يمانيون – متابعات
تُعد الجرأة العسكرية التي اظهرتها صنعاء عنصرا أساسيا في تشكيل مشهد الصراع في المنطقة وفي مواجهة التهديدات من قوى إقليمية ودولية، هذه الجرأة التي تتمتع بها صنعاء تعترف بها المخابرات الأمريكية والصهيونية، قدرة الجيش اليمني على خلق ردع فعّال ضد الأعداء تجاوز مجرد الدفاع؛ فقد أسس لسمعة عسكرية تجعل من الصعب على القوى المعادية التنبؤ بخطواته.

هذا التميز في التخطيط والتنفيذ جعل من صنعاء قوة عسكرية قادرة على تغيير قواعد اللعبة في الصراع، الأمر الذي أثار اهتماما وتقديرا واسعا من قبل المخابرات الأمريكية التي وصفت أنصار الله بأن أيديهم خفيفة على الزناد وهذا يعبر عن تقدير لقدرتهم على اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة، مما يعزز من موقفهم كقوة عسكرية جريئة وفريدة في المنطقة.

إلى جانب الجرأة في تنفيذ العمليات، أظهرت صنعاء تفوقا تكتيكيا ملحوظا من خلال ابتكار استراتيجيات وتكتيكات عسكرية جعلتها خصما صعبا للقوى المعادية. فمثلا تميزت عمليات الجيش اليمني بالدقة والفعالية، وفشلت أمريكا في تحييد قدرات الجيش اليمني الذي استطاع فرض معادلة البحر الأحمر وباعتراف الأمريكي فإن عمليات الجيش اليمني لم تقتصر على النجاح في المعركة البحرية بل امتدت براعته لتشمل القدرة على التأثير في مجريات الصراع وتحديد ملامح الأمن الإقليمي.

لعل الخطاب الإعلامي لليمن والذي اتي على لسان السيد عبدالملك الحوثي في خطاباته المتلفزة كان واضحا للغاية في تحديد نطاق العمليات والاهداف العسكرية، وهي استراتيجية ذكية للتحكم في مسار الصراع بفعالية، وفي نفس الوقت تُرسل رسائل استراتيجية للأطراف المعادية حول مدى الجدية والحزم في تنفيذ التهديدات.

تجلت قدرة صنعاء على تنفيذ التهديدات بوضوح منذ اول بيان عسكري لمساندة غزة وما تلا ذلك من تصعيد نفذت فيه صنعاء كل تهديداتها مؤخرا أعلنت صنعاء عن استهداف أي سفينة عسكرية أمريكية في مسرح العمليات البحري لم تتوانَ الولايات المتحدة في التعامل بجدية مع هذا التهديد، إذ أدركت تماما مصداقية أنصار الله خصوصا بعد تنفيذهم لعمليات هجومية عديدة مثل الهجوم على حاملة الطائرات والفرقاطات والمدمرات ولذلك فقد استجابت الولايات المتحدة لهذه التهديدات وتجلى ذلك في تجنب إرسال سفن إلى مناطق التهديد، وهو ما يعكس إعادة تقييمهم للتهديدات اليمنية واتخاذهم تدابير وقائية لتفادي المخاطر المحتملة.

في الأيام الأولى للعدوان على غزة حاولت الولايات المتحدة عمل مناورات سياسية عبر دول وسيطة وعرضت إغراءات سياسية وتهديدات اقتصادية، ترهيب وترغيب وتهديد عبر استخدام الورقة الاقتصاد كوسيلة ضغط والتهديد بشن حرب على اليمن، لكن صنعاء تمسكت بمواقفها الصارمة خصوصا فيما يتعلق بدعمها لغزة، مما زاد من قناعة الولايات المتحدة بصلابة الموقف، هذا الرفض الصارم يعكس قوة موقف الجيش اليمني وإصراره على التمسك بمواقفه رغم الضغوط الامر الذي عزز من صورته كقوة إقليمية تواجه التحديات بتصميم وجرأة، ليضيف طبقة من التعقيد إلى التوازنات الاستراتيجية في المنطقة.

لقد كان الهدف الأساسي لأمريكا من تلك المناورات السياسية قياس مستوى استعداد صنعاء للدخول في مفاوضات جادة واختبار قدرتها على التفاعل مع هذه المبادرات من خلال هذه الخطوات، كانت واشنطن تسعى إلى معرفة مدى استعداد صنعاء للمساومة أو التنازل في مواقفهم الاستراتيجية، خاصة فيما يتعلق بدعمهم للمقاومة في غزة.

بالإضافة إلى ذلك، كانت الولايات المتحدة تحاول تقييم مدى جاهزية صنعاء لخوض المعركة ومهاجمة السفن العسكرية والتجارية التابعة للعدو في البحر الأحمر، واختبار مدى قدرة صنعاء على تنفيذ تهديداتها.

هذا التقييم كان يهدف أيضا إلى فهم درجة الثبات التي يتمتع بها أنصار الله عند مواجهة الضغوطات والإغراءات، مما يساعد واشنطن في صياغة استراتيجيات أكثر دقة وفعالية للتعامل مع الوضع في اليمن.

النتائج التي توصلت إليها الولايات المتحدة من خلال هذه التحركات كشفت عن درجة عالية من الجدية والجاهزية لدى صنعاء ولم تتمكن الولايات المتحدة من تحقيق اي اختراق يذكر من حيث التوصل لنتائج معينة تستطيع من خلالها بناء موقف للتعامل مع أنصار الله.

لم تفشل الولايات المتحدة سابقا كما فشلت في اليمن عسكريا واستخباراتيا لأنها تواجه خصما يعرف جيدا اساليبها المختلفة، فمثلا تسعى المخابرات الأمريكية بشكل دائم إلى قياس وتقييم خصومها من خلال مجموعة من الأدوات والوسائل التي تشمل المفاوضات، الإغراءات، والتهديدات. هذه الأساليب تُستخدم لتحديد حدود وقدرات الأعداء، وتقدير ردود أفعالهم المحتملة ايضا التفاوض كوسيلة لتحليل الخصوم فمن خلال المفاوضات، تسعى الولايات المتحدة إلى اختبار المرونة والاستجابة لدى الخصوم فهي تُتيح فرصة لفهم مدى استعداد الأطراف الأخرى للتنازل أو تعديل مواقفهم مقابل مكاسب معينة عبر هذه العملية، يمكن للولايات المتحدة جمع معلومات حول النقاط الضعيفة والقوية لدى الأعداء، مما يساعد في وضع استراتيجيات أكثر فعالية.

كذلك من خلال الإغراءات تحاول أمريكا تحديد حدود التفاهم وكوسيلة لتقدير مدى اهتمام الخصوم بالمكاسب المعروضة من خلال تقديم عروض مغرية، تسعى الولايات المتحدة إلى قياس مستوى استعداد الأعداء للتعاون ونجاح هذه الاستراتيجية يمكن أن يكشف عن مدى تأثير التهديدات أو المغريات على سلوك الخصوم واستراتيجياتهم.

بالإضافة إلى التهديدات التي تُعتبر أداة قوية لقياس استجابة الأعداء وقدرتهم على التعامل مع الضغوطات. من خلال تقديم تهديدات ملموسة، تقيم الولايات المتحدة مدى جدية الأعداء في اتخاذ إجراءات دفاعية أو هجومية. كما تساعد هذه الاستراتيجية في اختبار درجة التوتر التي يمكن أن يتحملها الخصم قبل اتخاذ خطوات تصعيدية.

وأخيرا تحليل النتائج وتعديل الاستراتيجيات

استنادا إلى نتائج هذه الأدوات، تقوم الولايات المتحدة بتعديل استراتيجياتها بما يتناسب مع طبيعة ردود أفعال الخصوم.

التحليل الدقيق للمفاوضات، الإغراءات، والتهديدات يوفر رؤية معمقة حول كيفية التعامل مع الأعداء بشكل أكثر فعالية.

هذا يمكن أن يشمل زيادة الضغط أو تقديم المزيد من الحوافز حسب الحاجة. باختصار، تعد استراتيجيات التفاوض، الإغراءات، والتهديدات وسائل أساسية في تقييم وتحليل خصوم الولايات المتحدة، مما يمكنها من تحديد نقاط القوة والضعف لدى الأعداء وتعديل استراتيجياتها لتلبية المتغيرات والتحديات على الساحة الدولية.

لكنها فشلت في الخروج بنتائج لصالحها عندما تعاطت بهذه الاستراتيجية مع صنعاء سوى نتيجة واحدة وهي “الحوثيون ايديهم خفيفة على الزناد” واجمالا يمكننا القول إن التجربة اليمنية أظهرت أن صنعاء قد نجحت في تحقيق قوة ردع فاعلة وغير متوقعة، مظهرة استعدادا وقدرة على مواجهة التهديدات الإقليمية والدولية بفعالية.

من خلال تعزيز استراتيجياتها العسكرية وتكتيكاتها المتطورة، أظهرت اليمن قدرتها على تغيير مجريات الصراع وتحدي القوى الكبرى.

– موقع رأي اليوم / كامل المعمري

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الجیش الیمنی أنصار الله من خلال التی ت

إقرأ أيضاً:

تباطؤ نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أقل مستوى خلال 16 شهراً

الاقتصاد نيوز - متابعة

كشفت بيانات جديدة عن الاقتصاد الأميركي عن تباطؤ نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أقل مستوياته في 16 شهراً خلال نيسان، وزادت أسعار السلع والخدمات في ظل حالة من عدم اليقين مردها الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخراً، مما زاد من مخاوف الأسواق المالية من حدوث ركود تضخمي قد يضع مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي في وضع صعب.

وقالت S&P Global، يوم الأربعاء، إن مؤشرها الأولي المجمع لمديري المشتريات في قطاعي التصنيع والخدمات في أميركا، تراجع إلى 51.2 نقطة خلال شهر أبريل لأقل مستوى منذ ديسمبر/ كانون الأول 2023، وذلك بعد أن سجل في قراءة مارس/ آذار النهائية 53.5 نقطة. 

وتشير القراءة فوق 50 نقطة إلى نمو النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص في الولايات المتحدة.

وذكر استطلاع S&P Global أن سياسات ترامب المتعلقة بالتجارة الخارجية والهجرة كان لها آثار سلبية على السياحة وصادرات السلع، بحسب وكالة رويترز.

وترددت الشركات الأميركية كذلك في التوظيف، وهو ما أرجعته S&P Global إلى "المخاوف بشأن التوقعات الاقتصادية والطلب في الداخل وفي أسواق التصدير، وذلك مع تزايد المخاوف بشأن التكلفة وتوافر العمالة"، كما انخفضت الثقة فيما يتعلق بظروف العمل خلال الاثني عشر شهراً المقبلة.

وكشفت البيانات كذلك عن زيادة طلبيات التصنيع، لكن تأثير ذلك الارتفاع تلاشى مع تراجع الصادرات بسبب السياسات التجارية.

وزاد مؤشر أسعار السلع والخدمات التي تفرضها الشركات إلى أعلى مستوى خلال 13 شهراً عند 55.2 نقطة من 53.5 نقطة في الشهر الماضي، مدفوعاً غالباً بشركات التصنيع.

وتراجع مؤشر التوظيف إلى 50.8 نقطة خلال أبريل مقابل 51.5 نقطة خلال شهر مارس/ آذار.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • كلمة مرتقبة لقائد الثورة حول مستجدات العدوان على غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية
  • التخطيط: مصر سوق واعدة ومستقرة رغم الاضطرابات الإقليمية والدولية
  • أهم التهديدات التي تواجه الأمن القومي المصري.. ندوة بجامعة الملك سلمان الدولية
  • تباطؤ نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أقل مستوى خلال 16 شهراً
  • رسائل الردع تتوسع.. الصواريخ اليمنية تصل إلى شمال فلسطين المحتلة
  • ليبيا تشارك باجتماعات مجلس «جامعة الدول العربية».. مناقشة القضايا على الساحتين الإقليمية والدولية
  • طائرات الشبح الأمريكية تُقابلها صواريخ قدس اليمنية: معادلة صنعاء التي أرعبت واشنطن
  • “مدري”.. حنكة الصمت في مواجهة الأعداء
  • الإمارات وباكستان تبحثان عددا من القضايا الإقليمية والدولية
  • وزير الخارجية ونظيره المصري يبحثان التطورات الإقليمية والدولية