ما تأثير المضادات الحيوية على الأطفال المولودين بالعمليات القيصرية؟
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
أكدت دراسة هولندية أنه على الرغم من أن المضادات الحيوية التي تعطى للأمهات اللواتي سيخضن لعملية قيصرية يمكن أن تسبب تغيرات طفيفة في الميكروبات الصديقة التي تعيش مع الرضع، فإن تأثيرها أقل بكثير من تأثير طريقة تغذية الأطفال.
نتائج مطمئنة للأمهاتعادة ما يتم إعطاء الأمهات اللواتي سيخضعن للعمليات القيصرية مضادات حيوية وقائية قبل إجراء العملية مباشرة لمنع حدوث التهابات في موقع الجراحة فيما بعد.
تقول تريشلا سينها، المؤلفة الأولى للدراسة من المركز الطبي بجامعة خرونينغن الهولندية: "قررنا إجراء هذه الدراسة لأنها تتناول سؤالا سريريا مهما قد تكون له آثار عميقة على صحة الرضع". وتضيف: "من الضروري تحقيق التوازن بين الأدلة العالية الجودة التي تظهر الفوائد الفورية للأم وبين الأدلة القوية بنفس القدر بشأن أي أخطار محتملة قصيرة وطويلة الأمد على الرضيع. غالبا ما تسأل الأمهات عما إذا كانت المضادات الحيوية التي يتناولنها تؤثر على أطفالهن، وهذه الدراسة يمكن أن تقدم طمأنة بأن لها تأثيرات صغيرة فقط على ميكروبيوم الأمعاء لدى الأطفال".
بحثت بعض الدراسات السابقة في هذا السؤال، لكنها أجريت على أعداد أقل من المشاركين. الجزء الأول من الدراسة الحالية شمل 28 ثنائيا من الأم والرضيع. تلقت 12 من الأمهات المضادات الحيوية قبل شق الجلد، بينما تلقت الـ16 الأخريات المضادات الحيوية بعد قطع الحبل السري. تم جمع 172 عينة من ميكروبيوم الأمعاء للرضع في 8 نقاط زمنية مختلفة بعد الولادة، تصل إلى عام واحد. شمل الجزء الثاني من التحليل أيضا بيانات من تجربتين مشابهتين لمجموع إجمالي من 79 رضيعا.
تفحص الباحثون العينات التي جمعوها لمعرفة أنواع ميكروبيوم الأمعاء لدى الرضع وتباين سلالاتها، وتكوين جينات مقاومة المضادات الحيوية. كما فحصوا تكوين الأحماض الصفراوية والأحماض الدهنية قصيرة السلسلة. بالإضافة إلى معلومات حول استخدام المضادات الحيوية، كان لدى الباحثين معلومات حول ما إذا كان الرضع يتلقون تغذية صناعية أو رضاعة طبيعية.
دور التغذيةأظهرت نتائج هذه الدراسة والتي نشرت في 14 أغسطس/آب الحالي في مجلة سيل هوست آند ميكروب أن طريقة التغذية كان لها تأثير كبير على تنوع الميكروبات في الأمعاء، وتكوين البكتيريا وأنواعها، وكذلك تكوين الأحماض الصفراوية التي تسهل هضم الدهون.
كان للرضع الذين تم إطعامهم بالتغذية الصناعية ملف ميكروبيوم مختلف بشكل ملحوظ، حيث تفسر طريقة التغذية 12% من التباين في تكوين ميكروبيوم الأمعاء العام خلال الأسابيع الستة الأولى من الحياة. كما انعكست هذه الاختلافات في ملفات الأحماض الصفراوية في براز هؤلاء الرضع.
وقد أشارت الأبحاث الحديثة إلى الدور الحيوي للميكروبيوم المعوي والأحماض الصفراوية في تطور اضطرابات المناعة في وقت لاحق من الحياة. لذلك، يمكن أن يكون لهذه التغييرات في الحياة المبكرة آثار مهمة طويلة الأجل. للتأكد من هذه النتائج هناك حاجة إلى دراسات طويلة الأجل.
تقول سينها -وفقا لموقع يوريك أليرت-: "لقد فوجئنا بأن المضادات الحيوية لم تغير الميكروبيوم بشكل كبير، لأن الأبحاث الأخرى قد أشارت إلى تأثير كبير للمضادات الحيوية على تكوين ميكروبيوم الأمعاء لدى الرضع". وتضيف: "هذا ربما يرجع إلى حقيقة أنها جرعة واحدة من المضادات الحيوية الوريدية خلال الولادة مقارنة بالتعرض المطول للمضادات الحيوية طوال فترة الرضاعة".
في دراستهم المقبلة، يخطط الباحثون لفحص مجموعة من 1500 ثنائي من الأمهات والرضع، بالنظر في عوامل صحية وبيئية وغذائية مختلفة خلال الحمل والولادة، بالإضافة إلى العوامل بعد الولادة التي قد تؤثر على تكوين ميكروبيوم الأمعاء لدى الرضع. ويخطط الباحثون لمتابعة الأطفال طوال فترة الطفولة وحتى البلوغ لتقييم التأثيرات الطويلة الأجل لميكروبيوم الأمعاء على نتائج الصحة المستقبلية.
تقول سينها: "من المهم أيضا أن ندرك أن التغييرات في ميكروبيوم الأمعاء لا تترجم فورا إلى نتائج صحية مستقبلية للطفل. هذه الأمور ما زالت بحاجة إلى دراسة مستفيضة في دراسات طولية مع متابعة أطول".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات میکروبیوم الأمعاء لدى المضادات الحیویة
إقرأ أيضاً:
بين الصراحة والتوجيه.. أيهما أكثر تأثيرًا؟
د. ذياب بن سالم العبري
التواصل هو عصب العلاقات الإنسانية؛ سواء في بيئة العمل أو الحياة الاجتماعية. لكن الفارق بين تواصل فعّال وآخر يسبب توترًا يكمن في الطريقة التي تُطرح بها الأفكار والملاحظات. هناك من يفضل الصراحة المباشرة في كل شيء، حتى في القضايا الحساسة، بينما يرى آخرون أن التوجيه البناء أكثر فاعلية لأنه يحفّز على التحسن دون إثارة المشاعر السلبية. وبين هذين النهجين، المحادثات الشجاعة والتغذية البناءة، يقع الجدل حول أيهما أكثر تأثيرًا وأفضل استخدامًا في مختلف المواقف.
في عالم الأعمال؛ حيث تُعد التغذية الراجعة جزءًا لا يتجزأ من تطوير الأداء، يجد المديرون والقادة أنفسهم في موقف يحتاج إلى التوازن بين الصراحة المطلقة والأسلوب الداعم الذي يحقق النتائج دون إحباط الموظف. فهل يُفضَّل أن يكون القائد صريحًا بشكل قد يسبب حرجًا؟ أم أن تقديم النقد بأسلوب تحفيزي أكثر إنتاجية؟
"المحادثات الشجاعة"، كما يطرحها المفكر الأمريكي جلين سينجلتون في كتاب بنفس العنوان، تعتمد على الصراحة التامة في مناقشة القضايا الحساسة، حتى لو كانت غير مريحة، بشرط أن تكون في بيئة آمنة تُشجع على التعبير الصادق دون خوف من الأحكام المسبقة. هذا الأسلوب يمكن أن يكون فعالًا في المواضيع الاجتماعية الحساسة أو في بيئات العمل التي تحتاج إلى إصلاحات جذرية. لكنه قد يكون صعبًا على بعض الأشخاص، خاصة في المجتمعات التي تعطي أولوية كبيرة للحفاظ على العلاقات الاجتماعية واحترام المشاعر.
أما التغذية البناءة، فهي منهج أكثر شمولية في تقديم الملاحظات، حيث يتم التركيز على النقاط الإيجابية، مع تقديم النقد بطريقة تدفع الشخص للتحسين بدلًا من إشعاره بالإحباط. يتمحور هذا النهج حول تقديم الملاحظات بأسلوب يتيح للمستمع استيعابها دون أن يشعر بالهجوم أو الإحباط، مما يجعله أكثر تقبلًا للتغيير.
الفارق بين الأسلوبين لا يقتصر فقط على طبيعة الحوار؛ بل يمتد إلى تأثير كل منهما على العلاقات. فالمحادثات الشجاعة قد تكون محفوفة بالمخاطر، خاصةً إذا لم يتم إدارتها بحكمة، لأنها قد تثير التوتر أو سوء الفهم. في المقابل، التغذية البناءة تعزز الثقة والاحترام المتبادل، وتجعل الملاحظات جزءًا من عملية تطوير مستمرة.
وفي البيئات المهنية، يُفضل العديد من القادة استخدام التغذية البناءة لأنها أكثر عملية ويمكن تنفيذها بسهولة. فبدلًا من الدخول في نقاشات طويلة حول القضايا الشائكة، يتم التركيز على نقاط التحسين مع اقتراح حلول واضحة. ومع ذلك، هناك حالات يكون فيها الصمت أو المجاملة غير مُجدِييْن، وهنا تصبح المحادثات الشجاعة ضرورية لوضع النقاط على الحروف والتعامل مع المشكلات بشكل مباشر.
لكن أيهما أكثر تأثيرًا؟ الإجابة تعتمد على السياق. فإذا كان الهدف هو تحقيق وعي أعمق حول قضايا تحتاج إلى تغيير جذري، فإن الصراحة المباشرة قد تكون ضرورية. أما إذا كان الهدف هو التحسين المستمر دون التأثير على العلاقات، فإن الأسلوب البناء هو الخيار الأفضل. وفي أفضل الأحوال، يمكن دمج النهجين معًا، بحيث يكون هناك توازن بين الصراحة والتوجيه، مما يخلق بيئة تواصل أكثر صحة وإنتاجية.
في النهاية.. الأمر لا يتعلق فقط بما نقوله؛ بل كيف نقوله؛ لأن الطريقة التي نقدم بها الملاحظات قد تجعلها إما أداة للتطوير، أو سببًا للتوتر وسوء الفهم.