الفلسفة وراء حديث.. المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
ألقى أئمة المساجد خطبة الجمعة اليوم 23 أغسطس 2024م بعنوان " المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف " ، وفقًا لما حددته وزارة الأوقاف بهدف توعية المسلم لبيان معنى القوة الحقيقي وأقسام القوة، خطورة المخدارات والشائعات.
. إصلاح ذات البين وفض المُنازعات
المؤمن القوي والضعيف
وفي هذا السياق أوضحت دار الإفتاء المصرية أن هذا الحديث الكريم يكشف عن أن هناك تفاوتًا ضمن دائرة الإيمان -التي هي جزء من دائرة الإسلام- بالمعنى الأعم؛ بحيث يؤدي هذا التفاوت إلى حقيقة وجود قسمين من المؤمنين: القسم الأول المؤمنون الأقوياء، والقسم الثاني: المؤمنون الضعفاء.
والحديث هنا رغم الحرص فيه على التطلع لمرتبة المؤمنين الأقوياء إلا أنه لم ينزع الخير -مطلق الخير- من المؤمنين الضعفاء؛ فكما جاء في الحديث: «وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ»، أي: أَصْلُ الْخَيْرِ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا.
وهذه فلسفةٌ عامَّةٌ في الإسلام نجد تفاصيلَها في القرآن الكريم وأحاديثِ سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم؛ وهي الإرشاد الحثيث للوصول إلى الكمال، مع عدم حرمان من لم يصل وكان دون ذلك من بعض الفضل؛ يقول الدكتور دِرَاز في كتابه "دستور الأخلاق في القرآن": [أما موقف القرآن فجد مختلف عن هذا؛ فهو من ناحية يجعل فكرة "الكمال" ما بين الانهماك غير المعقول، والجهد المتوسط.
الفلسفة وراء حديث المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف
وهو من ناحية أخرى، مع تشجيعه الناس على أن يطلبوا الأفضل، يزكي ويستر بلطفه أهل الصلاح الطيبين جميعًا، ضعفاء كانوا أو أقوياء. ومن أجل هذا وجدناه بعد أن يقيس المسافة بين المجاهد الذي يبذل نفسه وماله، والخالف الذي يبقى في المؤخرة، وبعد أن يعلن أفضلية المجاهد في قوله تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ [النساء: 95]، إذ به يستدرك قائلًا: ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى﴾.
وهذه المقارنة ذاتها، بل ونفس التقدير، بين منفقَيْن، أحدهما بادر بالإنفاق في الظروف الشَّاقة، على حين جاء الآخر من بعد، عندما تضاءلت المشقات كثيرًا: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً﴾ [النساء: 95].
قانون المؤمن القوي والضعيف
ومن هنا ينبع قانون عام ذكره النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ»، ومن هنا نفهم بسهولة لماذا تتغير لهجة القرآن، فهو حين يتحدث عن موقف عُدِمت فيه الطاقة كلية، وسيطر عليه تراخٍ عظيم التفريط، يكون التحريم صريحًا، واللوم عنيفًا، فأما إذ كان الأمر هنا أمر إهمال ضئيل وضعف نسبي بسيط، فإن الرحمة تبدو هنا مشروعة، وملائمة.
وهذا المبدأ في التدرج، الذي انطوت عليه نصوص لا تحصى، قد هدى العلماء والفقهاء المسلمين إلى ترتيب معاني الخير والشر متدرجة، بحيث أدى ذلك إلى تصنيف كل منهما في طائفتين رئيسيتين، وعلى هذا النحو فإن العمل الصالح يمكن أن يكون: إما تكليفيًّا صارمًا، وإما تفضيليًّا جديرًا بالاختيار، وكذلك في حالة العكس أي: العمل الخبيث، إما أن يكون محرمًا صراحة، وأما معيبًا فقط، غير مستحب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المؤمن القوي المؤمن الضعيف خطبة الجمعة د خطبة الجمعة اليوم ب أ م و ال ه م من المؤمن ال م ؤ م ن ى الله
إقرأ أيضاً:
حكم عمل ختمة قرآن ووهب ثوابها للميت.. الإفتاء توضح
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال يقول صاحبه "بعض الناس عندما يتوفى لهم أحد من الأسرة، يقومون بدعوة الناس لقراءة القرآن الكريم في منزله، ويختمون قراءته كله، ثم يدعون ويهبون ثواب هذه القراءة للمتوفى، ويشفعون له بالمغفرة من الله تعالى، ولكن بعض الناس يعترضون على هذا العمل ويقولون إنه بدعة وحرام؛ علمًا بأن هذا العمل يزداد وينتشر يومًا بعد يوم، فما رأي الدين في هذا؟".
وقالت دار الإفتاء، إن اجتماع المسلمين لعمل ختمة من القرآن الكريم أو قراءة ما تيسر من السور والآيات وهبة أجرها لمن توفي منهم، هو من الأمور المشروعة والعادات المستحسنة وأعمال البر التي توافق الأدلة الصحيحة والنصوص الصريحة.
صيام الست من شوال وإهداء ثوابه إلى الميت.. دار الإفتاء توضح الحكم
حكم من فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم.. الإفتاء توضح
هل الزواج في شهر شوال مكروه؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل
حكم تداول رسائل توديع شهر رمضان المبارك .. دار الإفتاء ترد
وأكدت دار الإفتاء، في فتواها المنشورة على موقعها الإلكتروني، إلى أن بعض السلف الصالح أطبق على فعلها، وجرى عليها عمل المسلمين عبر القرون مِن غير نكير، مشيرة إلى أن مَن ادَّعى أن ذلك بدعةٌ فهو إلى البدعة أقرب.
حكم الاستماع إلى القرآنوأما عن قراءة القرآن الكريم أو الاستماع لتلاوته، فقالت دار الإفتاء، إن كليهما عبادة من أفضل العبادات، والسنة النبوية عامرة بالنصوص المؤكِّدة لفضلهما وثوابهما: ففي خصوص قراءته جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» رواه الترمذي.
وأوضحت أنه بخصوص الاستماع إليه جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ، وَمَنْ تَلَاهَا كانت لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه الإمام أحمد.
وتابعت "حث الله تعالى عباده المؤمنين على الاستماع إلى القرآن الكريم والإنصات له، فقال سبحانه: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، فالله عز وجل أرشد المؤمنين به المصدقين بكتابه إلى أن يصغوا وينصتوا إلى القرآن إذا قرئ عليهم؛ ليتفهموه ويعقلوه ويعتبروا بمواعظه؛ إذ يكون ذلك سبيلًا لرحمة الله تعالى بهم.
وقال الإمام الطبري في تفسيره "جامع البيان" (10/ 658، ط. دار هجر): [يقول تعالى ذكره للمؤمنين به المصدقين بكتابه الذين القرآن لهم هدى ورحمة: ﴿وَإِذَا قُرِئَ﴾ عليكم أيها المؤمنون، ﴿الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾، يقول: أصغوا له سمعكم لتتفهموا آياته، وتعتبروا بمواعظه، وأنصتوا إليه لتعقلوه وتتدبروه، ولا تلغوا فيه فلا تعقلوه، ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ يقول: ليرحمكم ربكم باتعاظكم بمواعظه، واعتباركم بعبره، واستعمالكم ما بينه لكم ربكم من فرائضه في آيه] اهـ.
وقال الإمام الليث: [يُقال: ما الرحمة إلى أحدٍ بأسرع منها إلى مستمع القرآن؛ لقول الله جل ذكره: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾، و"لعل" من الله واجبةٌ] اهـ. يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للإمام القرطبي (9/1، ط. دار الكتب المصرية).
استماع النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ لتلاوة القرآن من غيرهكان النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ يحب أن يستمع لتلاوة القرآن من غيره، وهذا مما يؤكِّد سنية الاستماع والإصغاء لتلاوة القرآن الكريم واستحبابه؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قالَ: قال لي النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قالَ: فإنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِن غَيرِي، فَقَرَأْتُ عليه سُورَةَ النِّسَاءِ، حتَّى بَلَغْتُ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾، قالَ: أمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ» أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري.
قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (10/ 277، ط. مكتبة الرشد): [«إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» معنى استماعه القرآن من غيره -والله أعلم- ليكون عرض القرآن سنة، ويحتمل أن يكون كي يتدبره ويفهمه، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر، ونفسُه أخلى وأنشط من نفس القارئ؛ لأنه في شغل بالقراءة وأحكامها] اهـ.
وقال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (6/ 88، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي حديث ابن مسعود هذا فوائد، منها: استحباب استماع القراءة والإصغاء لها، والبكاء عندها، وتدبرها، واستحباب طلب القراءة من غيره ليستمع له، وهو أبلغ في التفهم والتدبر من قراءته بنفسه، وفيه تواضع أهل العلم والفضل ولو مع أتباعهم] اهـ.