جريمة شرف.. القصة الحقيقية المروعة وراء دراما "Honour" على نتفليكس
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
أعلنت المحققة التي كشفت جريمة قتل ألهمت مسلسل "Honour" الذي حقق نجاحاً واسعاً على نتفليكس، عن تفاصيل جريمة القتل الوحشية التي تعرضت لها شابة كردية عراقية في بريطانيا.
ومسلسل Honour أي "شرف"، وهو دراما من جزأين، أبكى مشاهديه وفق "دايلي ميل"، إذ يستند العمل على قصة الشابة باناز، التي قتلت في عمر العشرين، بأمر من والدها محمود محمود، وعمها آري محمود، وأفراد آخرين من العائلة والأصدقاء فيما يسمى "بجريمة الشرف".
وكانت باناز، هربت من زواج مرتب مسيء، من رجل يكبرها بعشر سنوات، فرض عليها الارتباط به وهي في سن 17 عام، وتعرضت خلال زواجها لضرب واعتداء مستمرين.
وعادت باناز لتعيش في منزل العائلة في جنوب لندن، ثم وقعت في حب رجل كردي، يدعى رحمت سليماني، ما أثار غضب عائلتها، الذين قرروا قتلها بأبشع طرق ممكنة لاستعادة "شرفهم وسمعتهم" في المجتمع وفق ما رأوا.
وأظهرت التحقيقات تعرض باناز لعنف جنسي مروع وضرب قبل خنقها حتى الموت في منزل العائلة، ثم تم وضع جثتها في حقيبة ونقلها إلى برمنغهام، حيث تم دفنها في حديقة منزل مهجور.
و تروي قصة "شرف" التفاصيل المشحونة للتحقيق العاطفي الذي أجرته مديرة التحقيقات كارولين جود، في مصير الشابة بعد أن أبلغ سليماني عن اختفائها من منزلها.
وتلعب كيلي هاويس دور مديرة التحقيقات جود، وتصور تفاني ضابطة الشرطة في القبض على الجناة والعقبات التي واجهتها، وكيف أدت رؤية الثلاجة من طائرة هليكوبتر إلى إدانتهم.
وتشير الأرقام إلى أن عدد الجرائم "المستندة إلى الشرف" التي ارتكبت في بريطانيا بما في ذلك الاغتصاب والزواج القسري ارتفع بنسبة تزيد عن 60% في غضون عامين ، حيث يحذر الخبراء من أن تراكم القضايا في المحكمة هو السبب جزئياً.
وقالت مديرة التحقيقات جود: "هذا التحقيق كان الأكثر تعقيداً وصعوبة الذي شاركت فيه على الإطلاق، منذ البداية، قوبلنا بمؤامرة الصمت من المجتمع المحيط بباناز، ولم يكن لدينا سوى القليل من الأدلة للاعتماد عليها، كانت القضية غير عادية لأنه عادةً عندما تحقق في جريمة قتل، فإنك تحاول تحقيق العدالة للعائلة، ولكن في هذه الحالة، لم تكن الأسرة مهتمة بالحصول على العدالة لأنها هي التي أمرت بقتلها".
وأضافت: "لذا أصبحنا ملتزمين بالحصول على العدالة لباناز، كان هذا هو الشيء الوحيد الذي يدفعنا، كنا نشير إليها باسم "فتاتنا"، لأنها أصبحت مثل العائلة بالنسبة لنا ولم يكن لها غيرنا".
وفي الأشهر التي سبقت اختفائها، أبلغت باناز الشرطة 5 مرات أن أسرتها تريد قتلها، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء، حيث تحدث الضباط إلى الأسرة بعد أن أبلغ رحمت عن اختفائها، لكن أسرة باناز تواطأت في مؤامرة من الأكاذيب، وأصرت على أنها حرة، وأنها غالباً ما كانت تبقى خارج المنزل طوال الليل وكانت حرة في القدوم والذهاب كما تشاء.
ثم تلقت المحققة جود، التي كانت محققة كبيرة في قيادة جرائم القتل في شرطة العاصمة في ذلك الوقت، مكالمة من مركز شرطة محلي تطلب المشورة وشعرت أن هناك شيئًا غير صحيح، وقالت: "ناقشنا الظروف المحيطة باختفائها وقررنا أنها من المرجح أن تكون معرضة لخطر الأذى الشديد، كان من غير المعتاد بالنسبة لها أن تختفي بهذه الطريقة وأدركنا أيضاً أنها أبلغت بالفعل عن تهديدات بالعنف من عائلتها".
تولت جود التحقيق، ورفعته إلى تحقيق محتمل في جريمة قتل، وأحضر المشتبه بهم الرئيسيين للاستجواب: والد باناز محمود محمود وعمها آري، وأبناء عمومتها عمر حسين ومحمد علي ورجل يُدعى محمد حما، وتمت مداهمة عشرات العناوين في مختلف أنحاء البلاد، كما تم اعتقال أكثر من 30 شخصاً وتمت مقابلتهم، وتمت مصادرة أكثر من 20 مركبة و300 هاتف محمول.
وأصيب المترجم الذي كان يستمع إلى الأشرطة بالفزع عندما سمع حما يضحك وهو يتفاخر باغتصاب باناز قبل أن يدوس على رأس الفتاة المذعورة ويربط حبلًا حول رقبتها، ثم تحدث عن وضع الجثة في حقيبة سفر وسحبها آري محمود خارج المنزل إلى سيارة كانت تنتظره.
واعترفت مفتشة الشرطة جود: "كان من المروع سماع ذلك، لا توجد كلمات تصف مدى الدمار الذي شعرنا به جميعاً، لكننا ما زلنا لا نملك جثة باناز ولم يكن هناك ما يكفي من الأدلة لإدانته أو إدانة أي من الآخرين، لذلك كان الأمر بمثابة سباق مع الزمن لأنه كان سيخرج في النهاية".
وجاء الاختراق الثاني عندما أظهر هاتف حما المحمول أنه قام برحلة ذهاباً وإياباً إلى منطقة هاندسورث في برمنغهام في اليوم التالي لاختفائها. ثم سُجِّل في محادثة يسأل فيها: "هل أعدت الفريزر إلى أعلى الفناء؟" ومن المدهش أنه قبل أيام قليلة فقط، حلقت مفتشة الشرطة جود فوق المنطقة في طائرة هليكوبتر، باحثة عبثاً عن علامات على الأرض، وفي إحدى المرات، لاحظت ثلاجة مهملة على الفناء.
وقالت: "عندما قرأت نص محادثة حما، فكرت لقد رأيت هذا الفريزر، حددنا الموقع الدقيق للمنزل، كان فارغاً، وكانت الحديقة مليئة بالأعشاب ولم يكن بها سوى كومة من القمامة المنزلية، وهذا الفريزر".
وتم العثور على جثة باناز المغدورة في حقيبة متهالكة مدفونة تحت الفناء مع ثلاجة فوقها، و لم يكن من الممكن التعرف عليها إلا من خلال سجلات الأسنان وكان الحبل المستخدم لخنقها حتى الموت لا يزال حول عنقها.
وتتذكر جود لحظة اكتشاف جثتها، قائلة: "اعتقدت أنني سأكون مسرورة، لكنني لم أكن كذلك. كانت التجربة بأكملها مليئة بالشفقة. كان من المأساوي التفكير في الطريقة القذرة التي قُتلت بها باناز وأن هناك إنساناً محشوراً داخل تلك الحقيبة، كان الأمر حاسماً للقضية، لكنه لم يكن ساراً على الإطلاق، بل كان محزناً للغاية".
وكانت باناز انتقلت إلى المملكة المتحدة مع عائلتها في عام 1995 من العراق، وفي المجمل ارتبط 50 عضواً من الجالية الكردية بقتلها، بدءاً من إعطاء قاتليها أعذاراً كاذبة إلى مساعدتهم في التخلص من جثتها.
وبعد اكتشاف جثتها، اتُهم والد باناز وعمها وأقارب وزملاء آخرون للعائلة بقتلها أو التآمر عليها، وفي عام 2007، وبعد محاكمة استمرت ثلاثة أشهر في أولد بيلي، أدين والدها محمود محمود بالقتل وحُكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً.
كما أدين عمها آري محمود بالقتل وحُكم عليه بالسجن لمدة 23 عاماً، كما اعترف محمد حما بالقتل وحُكم عليه بالسجن لمدة 17 عاماً على الأقل، وبعد ثلاث سنوات، تم تسليم أبناء عم باناز عمر حسين ومحمد صالح علي، اللذان نفذا عملية القتل، من العراق، وحُكم عليهما بالسجن مدى الحياة لمدة 22 عاماً و21 عاماً على التوالي.
وكانا أول مشتبه بهما يتم تسليمهما إلى بريطانيا من العراق بعد أن تعقبتهما مديرة التحقيقات جود وفريقها، وفي إشارة إلى الإدانات الناجحة لقتلة باناز، قالت مديرة التحقيقات جود: ""احتفلنا. كان هناك الكثير من المشاعر والارتياح لأننا جميعاً قمنا بعملنا على النحو اللائق ولم يفلتوا من العقاب لقد حصلنا على العدالة لباناز، وهو الشيء الوحيد الذي أردناه، ولكن في الوقت نفسه، كان هناك الكثير من الحزن لأن امرأة شابة جميلة قُتلت بوحشية بهذه الطريقة".
وفي تطور آخر للمأساة، دخل صديق باناز، رحمت، الذي أدلى بشهادته في محاكمة عائلتها، في برنامج حماية الشهود بعد ذلك، لكنه لم يتعافى أبداً، وانتحر في عام 2016، كما أدلت إحدى شقيقاتها، بيكال، بشهادتها وهي حالياً في برنامج حماية الشهود، وبايزي، شقيقة أخرى، من أبرز الناشطين ضد العنف القائم على الشرف والزواج القسري.
وحصلت جود، التي تبلغ من العمر الآن 62 عاماً، على ميدالية شرطة الملكة في عام 2012 عن عملها وتقاعدت من شرطة العاصمة بعد 33 عاماً من الخدمة، وهي تعمل حالياً في القطاع الخاص وكتبت كتاباً عن دورها في قضية باناز بعنوان: "الشرف: تحقيق العدالة لباناز محمود"، وفي المجموع، عملت على 100 تحقيق في جرائم قتل خلال مسيرتها المهنية في الشرطة، لكنها تصف قضية باناز بأنها "الأكثر أهمية".
وقالت جود: "أنا سعيدة حقاً بعودة قضية جرائم الشرف إلى دائرة الضوء العامة، إن بذل المزيد من الجهود لزيادة الوعي بجرائم الشرف أمر جيد، لأن الضحايا يحتاجون إلى امتلاك الشجاعة للتقدم ونحتاج جميعاً إلى معرفة المزيد عنها".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية نتفليكس ولم یکن فی عام لم یکن
إقرأ أيضاً:
اليمن يُذكّر العرب بالأسماء الحقيقية للمدن والبلدات الفلسطينية
د. شعفل علي عمير
تلعب الأسماء دورًا محوريًّا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حَيثُ تُستخدم كوسيلة لفرض السيطرة الثقافية والهيمنة السياسية. تسعى السلطات الإسرائيلية إلى تغيير بعض الأسماء الجغرافية كمحاولة لطمس الهوية الفلسطينية وتزييف الحقائق التاريخية. في المقابل، فَــإنَّ التمسك بالأسماء الأصلية يعتبر تحديًا مباشرًا ومقاومة للسياسات الاحتلالية التي تهدف إلى تحويل الروايات التاريخية لصالحها.
فقد ذكر السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته الأخيرة بأن “من الملفت هو انزعَـاج المجرم نتنياهو من “مسيرة يافا” ومن العنوان الذي يتكرّر في -البيانات- بياناتنا اليمنية عن “يافا المحتلّة”، والعدوّ الإسرائيلي ينزعج حتى على مستوى التركيز في الأداء الإعلامي على الأسماء الحقيقية لفلسطين: فعندما تُذكر أسماء المدن والبلدات الفلسطينية بأسمائها الحقيقية فلذلك أهميّة كبيرة جِـدًّا انزعَـاج العدوّ الإسرائيلي من التركيز على الأسماء الحقيقية لفلسطين درس مهم؛ لأَنَّه يذكره دائمًا بأنه كيان غاصب ومحتلّ ومجرم وكيان مؤقت حتمي الزوال”.
انطلقت تصريحات الناطق العسكري للقوات المسلحة اليمنية من سياق أوسع يتعلق بالتضامن اليمني مع القضية الفلسطينية. تلعب الوسائل الإعلامية لتصريحات الناطق دورًا مهمًّا في توجيه الرسائل السياسية وإيصال الرؤى الثقافية والتاريخية ذات الأهميّة البالغة. تساهم هذه التصريحات في تذكير الجمهور العربي والدولي بالأهميّة القصوى للحفاظ على الهُوية الفلسطينية والدفاع عنها ضد محاولات التغيير والتهويد.
ففي سياق الصراعات الإقليمية والدولية، كانت الهوية الوطنية وسيلة فعالة للسيطرة والسيطرة المضادة، وفي هذا الموضوع تلعب الهوية الفلسطينية دورًا محوريًّا في تحديد مسارات الصراعات السياسية، والثقافية إن الجدل حول تسمية المدن الفلسطينية يعدّ أكثر من مُجَـرّد قضية أسماء فهو يمثل جزءًا من صراعٍ أوسع يشمل الهُوية، والانتماء، والذاكرة التاريخية. يجدر بنا بدايةً تحديد السياق الذي تُثار فيه هذه الإشكالية. فمنذ عقود عدة، تسعى السلطات الإسرائيلية جاهدةً لطمس الهوية الفلسطينية بكل أبعادها؛ الجغرافية، والثقافية، والتاريخية. ومن بين هذه المحاولات يأتي تغيير أسماء المدن والقرى الفلسطينية أَو تحريفها كجزء من مخطّط أوسع للسيطرة على الرواية التاريخية للمنطقة. وفي هذا السياق، تبرز البيانات العسكرية كوسيلة تستخدمها اليمن للتعبير عن المواقف السياسية والاستراتيجية التي يجب على كُـلّ العرب تبنيها للدفاع عن الحق العربي والفلسطيني في الحفاظ على كيانها التاريخي والثقافي.
لقد شهدت الفترة الأخيرة تصاعدًا في الانزعَـاج الإسرائيلي من استخدام البيانات العسكرية اليمنية الأسماء الفلسطينية الحقيقية للمدن. يعود ذلك لعدة أسباب جوهرية يُمكن القول إنها تتعلق بالشرعية والمشروعية. فنحن هنا نتحدث عن عملية إعادة إثبات للهوية الوطنية من خلال إعادة استخدام الأسماء التاريخية التي تم تغييبها أَو تحريفها في مجمل الخرائط والمراسلات الإسرائيلية الرسمية ويمكن اعتبار هذه الخطوة جزءًا من الاستراتيجية اليمنية للدفاع عن الهوية الفلسطينية في مواجهة محاولات الطمس الثقافي والجغرافي. فالاعتراف بالأسماء الحقيقية للمدن الفلسطينية يعد ضربة قوية للمحاولات الإسرائيلية لتغيير الوقائع على الأرض من خلال فرض تسميات جديدة أَو استبدال الأسماء التاريخية، والتي غالبًا ما تكون ذات أصول كنعانية أَو عربية، بأسماء عبرية تغذي الرواية الإسرائيلية الساعية لخلق ارتباط تاريخي مزعوم بالأرض. والخطورة في هذه الجهود الإسرائيلية لا تقتصر فقط على الجوانب الثقافية، بل تتعداها لتؤثر على الحقوق السياسية والقانونية للفلسطينيين. من هذا المنطلق، فَــإنَّ التمسك بالأسماء الحقيقية لا يمثل فقط مقاومة لفظية بل يعد شكلًا من أشكال المقاومة الثقافية والسياسية القوية التي قد تُستخدم لاستعادة حقوق مشروعة في الأرض والتاريخ والثقافة. هذه الجهود اليقظة من اليمن يجب أن تأتي في إطار مسعى استراتيجي عربي شامل يهدف إلى المحافظة على الذاكرة التاريخية الحقيقية ومحاربة الروايات الزائفة؛ لأَنَّ هذه المعركة ليست مُجَـرّد نزاع على أسماء أَو مسميات جغرافية؛ إنها جزء من صراع طويل ومعقد يمتزج فيه الديني بالتاريخي، والثقافي بالجغرافي، والسياسي بالقانوني لا بد من مواصلة جهود إعادة الاعتبار للأسماء التاريخية، وتثبيتها في الوعي الجمعي الفلسطيني والعربي، فالأسماء ليست مُجَـرّد كلمات، بل هي رموز لماضٍ وحاضر ومفتاح لمستقبل مُشرق، كما تمثل حقًا غير قابل للتجاهل، علينا استعادته في مواجهة محاولات الطمس والإلغاء.