خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
المناطق_واس
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور فيصل غزاوي المسلمين بتقوى الله عز وجل.
أخبار قد تهمك خمسة قتلى إثر انزلاق للتربة في جزيرة بوكيت التايلاندية 23 أغسطس 2024 - 2:03 مساءً كوت ديفوار تعلن لأول مرة رصد حالات إصابة بجدري القردة 23 أغسطس 2024 - 1:46 مساءً
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: “لقد حثنا الباري جل ثناؤه على التفكرِ والتأملِ في أنفسنا فقال: ﴿وَفِي أَنفُسِكُم أَفَلَا تُبصِرُون﴾ أي: وفي أنفُسِكم آياتٌ وعبرٌ دالةٌ على وحدانيةِ خالقكم، وكَمالِ قُدرتِه ورَحمتِه وحِكمتِه، وغَيرِ ذلك مِن صِفاتِ كَمالِه، أفلا تبصرون لتعتبروا؟! ومن تلك الدلائلِ أنَّ اللهَ سبحانه خلقَ في النفس الإنسانية: الضحكَ والبكاءَ، فيُضْحِكُ الإنسانَ ويُبْكِيه، وكلُّ ذلك مما ركبه الله في طبعِ الإنسانِ وفطرته، قال تعالى في محكم التنزيل: ﴿وَأَنَّه هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ فاللهُ تبارك وتعالى خَلَقَ فِي عِبَادِهِ الضَّحِكَ وَالْبُكَاءَ، وهو مقدرٌ ما يكونُ به الضحك، ومقدرٌ ما يكونُ به البكاء، وأتى بالأمرين، وهما متقابلان؛ ليُعلم بذلك أن الله سبحانه على كل شيءٍ قدير، وهو القادر على خلق الضدين كما أنَّ الآيةَ الكريمةَ تدلُّ على أن كل ما يَعملُه العبدُ بقضاء الله وإرادتِه وخَلْقِه، حتى الضحكَ والبكاءَ.
وأضاف يقول: “وأنه تعالى قد أحاطَ بأحوالِ الإنسان، وهو المتصرفُ فيه. وأفادَ الضميرُ ﴿هُوَ﴾ في قوله ﴿وَأَنَّه هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ أنه لا يخلق أسباب الضحك والبكاء إلا الله تعالى وحده، فيُجري على قلب هذا ما يُضحكه وعلى قلب هذا ما يُبكيه، ولا يَعْلَمُ أحَدٌ قَبْلَ وقْتِ الضَّحِكِ أوِ البُكاءِ، أنَّهُ يَضْحَكُ أوْ يَبْكِي، ولا أنَّهُ سيَأْتِيهِ ما يُفرحهُ أوْ يُحْزِنُهُ، جاء في الصحيحين أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دعا فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ في شَكْوَاهُ الذي قُبِضَ فِيهَا، فَسَارَّهَا بشيءٍ فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا فَضَحِكَتْ، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم سَأَلَتْ عائشةُ فاطمةَ عن ذلكَ، فَقَالَتْ: “سَارَّنِي النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرَنِي: أنَّه يُقْبَضُ في وجَعِهِ الذي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي فأخْبَرَنِي، أنِّي أوَّلُ أهْلِ بَيْتِهِ أتْبَعُهُ، فَضَحِكْتُ”.
وشدد الشيخ فيصل غزاوي على أنَّ هديَ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم هو خيرُ الهدي، وهو الهديُ الأمثلُ في كل الأحوالِ البشرية؛ وقد مرَّ صلى الله عليه وسلم بأحوال كثيرة متقابلة، ومنها الضحكُ والبكاء، وقد بيّن العلماءُ هديَه في ذلك، فأما ضَحِكُه عليه الصلاة والسلام فقد قال ابن القيم رحمه الله: “وكان جُلّ ضحكه التبسم، بل كله التبسم، فكان نهايةُ ضحكه أن تبدوَ نواجذه. وكان يَضحكُ مما يُضْحَكُ منه، وهو مما يُتعجب من مثله، ويُستغرب وقوعُه ويُستندر”.
وأشار إلى أن مما يُراعى في الضحك ألا يُّحدِّث المرء بالكذب لإضحاك غيرِه كما جاء التحذير عن ذلك في قوله عليه الصلاة والسلام: (ويلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ بالحدِيثِ لِيُضْحِكَ بِهِ القوْمَ فيَكَذِبُ، ويلٌ لَهُ ويلٌ لَهُ)، وألا يُكثر من الضحك؛ فمن توجيهاته صلى الله عليه وسلم قولُه: (وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ). كما ينبغي أن يُعلم أنَّ مِنَ الضحك ما هو مذموم وصاحبُه ملوم؛ فلا يَضحك المرء عند سماع المنكر أو رؤيته، ولا يفرح أو يَضحك شماتةً بأخيه المسلم ولا يُعيره بما ابتلاه الله به من فقر أو مرض أو عاهة في جسده، ولا يفرح بزلة أخيه ولا بخطئه ولا بنقص في دينه من الفسق والمعاصي، بل ينصح له ويدعو له بالتوفيق والهداية، ولا يأمن على نفسه الفتنة بل يسأل الله الثبات على دينه، كما على المرء ألا يظهر الفرح بما نزل بإخوانه المسلمين من بلاء وكرب أو أصابهم من محنة وشدة، بل يؤلمه ويحزنه ما هم فيه فيدعو لهم بالفرج والنجاة وصلاح الحال ويسأل الله أن يعافيَه ولا يبتليه بمثل تلك الابتلاءات.
وحذر الشيخ فيصل غزاوي من الضحك القبيح المذموم وهو أن يضحك المرء سخريةً واستهزاءً بالله أو آياته أو رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فإن الاستهزاء بشيء من ذلك أو الضحك كفر بالله تعالى، وقد أخبرنا الله تعالى أن الكفار في الدنيا كانوا يضحكون من المؤمنين استهزاءً بهم وسُخريةً فقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾ لكن ذلك الجرم سينقلب عليهم في الآخرة قال تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ﴾.
وقال: “وأما بكاء النبي صلى الله عليه وسلم، فيصفه ابن القيم رحمه الله بقوله: “كان من جِنس ضحكه لم يكن بشهيقٍ ورفع صوتٍ، كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن كانت تدمع عيناه حتى تَهمُلا، ويُسْمَعُ لصدره أزيزٌ، وكان بكاؤه تارة رحمة للميت، وتارة خوفاً على أمته وشفقة عليها، وتارة من خشية الله، وتارة عند سماع القرآن، وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال، مصاحبٌ للخوف والخشية”.
وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن للبكاء دواع مختلفة فمن ذلك الحزن والوجع والفزع والسرور والفرح والشكر وغيرُ ذلك، لافتاً إلى أن أفضل البكاء ما كان خشوعاً وخشية لله تعالى، وهو دأب الصالحين وأولياء الله قال الله تعالى في صفة من أنعم عليهم ﴿إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُ ٱلرَّحْمَٰنِ خَرُّواْ سُجَّدًا وَبُكِيًّا﴾ وقال صلى الله عليه وسلم :(عينان لا تمسهما النار، عين باتت تحرس في سبيل الله وعين بكت من خشية الله)، ومن السبعة الذين يظلهم الله تعالى يوم القيامة (رَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ). والعظماء قد سمت نفوسهم وقويت عزائمهم وهممهم فكان بكاؤهم لمقاصد سامية وغايات نبيلة، فهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تصف حال النبي صلى الله عليه وسلم أنه قام ليلة مِن اللَّيالي يُصَلِّي فلم يزَلْ يبكي حتَّى بَلَّ حِجرَه، ثمَّ بكى فلم يزَلْ يبكي حتَّى بَلَّ لِحيتَه، ثمَّ بكى فلم يزَلْ يبكي حتَّى بَلَّ الأرضَ، فجاء بلالٌ يُؤذِنُه بالصَّلاةِ فلمَّا رآه يبكي قال: يا رسولَ اللهِ لِمَ تَبكي وقد غفَر اللهُ لك ما تقدَّم وما تأخَّر؟ قال: (أفلا أكونُ عبدًا شكورًا لقد نزَلَتْ علَيَّ اللَّيلةَ آيةٌ، ويلٌ لِمَن قرَأها ولم يتفكَّرْ فيها ﴿إِنَّ فِی خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰاتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَـٰفِ ٱلَّلیۡلِ وَٱلنَّهَارِ لَآیَـٰتࣲ لِّأُو۟لِی ٱلۡأَلۡبَـٰبِ ﴾). ولَمَّا بَكَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فِي مَرَضِهِ قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: “أَمَا إِنِّي لا أَبْكِي عَلَى دُنْيَاكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنِّي أَبْكِي لِبُعْدِ سَفَرِي وَقِلَّةِ زَادِي. أَصْبَحْتُ فِي صُعُودٍ مُهْبِطٍ عَلَى جَنَّةٍ وَنَارٍ، فَلا أَدْرِي إِلَى أيِّهما يُسلك بي”، وعَنِ الزُّهْرِيِّ رحمه الله قَالَ: “دَخَلْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِدِمَشْقَ وَهُوَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ: لاَ أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ إِلاَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ، وَهَذِهِ الصَّلاَةُ قَدْ ضُيِّعَتْ”، وعن عطاءِ الخَفَّافِ رحمه الله قال: “ما لقيت سفيان الثوري إلا باكيًا”، فقلت: “ما شأنك”؟ فقال: “أخاف أن أكون في الكتاب شقيًّا”. ولما حضَرَتْ عامرَ بنَ عبدِ القيسِ الوفاةُ بكى فقيل له ما يُبكيك قال: “ما أبكي جزعاً من الموت ولا حرصاً على الدنيا ولكن أبكي على ما يفوتني من ظمأ الهواجر وعلى قيام الليل في الشتاء” وقال جعفر بن سليمان رحمه الله: “دخلنا على أبي التياح نعوده، فقال: “والله إن كان ينبغي للمسلم اليوم لما يرى من التهاون في الناس بأمر الله أن يزيده ذاك جداً واجتهاداً، ثم بكى”.
وأبان الشيخ فيصل غزاوي أن مِنَ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ أَنْ يُحْسِنَ الْعَبْدُ الظَّنَّ بِاللهِ وَيَثِقَ بِأَقْدَارِهِ، وَأَنْ يَأْمَلَ فِي رَحْمَتهِ وَأَلْطَافِهِ، وكلما قوي طمعُ العبد في فضل الله ورحمته ورجائه لقضاء حاجته ودفع ضَرُورَتِه قَوِيت عبوديتُه له، وحُرِّيَّتُه مِمَّا سِواه.
ولفت النظر إلى أن من الأحوال التي تتجلى فيها لدى العبد حقيقةُ عبوديته لربه ودلائلُ صدق إيمانه ما يبتليه الله به من المصائب والابتلاءات قال ابن القيم رحمه الله: ” فإن الله سبحانه وتعالى لم يبتل العبد ليهلكه، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره وعبوديته، فإن لله تعالى على العبد عبودية في الضراء، كما له عليه عبودية في السراء، وإن له عليه عبودية فيما يكره، كما له عليه عبودية فيما يحب، وأكثر الخلق إنما يعطون العبودية فيما يحبون، والشأن في إعطاء العبودية في المكاره”،.
وأوصى فضيلته المسلمين بالصبر الجميل عند الشدائد والمحن، وأن يحذروا التسخط والجزع والاعتراض على أقدار الله، ولا يكونوا ممن إذا أصابتهم مصيبة يئسوا وفقدوا الأمل وقعدوا عن العمل وأصبحوا لا هم لهم إلا ما شغل بالهم، وغيّر حالهم، مع أنهم لو تفكروا ونظروا إلى الدنيا بعين البصيرة وأنها بُلغة فانية، ومُتعة زائلة لم يفرحوا فيها بموجود ولم يحزنوا لمفقود، وليعتبروا بحال أولي النهى والبصائر في الدين، الذين حققوا العبودية لرب العالمين وبادروا آجالهم بأعمالهم، وابتاعوا ما يبقى لهم بما يزول عنهم. قال الحسن البصري رحمه الله: “أَدْرَكْتُ أَقْوَامًا كَانُوا لاَ يَفْرَحُونَ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا أَتَوْهُ وَلاَ يَأْسُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَاتَهُمْ.”
وقال: “الموحد العابد لربه في شرف وكرامة، قد علق قلبه بالله واستكان له، وإن فاته من دنياه ما يَطيب لمبتغي الحياة، إلا أنه في عزة ورفعة في دينه ودنياه”.
وفي المدنية المنورة أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور صلاح البدير المسلمين بتقوى الله وإصلاح ذات البين، والابتعاد عن المنازعات والخصومات، قال عزّ وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ).
وقال: إصلاح ذات البين خصلة جليلة وفضيلة عظيمة تستلّ بها الضغائن والأحقاد والحزازات وتطفئ بها نيران العداوات والخصومات والمنازعات، مبيناً أن الله تعالى أمر عباده بالمسارعة إلى قطع المنازعة بالإصلاح بين المتخاصمين والتوفيق بين المتنازعين، قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ).
وأضاف، أن إصلاح ذات البين من أجلّ الطاعات وأحسن الحسنات التي يتقرب بها العبد لله جل وعلا، مستشهداً بقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ (أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ، قَالُوا: بَلَى قَالَ: إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ الْحَالِقَةُ) أخرجه أحمد وأبو داود.
وبيّن فضيلته، فضل وعِظم أجر المصلحون الذين يسعون بالإصلاح بين المتخاصمين ويحرصون على قطع الخلاف وحسم دواعِي الفُرقة، مستشهداً بقول الله تعالى: (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ? وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).
وأكد الدكتور البدير، إن الصلح بين المسلمين رعاية للأخوة وصيانة للعرض ودوام للسكينة ونزول للتوفيق والبركة، محذراً من التمادي في الخلاف والشحناء، فهي سبب في الخذلان والهوان وتكدر العيش وتعسر للنوم وتعب للأجساد وشماتة للحساد.
وأوصى إمام وخطيب المسجد النبوي المسلمين بالتغافل عن الزلات والهفوات وأن يكونوا إخواناً متحابين متواصلين بجلال الله تعالي، متعاونين على البر والتقوى نابذين للفرقة والخلاف والأهواء متمسكين بالجماعة والألفة والمحبة والإخاء.
واختتم فضيلته الخطبة بقوله: إنه متى استعان المصلح بمولاه وأصلح قصده وأخلص لله فعله وتوخّى الزمان المناسب والمكان الملائم والكلام السهل المقنع وقع سعيه نافعاً كنفع الغيث للأرض، مبيناً ما جاءت به الرخصة الشرعية في أن يقول الرجل في الإصلاح بين المتخاصمين ما لم يسمعه من الذكر الجميل والقول الحسن ليستل به من قلب أخيه السخيمة والضغينة قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ (لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْراً أَوْ يَقُولُ خَيْراً) متفق عليه.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط 23 أغسطس 2024 - 2:16 مساءً شاركها فيسبوك X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد23 أغسطس 2024 - 12:33 مساءًسقوط حافلة ركاب بنهر في نيبال ومقتل 14 من ركابها أبرز المواد23 أغسطس 2024 - 12:14 مساءًأمطار متوسطة على منطقة الباحة أبرز المواد23 أغسطس 2024 - 11:27 صباحًااستشهاد أربعة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مركبة جنوب قطاع غزة أبرز المواد23 أغسطس 2024 - 11:24 صباحًاأمطار رعدية ونشاط في الرياح السطحية على منطقة حائل أبرز المواد23 أغسطس 2024 - 11:23 صباحًاقرعة البطولة الآسيوية تضع نادي الخليج في المجموعة الثانية لكرة اليد 202423 أغسطس 2024 - 12:33 مساءًسقوط حافلة ركاب بنهر في نيبال ومقتل 14 من ركابها23 أغسطس 2024 - 12:14 مساءًأمطار متوسطة على منطقة الباحة23 أغسطس 2024 - 11:27 صباحًااستشهاد أربعة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مركبة جنوب قطاع غزة23 أغسطس 2024 - 11:24 صباحًاأمطار رعدية ونشاط في الرياح السطحية على منطقة حائل23 أغسطس 2024 - 11:23 صباحًاقرعة البطولة الآسيوية تضع نادي الخليج في المجموعة الثانية لكرة اليد 2024 خمسة قتلى إثر انزلاق للتربة في جزيرة بوكيت التايلاندية خمسة قتلى إثر انزلاق للتربة في جزيرة بوكيت التايلاندية تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024 | تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوكXYouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عنالمصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: أبرز المواد23 أغسطس 2024 صلى الله علیه وسلم إمام وخطیب المسجد المسجد الحرام فیصل غزاوی الله تعالى لله تعالى رحمه الله على منطقة صباح ا
إقرأ أيضاً:
مظاهر تحريف الأديان
من المظاهر التي اعترت الأديان الكتابية التي سبقت ظهور الإسلام أنها تعرضت للتحريف والتزييف والتلاعب بنصوصها وبتأويلها بحسب رغبة ومصلحة أحبارها وقساوستها؛ فجاء الإسلام لنسخها وتصحيح المُحرّف من أحكام شرعية أنزلها الله تعالى على أنبيائه عليهم السلام جميعًا، وأتباعهم عبثوا بها وحرّفوها عن موضعها ليشتروا بها عرض من الدنيا بأثمان قليلة؛ فجاء وصفهم في القرآن الكريم في قوله تعالى: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا}، فالذين هادوا هم الذين أوتوا نصيبا من الكتاب، ويقصد بهم الكتابيون دون غيرهم من الديانات غير الكتابية، التي هي خارج نطاق التناول هنا، وليس مقام الحديث عنها.
ومظاهر التحريف التي قام بها أتباع هذه الكتب تمثلت في تحريف نصوص الكتب، وما جاء فيها من أحكام من خلال تحريف معاني الكلم أو تغييرها عن مواضعها؛ لتتغير أو تنقلب معانيها ودلالتها، التي تتناسب مع أهوائهم ورغباتهم وتحقق مصالحهم. قال تعالى: {يحرفون الكلم عن مواضعه} قال الإمام ابن كثير رحمه الله: قوله: “يحرفون الكلم عن مواضعه” أي: يتناولونه على غير تأويله، ويفسرونه بغير مراد الله عز وجل قصدا منهم وافتراء.
وقال الإمام الرازي، رحمه الله، في كيفية التحريف وجوه:
أحدها: أنهم كانوا يبدلون اللفظ بلفظ آخر.
والثاني: أن المراد بالتحريف إلقاء الشبه الباطلة والتأويلات الفاسدة، وصرف اللفظ من معناه الحق إلى معنى باطل بوجوه الحيل اللفظية، كما يفعله أهل البدعة في زماننا هذا، بالآيات المخالفة لمذاهبهم، وهذا هو الأصح.
والثالث: أنهم كانوا يدخلون على النبي -صلى الله عليه وسلم- ويسألونه عن أمر فيخبرهم ليأخذوا به، فإذا خرجوا من عنده حرفوا كلامه. وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في “إغاثة اللهفان”: قد اختلف في التوراة التي بأيديهم، هل هي مبدلة أم التبديل وقع في التأويل دون التنزيل؟ على ثلاثة أقوال:
قالت طائفة: كلها أو أكثرها مبدل، وقالت طائفة من أئمة الحديث والفقه والكلام: إنما وقع التبديل في التأويل.
قال البخاري، رحمه الله، في صحيحه: يحرفون: يزيلون، وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله، ولكنهم يتأولونه على غير تأويله، وهو ما اختاره الرازي أيضا.
وجاء في الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿من الذين هادوا﴾ أَيْ: قومٌ ﴿يحرِّفون الكلم عن مواضعه﴾ أَيْ: يُغيِّرون صفة محمَّد صلى الله عليه وسلم وزمانه ونبوَّته في كتابهم ﴿ويقولون سمعنا﴾ قولك ﴿وعصينا﴾ أمرك ﴿وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ ﴾ كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: أسمع ويقولون في أنفسهم: لا سمعت ﴿وراعنا ليًّا بألسنتهم﴾ أَيْ: ويقولون راعنا ويوجِّهونها إلى شتم محمَّد عليه السَّلام بالرُّعونة وذكرنا أنَّ هذا كان سبًّا بلُغتهم ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا﴾ مكان قولهم: سمعنا وعصينا وقالوا ﴿واسمع وانظرنا﴾ أَيْ: انظر إلينا بدل قولهم: راعنا ﴿لكان خيرًا لهم﴾ عند الله ﴿ولكن لَعَنَهُمُ الله بكفرهم﴾ فلذلك لا يقولون ما هو خيرٌ لهم ﴿فلا يؤمنون إلاَّ قليلًا﴾ أَيْ: إيمانًا قليلًا وهو قولهم: اللَّهُ ربُّنا والجنَّةُ حقٌّ والنَّارُ حقٌّ، وهذا القليل ليس بشيءٍ مع كفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وليس بمدحٍ لهم.
إن تحريف الكلم عن مواضعه آفة يقوم بها الأدعياء والجهلة وأصحاب المنافع الدنيوية منذ وجودها إلى يومنا هذا، ويتخذ التحريف ثلاثة مظاهر:
التدخل في الوحي الإلهي بالحذف والزيادة، اتباعا للهوي أو غلوًا في الدين بالتأويلات الفاسدة والتفاسير الباطلة لما ورد من نصوص الشرعية بدون برهان ولا دليل، بل هو تحريف للكلم عن المعاني لأجل التحريف لأغراض متعمدة ذكرناها في بداية الحديث عن التحريف.
تعطيل العمل بطائفة من الأوامر والنواهي، تعطيل العمل ببعض الكتاب، وتوارث هذا العطل من جيل إلى جيل حتى تنشأ خلوف قاصرة تظن ما أهمل قد نسخ وباد! كما حدث مع علماء قوم نوح – قبل أن يبعث – الذين جعلوا لهم تماثيل ومع مرور الزمن جاءت أجيال فعبدتهم من دون الله.
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: ومن حسن حظنا –نحن المسلمين– إنّ كتابنا محفوظ بعناية الله، فالأصل الذي نحتكم إليه قائم دائم، ومن حسن حظنا أن الإجماع منعقد على أركان الإسلام والأجهزة الرئيسية، التي تتفرع عنها شعبة وقوانينه هنا وهناك.
وهذا في أصل الدين، ولكن وجدت وتوجد نوابت وإن لم تحرف النصوص لحفظ الله لها {إنا نزلنا الذكر وإنا له حافظون}، ولكن حرفت معانيها وتوسعت في تأويلها وإخراجها عن دلالتها ووظفتها لنيل عرض الدنيا أو رضا سلطان، وهذه الصورة من التحريف والتزييف يجب معرفتها وفضحها والتحذير منها حتى لا تسقط الأمة في هذا المستنقع الذي كفره الله وحذر منه، ولعنه قال تعالى: {من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا}
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.