صحيفة التغيير السودانية:
2024-09-17@04:45:48 GMT

ماذا بعد جنيف ؟

تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT

بابكر فيصل*

كل المؤشرات توضح أن المبادرة الأمريكية التي طرحها وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، لوقف الحرب في السودان، واتخذت من العاصمة السويسرية جنيف مقراً للتفاوض، لن تحقق هدفها الرئيسي المتمثل في التوصل لوقف إطلاق نار بين الطرفين المتقاتلين: الجيش والدعم السريع.

السبب الرئيسي للفشل في التوصل لذلك الهدف هو مقاطعة الجيش لمنبر جنيف؛ بسبب إصراره على تنفيذ بنود إعلان جدة الذي وقعه وفده المفاوض في مايو 2023 مع الدعم السريع كشرط رئيسي (ضمن شروط أخرى) يسبق موافقته على المشاركة في مفاوضات جنيف.

وبغض النظر عن معقولية أو عدم معقولية شروط الجيش، إلا أنه من الواضح أن ما يقال لا يعكس الحقيقة دائماً، وأن السبب الحقيقي (المسكوت عنه) للمقاطعة هو ما صرَّح به مالك عقار يوم الثلاثاء في مخاطبته ل (نفرة) الرياضيين ببورتسودان.

“بنمشي للتفاوض لمن تجي الظروف المواتية للناس عشان يخشوا في التفاوض، لكن الظروف دي لو ما جات وما اتوفرت عشان نجيب سلام.. نحن عشان نمشي لتفاوض لازم نمشي مجيهين، ونعرف نحن دايرين نعمل شنو”.

يبدو جلياً أن ما يعنيه عقار في كلامه أعلاه هو أن “التوقيت” غير مناسب للدخول في تفاوض. وعلى الرغم من أنه آثر عدم الغوص في التفاصيل، واكتفى بالقول إنهم سيذهبون للتفاوض فقط بعد أن يتوفر الظرف الملائم حتى يذهبوا “مجيبين” أي في وضع أفضل ميداني وعسكري، إلا أن أحد النشطاء الداعمين للجيش كان أكثر جرأة من عقار، وأشار بوضوح إلى أن.

“التفاوض من موقع الهزيمة أسمو استسلام مش سلام، ونحن الآن مهزومون، عليه كل تركيزنا مفروض يتوجه لكيفية الانتصار على الأرض، وبعد أن ممكن نتكلم عن تفاوض، لكن أي كلام عن تفاوض في هذه اللحظات هو دعوة إلى الاستسلام”.

إذاً الجيش يريد أن يغير معادلة الحرب على الأرض أولاً، ومن ثم يذهب لطاولة المفاوضات، وأن الحديث عن تنفيذ اتفاق جدة ليس سوى محاولة لكسب الوقت، حتى لا يوصم بأنه رافض للتفاوض، وليس أدل على ذلك من حديث الجنرال العطا عن أنهم دخلوا في علاقة إستراتيجية مع دولة عظمى، وأن ثمار هذه العلاقة ستظهر قريباً جداً.

المبادرة الأمريكية مثلت فرصة ذهبية لوقف الحرب، حيث توفرت فيها عوامل غير قابلة للتكرار على الأقل في الفترة القريبة القادمة، ويقف على رأسها رعاية أمريكا للتفاوض بوصفها أكبر قوة مؤثرة وصاحبة نفوذ في مجتمع الدول، إلى جانب تواجد كل الأطراف صاحبة المصلحة بصفة وسطاء أو مراقبين.

التواجد الأمريكي القوي عبر المبادرة – بلغ أقصاه في تواصل الرئيس بايدن مع الرئيس السيسي من أجل حث الجيش للمشاركة في جنيف – سيبدأ في التراجع خصوصا أن الانتخابات باتت على الأبواب، وأن أية إدارة جديدة للبيت الأبيض لن تلتفت لترتيب أوراق السياسة الخارجية إلا بعد نهاية يناير 2025 وهو موعد مباشرة الرئيس القادم لمهام منصبه.

أيضاً سيضعف حماس الشركاء الإقليميين (على رأسهم السعودية) لرعاية أية وساطة جديدة، خصوصاً بعد التعثر الكبير الذي أصاب المنبر الرئيسي (جدة) وانشغال الدول العربية بمشاكل أخرى أكثر أهمية بالنسبة لها في الإقليم (غزة)، فضلاً عن التغيير الذي سيشهده الاتحاد الأفريقي في دورته الجديدة.

لكل هذه الأسباب سينحسر الزخم الذي توفر في منبر جنيف لستة أشهر قادمة على الأقل، وفي هذه الفترة سيحتدم الاقتتال، ويتسع نطاق الحرب بسبب محاولة الأطراف تغيير الواقع على الأرض، وتتسرب معلومات عن وصول أسلحة جديدة للجيش، تتزامن مع تصريحات عقار عن تأمين كل الطرق المؤدية لسنار خلال شهر من الآن.

في هذه الأثناء لا شك في أن المعاناة الإنسانية ستتفاقم وتصل إلى درجات غير مسبوقة من السوء مع تفشي الأوبئة (الكوليرا وغيرها) وغلاء السلع وندرتها واستهداف المدنيين من قبل الطرفين المتحاربين.

وعلى الرغم من النجاح المحدود لمنبر جنيف في التوصل إلى اتفاقيات لفتح بعض المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في أماكن سيطرة الطرفين المتحاربين، إلا أن الوصول الفعلي للعون يحتاج إلى آليات إنفاذ فعالة على الأرض غير متوفرة حتى الآن لضمان وصول ذلك العون للمحتاجين.

استمرار الحرب لشهور طويلة قادمة يعني ازدياد التدخلات الخارجية السالبة وتعزيز خطاب الكراهية والانقسام الاجتماعي وتفاقم العنف واتساع نطاقه مع الزيادة في انتشار السلاح، وكل هذه العوامل لا شك ستؤدي إلى السير في طريق تفكيك البلد وتشظيه.

مع نهاية فصل الخريف، ستحتدم المعارك بصورة واسعة، وستنتقل الحرب لمناطق جديدة، ولن يكون هناك نصر حاسم لكلا الطرفين المتحاربين، الشيء الوحيد المؤكد هو أن فشل منبر جنيف سيكون بمثابة جرس الإنذار بأن حرب السودان قد تدخل في نفق الحروب المنسية (الصومال مثالاً) التي استمرت لعقود من الزمن، دون أن يلتفت إليها المجتمع الدولي، أو يعيرها الاهتمام اللازم.

*رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي

الوسومبابكر فيصل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: بابكر فيصل على الأرض

إقرأ أيضاً:

ماذا تعني إضافة أحرف جديدة لـالأبجدية التركية الموحدة؟

وافقت لجنة الأبجدية المنضوية ضمن منظمة الدول التركية على مقترح الأبجدية التركية المشتركة المكونة من 34 حرفا بدلا من 29، في قرار لاقى ترحيبا واسعا في الأوساط المحلية ووصف بأنه "تاريخي".

وجاء توافق اللجنة المكونة من عضوين اثنين ممثلين عن كل دولة من الدول الأعضاء في منظمة الدول التركية، بعد ثلاثة اجتماعات متعاقبة امتدت على مدى العامين الأخيرين.

الاجتماع الأخير الذي جرى التوافق في اختتامه، عقد في العاصمة الأذربيجانية باكو في الفترة الممتدة ما بين 9 و11  أيلول /سبتمبر الجاري.

ما تفاصيل القرار؟
◼توافقت اللجنة على أبجدية تركية مشتركة ذات أساس لاتيني.

◼ تضمنت الأبجدية المتوافق عليها 34 حرفا.

◼ أضيف على اللغة التركية بموجب هذا القرار 5 أحرف جديدة.

◼ الأحرف المضافة هي (Ä - Ň - Ŭ - Q - X).




◼ التوافق الذي خلصت إليه اللجنة يجب أن يمر من برلمان الدول الأعضاء بمنظمة الدول التركية ومن ثم الرؤساء لاعتماده.

ما أهمية هذا التوافق؟
◼ تعزيز التفاهم المتبادل والتعاون بين الشعوب الناطقة باللغة التركية.

◼ الملاءمة بين اللهجات التركية المختلفة في أبجدية واحدة.

◼ الحفاظ على تراث اللغوي للشعوب الناطقة باللغة التركية.

ما هي هذه الدول؟
◼ التوافق على الأبجدية المشتركة شمل الدول الأعضاء بمنظمة الدول التركية.

◼ هذه الدول هي تركيا، أذربيجان، كازاخستان، قرغيزستان، أوزبكستان.

◼ شمل التوافق أيضا ما يعرف بـ"جمهورية شمال قبرص" (عضو مراقب) غير المعترف بها دوليا سوى من قبل تركيا.

ماذا قالوا؟
وزارة الثقافة في تركيا: خطوة تاريخية من العالم التركي

رئيس لجنة الأبجدية التركية عثمان ميرت: تغيير الأبجدية ليس بالأمر السهل، إنها عملية صعبة ومؤلمة.

ما فعلناه ليس الاتفاق على 34 حرفا وحسب، بل تحديد الحروف التي تحتاجها كل لهجة، لخلق الأبجدية الأكثر ملاءمة للجميع.

الصورة الأوسع
منذ النصف الثاني من العقد الأول من الألفية الحالية، تصاعدت المساعي المشتركة بين الدول الناطقة باللغة التركية إلى تعزيز التعاون في ما بينهم على كافة الأصعدة، بما في ذلك الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي.


في هذا السياق، تأسست منظمة الدول التركية عام 2009 وضمت 5 دول أعضاء هي أذربيجان وتركيا وكازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان، بالإضافة إلى أعضاء مراقبين هم المجر وتركمانستان وما يعرف بـ"جمهورية شمال قبرص".

ويأتي التوافق على الأبجدية المشتركة، على الرغم من عدم إلزاميته، في سياق تعزيز هذا التعاون المتنامي بين الدول الناطقة باللغة التركية، وفي مقدمتها تركيا التي يولي رئيسها رجب طيب أردوغان الدول التركية أهمية بالغة.

مقالات مشابهة

  • إيران تفاجئ العالم وتكشف معلومات جديدة عن الصاروخ اليمني الذي استهدف “تل أبيب”
  • ماذا قال بزشكيان عن صاروخ اليمن الذي استهدف إسرائيل؟
  • بعد طلب الدفاع إخلاء سبيله للتفاوض مع أسرة الضحية.. ماذا ينتظر أحمد فتوح في ثاني جلسات محاكمته؟
  • عاجل: الجيش الإسرائيلي يكشف مفاجأة جديدة عن نوع الصاروخ الحوثي الذي ضرب ”تل ابيب” ولماذا فشل باعتراضه
  • معلومات جديدة حول الصاروخ اليمني الذي استهدف تل أبيب.. مدة التحليق مفاجئة
  • ‏الجيش الإسرائيلي: الصاروخ الذي أطلق من اليمن انفجر في الجو على الأرجح
  • الجيش الإسرائيلي: الصاروخ الذي أطلقه الحوثيين تحطم في الجو
  • أسرع من الصوت بأضعاف.. ماذا تعرف عن "صاوخ الفرط صوتي" الذي ضرب عمق إسرائيل؟
  • أسرع من الصوت بأضعاف.. ماذا تعرف عن "صاوخ الفرط صوتي" الذي ضرب عمق إسرائيل.. عاجل
  • ماذا تعني إضافة أحرف جديدة لـالأبجدية التركية الموحدة؟