هكذا ينشر الاحتلال الأمراض الجلدية الخطيرة بين الأسرى الفلسطينيين
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
نابلس- في منزلها بمدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية أعلنت عائلة المواطن قاسم سلمي حالة الطوارئ. وحولت البيت لعيادة صحية أو أشبه بمشفى صغير تقدم فيه الخدمات الطبية والعلاجية لنجلها الأسير المحرر سياف سلمي الذي أُفرج عنه من سجون الاحتلال الإسرائيلي وهو في وضع صحي صعب ومصاب بمرض جلدي خطير.
ولا يشبه حال الأسير سياف (22 عاما) لحظة الإفراج عنه ما كان عليه قبل الاعتقال، بل لا يشبه ما يخرج عليه الأسرى المحررون أمثاله، كنحافة جسده وضعفه أو معاناته النفسية أو حتى فقده 35 كيلوغراما من وزنه.
فقد أصيب سلمي، في سجن النقب الصحراوي، بالمرض الذي نهش جسده وتغلغل فيه حتى أقعده عن الحركة إلا من خطوات تُقلّه إلى سطح المنزل لرؤية الشمس أو لقضاء احتياجاته الخاصة التي بات يعتمد في أغلبها على عائلته.
الأكثر انتشارا وفتكا"سكابيوس" هو اسم المرض الذي أصيب به سياف كما أخبر الأطباء في مستشفى الأهلي بمدينة الخليل الذي نُقل إليه بعد الإفراج عنه مباشرة. وهو مرض منتشر بين الأسرى، ويعد نوعا من الجرب، حيث تفقص الحشرة بيضها أسفل الجلد لينتشر بالجسم على شكل حبيبات منتفخة وندبات تُملأ بالدم والقيح وإذا فقئت تحفر في الجسم.
لكن سياف -كما يقول والده قاسم للجزيرة نت- وصل به المرض لمراحل متقدمة ولم يعد سطحيا، وأحدث ثقوبا في جسمه تحولت لجروح لا يتوقف عن حكها بأظافره، مما يسبب له معاناة صحية ونفسية تزداد يوما بعد آخر.
ورغم ما وصلها من معلومات عن حالته الصحية وهو داخل السجن، لم تدرك عائلة سلمي خطورة ما حل بابنها، وحتى اللحظة لا تستطيع استيعاب ذلك، خاصة قاسم الذي لا يرى أي تحسن يطرأ عليه منذ الإفراج عنه.
ويضيف الوالد المكلوم الذي حُرم وأسرته لحظة اللقاء بابنه واحتضانه بعد هذا الغياب القسري "اعتذرنا عن عدم استقبال المهنئين، وسياف تم عزله داخل غرفة بالمنزل، ونقدم له الطعام والشراب لوحده وسط عناية صحية مشددة، فالمرض معدٍ وعلاجه ليس سهلا".
ومثل خلية نحل وعبر نظام المناوبة، يرعى كافة أفراد العائلة سياف ويحرصون على إشعاره بأنه ليس عبئا عليهم خشية تأثر حالته النفسية، ويقول والده إنهم يشعرون بالثقل النفسي "أكثر منه" ولا يتحملون معاناته ورؤيته بهذا الحال.
ومنذ اللحظات الأولى للإفراج عنه، لم يقف والد سياف مكتوف اليدين، فأحضر الأطباء وراسل مؤسسات طبية بالخارج ليقف على طبيعة المرض والعلاج الذي ظل مقتصرا -بمراحله الأولى- على المراهم الخارجية فقط. ويأملون باستثناء يمكنّهم من تقديم العلاج عن طريق الطب الفموي، والحصول على مضادات حيوية، وفق قاسم.
وبفعل تهديدات الاحتلال، يكتنف الخوف الكثير من الأسرى المفرج عنهم -وخاصة صغار السن- من الحديث إلى وسائل الإعلام عن معاناتهم وعن الأمراض التي تفتك بهم.
الأسير المحرر نور حلاوة فقد 60 كيلوغراما من وزنه داخل سجون الاحتلال (مواقع التواصل) شهادات خطيرةبدوره، ما زال نور حلاوة (47 عاما) -منذ تحرره قبل شهرين- يتلقى العلاج من أمراض أصابته أهمها انخفاض نسبة الدم وارتفاع الدهون وضعف البصر وآلام في الكلى، فضلا عن ترهلات بسبب فقده 60 كيلوغراما من وزنه الذي وصل إلى 115 كيلوغراما قبل دخوله السجن.
واعتُقل حلاوة مع بدايات الحرب على غزة ومكث 240 يوما في سجن "مجدو" مما مكنه من رصد حال الأسرى وما أصابهم من أمراض منذ البداية، وخاصة الجلدية منها بنوعيها "سكابيوس والفطريات" التي انتشرت بكثرة "لتعمد الاحتلال حشر الأسرى المصابين مع الأصحاء وعدم تقديم العلاج الكافي لهم" كما يقول للجزيرة نت.
ويضيف أن أمعاءهم تعفنت بسبب قلة الطعام والشراب واقتصاره على نوع واحد، وقد تفشت الأمراض وتفاقمت بسبب اكتظاظ الأسرى واحتجاز 20 أسيرا في الغرفة التي تتسع لـ8 فقط، وانعدام المنظفات وأدواتها، وقلة الاستحمام (دقيقة واحدة لاستحمام الأسير) وتبادلهم ملابسهم وأدواتهم فيما بينهم.
وبينما نجا الأسير محمد زغير -الذي أُفرج عنه الأربعاء الماضي من سجن عوفر قرب رام الله– من أمراض الجلد المنتشرة هناك، لم يفلت من حشرة البق التي يغرق بها هذا المعتقل وتنتشر بكثافة بين فرش الأسرى وأدواتهم. ويقول للجزيرة نت "هذه الحشرة تلدغ الأسرى وتتفشى بفعلها الندبات الحمراء بالجسم، وعلاجها مفقود وهو النظافة والتعقيم".
وفي تقاريرها اليومية، تؤكد مؤسسات تُعنى بشؤون الأسرى -ونقلا عن محاميها- حجم المعاناة التي يمرون بها، وتؤكد الصور الحية التي تبث لحظة الإفراج عنهم ذلك، حيث يخرجون بأجسام نحيلة ووجوه شاحبة وانهيار معنوي وجسدي.
ويشير بيان لهيئة شؤون الأسرى -تلقت الجزيرة نت نسخة منه- أن إسرائيل تمارس "سياسة التجويع وتزيد الاكتظاظ داخل غرف الأسرى وتحرمهم رؤية الشمس لفترات طويلة ولا تقدم العلاج لهم".
وضع كارثيمن جانبها، وصفت أماني سراحنة الناطقة الإعلامية في نادي الأسير الفلسطيني ما يتعرض له الأسرى بـ"المرعب والكارثي" وقالت إن الحديث لم يعد عن "سياسة إهمال طبي" كما السابق، بل "حرمان كلي من العلاج، وتعمد التسبب بالأمراض للأسرى الأصحاء".
ولم يعد الأمر يقتصر على سجن واحد أو مرض بعينه، بل انتشرت الأمراض الجلدية وأمراض الجهاز الهضمي والكلى والأسنان، عدا إصابات الأسرى لحظة اعتقالهم بجروح وكسور أو بفعل التعذيب، في سجون ريمون ونفحة والنقب ومجدو وعوفر وغيرها.
وتفيد سراحنة الجزيرة نت بأن هناك أسرى باتوا -بعد تحررهم- يجرون عمليات القسطرة للقلب بفعل الضغوط النفسية التي يمرون بها.
ورغم جهودهم كمؤسسات تعنى بالأسرى بمتابعة الحالات المرضية، إلا أن إدارة سجون الاحتلال تفرض معيقات كبيرة لا سيما "وأن معظم الأسرى -ودون مبالغة- أصبحوا مرضى، وكثيرون تلاحقهم الأمراض وخاصة النفسية بعد تحررهم".
وتؤكد سراحنة "نحن نتحدث عن أسرى الضفة والقدس، أما أسرى غزة فما يتعرضون له مرعب جدا، حيث يُجري لهم الاحتلال عمليات جراحية وبترا للأطراف دون تخدير وفي معسكرات الجيش ودون الأدوات الطبية اللازمة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإفراج عنه
إقرأ أيضاً:
عاجل- جريمة بلا إنسانية.. تقارير تكشف كيف تترك جثث الفلسطينيين فريسة للكلاب بيد الاحتلال ( تفاصيل)
في مشهد مروع يصعب تصديقه اعتدت كلاب ضالة على جثامين الشهداء الملقاة في الشوارع، حيث تحول بعضها إلى جماجم وأشلاء متناثرة شمال قطاع غزة.
يأتي ذلك مع استمرار منع جيش الاحتلال الإسرائيلي طواقم الإسعاف والدفاع المدني من التحرك إلى تلك المناطق منذ أكثر من 50 يوما لانتشال الجثث، وسط حصار خانق وقصف مستمر.
ولاقى هذا المشهد تفاعلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي عقب نشر مشاهد خاصة تُظهر كلابا ضالة تنهش جثامين شهداء ملقاة في الطرقات شمالي غزة، حيث عبّر مغردون فلسطينيون وعرب عن غضبهم وذهولهم من فظاعة ما يجري.
تجسيد مروع للكارثة الإنسانية المستمرة في غزة، حيث يتعرض السكان المدنيون لأبشع أنواع الانتهاكات التي تمثل جرائم حرب بكل معنى الكلمة. تحوُّل جثامين الشهداء إلى طعام للكلاب الضالة يعكس مستوى غير مسبوق من التجرد الإنساني والإمعان في الإجرام. إنه ليس مجرد إهمال، بل عملية ممنهجة لتجريد الإنسان الفلسطيني من إنسانيته، سواء أكان ذلك عبر القتل المباشر أو منع الإسعاف والإنقاذ.
هذه المشاهد التي تُبث من شمال قطاع غزة تشير بوضوح إلى الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك استهداف المدنيين وتركهم عرضة للموت البطيء، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، ناهيك عن القصف المستمر.
ما يحدث يتجاوز الوصف؛ إنه وصمة عار في جبين الإنسانية والمجتمع الدولي الذي لا يزال عاجزًا عن اتخاذ موقف حازم يضع حدًا لهذا العدوان. الصمت الدولي، أو الاكتفاء بإدانة لفظية دون أي خطوات عملية لوقف الانتهاكات، يعزز الإفلات من العقاب ويكرس ثقافة الهيمنة والإرهاب المنظم.