في خطوة غير متوقعة، أفادت وسائل الإعلام الدولية والمحلية أن رئيسي جهازي الموساد والشاباك الإسرائيليين يتواجدان حاليًا في القاهرة لإجراء محادثات مكثفة حول هدنة محتملة في قطاع غزة. تأتي هذه الزيارة في وقت حرج، حيث يسعى كل من ديفيد برنيع، رئيس الموساد، ورونين بار، رئيس الشاباك، إلى دفع جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يشمل الإفراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع.

وسط تصاعد التوترات والضغوط الدولية، يطرح السؤال: هل ستحقق هذه المفاوضات نتائج ملموسة وتؤدي إلى تهدئة الأوضاع في غزة، أم أن الطريق لا يزال طويلًا نحو تحقيق السلام؟

زيارة غير متوقعة

أعلنت رئاسة الوزراء الإسرائيلية مساء الخميس عن زيارة غير متوقعة لرئيسي جهازي الموساد والشاباك إلى القاهرة، حيث يقومان بمفاوضات مع المسؤولين المصريين بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأفاد المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عومير دوستري، بأن رئيس الموساد ديفيد برنيع ورئيس الشاباك رونين بار يتواجدان حاليًا في العاصمة المصرية لدفع جهود التوصل إلى اتفاق يشمل الإفراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع.

تأتي هذه التحركات بعد يومين من اختتام جولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في الشرق الأوسط، والتي لم تسفر عن تقدم ملحوظ في جهود التوصل إلى اتفاق شامل. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أكد في اتصال هاتفي مع نتنياهو ضرورة إتمام اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، لكن مكتب نتنياهو أشار إلى إصرار رئيس الوزراء على تحقيق "كل أهداف الحرب" التي نشأت إثر الهجوم غير المسبوق من حماس في السابع من أكتوبر. وأكدت إسرائيل أن تحقيق هذه الأهداف يتطلب تأمين الحدود الجنوبية للقطاع.

على الرغم من الجهود الدبلوماسية، يبقى موقف إسرائيل ثابتًا فيما يتعلق بإبقاء قواتها في قطاع غزة،المواقف المتباينة: التحديات التي تواجه اتفاق وقف إطلاق النار

على الرغم من الجهود الدبلوماسية، يبقى موقف إسرائيل ثابتًا فيما يتعلق بإبقاء قواتها في قطاع غزة، وهو ما ترفضه حركة حماس بشدة. وأثناء مغادرته المنطقة، سلط بلينكن الضوء على معارضة واشنطن لاحتلال طويل الأمد للقطاع من قبل إسرائيل، لكنه أكد أن نتنياهو قد قبل بالمقترح الأميركي الذي تطالب حماس بتطبيقه.

يشمل المقترح الأميركي هدنة مدتها ستة أسابيع مع انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في غزة، مقابل الإفراج عن الرهائن الذين اختطفوا في السابع من أكتوبر، يتبعه انسحاب إسرائيلي كامل. ومع ذلك، أفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن نتنياهو مصمم على إبقاء القوات في محور فيلادلفيا، وهو الشريط الحدودي بين غزة ومصر، ما يشكل نقطة حساسة في المفاوضات.

وفي بيان حديث، نفى مكتب نتنياهو صحة التقارير التي تفيد بدراسة فكرة وضع قوة دولية في هذا المحور، مؤكدًا أن إسرائيل تحتاج للسيطرة على فيلادلفيا لمنع إعادة تسلح حماس. وقد أسفر الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر عن مقتل 1199 شخصًا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، فيما تواصل إسرائيل قصفها وعملياتها البرية في غزة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص وفقًا لوزارة الصحة التابعة لحماس، والتي لم تفرق بين المدنيين والمقاتلين.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: اتفاق لوقف اطلاق النار إجراء محادثات إطلاق الشارع الإسرائيلي الاوضاع في غزة العاصمة تهدئة الاوضاع بنيامين نتنياهو تصاعد التوترات تحقيق السلام الموساد والشاباك هدنة غزة محادثات القاهرة فی قطاع غزة عن الرهائن

إقرأ أيضاً:

لماذا فجّرت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار ؟

زعمت إسرائيل أنّها استأنفت حربها على غزّة بسبب رفض حماس التوصل إلى صفقة لإعادة الأسرى الإسرائيليين لديها.

هذا الزعم لا يعدو أن يكون دعاية كاذبة تمامًا، حتى لو دعمته الولايات المتحدة الأميركية؛ في سياق دعمها الحرب الإسرائيلية على غزّة، ابتداء واستمرارًا وتجددًا، لا فرق في ذلك بين إدارتَي بايدن وترامب.

يكفي التذكير بأنّ إسرائيل استعادت عددًا كبيرًا من أسراها بوقف إطلاق النار، لا بإطلاق النار، ولا ينبغي أن نكون في حاجة إلى تصريحات أدلى بها وزير الحرب السابق يوآف غالانت، وقال فيها إنّ الصفقة التي أبرمت مع حماس في يناير/ كانون الثاني 2025، كان يمكن إنجازها قبل ذلك بشهور، وبشروط أفضل لصالح الإسرائيليين لولا تعنّت بنيامين نتنياهو.

إذا ضممنا تصريحات غالانت هذه إلى السلوك الإسرائيلي منذ إبرام الاتفاق، يتأكد أنّ إسرائيل لم تكن تريد إلا استعادة أسراها، ثم استئناف الحرب بطابعها الإبادي، فقد امتنعت عن الالتزام بملفات أساسية مترتبة عليها بموجب الاتفاق، كإدخال المساعدات والمساكن المؤقتة، والبدء بمفاوضات المرحلة الثانية، والتي يفترض بحسب الاتفاق أن تفضي إلى الإفراج عن بقية الأسرى الإسرائيليين على أساس مفاتيح تفاوضية جديدة مختلفة عن مفاتيح المرحلة الأولى.

إعلان

ولم تكتفِ إسرائيل بالامتناع عن تنفيذ ما يترتب عليها من استحقاقات المرحلة الأولى، ولكنها وبعد استعادتها العدد الكبير من أسراها، سعت إلى تفريغ الاتفاق من مضمونه بوصفه وقف إطلاق نار، وتحويله إلى مجرد اتفاق تبادل أسرى لا يترتب عليه وقف إطلاق نار وانسحاب قوات، ودعمتها في ذلك الولايات المتحدة الأميركية.

يتأكد بهذا أنّ المشكلة طوال فترة الحرب، كانت في الإرادة الإسرائيلية التي تفصل ملف الأسرى عن استمرار الحرب، فهي تريد أسراها ولكن دون وقف الحرب، فحتى لو تنازلت حماس عن جميع الأسرى الإسرائيليين، بشرط وقف الحرب فقط بلا أيّ مطالب بالإفراج عن أسرى فلسطينيين، فإنّ هذا لن يكون مقبولًا إسرائيليًّا، وقد تأكد هذا الأمر، حتى صار حقيقة ظاهرة الآن.

وهو ما يستوجب إعادة تقييم الحرب والنوايا الإسرائيلية بخصوصها بمعزل عن سلوك حركة حماس وخياراتها، فإسرائيل لا تريد أن تبقي للفلسطينيين أي خيارات، ولو كان الاستسلام منها، ويضاف إلى ذلك، المسألة المتعلقة بما يسمى اليوم التالي، فقد وافقت حركة حماس على المقترح المصري القاضي بتشكيل لجنة إسناد تدير قطاع غزّة لا تكون حماس جزءًا منها، وقَدَّم العرب خطتهم لإعادة إعمار غزة، إلا أنّ الرفض يأتي من إسرائيل والولايات المتحدة، وربما دول في الإقليم لا ترحب بانتهاء الحرب دون هزيمة حماس والمقاومة الفلسطينية بنحو لا يحتمل الالتباس!

، بقطع النظر عن وتيرتها وأدواتها، فعلى الأقل، ظلت أدوات التجويع وحرمان الفلسطينيين من أسباب الصمود، معتمدة إسرائيليًّا طوال المرحلة الأولى، ومن المؤكد أنّها كانت سوف تستمر على سياسة الابتزاز بالمساعدات والمساكن المؤقتة وإعادة الإعمار، في حال استمر الاتفاق، وهي إجراءات عدوانية ذات طابع حربي غير منفك عن سياسات الإبادة والتهجير.

لا يمكن فصل السياسة الإسرائيلية في قطاع غزّة عنها في مجمل المشهد الإقليمي، فإذا كانت تنتهج التمدد في سوريا ولبنان، مع استمرار العدوان على البلدين، وبالرغم من أنّ الإدارة الجديدة لسوريا ليس لها سابق اشتباك مع الاحتلال، وأبدت امتناعًا في بعض الأوقات حتى عن النقد الخطابي الحاد للعدوان الإسرائيلي على سوريا، وبقدر وصفه حتى بعض محبيها بالمبالغة والإفراط في الطمأنة، فكيف يمكن لها أن تنسحب في هذه اللحظة التاريخية من قطاع غزّة؟!

إعلان

لقد قامت السياسة الإسرائيلية الاستعمارية تاريخيًّا على فرض الوقائع وتكريسها، ثم الارتكاز إلى هذه الوقائع في أي جهد تالٍ، سواء كان حربيًّا أم تسوَوِيًّا.

وإذا كانت هذه هي السياسة الإسرائيلية في الإقليم، فكيف بالضفة الغربية، التي تقود فيها إسرائيل حملة أمنية مكثفة تتسم بالعمق والطول أفضت إلى تهجير عشرات آلاف الفلسطينيين من مخيمات شماليّ الضفة الغربية، دون أن يعارضها أيّ موقف جاد إقليميّ أو دوليّ.

وبما أنّ الإبادة على غزة طوال خمسة عشر شهرًا لم تواجه في المقابل بمعارضة إقليمية ودولية جادة، وتاليًا سياسات التهجير والتدمير في الضفة الغربية بالرغم من انتفاء ذريعة حماس والسابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وكل الدعايات الإسرائيلية التي أسست بها حرب الإبادة على غزّة؛ فإنّ العودة إلى الحرب على غزة ممكنة، مهما كانت أكلافها على الغزيين، فقد استشهد في القليل من الساعات أكثر من 400 فلسطيني، وأصيب أكثر من 500، والدعم الأميركي للعودة الحربية بطابعها الإبادي مضمون، كما هو واضح الآن.

لا ينفصل الأمر عن السياسات الإسرائيلية الداخلية، ومنها هروب بنيامين نتنياهو المستمر من الملاحقة القضائية، والمساءلة عن القصور فيما يتعلق بيوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وآخر تجليات ذلك صراعه مع رئيس "الشاباك" رونين بار.

بيدَ أنّ هذه الاعتبارات الداخلية، جزء من مشهد أكبر، وهو صراع اليمين الإسرائيلي على الإمساك بمفاصل الكيان الإسرائيلي، وهو ما يحتاج التغطي بهذه الحرب، وبهذا يمكن تفسير عودة حزب "عظمة يهودية" بزعامة إيتمار بن غفير لحكومة بنيامين نتنياهو، وقد تبين أنّ اتفاق العودة هذا قد أنجز بين الطرفين قبل خمسة أيام من استئناف الحرب الإسرائيلية الإبادية من جديد على الفلسطينيين في قطاع غزّة.

تتداخل هنا مشاريع اليمين الإسرائيلي الداخلية، والرؤى الإستراتيجية للكيان الإسرائيلي، مع هواجس بنيامين نتنياهو الشخصية، والذي يسعى إلى اطمئنان أكبر بشأن تماسك ائتلافه الحاكم، بالنظر إلى المخاوف من الأحزاب الحريدية المتحالفة معه، والتي قد تتخذ، أو يتخذ نواب منها في الكنيست، قرارات بالتصويت ضد الميزانية المقترحة أو ضدّ قانون التجنيد.

إعلان

لقد شعرت إسرائيل طوال حربها على غزة، ثم نقلها تاليًا إلى الضفة الغربية، والدفع بها نحو الجوار الإقليمي، أنها مطلقة اليد، ففي الوقت الذي استأنفت فيه الحرب الإبادية على غزة، وسّعت حملتها الأمنية والعسكرية على شمالي الضفة الغربية لتشمل نابلس ومخيماتها.

وهو ما يعني أنها قد تنتقل تاليًا بالكثافة نفسها إلى مناطق أخرى في الضفة كانت طوال السنوات الأخيرة أكثر هدوءًا، وهو أمر يندرج من جهة في خطة اليمين الداخلية فيما يخص السيطرة على مفاصل الكيان، والاستعمارية فيما يخص سياسات الضمّ والتهجير، وفي الرؤى الإستراتيجية الإسرائيلية التي ترى أنّ هذه فرصة تاريخية لتكريس وقائع جديدة وتجديد الهيمنة الإسرائيلية، وما دامت مطلقة اليد، فما الذي يمنعها من تجديد حربها، وما الذي يحول دون أن يستخدم نتنياهو دماء الغزيين لتقوية تحالفه وتمرير قانون الموازنة؟!

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تحذر حماس: قواعد اللعبة تغيّرت.. والعملية ستستمر
  • أول هجوم منذ بدء اتفاق غزة .. إسرائيل تعترض باليستياً من اليمن
  • لماذا فجّرت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار ؟
  • دون رد عسكري من الحركة.. حماس تُحمل إسرائيل مسؤولية انهيار هدنة غزة
  • حماس: نتنياهو انقلب على اتفاق وقف إطلاق النار.. مصير مجهول للأسرى
  • رئيس المركز الأوكراني للحوار: كييف لن تعترف رسمياً بالسيطرة الروسية على أراضيها
  • وفد إسرائيلي يلتقي مسؤولين مصريين لإجراء محادثات لوقف إطلاق النار
  • محادثات غير مباشرة بين حماس والاحتلال بشأن وقف إطلاق النار في غزة
  • نتنياهو يوجّه بمواصلة المفاوضات وفقا لرد الوسطاء على المقترح الأميركي
  • مكتب نتنياهو: إسرائيل ستواصل محادثات وقف إطلاق النار في غزة وفقًا للمقترح الأمريكي