جدلية العلاقة بين السلطة والمعارضة
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
عند الحديث عن العلاقة بين السلطة والمعارضة، من الضروري التذكير بأنه بعد إعلان الوحدة اليمنية في عام 1990م، تم تأسيس نظام سياسي تعددي يتكون من السلطة والمعارضة، ومع اندماج “المؤتمر الشعبي” و”الحزب الاشتراكي” في حكومة واحدة، اختفى ركن المعارضة، باستثناء معارضة محدودة ابداها “الإصلاح” بشأن بعض مواد دستور دولة الوحدة ؛ وبعد انتخابات 1993م واندماج “المؤتمر” و”الحزب الاشتراكي” و”الإصلاح” في حكومة واحدة، تلاشى ركن المعارضة كلياً، باستثناء بعض الأصوات والاقلام مثل صوت وقلم المرحوم عمر الجاوي؛ وبعد حرب صيف 1994م، خرج الحزب الاشتراكي من السلطة، وعادت المعارضة ولكن بشكل ضعيف من خلال بعض الأحزاب التي شكلت مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة، بقيادة الحزب الاشتراكي اليمني الذي خرج من الحرب منهكاً، وهو ما يعني بان المعارضة كانت في حينها ضمن قوام استراتيجي ضعيف لا يؤهلها إلى إحداث قدر من التوازن مع سلطة الحكم، وبعد انتخابات 1997م، انسحب “الإصلاح” من الحكم وشارك في تأسيس “اللقاء المشترك”، مما أعاد للمعارضة قوتها وظهورها كركن رئيسي في النظام السياسي التعددي.
في الذكرى الأولى لتأسيس “اللقاء المشترك”، طلب مني الأستاذ محمد قحطان كتابة تقييم شامل لأداء الأحزاب في التكتل، ورغم عدم معرفتي بالأساس الاستراتيجي لتأسيس “اللقاء المشترك” الا انني وافقت على كتابه التقييم بعد أن أكد لي “قحطان” أن الهدف الرئيسي من قيام المشترك هو تعزيز ركن المعارضة لمواجهة سلطة الحكم ومن ثم اعاده التوازن للنظام السياسي التعددي بركنيه “سلطه +معارضه” .
في تقييمي للتجربة، ذكرت بأن “اللقاء المشترك” نجح في تثبيت ركن المعارضة في الواقع السياسي، وهو إنجاز مهم باعتباره أول محاولة حقيقية لاستظهار هذا الركن بكل شروطه الفنية والموضوعية، وأكدت في التقييم العام للتجربة أن هذا النجاح يمثل خطوة كبيرة في تعزيز التوازن السياسي، خاصة في ظل الضغوط التي كانت تُمارس ضد المعارضة في حينها.
الآن، تواجه السلطة الشرعية باعتبارها الركن الأول للنظام السياسي التعددي تحديات مشابهة لتلك التي واجهتها المعارضة في الماضي، وهو ما يعني بان السلطة تحتاج إلى إعادة إحياء وتنظيم قوامها الاستراتيجي لتتمكن من مواجهة التحديات بشكل فعال، على غرار تجربة أحزاب المشترك في استظهار ركن المعارضة السياسية، ومثل هذا الوضع يحتم على الأحزاب والقوى المكونة لسلطة الشرعية ان تكون اكثر تماسكا والتحاما والتفافا حول مجلس القيادة الرئاسي برئاسة الأخ الدكتور رشاد العليمي بصرف النظر عن تسديداته او تقصيره او مقارباته، لأنه سيظل في كل الأحوال رئيسنا ورمز شرعيتنا، ولن نفرط فيه لمصلحة اللادولة واللاشرعية، وللحقيقة والانصاف بأن فخامته يبذل جهوداً معتبره في تعزيز سلطة الشرعية وتفعيلها بحسب متاحاته وميزان قواه الذاتي والموضوعي، ولكن هذه الجهود لم تبلغ مداها المطلوب بسبب ضعف القوام الإستراتيجي لسلطة الشرعية الذي لا يزال قواماً مبعثراً بين مكوناتها، وهو الامر الذي يؤدي إلى بعثرة القرار، اذ لا وحدة لشرعية سياديه بدون وحدة قراراها، ولا وحدة للقرار السيادي مالم يتوحد القوام الاستراتيجي الذي يرتكز عليه القرار، ومالم يتوحد القوام الاستراتيجي للشرعية فأنه من الضرورة بمكان ان تتجه ارادات الجميع في السلطة والتحالف إلى إدخال قوام استراتيجي جديد في ميزان قوى السلطة الحاكمة، وذلك من خلال إعادة ترتيب القوام الاستراتيجي لمكونات الشرعية، وكذا توسيع خارطة التجنيد في المؤسستين العسكرية والأمنية، ودعم المقاومات الشعبية في المناطق المحتلة، وتوسيع خارطة الأمن القومي فيها بالقدر الذي يمكنه من تفكيك الحلقات التي لا زالت مغلقة، إضافة إلى حشد منظمات المجتمع المدني واعطاء دور للمؤسسات الأهلية وسلطات الحكم المحلي، وتوسيع شبكات العمل الخيري ودعمها مادياً ولوجستياً ولو أدى الامر إلى انشاء بنك أهلي خيري خاص بالفقراء والمحتاجين.
وفي الختام من المهم الإشارة الى ان أحزاب التكتل الوطني بمقدورها الاسهام في هذا الدور، وبتهيئة الظروف لمثل هذا الاحتشاد السياسي والمدني والخيري الكبير، لاسيما تلك الأحزاب الكبيرة التي لا تزال متماسكة وتحتفظ بقدر كبير من قوامها الاستراتيجي التنظيمي والسياسي والمجتمعي والعلائقي.
نقلاً من صفحة الكاتب على فيسبوك
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: السلطة المعارضة جدلية العلاقة كتابات الحزب الاشتراکی اللقاء المشترک
إقرأ أيضاً:
«الوزراء» يوافق على مسودة مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية
وافق مجلس الوزراء، برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، خلال اجتماعه الأسبوعي اليوم، على مُسودة مشروع قانون خاص بتنظيم إصدار الفتوى الشرعية، المُقدم من وزارة الأوقاف.
وتسري أحكام مشروع القانون بشأن تنظيم إصدار الفتوى الشرعية، والمُختصين بمهام الإفتاء الشرعي، وذلك دون الإخلال بالإرشاد الديني والاجتهادات الفقهية في مجال الأبحاث والدراسات العلمية والشرعية.
ونصت مسودة مشروع القانون على أن يختص بالفتوى الشرعية العامة ـ التي تتعلق بإبداء الحكم الشرعي في شأنٍ عام يخُص المجتمع ـ كُلٌ من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية، في حين يختصُ بالفتوى الشرعية الخاصة ـ التي ترتبط بإبداء الحكم الشرعي في شأنٍ خاص بالأفراد ـ كُلٌ من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومجمع البحوث الإسلامية، أو دار الإفتاء المصرية، أو لجان الفتوى بوزارة الأوقاف، حيث نصت المادة الرابعة من مشروع القانون على أن تُنشأ بقرار من الوزير المختص بالأوقاف، لجنة أو أكثر داخل الوزارة للفتوى الشرعية الخاصة، كما حددت المادة شروط اختيار من يتولى الإفتاء في تلك اللجان وضوابط عملها، ونص أيضاً على أن يُرجح في حال تعارض الفتاوى الشرعية، رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
كما نص مشروع القانون على أن يكون للأئمة والوعاظ بالأزهر الشريف والهيئات التي يشملها والمعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف وغيرهم من المُصرح لهم قانوناً، أداء مهام الإرشاد الديني بما يبين للمسلمين أمور دينهم، دون أن يُعدٌ ذلك تعرضاً للفتوى الشرعية، وذلك مع مراعاة أحكام القانون رقم 51 لسنة 2014 بتنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد وما في حكمها.
كما أوجب مشروع القانون التزام المؤسسات والوسائل الصحفية والإعلامية والمواقع الإلكترونية وحسابات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي ومحتوياتها، عند نشر أو بث الفتاوى الشرعية، أن تكون صادرة عن المُختصين وفقاً لأحكام هذا القانون، وكذلك عند تنظيم برامج للفتوى الشرعية أو استضافة أشخاص للإفتاء الشرعي، أن يكون من المُتخصصين وفقاً لأحكام هذا القانون.
ونص مشروع القانون على العقوبات المقررة لكل من يخالف أحكامه، فيما يتعلق بتحديد المُختصين بالفتوى الشرعية، أو التزامات وسائل الإعلام في هذا الصدد.
وزير المالية: مليار جنيه لتمويل «استراتيجية توطين صناعة السيارات» بمصر
تجارية سوهاج: مصر تسعي لزيادة صادراتها السلعية إلى 48 مليار دولار في 2025
بالأرقام.. صادرات مصر لدول العالم تسجل ارتفاعًا بنهاية 2024 بنسبة 5.4%