صحيفة التغيير السودانية:
2025-04-26@02:38:38 GMT

ماذا بعد جنيف ؟

تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT

بابكر فيصل*

كل المؤشرات توضح أن المبادرة الأمريكية التي طرحها وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، لوقف الحرب في السودان، واتخذت من العاصمة السويسرية جنيف مقراً للتفاوض، لن تحقق هدفها الرئيسي المتمثل في التوصل لوقف إطلاق نار بين الطرفين المتقاتلين: الجيش والدعم السريع.

السبب الرئيسي للفشل في التوصل لذلك الهدف هو مقاطعة الجيش لمنبر جنيف؛ بسبب إصراره على تنفيذ بنود إعلان جدة الذي وقعه وفده المفاوض في مايو 2023 مع الدعم السريع كشرط رئيسي (ضمن شروط أخرى) يسبق موافقته على المشاركة في مفاوضات جنيف.

وبغض النظر عن معقولية أو عدم معقولية شروط الجيش، إلا أنه من الواضح أن ما يقال لا يعكس الحقيقة دائماً، وأن السبب الحقيقي (المسكوت عنه) للمقاطعة هو ما صرَّح به مالك عقار يوم الثلاثاء في مخاطبته ل (نفرة) الرياضيين ببورتسودان.

“بنمشي للتفاوض لمن تجي الظروف المواتية للناس عشان يخشوا في التفاوض، لكن الظروف دي لو ما جات وما اتوفرت عشان نجيب سلام.. نحن عشان نمشي لتفاوض لازم نمشي مجيهين، ونعرف نحن دايرين نعمل شنو”.

يبدو جلياً أن ما يعنيه عقار في كلامه أعلاه هو أن “التوقيت” غير مناسب للدخول في تفاوض. وعلى الرغم من أنه آثر عدم الغوص في التفاصيل، واكتفى بالقول إنهم سيذهبون للتفاوض فقط بعد أن يتوفر الظرف الملائم حتى يذهبوا “مجيبين” أي في وضع أفضل ميداني وعسكري، إلا أن أحد النشطاء الداعمين للجيش كان أكثر جرأة من عقار، وأشار بوضوح إلى أن.

“التفاوض من موقع الهزيمة أسمو استسلام مش سلام، ونحن الآن مهزومون، عليه كل تركيزنا مفروض يتوجه لكيفية الانتصار على الأرض، وبعد أن ممكن نتكلم عن تفاوض، لكن أي كلام عن تفاوض في هذه اللحظات هو دعوة إلى الاستسلام”.

إذاً الجيش يريد أن يغير معادلة الحرب على الأرض أولاً، ومن ثم يذهب لطاولة المفاوضات، وأن الحديث عن تنفيذ اتفاق جدة ليس سوى محاولة لكسب الوقت، حتى لا يوصم بأنه رافض للتفاوض، وليس أدل على ذلك من حديث الجنرال العطا عن أنهم دخلوا في علاقة إستراتيجية مع دولة عظمى، وأن ثمار هذه العلاقة ستظهر قريباً جداً.

المبادرة الأمريكية مثلت فرصة ذهبية لوقف الحرب، حيث توفرت فيها عوامل غير قابلة للتكرار على الأقل في الفترة القريبة القادمة، ويقف على رأسها رعاية أمريكا للتفاوض بوصفها أكبر قوة مؤثرة وصاحبة نفوذ في مجتمع الدول، إلى جانب تواجد كل الأطراف صاحبة المصلحة بصفة وسطاء أو مراقبين.

التواجد الأمريكي القوي عبر المبادرة – بلغ أقصاه في تواصل الرئيس بايدن مع الرئيس السيسي من أجل حث الجيش للمشاركة في جنيف – سيبدأ في التراجع خصوصا أن الانتخابات باتت على الأبواب، وأن أية إدارة جديدة للبيت الأبيض لن تلتفت لترتيب أوراق السياسة الخارجية إلا بعد نهاية يناير 2025 وهو موعد مباشرة الرئيس القادم لمهام منصبه.

أيضاً سيضعف حماس الشركاء الإقليميين (على رأسهم السعودية) لرعاية أية وساطة جديدة، خصوصاً بعد التعثر الكبير الذي أصاب المنبر الرئيسي (جدة) وانشغال الدول العربية بمشاكل أخرى أكثر أهمية بالنسبة لها في الإقليم (غزة)، فضلاً عن التغيير الذي سيشهده الاتحاد الأفريقي في دورته الجديدة.

لكل هذه الأسباب سينحسر الزخم الذي توفر في منبر جنيف لستة أشهر قادمة على الأقل، وفي هذه الفترة سيحتدم الاقتتال، ويتسع نطاق الحرب بسبب محاولة الأطراف تغيير الواقع على الأرض، وتتسرب معلومات عن وصول أسلحة جديدة للجيش، تتزامن مع تصريحات عقار عن تأمين كل الطرق المؤدية لسنار خلال شهر من الآن.

في هذه الأثناء لا شك في أن المعاناة الإنسانية ستتفاقم وتصل إلى درجات غير مسبوقة من السوء مع تفشي الأوبئة (الكوليرا وغيرها) وغلاء السلع وندرتها واستهداف المدنيين من قبل الطرفين المتحاربين.

وعلى الرغم من النجاح المحدود لمنبر جنيف في التوصل إلى اتفاقيات لفتح بعض المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في أماكن سيطرة الطرفين المتحاربين، إلا أن الوصول الفعلي للعون يحتاج إلى آليات إنفاذ فعالة على الأرض غير متوفرة حتى الآن لضمان وصول ذلك العون للمحتاجين.

استمرار الحرب لشهور طويلة قادمة يعني ازدياد التدخلات الخارجية السالبة وتعزيز خطاب الكراهية والانقسام الاجتماعي وتفاقم العنف واتساع نطاقه مع الزيادة في انتشار السلاح، وكل هذه العوامل لا شك ستؤدي إلى السير في طريق تفكيك البلد وتشظيه.

مع نهاية فصل الخريف، ستحتدم المعارك بصورة واسعة، وستنتقل الحرب لمناطق جديدة، ولن يكون هناك نصر حاسم لكلا الطرفين المتحاربين، الشيء الوحيد المؤكد هو أن فشل منبر جنيف سيكون بمثابة جرس الإنذار بأن حرب السودان قد تدخل في نفق الحروب المنسية (الصومال مثالاً) التي استمرت لعقود من الزمن، دون أن يلتفت إليها المجتمع الدولي، أو يعيرها الاهتمام اللازم.

*رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي

الوسومبابكر فيصل

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: بابكر فيصل على الأرض

إقرأ أيضاً:

حصيلة رسمية جديدة لعدد القتلى من جيش الاحتلال في الحرب على غزة ولبنان

#سواليف

كشفت معطيات رسمية عبرية، اليوم الجمعة، عن #حصيلة #قتلى #الاحتلال سواء في صفوف جيشه أو خارجه خلال الأشهر الـ12 الأخيرة، نتيجة #حرب #الإبادة+الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق #الفلسطينيين في قطاع #غزة والعدوان على لبنان.

وذكرت وزارة حرب الاحتلال أنه “منذ 25 نيسان/ أبريل من العام الماضي، قُتل 316 جنديا نتيجة الحرب في لبنان وغزة، وهجمات بالضفة، كما توفي 61 جنديا متأثرين بجروح أصيبوا بها خلال الحرب. إضافة إلى مقتل 79 إسرائيليا في هجمات أخرى”.

وذكرت القناة 12 العبرية، أن الوزارة نشرت هذه المعطيات عشية يوم ذكرى الجنود القتلى، منوهة إلى أن المعطيات تؤكد أن العسكريين قتلوا في الحرب على غزة ولبنان وفي هجمات بالضفة الغربية.

مقالات ذات صلة  64% نسبة الاقتراع في انتخابات الصحفيين حتى الرابعة عصرا / فيديو وصور 2025/04/25

وبحسب موقع “تايمز أوف إسرائيل”، نقلا عن معطيات وزارة جيش الاحتلال، منذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قُتل 925 جنديًا وعنصر أمن، بينهم 807 جنود و69 شرطيا و39 ضابط أمن محلي و10 عناصر من جهاز الأمن العام “الشاباك”.

وأضاف الموقع أنه منذ بداية الحرب، قُتل 934 من جيش الاحتلال، من بينهم 778 في هجوم 7 أكتوبر، الذي شنته فصائل المقاومة الفلسطينية على المستوطنات والمعسكرات المحيطة بقطاع غزة.

ونقل الموقع عن وزارة حرب الاحتلال أن عدد الأسر الثكلى في مجتمع الاحتلال بلغ 8674 أسرة، و5391 أرملة و10302 يتيم، و34250 شقيقًا وشقيقة.

وقالت الوزارة إن إجمالي “عدد أفراد الأسر الثكلى بلغ 58 ألفا و617 فردا، من بينهم 5944 تم إضافتهم منذ بداية الحرب”.

وذكرت الوزارة أن العدد الإجمالي لقتلى جيش الاحتلال منذ عام 1960 بلغ 25,417، مشيرة إلى أن عدد أفراد العائلات الثكلى يبلغ 58,617.

وتواصل فصائل المقاومة الفلسطينية عملياتها ضد جيش الاحتلال، بالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على قطاع غزة.

مقالات مشابهة

  • اتساع رقعة الخلافات في إسرائيل إلى أذرع الجيش / فيديو
  • الجيش الأمريكي: الانفجار الذي وقع في أحد أحياء صنعاء ناجم عن صارخ حوثي
  • حصيلة رسمية جديدة لعدد القتلى من جيش الاحتلال في الحرب على غزة ولبنان
  • الولايات المتحدة تكشف تفاصيل جديدة بشأن الانفجار الذي وقع قرب موقع تراث عالمي في صنعاء
  • بالفيديو.. شاهد الدمار الذي أحدثه اللواء “طلال” على برج المليشيا بالخرطوم في الساعات الأولى من الحرب بقرار انفرادي وشجاع منه نجح في قلب الموازين وحسم المعركة لصالح الجيش
  • حزب مصر القومي: الجيش المصري السند الذي لا يتخلى عن وطنه
  • ناجى الشهابي: نصر أكتوبر أسقط أسطورة الجيش الذي لا يقهر
  • بالأرقام .. أوكرانيا تكشف خسائر الجيش الروسي منذ بداية الحرب
  • بوتين يعرض تجميد خط الجبهة لوقف الحرب في أوكرانيا.. على ماذا سيحصل بالمقابل؟
  • فرص وخسائر.. ما الذي تحمله الحرب التجارية بين الصين وأمريكا؟