زهير عثمان

شهدت الأزمة السودانية مؤخرًا تطورًا مؤسفًا مع تأجيل المفاوضات التي كانت مقررة بين وفد الحكومة السودانية والإدارة الأميركية في القاهرة. كان من المقرر أن تُعقد هذه المفاوضات خلال الأسبوع الحالي، لكن غياب وفد الحكومة السودانية وتوجه المبعوث الأميركي، توم بيرييلو، إلى سويسرا لمواصلة جهود الإغاثة يعكس تعثرًا جديدًا في مسار المفاوضات الهادفة إلى حل الأزمة السودانية.

هذا التأجيل يضيف مزيدًا من التعقيد للوضع الإنساني المتدهور في البلاد، ويطرح تساؤلات جدية حول مدى استعداد الأطراف المتصارعة لإنهاء الحرب والالتزام بحل سلمي.

تضارب حول موعد المفاوضات
تضاربت الأنباء في الساعات الأخيرة حول موعد مشاورات القاهرة، حيث أعلنت الحكومة السودانية في البداية استعدادها للمشاركة بناءً على اتصالات من الحكومة المصرية والجانب الأميركي. لكن لاحقًا، لم يحضر الوفد السوداني، ما أدى إلى إرجاء المحادثات. ووفقًا لمصادر دبلوماسية، فإن سبب عدم الحضور يعود إلى اعتراض الحكومة السودانية على طريقة الدعوة التي وجهها المبعوث الأميركي، حيث تم إبلاغهم بالحضور بشكل فوري دون مراعاة التوقيت المناسب. هذا التطور أدى إلى تأجيل المشاورات وليس إلغائها، مع توقعات باستكمال الجانب الأميركي التفاوض في سويسرا عبر جولات جديدة.

الأضرار الإنسانية الناجمة عن تأجيل المفاوضات
يأتي تأجيل المفاوضات في وقت يتفاقم فيه الوضع الإنساني داخل السودان بشكل حاد. مع استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تتزايد معاناة المدنيين، حيث يعانون من نقص في الغذاء والدواء، إضافة إلى النزوح الواسع الذي يهدد بحدوث كارثة إنسانية. المبعوث الأميركي توم بيرييلو أشار إلى أن التجويع لا يمكن أن يكون سلاحًا في الحرب، مما يعكس حجم الأزمة التي تتطلب تدخلًا عاجلًا. تأجيل المفاوضات يعطل جهود الإغاثة ويزيد من معاناة المدنيين، حيث أن وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية يتطلب التزامًا حقيقيًا من جميع الأطراف المتورطة في النزاع.

خطورة عدم الرغبة في وقف الحرب
تعكس تصريحات قوات الدعم السريع والجيش السوداني عدم وجود رغبة حقيقية من الطرفين في إنهاء الصراع. فبينما تتهم قوات الدعم السريع الجيش السوداني بالاستهتار بدعوات الوساطة، يشير مجلس السيادة السوداني إلى تحضيرات عسكرية مكثفة لاستهداف قوات الدعم السريع. هذه التصريحات تؤكد أن الأطراف المتحاربة تفضل الحلول العسكرية على الحلول التفاوضية، مما يزيد من خطورة استمرار الحرب.

تأثير الضغوط السياسية
يرى مراقبون أن الضغوط السياسية التي تُمارس على الحكومة السودانية، خاصة من القوى السياسية المرتبطة بالنظام السابق، تلعب دورًا كبيرًا في تعطيل مسارات التفاوض. هذه القوى تستهدف وقف مشاركة الحكومة في المفاوضات، ما يزيد من احتمالات استمرار النزاع لفترة أطول. المحلل السياسي عثمان ميرغني أشار إلى أن مفاوضات جنيف قد تستمر لفترة تزيد على شهر عبر جولات متعددة، مع أمل في التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب المستمرة.

إن تأجيل المفاوضات بين الحكومة السودانية والإدارة الأميركية يعكس تعقيد الأزمة السودانية وصعوبة التوصل إلى حل سريع. في ظل استمرار الحرب، يتدهور الوضع الإنساني بشكل متسارع، مما يجعل من الضروري أن تُبذل جهود أكبر من قبل المجتمع الدولي والأطراف السودانية المتورطة في النزاع لإنهاء هذه المأساة. إن استمرار عدم الرغبة في وقف الحرب سيؤدي إلى عواقب كارثية على الشعب السوداني، ويزيد من معاناته التي طال أمدها.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحکومة السودانیة تأجیل المفاوضات استمرار الحرب الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

المبعوث الأميركي للسودان: الدعم السريع متورطة في تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية

قال المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو إن واشنطن رصدت عمليات تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية تورطت فيها قوات الدعم السريع.

وأكد بيرييلو في مقابلة مع الجزيرة -مساء الجمعة- أن بلاده "تقف ضد قوات الدعم السريع"، مشيرا إلى أهمية وجود مؤسسات وطنية في السودان تحت قيادة حكومة مدنية.

وأضاف أن الولايات المتحدة تقود الجهود لردع تدفق الأسلحة إلى السودان وفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تستفيد من ذلك، بالتعاون مع شركائها وحلفائها الأوروبيين.

وأوضح  المبعوث الأميركي أن العمل جار منذ شهور لزيادة المساعدات الإنسانية للسودان، وأن الولايات المتحدة شاركت في جهود المفاوضات ووقف إطلاق النار، بالتعاون مع الجانب السعودي.

السودان يعاني من حرب خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ (الفرنسية) استهداف مستشفى بالخرطوم

من جانبها، قالت منظمة "أطباء بلا حدود"، مساء الجمعة، إن قوات الدعم السريع استهدفت مستشفى "بشائر" جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، بإطلاق جنودها الرصاص داخل المستشفى، يوم الأربعاء الماضي.

وجاء في بيان المنظمة الدولية: "أطلق المهاجمون النار داخل قسم الطوارئ، وهددوا الطاقم الطبي بشكل مباشر، وعطلوا الرعاية المنقذة للحياة بشكل خطير".

وأضافت "ندين بشدة التوغل العنيف لقوات الدعم السريع في غرفة الطوارئ بمستشفى بشائر التعليمي في جنوب الخرطوم، الأربعاء".

ودعت المنظمة، قوات الدعم السريع، إلى "احترام حياد المرافق الطبية وسلامة العاملين في مجال الرعاية الصحية".

إعلان

وفي البيان، قال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان صامويل ديفيد ثيودور "دخل العديد من جنود قوات الدعم السريع غرف الطوارئ وبدأ بعضهم في إطلاق النار على العاملين الطبيين، وهددوا المرضى وموظفي أطباء بلا حدود ووزارة الصحة"، مضيفا أنه "لحسن الحظ، لم يصب أحد بأذى".

وشدد على أن "الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين الصحيين غير مقبولة".

وأكد ثيودور، أنه "يجب أن تظل المستشفيات أماكن آمنة وخالية من العنف والترهيب، ولا يجوز تهديد حياة الموظفين أثناء تقديم الرعاية".

وأشار البيان إلى أن مستشفى بشائر التعليمي، يعد "أحد آخر المرافق الصحية العاملة في جنوب الخرطوم وسط الصراع المستمر، حيث حافظ موظفو أطباء بلا حدود بلا كلل على الأنشطة المنقذة للحياة في ظل ظروف صعبة للغاية".

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

مقالات مشابهة

  • قرار بتمديد فترة استبدال العملة السودانية لأسبوع إضافي
  • الوضع الإنساني في غزة يتفاقم.. و"حيلة جديدة" لإسرائيل
  • اتهامات لنتنياهو بتخريب المفاوضات وحديث إسرائيلي عن صفقة جزئية
  • لجنة المعلمين تتهم الحكومة بتزييف أعداد طلاب الشهادة السودانية
  • يديعوت أحرونوت: صفقة الأسرى ربما لا تتم قبل نهاية ولاية بايدن
  • الخارجية السودانية: أي حل سلمي يجب أن يبنى على تنفيذ اتفاق جدة
  • أرقام جلوس احتياطية وتوقيت نهاري لامتحانات الشهادة السودانية
  • حماس والجهاد والجبهة الشعبية.. تفاصيل الاجتماع الثلاثي للفصائل الفلسطينية في القاهرة
  • المبعوث الأميركي للسودان: الدعم السريع متورطة في تطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية
  • الكونجرس الأميركي يحاول منع إغلاق الحكومة