بعد أسبوع من جولة المفاوضات التي عقدت يومي الخميس والجمعة الماضيين في العاصمة القطرية الدوحة، عادت بعض وفود التفاوض مرة أخرى إلى العاصمة المصرية القاهرة، وسط إحدى أكبر الانتكاسات التي مر بها مسلسل التفاوض بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل بشأن صفقة التبادل.

فقد نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول أميركي قوله إن مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط وصل إلى القاهرة لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

كما قال موقع "أكسيوس" الأميركي إن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين وصلوا إلى القاهرة للمشاركة في الاجتماع المرتقب مساء اليوم.

وكشف الموقع أن المسؤولين وصلوا إلى القاهرة ومعهم خريطة محدثة بشأن نشر القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا، مشيرا إلى أن محادثات القاهرة تهدف إلى إزالة آخر العقبات أمام التوصل إلى اتفاق.

كما نقل الموقع عن مسؤول أميركي قوله إن بايدن كان صارما مع نتنياهو خلال الاتصال الذي أجراه معه أمس بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.

ويوم أمس قال البيت الأبيض إن بايدن ونائبته كامالا هاريس شددا، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على ضرورة إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة مقابل الإفراج عن المحتجزين.

وأتى الاتصال غداة اختتام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولة في المنطقة سعى خلالها للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، في أعقاب جولة المحادثات التي عقدت في الدوحة يومي 15 و16 أغسطس/آب الجاري.

وبدورها، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصدر قوله إن ترتيبات لعقد لقاء القاهرة رفيع المستوى حول المفاوضات يوم السبت أو الأحد، وفريق التفاوض يعمل على مدار الساعة لتخفيف الفجوة في الصفقة، خصوصا حول فيلادلفيا مع المصريين.

بيد أن صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" نقلت عن مسؤوليْن عربيين من دولة وسيطة ومسؤول ثالث مشارك في المحادثات أن ميل المقترح الأميركي الأخير لمصلحة مواقف نتنياهو قد أوصل المفاوضات إلى طريق مسدود.

ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين قوله إنه لا جدوى من عقد الاجتماع المزمع في القاهرة هذا الأسبوع إلا إذا ضغطت واشنطن على نتنياهو ليتخلى عن مطالبه الجديدة.

ووفقا للصحيفة، فإن المسؤولين الثلاثة يرون أن المقترح الذي قدمته إدارة بايدن الأسبوع الماضي "لسد الفجوات" بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل قد بالغ كثيرا في تبنّي مواقف نتنياهو بشأن استمرار بقاء الجيش الإسرائيلي في معبر رفح ومحور نتساريم.

انتكاسة في مسار متعثر

وقبل نحو أسبوع، لاح ضوء خافت في آخر النفق يشي بإمكانية الوصول إلى اتفاق هدنة في مسار طويل ومتعثر من المفاوضات، غير أن ما تكشف لاحقا من عثرات وعقبات كان أكبر من البشائر، خصوصا أن إسرائيل مولعة إلى حد الجنون بقصف الأنفاق، وحتى تلك التي يمكن أن تؤدي إلى الإفراج عن عدد من أسراها لدى كتائب المقاومة، وإنهاء حرب يتوقع أن تفتح باب حروب أخرى، دون أن تمكن تل أبيب من تحقيق أي من أهدافها المعلنة.

فبالتزامن مع انتهاء جولة التفاوض في الدوحة، أشاعت الولايات المتحدة أجواء من التفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق جديد، وبدا كأنها تلقي بثقل دبلوماسي هائل لتحقيق نجاح فشلت فيه دبلوماسيتها خلال الشهور الماضية.

المساعي الأميركية الجديدة وأجواء التفاؤل التي شاعت في الساعات التالية لاختتام جولة التفاوض ارتطمت بصخرتين عظيمتين هما: رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأي اتفاق، وما وصف بالتماهي الأميركي شبه الكامل معه في الأيام الماضية.

ورغم أن الولايات المتحدة رأت أن مقترحها ربما يكون "الفرصة الأخيرة" لتحقيق وقف النار، وعدّته بمنزلة "اقتراح سد الفجوات"، فإن ما ترتب عليه لاحقا هو اتساع الخرق وتمدد الفجوات بين الطرفين في ما يمثل أكبر انتكاسة لمسلس التفاوض منذ انطلاقه مطلع العام الجاري.

وخلال الأيام الماضية ظهر أيضا أن ما بين الطرفين من "فجوات" لا أفق لحله بمقترحات أميركية يقول منتقدوها إنها تلوح بالسلام والتوافق تارة، وتضغط على زر آخر بالغ القساوة يمطر لهبا ودماء ولائحة قتلى تجاوز عدادها 40 ألف شهيد.

ما الذي يقدمه المقترح الأميركي؟

لم تكشف الولايات المتحدة ولا الوسطاء عن تفاصيل المقترح الذي أعلن عنه في نهاية جولة التفاوض الأخيرة في الدوحة يومي الخميس والجمعة الماضيين، ولكن مصادر إعلامية إسرائيلية قدمت عنه بعض التفاصيل من قبيل أنه:

– يلبي معظم مطالب إسرائيل من دون حل الخلاف بشأن محوري فيلادلفيا ونتساريم.

– يحدد عدد وأسماء المحتجزين الذين سيطلق سراحهم بالمرحلة الأولى.

– يتضمن إطلاق سراح النساء والمجندات الإسرائيليين أولا والمحتجزين الأحياء.

– يتضمن أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم مقابل كل محتجز إسرائيلي.

– تشمل قائمة الأسرى الفلسطينيين أسماء 47 أسيرا أُطلق سراحهم بصفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وأُعيد سجنهم أخيرا.

وبدروها، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن مسؤولين من حماس وإسرائيل قالوا إن الاقتراح الأميركي يترك الخلافات الكبرى دون حلول، ويبدو أنه يتفق مع المطالب الجديدة التي أضافها نتنياهو في يوليو/تموز الماضي ببقاء بعض القوات الإسرائيلية على طول الحدود بين غزة ومصر، وفق مسؤولين من حماس وإسرائيل.

ورغم أن كفة إسرائيل تبدو الرابحة في هذه الشروط، ورغم ما أعلنه أنتوني بلينكن من قبول نتنياهو بها، فإن تل أبيب عادت من جديد لتؤكد أنها لن تقبل بأي تفاوض يؤول إلى إنهاء الحرب، كما لن تنسحب من محوري فيلادلفيا ونتساريم.

وقبيل انعقاد جلسات التفاوض في القاهرة، نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن مسؤول إسرائيلي قوله "سنواصل القتال لتحقيق أهدافنا سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا"، ووصف واقع حال التفاوض بقوله "نقاتل حماس كما لو لم تكن هناك مفاوضات ونتفاوض كما لو لم تكن هناك حرب".

وتعني تلك التصريحات وما سبقها أن العراقيل القاتلة قد فرشت أشواكها أمام جولة المفاوضات الجديدة في القاهرة، كما فعلت أمام كل جولات التفاوض السابقة وخلفها.

مجالات التباعد وأسباب التعثر

يتأسس الخلاف بين الطرفين على المحاذير التي لا يريد ظهورها، والطموح الذي يريد الوصول إليه، ولأن الشقة بينهما بعيدة جدا، فإن إسرائيل بشكل خاص تريد اتفاقا مفصلا على مزاجها يحقق لها من بين أمور أخرى جملة أمور وفقا لأحدث التسريبات:

الفصل بين مراحل الهدنة الثلاث التي نص عليها المقترح الأميركي الأصلي. يلغي شرط الانسحاب الجزئي من قطاع غزة. يبقي سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا ومعبر رفح. ينص على عودة مشروطة للنازحين وتفتيشهم، ويفرض إطارا أمنيا دقيقا يتضمن مراجعة وتفتيش العائدين من مناطق النزوح. يستثني من التفاوض مسار الإغاثة وإعمار القطاع بعد توقف الحرب. يفتح الباب أمام الحرب مجددا بعد المرحلة الأولى من الهدنة.

ولأن اتفاقا يحقق هذه المطالب الإٍسرائيلية بشكلها السابق، يساوي بالضرورة هزيمة ساحقة للمقاومة، وانقلابا شديدا في موازين القوى، فإن حماس وقفت بالمرصاد، وحددت أيضا لاءاتها التي لا تنازل عنها، والتي نص عليها المقترح الأميركي الذي وافقت عليه الحركة في الثاني من يوليو/تموز، ومنها:

الوقف الفوري التام والكامل لإطلاق النار. الانسحاب الكلي للقوات الإسرائيلية إلى محاذاة الحدود. عودة النازحين إلى بيوتهم في كل مناطق القطاع من دون قيد أو شرط. دخول المساعدات الإنسانية والمساكن المؤقتة بشكل كاف وآمن. يدعو لصفقة تبادل عادلة تشمل أصحاب الأحكام العالية. المفاوضات أثناء المرحلة الأولى يجب أن تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

وبين لاءات الطرفين من التباعد ما بين طموح إسرائيل وحالها على أرض الواقع في غزة، وهو ما يعني أن وقف إطلاق النار بات بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى وفق ما ذهبت إليه صحف غربية متعددة، نظرا لما بدا من تماه في رأي الوسيط الأميركي مع الطرف الإسرائيلي، وهو ما يعني أن لا ضمانات لجدية المفاوضات، ولا زمنا متوقعا لنهايتها، أحرى الوصول إلى نتائج مرضية منها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المقترح الأمیرکی وقف إطلاق النار إلى اتفاق قوله إن

إقرأ أيضاً:

سموتريتش: نتنياهو وترمب ملتزمان بإزالة حماس من حكم غزة

قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إنه قرر الاستمرار في الحكومة رغم معارضته لاتفاق وقف إطلاق النار لاقتناعه بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ملتزمان بإزالة " حماس " من الحكم في قطاع غزة .

ووصف سموتريتش في مقابلة مع صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية نشرت، اليوم الجمعة 31 نياير 2025، الاتفاق بأنه «كارثي وخطير" على أمن إسرائيل، وأبدى اقتناعه بأن إسرائيل ستعود إلى الحرب بعد فترة وجيزة من انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في مارس (آذار).

كما انتقد وزير المالية الإسرائيلي، المنتمي لليمين المتطرف، طول أمد الحرب، وقال إنها كان ينبغي أن تنتهي في وقت أقل، ملقيا باللوم على حظر الأسلحة الذي فرضته إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بسبب مخاوف من تأثيرها على المدنيين الفلسطينيين.

ومن المنتظر أن تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار يوم الاثنين المقبل، وقال سموتريتش إنها إذا تضمنت إنهاء الحرب دون تحقيق أهدافها "فإنه لن يترك الحكومة فحسب، بل سيسقطها".

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية قناة كان تكشف: معبر رفح سيفتح اليوم لأول مرة استطلاع: غالبية عظمى في إسرائيل تعتقد أن أهداف الحرب لم تتحقق إسرائيل: لا نتوقع فشل الدفعات التالية من صفقة التبادل ولكن.. الأكثر قراءة التربية والتعليم تبحث مع "اليونيسف" تنسيق الجهود للإغاثة في غزة خارجية العراق تنفي تصريح وزيرها لإعلام عبري بشأن "مختطفة" إسرائيلية مكتب نتنياهو: تم إطلاع أهالي الأسرى على الاستعدادات لمفاوضات المرحلة الثانية حكومة نتنياهو توعز للجيش بألا ينسحب من القطاع الشرقي بجنوب لبنان عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • غزة.. جولة جديدة من تبادل الأسرى والرهائن اليوم
  • سموتريتش: نتنياهو وترمب ملتزمان بإزالة حماس من حكم غزة
  • يديعوت: هذه هي الملفات التي سيناقشها نتنياهو مع ترامب
  • وزير الخارجية الأميركي يبدأ جولة في أميركا الوسطى
  • المرحلة الثانية من اتفاق غزة.. نتنياهو يناقش "سيناريو قاتم"
  • وزير الخارجية الأميركي يدلي بتصريحات جديدة بشأن غرينلاند
  • ماذا تحمل زيارة المبعوث الأميركي ويتكوف إلى إسرائيل؟
  • تطورات جديدة في مفاوضات تجديد عقد محمد صلاح مع ليفربول
  • يديعوت : نتنياهو سيفشل مفاوضات المرحلة الثانية لتبادل الأسرى
  • الغارديان: نتنياهو ليس مهتما بوقف إطلاق نار دائم مع غزة