جولة مفاوضات جديدة بالقاهرة.. عثرات وعقبات وأمل ضئيل
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
بعد أسبوع من جولة المفاوضات التي عقدت يومي الخميس والجمعة الماضيين في العاصمة القطرية الدوحة، عادت بعض وفود التفاوض مرة أخرى إلى العاصمة المصرية القاهرة، وسط إحدى أكبر الانتكاسات التي مر بها مسلسل التفاوض بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل بشأن صفقة التبادل.
فقد نقلت شبكة "سي إن إن" عن مسؤول أميركي قوله إن مستشار الرئيس جو بايدن لشؤون الشرق الأوسط وصل إلى القاهرة لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
كما قال موقع "أكسيوس" الأميركي إن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين وصلوا إلى القاهرة للمشاركة في الاجتماع المرتقب مساء اليوم.
وكشف الموقع أن المسؤولين وصلوا إلى القاهرة ومعهم خريطة محدثة بشأن نشر القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا، مشيرا إلى أن محادثات القاهرة تهدف إلى إزالة آخر العقبات أمام التوصل إلى اتفاق.
كما نقل الموقع عن مسؤول أميركي قوله إن بايدن كان صارما مع نتنياهو خلال الاتصال الذي أجراه معه أمس بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة.
ويوم أمس قال البيت الأبيض إن بايدن ونائبته كامالا هاريس شددا، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على ضرورة إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة مقابل الإفراج عن المحتجزين.
وأتى الاتصال غداة اختتام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جولة في المنطقة سعى خلالها للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، في أعقاب جولة المحادثات التي عقدت في الدوحة يومي 15 و16 أغسطس/آب الجاري.
وبدورها، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصدر قوله إن ترتيبات لعقد لقاء القاهرة رفيع المستوى حول المفاوضات يوم السبت أو الأحد، وفريق التفاوض يعمل على مدار الساعة لتخفيف الفجوة في الصفقة، خصوصا حول فيلادلفيا مع المصريين.
بيد أن صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" نقلت عن مسؤوليْن عربيين من دولة وسيطة ومسؤول ثالث مشارك في المحادثات أن ميل المقترح الأميركي الأخير لمصلحة مواقف نتنياهو قد أوصل المفاوضات إلى طريق مسدود.
ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين قوله إنه لا جدوى من عقد الاجتماع المزمع في القاهرة هذا الأسبوع إلا إذا ضغطت واشنطن على نتنياهو ليتخلى عن مطالبه الجديدة.
ووفقا للصحيفة، فإن المسؤولين الثلاثة يرون أن المقترح الذي قدمته إدارة بايدن الأسبوع الماضي "لسد الفجوات" بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل قد بالغ كثيرا في تبنّي مواقف نتنياهو بشأن استمرار بقاء الجيش الإسرائيلي في معبر رفح ومحور نتساريم.
انتكاسة في مسار متعثروقبل نحو أسبوع، لاح ضوء خافت في آخر النفق يشي بإمكانية الوصول إلى اتفاق هدنة في مسار طويل ومتعثر من المفاوضات، غير أن ما تكشف لاحقا من عثرات وعقبات كان أكبر من البشائر، خصوصا أن إسرائيل مولعة إلى حد الجنون بقصف الأنفاق، وحتى تلك التي يمكن أن تؤدي إلى الإفراج عن عدد من أسراها لدى كتائب المقاومة، وإنهاء حرب يتوقع أن تفتح باب حروب أخرى، دون أن تمكن تل أبيب من تحقيق أي من أهدافها المعلنة.
فبالتزامن مع انتهاء جولة التفاوض في الدوحة، أشاعت الولايات المتحدة أجواء من التفاؤل بقرب التوصل إلى اتفاق جديد، وبدا كأنها تلقي بثقل دبلوماسي هائل لتحقيق نجاح فشلت فيه دبلوماسيتها خلال الشهور الماضية.
المساعي الأميركية الجديدة وأجواء التفاؤل التي شاعت في الساعات التالية لاختتام جولة التفاوض ارتطمت بصخرتين عظيمتين هما: رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأي اتفاق، وما وصف بالتماهي الأميركي شبه الكامل معه في الأيام الماضية.
ورغم أن الولايات المتحدة رأت أن مقترحها ربما يكون "الفرصة الأخيرة" لتحقيق وقف النار، وعدّته بمنزلة "اقتراح سد الفجوات"، فإن ما ترتب عليه لاحقا هو اتساع الخرق وتمدد الفجوات بين الطرفين في ما يمثل أكبر انتكاسة لمسلس التفاوض منذ انطلاقه مطلع العام الجاري.
وخلال الأيام الماضية ظهر أيضا أن ما بين الطرفين من "فجوات" لا أفق لحله بمقترحات أميركية يقول منتقدوها إنها تلوح بالسلام والتوافق تارة، وتضغط على زر آخر بالغ القساوة يمطر لهبا ودماء ولائحة قتلى تجاوز عدادها 40 ألف شهيد.
ما الذي يقدمه المقترح الأميركي؟لم تكشف الولايات المتحدة ولا الوسطاء عن تفاصيل المقترح الذي أعلن عنه في نهاية جولة التفاوض الأخيرة في الدوحة يومي الخميس والجمعة الماضيين، ولكن مصادر إعلامية إسرائيلية قدمت عنه بعض التفاصيل من قبيل أنه:
– يلبي معظم مطالب إسرائيل من دون حل الخلاف بشأن محوري فيلادلفيا ونتساريم.
– يحدد عدد وأسماء المحتجزين الذين سيطلق سراحهم بالمرحلة الأولى.
– يتضمن إطلاق سراح النساء والمجندات الإسرائيليين أولا والمحتجزين الأحياء.
– يتضمن أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم مقابل كل محتجز إسرائيلي.
– تشمل قائمة الأسرى الفلسطينيين أسماء 47 أسيرا أُطلق سراحهم بصفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وأُعيد سجنهم أخيرا.
وبدروها، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن مسؤولين من حماس وإسرائيل قالوا إن الاقتراح الأميركي يترك الخلافات الكبرى دون حلول، ويبدو أنه يتفق مع المطالب الجديدة التي أضافها نتنياهو في يوليو/تموز الماضي ببقاء بعض القوات الإسرائيلية على طول الحدود بين غزة ومصر، وفق مسؤولين من حماس وإسرائيل.
ورغم أن كفة إسرائيل تبدو الرابحة في هذه الشروط، ورغم ما أعلنه أنتوني بلينكن من قبول نتنياهو بها، فإن تل أبيب عادت من جديد لتؤكد أنها لن تقبل بأي تفاوض يؤول إلى إنهاء الحرب، كما لن تنسحب من محوري فيلادلفيا ونتساريم.
وقبيل انعقاد جلسات التفاوض في القاهرة، نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن مسؤول إسرائيلي قوله "سنواصل القتال لتحقيق أهدافنا سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا"، ووصف واقع حال التفاوض بقوله "نقاتل حماس كما لو لم تكن هناك مفاوضات ونتفاوض كما لو لم تكن هناك حرب".
وتعني تلك التصريحات وما سبقها أن العراقيل القاتلة قد فرشت أشواكها أمام جولة المفاوضات الجديدة في القاهرة، كما فعلت أمام كل جولات التفاوض السابقة وخلفها.
مجالات التباعد وأسباب التعثريتأسس الخلاف بين الطرفين على المحاذير التي لا يريد ظهورها، والطموح الذي يريد الوصول إليه، ولأن الشقة بينهما بعيدة جدا، فإن إسرائيل بشكل خاص تريد اتفاقا مفصلا على مزاجها يحقق لها من بين أمور أخرى جملة أمور وفقا لأحدث التسريبات:
الفصل بين مراحل الهدنة الثلاث التي نص عليها المقترح الأميركي الأصلي. يلغي شرط الانسحاب الجزئي من قطاع غزة. يبقي سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا ومعبر رفح. ينص على عودة مشروطة للنازحين وتفتيشهم، ويفرض إطارا أمنيا دقيقا يتضمن مراجعة وتفتيش العائدين من مناطق النزوح. يستثني من التفاوض مسار الإغاثة وإعمار القطاع بعد توقف الحرب. يفتح الباب أمام الحرب مجددا بعد المرحلة الأولى من الهدنة.ولأن اتفاقا يحقق هذه المطالب الإٍسرائيلية بشكلها السابق، يساوي بالضرورة هزيمة ساحقة للمقاومة، وانقلابا شديدا في موازين القوى، فإن حماس وقفت بالمرصاد، وحددت أيضا لاءاتها التي لا تنازل عنها، والتي نص عليها المقترح الأميركي الذي وافقت عليه الحركة في الثاني من يوليو/تموز، ومنها:
الوقف الفوري التام والكامل لإطلاق النار. الانسحاب الكلي للقوات الإسرائيلية إلى محاذاة الحدود. عودة النازحين إلى بيوتهم في كل مناطق القطاع من دون قيد أو شرط. دخول المساعدات الإنسانية والمساكن المؤقتة بشكل كاف وآمن. يدعو لصفقة تبادل عادلة تشمل أصحاب الأحكام العالية. المفاوضات أثناء المرحلة الأولى يجب أن تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.وبين لاءات الطرفين من التباعد ما بين طموح إسرائيل وحالها على أرض الواقع في غزة، وهو ما يعني أن وقف إطلاق النار بات بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى وفق ما ذهبت إليه صحف غربية متعددة، نظرا لما بدا من تماه في رأي الوسيط الأميركي مع الطرف الإسرائيلي، وهو ما يعني أن لا ضمانات لجدية المفاوضات، ولا زمنا متوقعا لنهايتها، أحرى الوصول إلى نتائج مرضية منها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المقترح الأمیرکی وقف إطلاق النار إلى اتفاق قوله إن
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يبحث نتائج مفاوضات الدوحة وعائلات الأسرى تتهمه بإشعال الحرب
قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيعقد مساء اليوم السبت اجتماعا للمجلس الأمني والسياسي (الكابينت) لتلقي تقرير مفصل من فريق التفاوض العائد من الدوحة، في حين دعت عائلات الأسرى الإسرائيليين إلى التظاهر قبالة مقر الحكومة.
ومن المتوقع أن يبحث الكابينت الخطوات المقبلة المتعلقة باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة إثر المفاوضات التي جرت في الدوحة خلال الأيام الماضية على ضوء المقترح الأميركي الجديد، الذي قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إنها تعاملت معه بإيجابية.
ونقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مصادر قولها إن المستوى السياسي برئاسة نتنياهو قد يقرر مساء اليوم شن عمليات عسكرية محدودة في قطاع غزة للضغط على حركة حماس.
وجاءت هذه الأنباء تزامنا مع غارة إسرائيلية على بيت لاهيا شمالي قطاع غزة بعد ظهر اليوم السبت، أدت إلى استشهاد 9 فلسطينيين، بينهم صحفيون وعاملون في المجال الإغاثي.
"نريد دفعة واحدة"
من ناحية أخرى، دعت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة إلى المشاركة في مظاهرات مساء اليوم السبت تحت شعار "نريد الرهائن دفعة واحدة والآن"، وذلك تعبيرا عن مطالبها بإبرام اتفاق يعيد جميع الأسرى مرة واحدة وليس على مراحل مقابل إنهاء الحرب.
إعلانوقالت هيئة عائلات الأسرى إن مظاهرة القدس الأسبوعية ستنتقل مساء اليوم إلى قبالة مقر الحكومة تزامنا مع انعقاد اجتماع الكابينت.
وأكدت الهيئة في بيان أن "الوقت ينفد والفرصة مواتية الآن، وقد لا تكون هناك فرصة أخرى لإنقاذهم"، وأوضحت أنها سترسل رسالة إلى الحكومة بأنها لن تسمح لها "بتحويل أنفاق غزة إلى مكان لدفن أبنائنا".
وأضافت أن "الحكومة التزمت بإنهاء الحرب وتنفيذ الاتفاق، والآن تعمل على إشعال الحرب".
وكانت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين قد رحبت أمس الجمعة بإعلان حركة حماس عن موافقتها على الإفراج عن الأسير الإسرائيلي عيدان ألكسندر الذي يحمل الجنسية الأميركية، إضافة إلى جثامين 4 أسرى آخرين من مزدوجي الجنسية.
دفعة واحدةوفي نبأ عاجل ورد مساء اليوم السبت، قال والد جندي إسرائيلي أسير بغزة إن "إطلاق سراح كل الأميركيين بغزة سيولد شعورا بأن إسرائيل لا تريد مختطفيها".
وفي الأثناء، قالت عائلات الأسرى الإسرائيليين بقطاع غزة إنه "يجب إعادة كل المختطفين دفعة واحدة الآن".
واعتبر بيان صادر عن العائلات مساء اليوم أن "الحرب لن تعيد المختطفين بل ستقتلهم"، مشيرا إلى أنه "بعد 526 يوما لا يزال 59 مختطفا ومختطفة في جحيم غزة"، على حد تعبير البيان.
وطالبت عائلات الأسرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمواصلة الضغط على نتنياهو حتى إعادة كل المختطفين، مضيفين أن الحكومة تخاف من "نضالهم" ومؤكدين أنهم سينتصرون بإعادة "كل المختطفين".
حماس ترد "بإيجابية"وقد أعلنت حماس أمس الجمعة أنها سلمت ردها على مقترح الوسطاء، وأنها تعاملت معه بمسؤولية وإيجابية، حسب تعبيرها، كما قالت إن وفدها التفاوضي توجه إلى القاهرة للقاء المسؤولين المصريين ومتابعة تطورات المفاوضات.
وأكدت الحركة جاهزيتها التامة لبدء المفاوضات، والوصول إلى اتفاق شامل بشأن قضايا المرحلة الثانية، داعية إلى إلزام الاحتلال بتنفيذ التزاماته كاملة.
إعلانوكشفت مصادر للجزيرة أن مقترح الوسطاء سُلّم لحماس وإسرائيل يوم الخميس في الدوحة، وتضمن 4 بنود شكلت إطار عمل للاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار.
المقترح الجديد
ويشمل مقترح الوسطاء إفراج حماس في اليوم الأول عن 5 أسرى إسرائيليين أحياء، بينهم عيدان ألكسندر، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. يتبع ذلك الشروع في مفاوضات غير مباشرة خلال 50 يوما للوصول لوقف دائم لإطلاق للنار وتبادل الأسرى.
وأكد المقترح على استمرار الإجراءات المتفق عليها في المرحلة الأولى بشأن دخول المساعدات الإنسانية ووقف العمليات العسكرية.
وأضافت المصادر أن حركة حماس طالبت بإجراء تعديلات على المقترح، أبرزها أن يكون جزءا لا يتجزأ من اتفاق 17 يناير/كانون الثاني وأن يُلزَم الاحتلال بتطبيق ما تبقى من المرحلة الأولى واستئناف فتح المعابر ودخول المساعدات، والإعمار والانسحاب من محور فيلادلفيا (محور صلاح الدين).