الحرب الواسعة خلال ساعات أو أيام.. هل حُسِم الأمر فعلاً؟!
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
كالنار في الهشيم، انتشر خلال الساعات الماضية تصريحٌ مقتطَعٌ من مقابلة تلفزيونية للنائب مروان حمادة يقول فيه إنّ الحرب الشاملة أو الواسعة واقعة خلال أيام، "إن لم يكن ساعات"، ويربط كلامه بمعلومات من جهات دبلوماسيّة غربيّة، على صلة مباشرة بالمفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة، فضلاً عن التحضيرات الميدانية لدى مختلف الفرقاء، سواء بالنسبة إلى العدو الإسرائيلي، أو حتى على مستوى "حزب الله".
لم تمرّ تصريحات حمادة من دون "بلبلة"، حيث فجّرت حملة غير مسبوقة ضدّه على منصّات التواصل الاجتماعي، دفعته إلى محاولة توضيحها، عبر القول إنّها جاءت في معرض التحليل الصحافي بالدرجة الأولى، وأنّه بناها على وقائع ميدانية مقلقة خلال الأيام الأخيرة، خصوصًا بعد الغارات المكثّفة على البقاع، فضلاً عن وقائع سياسية تتمثّل بالضبابيّة التي أحاطت بالمفاوضات، خصوصًا بعد مغادرة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن المنطقة.
لكن، بعيدًا عن هذه الضجة التي قد تكون "مفتعلة"، فإنّ الأكيد أنّ هذه التصريحات لم تكن "معزولة" في سياقها، إذ تتقاطع مع تحذيرات وتنبيهات تتناقلها العديد من الجهات الدبلوماسية والسياسية، تتّفق على أنّ الحرب الواسعة باتت أقرب من أيّ وقت مضى، وأنّ احتمالات الانزلاق إليها تتقدّم أكثر فأكثر يومًا بعد آخر، فهل قُضي الأمر فعلاً، وهل أصبحت هذه الحرب التي يقال إنّ لا أحد يريدها في المنطقة، تحصيلاً حاصلاً، شاء من شاء وأبى من أبى؟!
تصريحات أخذت "أكثر من حجمها"
في محاولة للتقليل من وقع تصريحاته، أو ربما لاحتواء الحملات المضادة التي تعرّض لها، ووصلت لحدّ تخوينه، قال النائب مروان حمادة إنّ كلامه عن التصعيد الكبير في المنطقة خلال أيام، وربما ساعات، "أخذ أكثر من أبعاده"، ليحصره في إطار "التحليل الصحافي" ليس إلا، وهو ما استغربه كثيرون، لأنّ حمادة كان قد ربطه في تصريحاته بكلام "دبلوماسيين غربيين على صلة مباشرة بالمفاوضات"، وفق ما قال في مقابلته التلفزيونية.
يقول العارفون إنّ حمادة الذي وصفه تصريحه حين أطلقه بـ"الخطير"، وأراد أن ينبّه من خلاله المعنيّين إلى ما يُحاك ربما للبنان والمنطقة، لم يكن يتوقع أن يُقابَل كلامه بالضجة التي لقيها، خصوصًا أنّه لم يكن أول مسؤول يثير موضوع الحرب المباشرة، التي تتباين القراءات بشأنها في المرحلة الأخيرة، بين من يعتبر أنّ إسرائيل تتأهّب لإطلاق صافرة انطلاقتها، ومن يعتبر أنّ شبحها يبتعد، خلافًا لكلّ ما يروَّج، بدليل إحجام إيران عن ردّها المُنتظَر.
وإذا كان العارفون يعتبرون أنّ التصريحات أخذت فعلاً أكثر من حجمها، لا ينكرون أنّ حمادة بناها فعلاً على معطيات على الأرض، باعتبار أنّ الأجواء "الحربية" أصبحت ملموسة بالفعل، ولا سيما بوجود انطباع عام بأنّ المفاوضات لم تتعثّر فحسب، بل سقطت، وأنّ إعلان فشلها قد يكون النقطة الفاصلة في مسار المواجهة، لأنّ ما بعدها لن يكون كما قبلها، وثمّة اعتقاد بأنّه قد يكون "نقطة الصفر" لردّي إيران و"حزب الله"، وبالتالي للحرب الواسعة.
الأمور لم تُحسَم
لكنّ العارفين يشدّدون على أنّ هذا الانطباع، ولو كان موجودًا، لم يصل بعد لحدّ "اليقين"، ما يعني أنّ الأمور لم تُحسَم بعد، وأنّ خيار "الحرب الواسعة" لا يزال في إطار التكهّنات والإشاعات حتى إثبات العكس، مشيرين إلى انّ السباق بين الحلول الدبلوماسية والعسكرية لا يزال مستعرًا، واحتمالي التسوية والحرب لا يزالان بالتالي متساويَيْن، بعيدًا عن التسابق المحموم على توقّع الحرب، وضرب مواعيد بدايتها، من قبل بعض "المنجّمين"، إن صحّ التعبير.
قد يكون لمنظّري اقتراب الحرب دوافعهم ومبرّراتهم، فالضبابية المحيطة بالمفاوضات، والمقاربة التشاؤمية لها، تصل لحدّ الاعتقاد بأنّ عدم نعيها رسميًا حتى الآن قد يكون الهدف منه تجنّب العواقب التي قد ترقى لمستوى الحرب، وهو ما يعزّزه الانطباع بأنّ استمرار الحرب يعني تصعيد المعارك على الجبهة اللبنانية تحديدًا، بعدما انتهت حرب غزة بالمعنى العسكري المتعارف عليه، وتحوّلت إلى ضربات تكتيكية ومحدّدة، خلافًا لما كانت عليه في الأشهر السابقة.
لكن في مقابل هذا الرأي، ثمّة من يعتقد أنّ احتمالات التسوية لا تزال أعلى، فعدم نعي المفاوضات يعني في مكانٍ ما تمسّك الوسطاء بضرورة إيجاد حلّ، وفي مقدّمة هؤلاء الولايات المتحدة، ولذلك رمزية خاصة، ولا سيما أنّ "الفيتو الأميركي" الذي منع إسرائيل من الذهاب إلى الحرب الشاملة لم ينتهِ مفعوله بعد، ولا حرب من هذا النوع من دون غطاء واشنطن، علمًا أنّ إسرائيل نفسها قد لا تجد مصلحة في هذه الحرب اليوم، في ظلّ الظروف الموضوعية المعروفة.
ثمّة عبارات أقرب إلى الثوابت تتكرّر منذ اليوم الأول لحرب غزة، منها أنّ أحدًا في المنطقة لا يريد الحرب الشاملة، ومنها أنّ الحرب الإقليمية ليست في مصلحة أيّ طرف في الوقت الحاليّ. في المبدأ، لم يتغيّر شيء على خط هذه "الثوابت"، إلا أنّ كلّ شيء يبقى قابلاً للتغير، فالانزلاق إلى الحرب التي لا يريدها أحد، قد لا يكون مهمّة مستحيلة فعلاً، ليصبح الثابت الوحيد، أنّ إسرائيل التي أطلقت الحرب قبل عشرة أشهر، غير قادرة على إنهائها، وهنا بيت القصيد!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
رشا عوض
إنها قوانين متواترة في الاجتماع السياسي بكل أسف!
الحركات الفاشية تظن أن استعبادها المستدام للشعوب بواسطة القوة العسكرية هو قانون طبيعي لا يناقش ناهيك عن المطالبة بتغييره!
عندما تتزاوج الفاشية الدينية مع الفاشية العسكرية كحال المنظومة الكيزانية يصبح التمسك بنظام الاستعباد أكثر شراسة كما نرى في هذه الحرب!
الذي جعل هذه الحرب القذرة حتمية هو إصرار الكيزان على استدامة استعبادهم للشعب السوداني عبر القوة العسكرية الأمنية ممثلة في الأخطبوط الأمنوعسكري بأذرعه المتعددة: جيش ودفاع شعبي وكتائب ظل وأمن رسمي أمن شعبي واحتياطي مركزي ووووووووووو
ظنوا أن العقبة الوحيدة أمام هيمنتهم العسكرية هي الدعم السريع، غرورهم وحساباتهم الرغائبية التي زادتها الأطماع وتضليل دوائر إقليمية خبيثة، كل ذلك جعلهم يظنون أن ضربة عسكرية خاطفة وقاضية تدمر الدعم السريع في سويعات أو أسبوع أسبوعين ممكنة!
ولكن هل يعقل أن الكيزان لم يضعوا احتمال أن الحرب يمكن أن تطول وتدمر البلاد؟
مؤكد ناقشوا هذا الاحتمال ولكن ذلك لن يجعلهم يترددوا في الحرب! لأن التضحية بالسلطة الاستبدادية المحمية بالقوة العسكرية غير واردة مطلقا، والخيار الافضل حال فشلت الحرب في إعادتهم إلى السلطة والتحكم في السودان كاملا هو تقسيم السودان وتقزيمه أرضا وشعبا إلى المقاس المناسب لقدرتهم على التحكم! وإن لم ينجحوا في ذلك فلا مانع من إغراق البلاد في حرب أهلية طويلة تؤدي إلى تدمير السودان وتفتيته وطي صفحته كدولة (يا سودان بي فهمنا يا ما في سودان) كما قال قائلهم!
الانعتاق من استعباد الكيزان مستحيل دون تجريدهم من قوتهم العسكرية! لن يتنازلوا عن السلطة الاستبدادية إلا إذا فقدوا أدواتها! لن يكفوا عن نهش لحم الشعب السوداني إلا إذا فقدوا أنيابهم ومخالبهم!
وحتما سيفقدونها!
لأن المنظومة الأمنية العسكرية التي راهنوا عليها أصابها ما يشبه المرض المناعي الذي يصيب جسم الإنسان، فيجعل جهاز المناعة يهاجم أعضاء الجسم الحيوية ويدمرها إلى أن يقضي على الجسم نهائيا!
الدعم السريع الذي يقاتل الجيش وكتائب الكيزان كان ذراعا باطشا من أذرع المنظومة الأمنية العسكرية الكيزانية حتى عام ٢٠١٨، وحتى بعد الثورة لم يكف الكيزان عن مغازلته ولم يقطعوا العشم في احتوائه! ولكنه “شب عن الطوق” فأرادوا ترويضه بحرب خاطفة والنتيجة ماثلة أمامنا!
المرض المناعي ليس فقط مهاجمة الدعم السريع للجيش والكتائب! بل المنظومة الأمنية نفسها انقسمت بين الطرفين ومعلومات التنظيم الكيزاني والدولة السودانية بيعت في سوق النخاسة المخابراتية الإقليمية والدولية والنتيجة هي واقع الهوان والهشاشة الماثل الذي لا يبشر بأي نصر عسكري حاسم في المدى المنظور!
المؤلم في كل ذلك هو أن المواطن السوداني البريء هو الذي يدفع الثمن الأكبر في هذه الحرب القذرة قتلا واعتقالا وتعذيبا وسلبا ونهبا وتشريدا وجوعا ومهانة في حرب صراع السلطة لا حرب الكرامة ولا حرب الديمقراطية كما يزعمون.
هذه الحرب هي عملية تفكك مشروع الاستبداد العسكر كيزاني وانشطار نواته المركزية عبر مرض مناعي أصاب منظومته الأمنية والعسكرية نتيجة تراكمات الفساد وغياب الحد الأدنى من الكفاءة السياسية والأخلاقية المطلوبة للحفاظ ليس على الدولة والشعب، فهذا خارج الحسابات منذ أمد بعيد، بل من أجل الحفاظ على النظام الفاسد نفسه!! حتى عصابات تجارة المخدرات تحتاج إلى قدر من الأخلاق والانضباط بين أفرادها للحفاظ على أمن العصابة وفاعليتها!! هذا القدر افتقده نظام الكيزان!!
ومع ذلك يرفعون حاجب الدهشة ويستغربون سقوط نظامهم صبيحة الحادي عشر من أبريل ٢٠١٩ !!
يعاقبون الشعب السوداني بهذه الحرب على ثورته ضدهم!!
يعاقبونه على أنه أكرم جنازة مشروعهم منتهي الصلاحية بالدفن لأن إكرام الميت دفنه!!
تفادي الحرب بمنطق البشر الأسوياء عقليا واخلاقيا لم يكن مستحيلا، وهو الهدف الذي سعت إليه القوى المدنية الديمقراطية بإخلاص ولكن الكيزان اختاروا طريق الحرب مع سبق الاصرار والترصد! وفرضوه على البلاد فرضا!
المصلحة السياسية الراجحة للقوى السياسية المدنية هي استبعاد البندقية كرافعة سياسية لأنها ببساطة لا تمتلك جيوشا ولا بنادق!!
والتضليل الفاجر بأن هذه القوى المدنية متحالفة مع الدعم السريع لاستغلال بندقيته كرافعة سياسية لا ينطلي على عاقل! بندقية الدعم السريع التي تمردت على صانعيها هل يعقل أن تضع نفسها تحت إمرة مدنيين عزل يرفعون راية الجيش المهني القومي الواحد وإنهاء تعدد الجيوش!
الحرب ليست خيارنا وضد مصالحنا! اشتعلت غصبا عنا كمواطنين وكقوى مدنية ديمقراطية سلمية ومسالمة!!
الحرب قهرتنا وأحزنتنا وأفقرتنا وفجعتنا في أعز الناس وأكرمهم، ومنذ يومها الاول لم نتمنى شيئا سوى توقفها وعودة العقل لمشعليها ولكن ذهبت امنياتنا ادراج الرياح!
ليس أمامنا سوى مواصلة مساعي السلام، والتماس العزاء في أن قسوة هذه الحرب وجراحها المؤلمة ونزيف الدم الغزير الذي روى أرض الوطن ربما نتج عنه “فصد السم” الذي حقنه نظام الكيزان في شرايين الوطن على مدى ثلاثة عقود!
إخراج السموم من جسد الأوطان عملية شاقة ومؤلمة!!
تمنينا أن يتعافى جسد الوطن من سموم الاستبداد والفساد والفتن العنصرية بالتدريج وبأدوات نظيفة ورحيمة وعقلانية عبر مشروع انتقال مدني ديمقراطي سلمي يفتح للبلاد طريقا لعهد جديد يضعها في خانة القابلية للتغيير والحياة المستقرة!
الكيزان أشعلوا الحرب ضد تعافي جسد الوطن من سمومهم! أشعلوها لإعادة الوطن إلى حظيرتهم البائسة! يظنون أن عجلة التاريخ يمكن أن تدور إلى الخلف!
ربما تكون نتيجة هذه الحرب على عكس ما أرادوا وخططوا!! فتفصد السم الزعاف بآلام مبرحة ولكن بشفاء كامل!!
أليست المزايا في طي البلايا والمنن في طي المحن!
ألم يسخر كتاب الله من المجرمين والظالمين على مر العصور “يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”.
الوسومالدعم السريع ثورة ديمسبر حرب الكيزان