ظنت والدة طاهر أن ما يعانيه إبنها من إعياء مجرد اضطراب بسيط في المعدة، لكنها بدأت تشعر بالقلق حينما تفاقمت حالته بسرعة، أصبح ضعيفًا جدًا ولم يعد يقوى على النهوض من فراشه، ازدادت الآلام في بطنه، ورافقها إسهال شديد وحمى مرتفعة.

كمبالا: التغيير

قررت الأم أخذه إلى أقرب مركز صحي بمدينة خشم القربة الواقعة غرب ولاية كسلا شرقي السودان، وعند وصولهم كان المركز مكتظًا بالمرضى، وبعد انتظار طويل تمكنوا من رؤية الطبيب، الذي أكد بعد الفحص أن طاهر مصاب بالكوليرا حسب ما ذكرته في مقابلة مع (التغيير)

اول حالة

تم الإبلاغ عن أول حالة اشتباه بالكوليرا في ولاية كسلا الواقعة على الحدود مع دولتي إريتريا وإثيوبيا، بتاريخ 25 يوليو الماضي، في مستشفى بلدة ود الحليو الواقعة على نهر ستيت، حيث ظهرت 6 حالات من منطقتي المدينة والمدينة 10.

استجاب فريق التقصي بالمحلية لتكملة التحريات واتخاذ الإجراءات الاحترازية، وتم فتح عنبر العزل بالمستشفى، كما تحرك فريق تقصي مشترك بين الولاية والسلطات الاتحادية لمزيد من التحقق.

استمرت البلاغات حتى 19 أغسطس الحالي، حيث بلغت الحالات المبلغ عنها في ود الحليو 176 حالة، منها 9 وفيات، وفي مدينة كسلا كانت جميع الحالات من حي الختمية القديمة مربعي 2/7، حيث بلغ إجمالي الحالات حتى 19 أغسطس 126 حالة، منها 9 وفيات.

556 إصابة و22 وفاة

بحسب لجنة الطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة بالولاية، فإن محطة مياه الدومة بمدينة كسلا لم تسجل أي قراءات للكلور، وغمرت مياه الأمطار المحطة في الأسبوع الماضي، وبلغت إجمالي الحالات في الولاية حتى 19 أغسطس 426 حالة، منها 22 حالة وفاة.

عمليات فحص المياه للوقاية من الكوليرا

سجلت محليات ريفي كسلا 22 حالة جديدة وغرب كسلا 5 حالات، وخشم القربة 81 حالة، وهمشكوريب 10 حالات، وأروما حالة واحدة، وحلفا حالتان.

وكشفت وزارة الصحة الاتحادية في تقريرها الأخير عن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا إلى 556 حالة منها 27 وفاة معظمها من لاية كسلا شرق السودان.

وقبل اندلاع النزاع المسلح في السودان، واجهت البلاد 6 وبائيات مَرَضية متزامنة، منها الكوليرا، التي انتشرت في 12 ولاية، حتي ديسمبر الماضي، لكن الأسبوع الماضي أعلن وزير الصحة أن المرض عاد للانتشار من جديد في السودان، في ظل تأثر النظام الصحي بالولايات المتضررة.

حيث تشير الاحصاءات إلى أن 70% من المستشفيات في هذه الولايات غير قادرة على العمل، أما المستشفيات والعيادات في المناطق الآمنة تعاني من ضغط كبير بسبب الأعداد الهائلة من النازحين الذين فروا من مناطق الصراع.

أكثر من 300 اصابة بكسلا

اكد مدير عام الصحة بولاية كسلا، علي آدم، في حديثه مع (التغيير) أن الوضع الوبائي الحالي في الولاية مستقر، رغم أن بعض المناطق شهدت تأثرًا ملحوظًا، حيث أن أكثر من 50% من حالات الاشتباه المؤكدة بالفحص المخبري جاءت من الولاية.

وأضاف أن مصدر عدوى الكوليرا يعود إلى مياه الشرب غير الآمنة، مما يستلزم ضرورة كلورة مياه الشرب. وأوضح أن جميع المدن تحتوي على محطات كلورة، بينما في المناطق الريفية والنائية يتم توزيع الكلور على السكان الذين يعتمدون على مصادر مياه غير معالجة.

وأشار مدير الصحة إلى أن السلطات الصحية تتعامل مع الوضع الوبائي باستخدام الطرق العملية المعروفة، وبالتنسيق مع جميع الجهات المعنية بدءً من وزارة الصحة وإدارة الطوارئ وصولًا إلى السلطات المحلية، وبيّن أن التقارير الواردة تُناقش بصورة دورية لضمان الاستجابة الفورية.

حالات كوليرا ــ أرشيفية

وكشف آدم أن إجمالي الحالات المؤكدة بلغ أكثر من 300 حالة، منها 20 حالة وفاة، وشدد على أهمية التعامل السريع مع الكوليرا نظرًا لارتفاع معدل الوفيات في حال التأخير، كما أكد على وجود مراكز عزل في المستشفيات المتأثرة بالوباء، مثل مستشفى كسلا التعليمي، إلا أن هناك حاجة إلى مزيد من الموارد والعنابر المتخصصة للعزل.

وأوضح  أن هناك جهودًا مجتمعية جارية تشمل توفير المحاليل الوريدية والتلقيح عبر الفم وحملات تطعيم، انطلقت مؤخرًا في بلدة ود الحليو. وفي ختام تصريحه، دعا آدم إلى بذل مزيد من الجهود والتعاون بين الجهات الحكومية والشركاء لاحتواء الوباء والتخفيف من آثاره على سكان الولاية.

 إسهالات مائية غير مؤكدة كحالات كوليرا

ظهرت اسهالات مائية في احياء متفرقة من منطقة شرق النيل بالعاصمة الخرطوم، ولكن الفحص لم يثبت حتى الآن حالات كوليرا، وافادت المسؤولة عن المكتب الطبي للطوارئ بشرق النيل لينا لطفي، أن العديد من حالات الإسهال المائي قد تم تسجيلها في المستشفيات والمراكز الصحية، لكن لم يتم إثبات أن أي منها يعود لمرض الكوليرا حتى الآن.

وأوضحت لطفي في حديثها لـ (التغيير) أن الفحوصات السريعة التي أجريت في المراكز والمستشفيات التي لديها القدرة على اختبار الكوليرا أكدت أن جميع الحالات سلبية، بينما بعضها أظهر ارتباطها بأمراض أخرى مثل الدوسنتاريا، والطفيليات المختلفة، وحالات التسمم الغذائي، وهي جميعها من الأسباب المحتملة للإسهالات.

كما ذكرت أن بعض حالات الإسهال المائي المسجلة كانت مصحوبة بالتهاب ملتحمة العين، مما يشير إلى احتمال أن يكون السبب فيروسياً، خاصة مع انتشار الأعراض بطريقة تشبه الوباء.

واشارت المسؤولة عن المكتب الطبي للطوارئ إلى وجود بعض الحالات التي تظهر فيها أعراض مشابهة للكولير، إلا أن شكل البراز والمغص والألم المعوي لا يتطابق تماماً مع الأعراض التقليدية للوباء.

الوسومآثار الحرب في السودان الكوليرا في السودان انتشار الكوليرا خشم القربة ود الحليو ولاية كسلا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الكوليرا في السودان انتشار الكوليرا خشم القربة ود الحليو ولاية كسلا ولایة کسلا فی السودان

إقرأ أيضاً:

نقابة الصحفيين السودانيين تدين الجرائم في ود مدني وتدعو إلى سيادة القانون والمساءلة

تتابع نقابة الصحفيين السودانيين، بقلق بالغ الأحداث المؤلمة التي شهدتها مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وسط السودان، بجانب استهداف بعض مواطني "كنابي" ولاية الجزيرة، والتي جرت أحداثها خلال اليومين الماضيين، حيث انتشرت مقاطع فيديو توثق ارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين العزّل، نُفذت خارج إطار القانون..

بسم الله الرحمن الرحيم

تتابع نقابة الصحفيين السودانيين، بقلق بالغ الأحداث المؤلمة التي شهدتها مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وسط السودان، بجانب استهداف بعض مواطني "كنابي" ولاية الجزيرة، والتي جرت أحداثها خلال اليومين الماضيين، حيث انتشرت مقاطع فيديو توثق ارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين العزّل، نُفذت خارج إطار القانون..
تُدين النقابة بأشد العبارات عمليات القتل خارج نطاق القانون، والتعذيب، والاعتقالات التعسفية، والمعاملة المهينة التي انتُهكت بها حقوق المواطنين وكرامتهم. إن هذه الانتهاكات لا يمكن تبريرها تحت أي ذريعة، فهي تتجاوز كل المعايير الإنسانية والقانونية، وتدفع بالبلاد نحو مزيد من العنف والفوضى..
لقد سرقت هذه الجرائم فرحة المواطنين بالعودة إلى منازلهم، بعد شهور من المعاناة والتشرد، لتتحول أحلامهم بالاستقرار والأمان إلى كابوس من العنف والدمار. إن مشاهد القتل والإعدام الميداني وحرق القرى تعيد إلى الأذهان الانتهاكات التي وقعت خلال فض اعتصام القيادة العامة في يونيو 2019، مما يعكس استمرار ثقافة الإفلات من العقاب وانعدام العدالة.
تحذر النقابة من أن تكرار هذه المآسي دون محاسبة سيؤدي إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وتعميق الصراع في البلاد. وتدعو إلى فرض سيادة القانون وتقديم مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة وفقًا لمحاكمات عادلة وشفافة، لضمان حماية المدنيين ومنع تكرار الانتهاكات.
كما تدعو النقابة إلى التوقف عن نشر وتداول مقاطع الفيديو التي توثق هذه الجرائم لما لها من آثار خطيرة في تأجيج خطاب الكراهية وإذكاء الصراعات، مما يهدد بدفع البلاد إلى هاوية حرب أهلية طاحنة.
وتناشد النقابة الصحفيين والمثقفين وقادة الرأي العام استخدام أدواتهم الإعلامية والفكرية للتصدي لخطاب التحريض والعنف، والعمل على تعزيز قيم التعايش السلمي والوحدة الوطنية.
إن وطننا السودان بحاجة ماسة إلى تضافر الجهود لإنهاء هذا الدمار والدماء، وتحقيق الأمن والعدالة. يستحق المواطنون العيش بكرامة وسلام في ظل دولة تحكمها سيادة القانون
نقابة الصحفيين السودانيين
15 يناير 2025م
#لا_تنسوا_السودان  

مقالات مشابهة

  • الولادة في زمن الحرب : وفيات وانفجار ارحام في طريق البحث عن مستشفى!!
  • الولادة في زمن الحرب: وفيات وانفجار ارحام في طريق البحث عن مستشفى!!
  • نقابة الصحفيين السودانيين تدين الجرائم في ود مدني وتدعو إلى سيادة القانون والمساءلة
  • تعرف على أعراض فيروس ماربورج.. عقب وفاة 8 حالات فى تنزانيا
  • بعد وفاة 8 حالات في تنزانيا.. أعراض فيروس ماربورج
  • أزمة سيولة خانقة تفاقم معيشة السودانيين
  • السودان: اصابات جديدة بالكوليرا وحمى الضنك وارتفاع عدد الأسر النازحة من الجزيرة
  • وفد من الإعلاميين والصحفيين السودانيين يزور مقر السفارة الجديد بالقاهرة الجديدة
  • ارتفاع حالات الاشتباه بحمى الضنك إلى 126 حالة وخمس وفيات بغرب كردفان
  • السودان: معلمو كسلا يعلنون التوقف عن العمل احتجاجاً على تأخر صرف الرواتب