الأمور قبل عامٍ بالضبط مختلفة، يُصادف اليوم وأمس ذِكرى هجومات سلاح المدرعات، إدهشت وأنا أرى أن الأمر كان منذ عام وكأنه في بالي قبل يومٍ أو يومان الأيام تجري بسرعة كأعمدة الكهرباء وأنت تنظر لها عبر نافذة العربة كما أخبرتك…الفترة من 20 إلى 25 من شهر أغسطس للعام 2023 أراها من أيام الله الخالدات في ذهني ويمكن أن تكون خالدة في التاريخ لسنين طويلة…موجات عدو لا تعرف التوقف لتشرب جُرعة ماء دعك من الأكل وبأعدادٍ لا توصف.

. يومٌ حُشِدت له العُدة والعتاد والعربات المصفحة والمدرعة من كل عاصمةٍ مناوئة لتحصيل حاصل وإسقاط السلاح…لا زلت أذكر أحد أفراد العدو الذي كان يُرسل لي مهدداً ومتوعداً قبل أيام، فأقرأ رسائله وأضحك.. يُخبرني أنهم أعدوا العدة والعتاد فالأمر محسوم ومسألة زمن.. ينصحني بالهروب ورأيت الرجال يومها يطبقون قوله تعالى “الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا”…عرفت فيما بعد بأنه مات على أسوار القلعة الحصينة…أظن أنني قبل هذه الأيام خرجت من أكثر من عشرين موته محققة،ما بين رصاصة طائشة تصيب المكان الذي غادرته بثانية، أو دانة تقع في مكان فارقته بدقيقة، رأيت طلقة دوشكة أمام وجهي من الجنب، لو أن سائق الكروزر تحرك بأسرع قليلاً لفجرت أدمغتنا.. ورأيت أحد العساكر في يومٍ كثر فيه الطائش يحتمي بظهر دبابة تحت حُفرة “دشمة” فأصابته رصاصة وهو تحت كل هذا…أنتكيء على عمود لحظة صد الهجوم في المواجهة الجنوبية فيُلهمك الله أن ترفع يدك عن العمود فتُصاب يدك لا قلبك، خمسة سنتيمترات كافية لتغيير الأقدار، يُريد القناص قلبك ويُريد الله يدك، فتصريف الأقدار بيده وخمس سنتيات تُغير ولولاها لما قرأت هذه الحروف ولكُنت تدعي لي بالرحمة من حينٍ لآخر عندما تذكرني لماماً.. لا ألومك على نسياني فالنسيان من نعم الله علينا…فتعلمتُ أن الأقدار بيد الواحد القهار وحده، وأن الروح ينزعها خالقها في اليوم الذي يريده وحده فقط و “عمر الشقي بقي”…مشهد الرجال وهم يتقدمون وأنظر لأحدهم وهو حديث سنٍ بعد أن رأيته يضرب “الدوشكا” بثبات غريب وسط غابة من القناصين فسألت أحد الأفراد الذين معي “من هذا؟” فأخبرني بأنه دفعته، وكل القوة التي معنا هنا من أبناء دفعته.. فأخبرته أن يأتي به إليَّ إلى المكتب في اللواء السابع مدرع لتحفيزه…وألتفت لأرى آخراً يتسلق جدران أحد المنازل متخطياً النيران في مشهد لم أره إلا في الأفلام، فقلت لمن معي “ودفعتك دة برضو جيبو المكتب نحفزو”…وثالثٌ حمل القرنوف كلُعبة أطفال يُغطي لمجموعة تريد العبور وبعد أن عبرت تقدم أمامنا من جهة أخرى.. فقلت لمن معي “ودة برضو جيبو”.. فقال لي ساخراً “داير ليك ميزانية بلد عشان تحفزهم”.. فأخبرته أن الأمر لو إستدعى أن “أشحد” لهم الخيرين لفعلت… فأُصيب حامل القرنوف بطلقٍ في صدره ونحن نتحدث وبعده أنا…تراودني الأسئلة وأنا أنظر لهم عن ما هو العائد الذي سيجنونه لنذر أرواحهم فيصرخ أحدهم “دروع فووووق سودان فووووق”… لا أعرف ما حصل عليهم فقط أسأل الله أن يكونوا بخير…لن أنسى ذلك العسكري الذي جاء مع أحد الكروزرات كقوة تأمين وطلبت منه أن يضرب على تلك البناية فوجدته في حالة سُكر لا يقوى على فعل شيء فصعد أحدهم بداله، أخبرني السائق أنه أصر أن يأتي ليضرب المدفع وحاله كما ترى، فقلت له أنه رجلٌ يُحب الله ورسوله والمجاهدة لكن كيفه غلبه…مطبوعٌ على ذهني أيضاً صورة دفعتي Wahbi Awad وهو مضجر بدمائه بعد أن قُطع شريان يده، الطيار الذي عندما حُبس في المدرعات عن طائرته وما يعرفه لم يجد حرجاً فري أن يكون طائرة من الأرض ويُذيقهم من تحتها لا من فوقها…الملازم الرجل إبن الرجال “صديق المنصوري” شهيداً مُلقى بجانبي بعد أن قدت الطلقة حلقه، المقدم الورع التقي “مالك النور” بعدها بيوم سمعت خبر إستشهاده…االرائد الشهيد “منير” والملازم الشهيد “منذر” ومعهم بضعٌ وخمسون رجلاً يُغيرون التاريخ ويُبددون العدة والعتاد التي أُنفقت لتكون حسرات على بوابة المدرعات ويقف علم المدرعات شامخاً لا يُدنس ولا يمكن الوصول إليه…فيديو الشهيد “أيوب” من داخل السيطرة يعيد الحياة في أجساد من سمعوا بسقوط السلاح…قصصهم هؤلاء ستُحكى قبل النوم للأطفال وستًخلد في عقولهم عن رِجالٍ صدقوا ما وعدوا، وبنوا المستقبل بالرحيل منه.. وآخرون لا أعلمهم لكن الله يعلمهم…رصد وتحرير – “النيلين”إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: بعد أن

إقرأ أيضاً:

تظل المدرعات أم المعارك والصمود

أيام بطر المليشيا في شهورها الأولى وعربدتها ، وقدرتها على الهجوم على عدد من معسكرات الجيش في وقت واحد، أفرادها مشيتهم في الأرض اتغيرت وتشوف الواحد ماشي في حالة في الزهو والعنطزة ، وكم مرة بنكون قاعدين يجوا يقولوا ليك انتو منتظرين الجيش ؟
السُلاح الشايلنه ده سلاح الجيش

ومرات: منتظرين البرهان انتو ؟ ومحل ما مشيتو نحن جاينكم ..

كنت بتكلم مع واحد صاحبي قلت ليه الناس ديل ما ح تروح الحالة ده عندهم الا ياخدو كف جامد يصحيهم من الحالة ده
وكانت أول صفعة هزت غرورهم وذهبت بكثير من أوهامهم هي صفعة المدرعات ، فوالله وبالله وتالله ما رأيتهم مكسورين مطأطيء الرؤوس الا بعد هجومهم على المدرعات ، وما بردت قلوبنا الا لمن شفناهم ينقلوا في جثثهم طول الليل ودمهم يشرشر على الشوارع ..

تظل المدرعات أم المعارك والصمود ويظل ابطال المدرعات شعار والناس دثار

علاء الدين عثمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أمنياً.. ما الذي أضعف حزب الله؟
  • خالد الجندي: الأعمال الصالحة في شعبان تؤثر في الأقدار في رمضان
  • منخفض جوي يضرب الإسكندرية
  • راصد يكشف آخر تطوّرات المنخفض القطبي الذي يضرب فلسطين
  • تقدم استراتيجي لقوات المدرعات في حي الرميلة والقوز
  • أصوات من غزة.. صعوبة تأمين الاحتياجات اليومية
  • تظل المدرعات أم المعارك والصمود
  • كامل الوزير: مصانع العاشر من رمضان تعزز مكانة مصر كقوة رائدة في المنطقة|صور
  • رونالدو: أنا الأفضل في التاريخ ولن أنسى الموقف الطريف مع ميسي
  • خالد الجندي: المعاصي قد تؤدي إلى زوال النعم