خمسون عاماً تقريباً والعالم العربي كله أو بعضه يلهث لعمل صلح مع إسرائيل. وقد كشفت وثائق رفعت عنها السرية، خطابات متبادلة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي موشيه شاريت والرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذي طلب الصلح مع الدولة العبرية عام 1954.
«وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن «شاريت» تلقى رسالة مفاجئة من الرئيس جمال عبدالناصر في ديسمبر 1954، طلب خلالها عبدالناصر حل الخلافات بين الدولتين بالطرق السلمية، بعد عامين من ثورة يوليو 1952، وبعد وقت قصير من إطاحة عبدالناصر بأول رئيس لمصر، وهو اللواء محمد نجيب».
التأريخ المعاصر مملوء وزاخر بالأحداث التي تثبت أن الكيان ليس راغباً في سلم حقيقي وأن الغرب يريد استسلاماً غير مشروط من الدول العربية لإسرائيل وأن تتحمل تبعات الاستعمار الصهيوني الاستيطاني متمثلاً في النموذج الاستيطاني الأمريكي تجاه الهنود الحمر. بكل موضوعية واستقراء للتأريخ والأحداث والوثائق والمعطيات التي تؤكد جميعها بما لا يدع شكاً أنه لا صلح مع الكيان ولا سلام بما تعنيه الكلمة. فكل ما يعرضه الغرب من حلول ليس فيها في الواقع أي صلح أو إصلاح، وإنما تنازل يترتب عليه تفريط في الحقوق وخطوة في طريق الشرق الأوسط الكبير الذي يسعى له الغرب ويعمل على تحقيقه.
الغرب يساعد أوكرانيا بالسلاح والمال والمتطوعين لتحرير أراضيها، في حين أن الكفاح المسلح الفلسطيني يسمى إرهاباً. وهذا يظهر مدى ازدواجية المعايير وأنهم لا يرغبون في سلام وإنما يبحثون عن خريطة وإلى خارطة طريق تنتهي بإضاعة الطريق، والعودة للبحث عن خريطة والعيش في دوامة الخرائط. في السابق كانوا يتكلمون عن الأرض مقابل السلام. اليوم يتكلمون عن التطبيع، لأن الغرب لم يعد يحتاج إلى شعار الأرض مقابل السلام. سياسة الخطوة خطوة التي كرّسها كيسنجر جاري تطبيقها للوصول للشرق الأوسط الكبير. الشرق الأوسط يريدونه لشعوب هذه المنطقة التي يعملون على التيه والضياع الكبير لكل أعراقها وناسها. ما قد يؤخر أو يوقف هذا المخطط هو صعود قُوَى عالمية جديدة لنكون أيضاً أمام تحد جديد من نوع آخر جديد تشكله التقنية.
الكيان الصهيوني لا يرغب في سلام وصلح حقيقي عادل وإنما يريد استسلاماً يصب في صالح مشروعه إسرائيل الكبرى. ويمكن أن نلخص أسباب عدم وجود رغبة في السلام فيما يلي:
أولاً: إسرائيل كيان استعماري توسعي استيطاني يهدف إلى تفتيت العالم العربي إلى فسيفساء من التجمعات العرقية والطائفية. والهدف المباشر تفكيك القدرات العسكرية العربية، في حين أن الهدف الأساسي طويل الأجل يرتكز على تشكيل مناطق فريدة محددة من حيث الهويات الدينية والعرقية. وهو ما تقوم به حالياً بشكل مباشر الولايات المتحدة الأمريكية أو بممارسة سياساتها في المنطقة التي تعمل على زرع الطائفية والعرقية والمناطقية.
ثانياً: الكيان الصهيوني أصبح أكثر تطرفاً من الرعيل الصهيوني الأول الذي وصل إلى فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية. أغلب المجتمع الصهيوني متطرف يؤمن بأنه شعب الله المختار.
ثالثاً: التنمية والازدهار والاستقرار في المنطقة خطر جسيم على الكيان الصهيوني يهدد خططه الرامية على تفكيك القدرات العسكرية للدول العربية مثل العراق وسورية وليبيا فضلاً عن زرع الطائفية والفتن بين مكونات المجتمع الواحد كما فعلت مع الدروز والبدو في فلسطين المحتلة.
رابعاً: دولة الكيان دولة هجينة وجدت وسخرت لها كل الإمكانات من أجل أن تكون قاعدة متقدمة في قلب الدول العربية.
خامساً: السلام في المنطقة يشكل خطراً على مصالح الغرب لأنه يسهل دخول منافسين جدد.
التجارب والدروس التي يزخر بها تأريخ القضية خير دليل أن السلم والصلح ليس في أجندة الصهاينة ووقف إطلاق النار مجرد تهدئة المشهد لصالح المخططات الغربية. القاعدة التي يجب أن لا تغيب عنا أن واشنطن تعمل فقط ما هو لصالح إسرائيل ومخطط الشرق الأوسط الكبير.
إيلاف
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه التطبيع احتلال السعودية تطبيع سياسة أفكار سياسة سياسة سياسة تكنولوجيا مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی صلح مع
إقرأ أيضاً:
السيسي: السلام هو خيار مصر والدول العربية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن السلام هو خيار مصر والدول العربية، كما استعرض الجهود التي تقوم بها مصر لاستعادة الهدوء والاستقرار بالمنطقة، وبشكل خاص في قطاع غزة والخطة العربية لإعادة إعمار القطاع
وأجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، زيارة تفقدية إلى الأكاديمية العسكرية المصرية، بحضور الفريق أشرف زاهر رئيس الأكاديمية العسكرية.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس تفقد اصطفاف طلبة الأكاديمية، وتابع أنشطتهم التدريبية والتعليمية، كما قام بأداء صلاة الجمعة مع أبنائه الطلاب، مهنئًا إياهم بحلول شهر رمضان المبارك.