباس الحرب معروفًا عند العرب منذ الجاهلية وهو لا يُلبس إلّا وقت الحرب، وارتداؤه يعني القيام الفعلي للحرب؛ ولكن ما يحدث الآن أن الملابس العسكرية يلبسها المُقاتل بشكل يومي حين يذهب إلى عمله العسكري، الذي أصبح لا يختلف كثيرًا عن العمل المدني سوى بارتداء البزّة العسكرية.

مقالات مشابهة

  • ما أبرز حالات الفشل التي أدت إلى استقالة قائد وحدة 8200 الإسرائيلية؟
  • قائد الوحدة 8200 بالاستخبارات الإسرائيلية يستقيل لفشله في منع هجوم 7 أكتوبر
  • هيئة البث الإسرائيلية: استقالة قائد الوحدة 8200 بالاستخبارات العسكرية بسبب فشله في منع هجوم 7 أكتوبر
  • استقالة قائد وحدة الاستخبارات 8200 الإسرائيلية بسبب 7 أكتوبر
  • "هآرتس": القوات الإسرائيلية الخاصة التي تسلّلت إلى سوريا بإنزال جوي صادرت ملفات ووثائق من مبنى للحرس الثوري الإيراني
  • «البث الإسرائيلية»: سلاح الجو كان غائبا تماما صباح يوم 7 أكتوبر الماضي
  • مؤسسات الأسرى تنعى والد الأسير عماد البرغوثي من رام الله
  • شؤون الأسرى: حصيلة الاعتقالات بالضفة الغربية منذ 7 أكتوبر ترتفع لـ10600 مواطن
  • أمين عام الأمم المتحدة يندد بشدة بالضربة الإسرائيلية التي أسقطت شهداء في منطقة مخصصة للنازحين في غزة
  • قرار الكرامة في ظِل المهانة!