د. دعاء الهلاوي تكتب: الابتكار كمؤشر للحوكمة
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
«الابتكار يميز بين القائد والتابع» - ستيف جوبز
الابتكار يُعتبر مؤشراً مهماً من مؤشرات الحوكمة. إذا كانت البيئة تشجع على الابتكار وتدعم التطوير والإبداع فإن ذلك يعكس نوعاً من الحوكمة الصالحة.
وتتضح علاقة الابتكار بمؤشرات الحوكمة الجيدة من خلال تشجيع الشفافية والمساءلة مما يحفز على الابتكار والإبداع، لأن الأفراد يشعرون بالثقة فى أن أفكارهم ستحظى بالتقدير والدعم ولا سيما استقرار السياسات، فالحكومات التى تتمتع بالاستقرار والتوجهات والاستراتيجيات الواضحة تسهل بيئة مناسبة تدعم حقوق الملكية الفكرية، فوجود نظام قوى لحماية حقوق الملكية الفكرية يجعل المبتكرين يشعرون بالأمان بشأن حقوقهم وعملهم، وسن التشريعات واللوائح التى تحمى البيئة الريادية يعكس مستوى جيداً من الحوكمة
والابتكار يحقق تقدماً اقتصادياً يمكنه أن يلعب دوراً حاسماً فى تحسين مستوى العيش للأفراد والمجتمع وخلق فرص عمل جديدة، من خلال نمو الصناعات الجديدة واستثمار التكنولوجيا الحديثة، فيساهم فى تخفيض معدلات البطالة وتعزيز دخل الفرد مما يزيد فى الإنتاج، لأنه بواسطة الابتكار يمكن تحسين عمليات الإنتاج وتقليل التكاليف فتزيد قدرة الشركات على تحقيق أرباح وتوسيع نطاق العمل، فيؤثر ذلك فى تحسين جودة المنتجات والخدمات المقدمة للعملاء.
يؤدى ذلك بالتبعية إلى تعزيز التنافسية، فالشركات التى تبتكر وتتبنى التكنولوجيا والأفكار الجديدة تكون أكثر تنافسية وقادرة على تلبية احتياجات السوق، مما يسهم فى نمو الاقتصاد، ولكن آلية تحقيق ذلك تكون من خلال اقتحام سوق جديدة وتطوير منتجات أو خدمات جديدة تلبى احتياجات السوق وأيضاً إنشاء شركات ناشئة، فالابتكار يمكن أن يدفع رواد الأعمال لإنشاء شركات ناشئة جديدة، وهذه الشركات غالباً ما تكون مصدراً رئيسياً لخلق فرص عمل جديدة، وهناك العديد من الشركات الناجحة التى استثمرت فى الابتكار وكان لها تأثير إيجابى على الاقتصاد مثل:
1- آبل (Apple): شركة آبل قامت بالاستثمار الكبير فى الابتكار، خصوصاً فى مجال التكنولوجيا والإلكترونيات الاستهلاكية.
2- جوجل (Google): شركة جوجل هى رائدة فى مجال التكنولوجيا وتقديم الخدمات الرقمية.
3- تسلا (Tesla): شركة تسلا متخصصة فى تصنيع وتطوير السيارات الكهربائية وتكنولوجيا البطاريات. بفضل ابتكاراتها فى مجال السيارات الكهربائية، ساهمت «تسلا» فى تغيير صناعة السيارات وتعزيز استخدام الطاقة المستدامة.
هذه الشركات هى أمثلة على كيف أن استثمار الابتكار يمكن أن يؤدى إلى نجاح تجارى كبير وتأثير إيجابى على الاقتصاد ولكن هناك العديد من التحديات التى تواجه عملية الابتكار فى الاقتصاد:
1- نقص التمويل: غالباً ما تكون عمليات الابتكار تحتاج إلى استثمارات كبيرة. من أجل التغلب على هذه التحديات، ويمكن البحث عن مصادر تمويل بديلة مثل القروض البنكية أو رأس المال الاستثمارى.
2- البيروقراطية: قد تواجه الشركات صعوبات بسبب الإجراءات البيروقراطية والقوانين المعقدة.
3- نقص الموارد البشرية الماهرة: قد تكون الشركات بحاجة إلى موظفين متخصصين وذوى خبرة لتنفيذ عمليات الابتكار.
4- المنافسة الشديدة: قد يكون من الصعب التفوق وتميز الابتكار بين الشركات فى سوق منافسة.
بشكل عام، الابتكار له تأثير إيجابى كبير على النمو الاقتصادى المستدام والتنمية الاجتماعية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الابتكار التطوير التكنولوجيا الإبداع
إقرأ أيضاً:
نسرين حجاج تكتب: المواطنة والوعي: درع مصر
انعقد برنامج "استراتيجية تنمية القيادة الوطنية" بتنظيم من إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة بالتعاون مع المجلس الوطني للتدريب والتعليم، على مدار أربعة أيام من 15 إلى 18 ديسمبر 2024، في مسرح الجلاء للقوات المسلحة.
تضمن البرنامج ثمانية مواضيع، بواقع محاضرتين يوميًا، افتتح الفعاليات اللواء أ.ح دكتور طارق محمد هلال، مدير إدارة الشؤون المعنوية، مشيرًا إلى أهمية الوعي المجتمعي ومحاربة الشائعات والبناء نحو المستقبل، موضحًا المخاطر التي تواجه الدولة المصرية على الصعيدين الدولي والإقليمي ، وقام اللواء أ.ح هشام الهناوي، مشرف البرنامج، بعرض الموضوعات التي يتناولها البرنامج والهدف منها، حيث ركز البرنامج على:
تشكيل وعي مجتمعي لصيانة الأمن القومي المصري، حيث أن المعلومات تبني القرارات، ودعم ركائز الأمن القومي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ضمن رؤية مصر الاستراتيجية في الجمهورية الجديدة.
محتوى ومواضيع الدورة:
1.الموضوع الأول: "لماذا مصر؟" - اللواء أ.ح دكتور سمير فرج، مدير الشؤون المعنوية ومحافظ الأقصر الأسبق، حيث ناقش أهمية مصر الاستراتيجية وموقعها الجغرافي الذي يجعلها محورًا للتفاعلات الإقليمية والدولية. تطرق إلى تاريخ مصر العريق ودورها المحوري في المنطقة.
2. الموضوع الثاني: "ما يشهده العالم من متغيرات" - أ.د نورهان الشيخ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، التي تناولت التحديات العالمية مثل التغيرات المناخية، والتحولات الاقتصادية، وتأثير التكنولوجيا على السياسة العالمية. أكدت على أهمية التكيف مع هذه المتغيرات لضمان استقرار الدول.
3. الموضوع الثالث: "الدبلوماسية المصرية تجاه القضايا المعاصرة" - السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، موضحًا دور مصر في الساحة الدولية وكيفية تعاملها مع القضايا الإقليمية والدولية. تحدث عن أهمية الدبلوماسية في تعزيز مكانة مصر الدولية.
4. الموضوع الرابع: "التحديات الاقتصادية الخارجية" - أ.د عبدالفتاح الجبالي، الاقتصادي ورئيس مدينة الإنتاج الإعلامي، الذي ناقش التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر، مثل العولمة وتأثيرها على الاقتصاد المحلي، وسبل تعزيز الاقتصاد الوطني. أشار إلى أهمية الابتكار والاستثمار في التكنولوجيا لتعزيز النمو الاقتصادي.
5. الموضوع الخامس: "النمط القيادي في تعزيز الأمن القومي" - اللواء أ.ح دكتور أسامة الجمال، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات الاستراتيجية، حيث تناول أهمية القيادة في تعزيز الأمن القومي وكيفية تطوير القيادات الوطنية. أكد على دور القيادة في توجيه الجهود نحو تحقيق الأهداف الوطنية.
6. الموضوع السادس: "التوعية بالفكر الصحيح والتعامل مع الفكر المتطرف" - المقدم أحمد عويس، مستشار بمعهد الدراسات للعلوم المخابراتية والأمنية، الذي قدم استراتيجيات لمواجهة الفكر المتطرف وتعزيز الفكر المعتدل. شدد على أهمية التعليم والتوعية في مكافحة التطرف.
7. الموضوع السابع: "تشكيل الوعي المجتمعي" - الكاتبة الصحفية نشوى الحوفي، مدير النشر بدار نهضة مصر، التي تناولت دور الإعلام والثقافة في تشكيل الوعي المجتمعي وأهمية الوعي في بناء مجتمع قوي ومتماسك. تحدثت عن دور الإعلام في نقل الحقائق ومواجهة الشائعات.
8. الموضوع الثامن: "الجمهورية الجديدة وبناء المستقبل"، اللواء أ.ح هشام الهناوي، مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة حيث استعرض محاور بناء الجمهورية الجديدة (السياسية، الاقتصادية، المشروعات القومية، الاجتماعية، الرقمية، العسكرية، والأمنية) وكيفية تحقيق التنمية المستدامة. أكد على أهمية التخطيط الاستراتيجي لتحقيق الأهداف الوطنية لبناء دولة قوية ومستقرة تُبنى بأيدي شبابها الوطني في ظل التحديات الحالية.
التجربة الشخصية والانطباع العام:
ككاتبة صحفية، كانت هذه الدورة فرصة لا تُقدر بثمن لتعزيز فهمي للأمن القومي وأهميته. زاد وعيي الاقتصادي والسياسي والأمني تجاه التحديات التي تواجه مصر. كان التنظيم والمواعيد ممتازين، مما أتاح لي التفاعل مع نماذج وطنية من مختلف الوزارات والهيئات، بما في ذلك مشاركة ذوي الهمم، مما عزز شعوري بالانتماء.
استمتعت بمشاركة الحضور من مختلف المناطق، مثل الصعيد وبحري وسيناء، حيث كانت مشاركتهم فعالة في المناقشات. إحدى الزميلات من سيناء شاركت تجربتها خلال الحرب على الإرهاب، حيث كانت تتحرك للعمل هي وزملاؤها بمرافقة دبابة لحمايتهم من خطر الإرهاب والمتفجرات، مما أضاف بعدًا إنسانيًا للمحاضرات وأبرز التضحيات التي يقدمها الجيش لحماية المواطنين. كانت قصتها مؤثرة، حيث تحدثت عن شجاعة زملائها وإصرارهم على مواصلة العمل رغم المخاطر، مما يعكس الروح الوطنية العالية.
تعلمت أن الأمن القومي يشمل جوانب داخلية واقتصادية واجتماعية وعسكرية، وأنه ظاهرة ديناميكية تتطور باستمرار. مشروع "حياة كريمة" هو جزء من الأمن القومي، ويعكس أهمية التنمية الشاملة. كما أن مشروع "حياة كريمة الأفريقي" يعزز من دور مصر في القارة، حيث يهدف إلى تحسين جودة الحياة في المجتمعات الأفريقية وتعزيز التعاون الإقليمي.
أثرت الدورة في شغفي بالعلوم العسكرية، وسأبدأ في اقتناء كتب في هذا المجال. كما تابعت الاستراتيجية القومية للتنمية العمرانية، التي تهدف إلى تنمية مصر حتى عام 2052، حيث "بناء الحجر يأتي لاحتواء البشر". تم التخطيط لهذه الاستراتيجية منذ 2009 حتى 2012، وتنفذ على عدة مراحل، حيث تهدف إلى إنشاء 21 مدينة جديدة وتوفير 4 ملايين فرصة عمل من خلال مبادرة "ابدأ". هذه المبادرات تعكس رؤية مصر الطموحة نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
من أبرز ما شاهدناه كان فيديو على شبكة نتفلكس بعنوان "الاختراق الضخم" (The Great Hack)، الذي يعرض مؤامرة كبيرة، وأوصي بمشاهدته. يسلط الفيديو الضوء على أهمية الوعي الرقمي وكيفية حماية البيانات الشخصية في عصر التكنولوجيا.
تعرفت أيضًا على تاريخ العواصم المصرية، حيث تغيرت العاصمة عدة مرات، مثل جرجا، ومنف، وطيبة، والفسطاط، والإسكندرية، والقاهرة. هذا التاريخ يعكس ديناميكية مصر وقدرتها على التكيف مع التغيرات.
أحد المشاريع التي أثارت اهتمامي هو مركز البيانات والحوسبة السحابية، الذي يمثل خطوة مهمة نحو المستقبل الرقمي. يهدف المركز إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة في تحليل البيانات الحكومية وتوطين استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع الحكومي، مما يعزز من كفاءة الخدمات ويتيح فرصًا استثمارية ضخمة. هذا المشروع يعكس التزام مصر بتبني التكنولوجيا الحديثة لتعزيز التنمية.
أشعر بالفخر لأن مصر لا تسمح بوجود قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها، مما يعكس سيادتها واستقلالها العسكري. تحيا مصر برجالها وشعبها، فجيشها شعب وشعبها جيش. هذه الدورة جعلتني أكثر وعيًا بأهمية الأمن القومي ودور كل فرد في الحفاظ عليه، وأكدت لي أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أفضل.
في ختام هذا المقال، أود أن أستشهد بآية قرآنية تعبر عن أهمية العمل الجماعي والتعاون لتحقيق الأهداف السامية، وهي قوله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (سورة المائدة: 2).
هذه الآية تلهمنا جميعًا للعمل معًا من أجل بناء مستقبل أفضل لمصر، حيث يتطلب الأمن القومي والتنمية المستدامة جهودًا مشتركة وتعاونًا مستمرًا بين جميع أفراد المجتمع.