سودانايل:
2024-12-19@02:53:59 GMT

الموت بكآبة الاخبار

تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT

وجدي كامل

ذروة الموت من هذه الحرب المستعرة، المتفاقمة كلما يوم، ليست فقط في الموت بالاسلحة النارية، والمقذوفات، اوالموت بالتعرض للجوع نتيجة الفاقة، والمرض، ولكن الموت نتيجة الاصابة بالاخبار الصادمة الكئيبة التي تأتي من كل حدب وصوب فتستقر في قلوب،مهشمة، وهشة اوسعتها المفاجأة واللامعقول من اللسعات ما فاق قدرة احتمالها.


فقد قدرت المأساة ان ينزح نحو مليوني مواطن الى خارج البلاد وما يتجاوز العشرة مليون الى داخل انحاء السودان الآمنة نسبيا دون ان تكتب لهم نجاة كاملة مكتملة الاركان. فالموت يظل يلاحقهم ويستهدفهم في مهاربهم وملاذاتهم باسباب اخرى تتصل بتلقيهم واستقبالهم المتكرر لاخبار مجريات الحرب وفقدان ذويهم، وجيرانهم، ومعارفهم وخيرة علمائهم، مثقفيهم، وفنانينهم مما يثقل الكاهل بالاحزان، والقلوب بالاوجاع، والعقول بالهذيان والتوهان.
ما ان يمر يوم الا وترتقي روح عزيز او عزيرة، ويفارق الحياة احباء كثر لم يكن لهم يد، او نصيب فيما وقع من حرب، ولم يكونوا طرفا من اطرافها.
هؤلاء الضحايا العزل لا تكتفي آلة الحرب الجهنمية بطحنهم حين لم يحسبوا لها حسابا، او بنوا لها توقعات في أسوأ حال بل تجردهم من رفقة ورفقاء الحياة وحقوق العيش الكريم.
تمضي الحرب بخرابها وتخريبها دون توقف وبدون ان يعني ذلك شيئا لمشعليها الراغبين، الحالمين بالعودة الى الحكم، وكتائبهم، وقياداتهم العسكرية. كل ذلك لا يعني شيئا لغانمي الضحايا وسارقي الاموال، والذهب، والممتلكات الشخصية للمواطنيين، بقدر ما يزيد من اطماعهم ورغباتهم لبيع موت اكثر على اطباق متسخة متنوعة. فالفئة الشريرة القليلة المستفيدة من الحرب نأت بنفسها، واسرها، واقاربها من جغرافيا فوهات المدافع، وميادين القتال، وباتت تؤجج لها بالمال المدفوع لفرق الاعلام القاتل، الزبون لديها ولدى اجهزة مخابرات واستخبارات الطرفين.
فرق الاعلام والقونات المدفوعة الاثمان، ، ومع انطلاقة كل طلقة، ودوي مدفع، وقذف طيران للبراميل تزيد تجارة في الموت وتغذي حساباتها البنكية من جيوب القتلة على موسيقى جنائزية لا توفر للضحايا ادني كرامة او قيمة لارواحهم . تلك هي القوة الضاربة باسلحة اشد فتكا باحداثها للتضليل ونشرها لسمومه عبر الاخبار الكاذبة والشائعات ورواية، وتأليف سرديات ما لم يقع من احداث.
ان اعلام من يسمون ب ( البلابسة ) لا ينقل المعارك او يوثق لها، بل يصنعها كذلك ويختلقها عبر التسجيلات الصوتية، والتغريدات، واللايفات عبرالمنصات بدوافع بحث عن ثراء سريع ببيعهم لخدمات اقل ما يمكن وصفه بها انها خدمات قذرة، وهى كل ما يملكون من مواهب وقدرات.
ستتوقف الحرب عاجلا ام اجلا، ولكن ذاكرة هذا الشعب الابي بانسائه، ورجاله، وابنائه، وبناته البواسل لن تنس لهم لعبهم لتلك الادوار، ومشاركتهم في الحرب بابشع المحتويات التي تضاهي وتتفوق نزالة من بقر الاحشاء في المعركة من الجنود المسعورين.
سيتذكر الناس اي فظاعات ارتكبوها، واي ارواح قضت وذهبت نتيجة اعمالهم وخدماتهم المناوئة لحقوق الانسان عندما شجعت، ومجدت دمار الابرياء العزل، واجازت انتهاك البلاد جنبا الى جنب مع صنائعهم من ميليشيات متوحشة.

wagdik@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

بريطانيا.. السجن المؤبد لأب وزوجته عنّفا طفلة حتى الموت

بريطانيا.. السجن المؤبد لأب وزوجته عنّفا طفلة حتى الموت

مقالات مشابهة

  • المتأسلمون في السودان بين الأمس واليوم لم يتغير شيئا…!!
  • طظٌ
  • الموتُ يعيش بيننا
  • بريطانيا.. السجن المؤبد لأب وزوجته عنّفا طفلة حتى الموت
  • مقدمات نشرات الاخبار المسائية
  • الاعلام الصهيوني يتحدث عن تداعيات حصار اليمن وقدراته القتالية
  • القصيفي زار وزير الإعلام: المكاري شدد على مكافحة الأخبار الزائفة
  • أخذ أتعاب المحاماة ولم يفعل شيئا.. قطع أذن محام على يد موكليه فى محكمة الخانكة
  • أحمد مبارك: إثيوبيا رضخت للإرادة المصرية ولن تستفيد شيئا من اتفاقها مع الصومال
  • ممثل المكاري في تكريم إعلاميي زغرتا على الجبهة: تكريمكم لن يكون الأخير لأن عنوانكم المثابرة والنجاح والمهنية