الأولى منذ 33 عاما.. هل تصلح زيارة مودي لكييف العلاقة مع أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
كييف- تكتسب زيارة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي -اليوم الجمعة- إلى أوكرانيا، معاني وأهمية كبيرة، لاسيما وأنها تأتي على خلفية انتقادات أوكرانية متكررة لموقف الهند "المحايد" من حرب روسيا المستمرة عليها منذ فبراير/شباط 2022، وفي يوم تحيي فيه كييف "يوم العَلم" وتستعد -أيضا- لإحياء "عيد الاستقلال" غدا.
وللتأكيد على أهمية الزيارة ورمزية توقيتها، تكفي معرفة أنه منذ استقلال أوكرانيا عام 1991، لم يزر أحد من كبار قادة الهند كييف، بل كانت العلاقات بين الطرفين متوترة إلى حد ما، خاصة بعد أن زودت أوكرانيا باكستان بـ320 دبابة عام 1996.
وبدأت سلسلة الانتقادات الأوكرانية المتعلقة بموقف الهند من الحرب الراهنة مباشرة بعد رفض نيودلهي الانضمام إلى العقوبات الغربية والعالمية التي فُرضت على روسيا، خاصة تلك المتعلقة بقطاعات الطاقة والإنتاج العسكري والتعاملات المالية عبر البنوك.
وبهذا، كانت الهند ثاني دولة كبرى مؤثرة تتخذ هذا الموقف بعد الصين، الأمر الذي رأت فيه كييف انحيازا ودعما لموسكو أطال أمد الحرب، في حين شددت نيودلهي مرارا على أنه "موقف محايد".
ثم تعرض مودي لانتقادات لاذعة أثناء زيارته إلى روسيا يومي 8 و9 يوليو/تموز الماضي، لأنها تزامنت مع ضربات صاروخية على مستشفى "أوخماديت" في كييف، حيث وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عناق مودي لنظيره الروسي فلاديمير بوتين بأنه "خيبة أمل كبيرة وضربة ساحقة لجهود السلام".
ورغم الانتقادات، يبدو أن الحرب دفعت كييف لإدراك أكبر بأهمية الهند، والاعتراف وتصحيح "أخطاء" سببت موقف الهند هذا -وغيره- حيث لم تؤيد أي قرار أممي ضد روسيا منذ بداية الحرب.
في حديث مع الجزيرة نت، يقول الدبلوماسي السابق والمؤرخ رومان بيسميرتني إن منطقة جنوب آسيا لم تكن أولوية بالنسبة لسياسات أوكرانيا الخارجية، رغم نقاط الاتصال الواعدة فيها. وكان التركيز دائما على تحسين وتطوير العلاقات مع الغرب.
وهكذا تُركت الساحة الهندية لروسيا، ومن وجهة نظر الدبلوماسي السابق فإن المشاعر المؤيدة لموسكو في الهند قوية لأن تاريخها يعود إلى الحقبة السوفياتية. وخلال العقدين الماضيين، زودت روسيا الهند بنحو 65% من الأسلحة التي اشترتها من طائرات ومروحيات وغواصات وسفن حربية، واليوم تزودها بنحو 40% من احتياجاتها النفطية.
ويرى المؤرخ أن "مودي يعتبر أوكرانيا شريكا طبيعيا، لكن الكثير من الأمور أفسدت العلاقات الثنائية خلال العقد الماضي، وتحتاج إلى تسوية، خاصة ما يتعلق بالتعاون العسكري بين أوكرانيا وباكستان".
الاقتصاد أم الوساطة؟ويتابع الدبلوماسي السابق أن "الخارجية الأوكرانية اعتمدت إستراتيجية جديدة لسد مثل هذه الثغرات، سواء في الهند أو أفريقيا". فقد زار الوزير دميترو كوليبا الهند في مارس/آذار الماضي، وحضرت نيودلهي قمة السلام في سويسرا يوم 14 يونيو/حزيران الماضي، حتى وإن كان ذلك على مستوى مسؤول الشؤون الغربية بالخارجية الهندية.
وعلى مستوى التصريحات الرسمية، تركز الزيارة على تعزيز العلاقات الاقتصادية، والتعاون في المجالات الدفاعية والعلمية والتكنولوجية. لكن واقع الحال يشير إلى هدف آخر أكبر وأهم، والخبراء يجمعون على أنه محصور بجهود فرضتها الحرب وتتعلق بها.
فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن حجم التبادل التجاري بين البلدين لم يتجاوز 3 مليارات دولار قبل الحرب، ووصل إلى نحو 65 مليارا بين الهند وروسيا خلالها، فسندرك مصلحة الاقتصاد الهندي مع روسيا، ونيودلهي لن تضحي بذلك على حساب بناء علاقات مع كييف "العدو" في عيون الروس.
وفي حديث مع الجزيرة نت، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الوطنية، أوليكسي هاران، أن أهداف الزيارة محصورة بما يلي:
إيجاد توازن ومنح طمأنينة للغرب، من خلال إظهار أن الموقف الهندي ليس منحازا بتشدد إلى روسيا، حتى وإن بقيت العلاقات "الأوثق" معها. وفي هذا الإطار، يرى مراقبون أوكرانيون وغربيون أن الهند تتجه فعلا نحو تقليل الاعتماد العسكري على موسكو لأن الحرب في أوكرانيا كشفت ضعف جودة المعدات الروسية في القتال الحقيقي. صناعة سلام مع وقف التنفيذ، لأن الهند، على عكس الصين أو تركيا، لم تأت بخطة سلام واضحة لهذا الغرض. نقل الرسائل لا الوساطة (بين أوكرانيا وروسيا) وهو الهدف المرجح أكثر من غيره، ولمح إليه فعلا مسؤولون في الهند وأوكرانيا. سياسات الهندوعلى ضوء ما سبق، يرى المؤرخ والدبلوماسي السابق أنه على أوكرانيا فهم سياسات الهند، لأن أجندتها ورؤيتها للحقائق العالمية "تختلف اختلافا كبيرا عن تلك التي اعتدنا عليها".
ويوضح أن نيودلهي لن تقطع علاقاتها مع روسيا أبدا، وموقف الحياد "الوهمي" الذي تتبناه يهدف أيضا إلى منع تحالف صيني روسي أوثق لأنه خطر عليها، على حد قوله. وباعتقاده، تعتبر دول مجموعة السبع الكبار الهند بديلا حقيقيا للنفوذ الصيني المتزايد، ولهذا توجه الاستثمارات والتقنيات نحوها.
وفي الإطار ذاته، يرى إيفان أوس كبير مستشاري مركز دراسات السياسة الخارجية التابع للمعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية أنه "في الهند، لا يحبون الولايات المتحدة، لكنهم لا يحبون الصين أكثر، وكلما ازدادت العلاقات قوة بين موسكو وبكين سارعت نيودلهي نحو مزيد من التطبيع مع الغرب، عبر بوابة أوكرانيا حاليا".
وبالعودة إلى الزيارة، يرى أوكرانيون أن روسيا تراقبها عن كثب، وتتخوف فعلا من إمكانية صدور أي تصريحات تنتقدها خلالها. ذلك لأن رئيس الوزراء الهندي أثار حفيظة موسكو أثناء زيارتها، عندما اعتبر أن قصف مستشفى الأطفال بمجمع "أوخماديت" الطبي في كييف "أمر غير مقبول".
ويرى الدبلوماسي السابق أنه بالتزامن مع زيارة مودي إلى كييف في ذكرى الاستقلال، فإن أي تصريح عن دعم وحدة وسلامة أراضي أوكرانيا سيشكل صفعة لجهود موسكو نحو شرعنة احتلالها للأراضي الأوكرانية أيضا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الدبلوماسی السابق فی الهند
إقرأ أيضاً:
ترامب يؤكد الاتفاق مع روسيا على معظم النقاط الرئيسة لإنهاء الحرب في أوكرانيا
قال مستشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للشؤون الخارجية يوري أوشاكوف إن الاجتماع بين بوتين وستيفن ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان "بنّاء ومفيدا"، كما كشف ترامب أنه تم الاتفاق على معظم النقاط الرئيسية المطروحة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وبحسب أوشاكوف، فإن اللقاء الذي استمر 3 ساعات ساهم في تضييق هوة الخلافات بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا، مضيفا أن مناقشات بوتين وويتكوف ركزت على إمكانية استئناف المحادثات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا.
كما سمح الاجتماع لروسيا والولايات المتحدة بتقارب أكبر لمواقفهما، ليس فقط بشأن أوكرانيا، ولكن أيضا بشأن عدد من القضايا الدولية الأخرى.
من جهته، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه تم الاتفاق على معظم النقاط الرئيسية في اتفاق إنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا.
وأضاف ترامب أن مبعوثه ستيف ويتكوف يجري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالكرملين مباحثات بشأن تسوية النزاع.
وكتب ترامب على منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" بُعيد وصوله إلى روما أن روسيا وأوكرانيا "قريبتان جدا من اتفاق، وعلى الجانبين الآن أن يجتمعا على أعلى مستوى لوضع اللمسات الأخيرة عليه".
إعلان وثيقة سلام أوكرانيةمن جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية هيورهي تيخي إن الجانب الأوكراني أكد في محادثات لندن مواقفه المبدئية ضمن رؤية أوسع وأطول أمدا للتسوية السلمية.
وأوضح المتحدث أن أوكرانيا تتمسك بـ3 مبادئ خلال المفاوضات، وهي أنها لن تعترف بأي جزء من أراضيها كأرض روسية، ولن تقبل بأي قيود على قواتها المسلحة أو قدراتها الدفاعية أو صناعتها العسكرية، وأنه لا يحق لأي دولة ثالثة أن تمتلك حق الفيتو على قرار أوكرانيا بشأن انضمامها إلى أي من التحالفات.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية إن هذه ليست مسألة وقف إطلاق نار فوري فحسب، بل هي إطار عام وعميق لإنهاء الحرب.
في السياق ذاته، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن وثيقة تتضمن خطة سلام أوكرانية ترد على مقترح ترامب بخطة تشمل نشر قوة أوروبية بدعم واشنطن على أراضي أوكرانيا.
ووفق ما نقلته الصحيفة عن هذه الوثيقة، فإن انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي (الناتو) يعتمد على توافق الآراء بين الأعضاء، كما أن القضايا المتعلقة بالأراضي يمكن بحثها بعد وقف إطلاق النار.
ونقلت نيويورك تايمز عن مصدر أن المسؤولين الأميركيين أكدوا في محادثات بلندن وباريس عزم ترامب معارضة انضمام كييف للناتو.
ويضغط الرئيس الأميركي للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب المستمرة منذ 3 سنوات في أوكرانيا، وكان قد هدد بالتخلي عن وساطته إذا لم ير تقدما يُفضي إلى وقف النار.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن الخميس في مقابلة مع قناة "سي بي إس" الأميركية أن موسكو مستعدة لإبرام اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وقال لافروف إن ترامب "يتحدث عن اتفاق، ونحن مستعدون لإبرام اتفاق، لكن بعضا من العناصر المحددة لا يزال يحتاج إلى ضبط دقيق".