بدائل القهوة في السودان مساحيق محمصة ونتائج مفاجئة
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
في ظل الحرب الدائرة في السودان، قفزت أسعار السلع والبضائع قفزات غير متوقعة، وعلى رأسها القهوة، التي بلغ سعر الرطل منها أرقاما فلكية دفعت الكثيرين من محبي المشروب الصباحي إلى محاولة إيجاد بدائل، للإبقاء على عاداتهم القديمة، أشهرها القهوة من نوى البلح المحمص، ومن القمح المحمص، وأيضا القهوة من نوى المشمش، وغيرها من البدائل المبتكرة لمساحيق تشبه مسحوق القهوة.
تعتبر إضافة مواد غير البن إلى مشروب القهوة نوعًا من الغش، وفقًا لدراسة بعنوان "غش القهوة العربية: الكشف عن القمح والذرة والحمص". تشير الدراسة إلى أن مشروب القهوة، الذي يُعد من أكثر المشروبات شعبية عالميًا، يُعتبر مغشوشًا إذا تمت إضافة مواد غير حبوب البن إليه. نظرًا للأهمية الاقتصادية لمحاصيل البن، أصبح نقاء القهوة مسألة حاسمة لتحديد قيمتها السوقية. يمكن الكشف عن هذه المسألة إما من خلال الفحص البصري أو عبر طرق مبتكرة للكشف عن كميات الإضافات التي تُستخدم في غش القهوة، مثل:
نوى البلح نوى الدوم نوى المشمش القمح البازلاء الحمص الذرة فول الصويا الشعيرمع ذلك، فقد دفعت الحرب العديد من السودانيين إلى استخدام المواد السابقة عن وعي كامل كبدائل، وهو المبدأ ذاته الذي اتبعته العديد من الماركات التجارية حول العالم، لأنواع من "القهوة" المصنوعة من الحبوب، فهنالك ذلك النوع البولندي المكون من الجاودار المحمص والشعير والهندباء وبنجر السكر، وهنالك العديد من الوصفات القديمة التي تتضمن نوعا واحدا من الحبوب أو أكثر يتم طحنه مع القهوة العادية، مثل البازلاء المحمصة، والقمح، والشعير، فول الصويا، والذرة، وغيرها من الإضافات التي يتم إضافتها عقب تحميصها، ولكنها جميعا تشترك في خلوها من الكافيين، لذا تعرف بأنها "قهوة نباتية"، ولكن هل تبدو كافية لشاربيها؟.
قهوة القمح تنتشر في كوستيفي منزله بمنطقة ريفي كوستي في ولاية النيل الأبيض بالسودان، لم تعد أسعار البن في متناول يد عبد الله موسى، الذي يقول للجزيرة نت: "قفز سعر رطل البن الصافي من 5 آلاف إلى 17 – 25 ألف جنيه سوداني، بسبب انقطاع الطريق على المواد الغذائية، وشح تلك المتوافرة في الداخل، مما دفع الكثيرين وأنا منهم إلى محاولة إيجاد بدائل لمشروبنا المفضل، منها قهوة القمح، والتي اكتشفت أن مذاقها لا يختلف كثيرا عن القهوة العادية، خاصة إذا ما تم إضافة القليل من البن الأصلي إليها".
يأمل الشاب البالغ من العمر 25 عاما، أن تصدق التوقعات بانخفاض الأسعار في الفترة القادمة، خاصة عقب بعض الانخفاضات الطفيفة الأخيرة بسبب دخول بضائع إلى الولاية، ولا يتوقع أيضا أن يتوقف عن تناول قهوة القمح عقب انتهاء الحرب، يقول: "جربنا العديد من البدائل خلال أحداث الحرب، كجمع الحطب والحصول على الخشب من الأشجار لإشعال النار ولا أعتقد أننا سنودع تلك العادات كليا عقب انتهاء الحرب، فلكل تجربة مذاقها".
التجربة ذاتها خاضها فارس بشير الهادي، الشاب الذي ما يزال بعد يدرس التمريض، يصف تجربته للجزيرة نت بـ "الظريفة" ويقول: "لن أقول إنها تمنح طعم القهوة الأصلية، لكنها بمثابة تعويض عنها في ظل صعوبة الحصول عليه، قمت بتحميص حبات من القمح مع حبات من البن، لمنحي مذاقا يشبه قهوتي القديمة وبدت التجربة ناجحة بالفعل".
نوى التمر والدوم على القائمةلم ينزح عبد العظيم حسب الله، الشاب البالغ من العمر 32 عاما، من المنطقة التي يقيم فيها ولاية جنوب كردفان، بمحلية الدلنج، لكنه بقي محاصرا داخل مدينته، يقول: "حاصرتنا قوات الدعم السريع والحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو، وصار الحصول على الكثير من البضائع التي كنا نشتريها بسهولة من قبيل الأحلام".
وتابع "في مدينتي كان رطل القهوة يتراوح من 2500 إلى 3000 جنيه سوداني، أما الآن فقد وصل ثمن الرطل بين 12 إلى 15 ألفا، الأسعار اختلفت بالتبعية على المقاهي، فبينما كان كوب القهوة في المقاهي يتراوح من 400 إلى 500 جنيه سوداني في الماضي أصبح الكوب الواحد الآن يكلف شاربه على الأقل 1000 جنيه سوداني".
لجأ عبد العظيم الذي عمل في مجال التجارة، إلى بدائل مختلفة، لم تخطر له ببال من قبل، سمعها عبر مجموعات الطعام السوداني على مواقع التواصل الاجتماعي، يقول للجزيرة نت: "البدائل التي قمت بتجربتها هي نوى التمر، ونوى ثمرة الدوم، وكانت النتائج مرضية، لكن نوى البلح كان هو البديل الأكثر نجاحا، بصرف النظر عن احتوائه على الكافيين من عدمه، فالمهم بالنسبة لي هو المذاق".
التحميص كارثة غذائيةلا تبدو التبعات الصحية لتحميص أي من القمح أو نوى الدوم والتمر صحية بأي شكل، بحسب الدكتور مجدي نزيه، استشاري التثقيف والإعلام الغذائي، حيث قال الخبير في مجال التغذية إن تحميص الحبوب التي تستخدم كبدائل، فضلا عن خلوها من الكافيين، يعتبر "كارثة صحية".
وأكد للجزيرة نت: "حين يتم تحميص أي من تلك الحبوب البديلة، يرتفع مستوى الكربون، لأنها جميعا بدائل خالية من الزيوت، وكلما ارتفعت نسبة الكربون، تسبب ذلك في زيادة احتمالية الإصابة ببعض أنواع الأورام السرطانية، لمن لديه استعداد بالفعل".
وأشار خبير التغذية المصري، أن الأمر ذاته ينطبق على البن الشديد التحميص، ويقول: "لدينا 3 أنواع من التحميص، فاتح ووسط وداكن، ذلك الأخير ينطبق عليه الأمر نفسه، المسألة تشبه وضع رغيف خبز على النار حتى يصل إلى اللون الأسود، أما إذا أردنا الوصول إلى أفضل قيمة غذائية، فالحل في الحصول على المشروبات من دون تحميص، كما هو الحال مع البن الأخضر، أو طحن المواد المذكورة من دون التحميص الذي يؤدي إلى تغيير الخصائص للمادة الغذائية المستخدمة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات جنیه سودانی للجزیرة نت العدید من من القمح
إقرأ أيضاً:
٦ أبريل مازالت جذوة الثورة متقدة
بقلم: تاج السر عثمان
1
تمر الذكرى الأربعون لانتفاضة ٦ أبريل ١٩٨٥ والذكرى السادسة لملحمة اعتصام القيادة العامة ٦ أبريل ٢٠١٩ اللتين اطاحتا بالمخلوعين النميري والبشير ، تهل علينا والبلاد تمر بظروف الحرب اللعينة الجارية حاليا التي دمرت البلاد والعباد، وتهدد بتقسيم البلاد، ويستمر تدمير البنية التحتية كما في القصف الاخير لمحطة مروي الحرارية الذي عطل الكهرباء في معظم ولايات السودان، مما اكد انها حرب ضد المواطن ، وتصاعد الاستعداد للحرب بعد تهديد الدعم باجتياح الشمالية، والجيش باجتياح دارفور، مع ارتفاع حالات القتل خارج إطار القانون مع قطع الرؤوس وبقر للبطون التي تمارسها عصابات الإسلامويين ، والتعذيب الوحشي للمعارضين في سجون طرفي الحرب، وتزايد الخطاب العنصري والاثني، كما في استهداف سكان مايو جنوب الحزام في الخرطوم، مما يؤدي للمزيد من تمزيق وحدة البلاد، تلك الحرب التي اندلعت بعد انقلاب 25 أكتوبر، الذي أعاد التمكين للإسلامويين، يحلمون حاليا بحكم البلاد، اضافة لمواصلة المخطط لتصفية الثورة، ونهب ثروات البلاد كما استمرار تصدير الذهب والصمغ العربي والثروة الحيوانية عن طريق التهريب رغم استمرار الحرب، والتفريط في السيادة الوطنية لمصلحة. المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب والهادفة لنهب ثروات البلاد والوجود على ساحل البحر الأحمر. .
2
كان من أهم دروس انتفاضة ٦ أبريل ١٩٨٥: ضرورة حماية ومواصلة الانتفاضة حتى تحقيق أهدافها، وتصفية آثار النظام القديم والغاء كل القوانين المقيدة للحريات، واسترداد أموال الشعب المنهوبة ومحاسبة المفسدين الذين اجرموا في حق الشعب السوداني، وتحقيق الديمقراطية والحل الشامل والعادل لمشاكل البلاد.
كما جاءت ثورة ديسمبر 2018 تتويجا لنضال طويل خاضه الشعب السوداني ، ضد ديكتاتورية الإسلامويين الدموية التي قمعت المعارضة السياسية والنقابية بالتعذيب الوحشي والاعتقالات ، وتشريد أكثر من 350 الف من أعمالهم ،ونهبت ثروات البلاد لمصلحة الطفيلية الإسلاموية، و طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، حتى بلغت ديون السودان الخارجية 60 مليار دولار، وكانت مصادر النهب وتركيز الثروة من أصول القطاع العام ، ونهب مدخرات المواطنين بعد اصدارقانون النظام المصرفي لعام 1991م، والذي مكن لتجار الجبهة ومؤسساتها من الهيمنة على قمم الاقتصاد الوطني وامتصاص الفائض، وإجراءات تبديل العملة وانتهاك قانون وأعراف سرية النظام المصرفي وكشف القدرات المالية لكبار رجال الاعمال امام تجار الجبهة الاسلامية ، اضافة لتسهيلات والرخص التجارية من وزارة التجارة والبنوك التجارية والإعفاء من الضرائب، والاستيلاء علي شركات التوزيع الأساسية وتمليكها لتجار وشركات الجبهة الاسلامية، والمضاربة في العقارات والاراضي والاستثمار في مشاريع الزراعة الآلية والثروة الحيوانية واستيلاء شركات ومؤسسات الجبهة الاسلامية علي مؤسسات تسويق الماشية، وعائدات الذهب والبترول التي تقدر بأكثر من 100 مليار دولار ، والتعليم والصحة ( استثمارات د. مامون حميدة) الذين اصبحا سلعة ومصدرا من مصادر التراكم الرأسمالي. بالتالي من المهم بعد الثورة استعادة تلك الأموال المنهوبة وتفكيك التمكين. هذا إضافة للخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي بالسير في سياسة التحرير الاقتصادي وتخفيض العملة ، مما أدي لازمة اقتصادية عميقة وتدهور في الأوضاع المعيشية.
اضافة لتمزيق وحدة البلاد بانفصال الجنوب نتيجة للاستعلاء العنصري والديني، والتطهير العرقي بتحويل حرب الجنوب الي دينية ، وتكوين قوات الجنجويد التي تحولت للدعم السريع ، وممارسة ابشع عمليات التطهير العرقي في جبال النوبا ، وجنوب النيل الازرق، وفي دارفور التي بلغ ضحاياها 500 الف مواطن ، وتشريد 3 مليون من قراهم ، حتى أصبح البشير مطلوبا ومتهما بارتكاب تطهير عرقي في دارفور، وحرق القري وجريمة الاغتصاب بعد قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
كما فقد السودان سيادته الوطنية بالدوران في فلك الأحلاف العسكرية الخارجية، والمشاركة في حلف اليمن، وارسال الشباب لمحرقة الحرب في اليمن، واسلوب المراوغة ونقض العهود والمواثيق، بتوقيع الاتفاقات ، وعدم تنفيذها (نيفاشا، القاهرة، ابوجا، الشرق، ..الخ) التي تحولت الي محاصصات وفاقمت الأزمة والحروب.
٣
كانت ملحمة الاعتصام في ٦ أبريل تتويجا لنضال الجماهير ضد تسلط الإسلامويين ،وارتفعت شعارات " حرية – سلام وعدالة – الثورة خيار الشعب " ، كما أكدت علي وحدة السودانيين، ورفض الخطاب العنصري كما في شعار " يا العنصري المغرور كل البلد دارفور "، " من كاودا لأم درمان ، كل البلد سودان" ، وارتفعت رايات الوطنية السودانية ، ورفض سياسة "فرق تسد " التي حاول بها النظام الإسلاموي العنصري الدموي ل 30 عاما تدمير النسيج القبلي والحزبي والاجتماعي في السودان، وأكدت على وحدة وتنوع السودان غض النظر عن الدين أو العرق أو اللغة أو الثقافة ، وضرورة التعبير عن ذلك في دولة مدنية ديمقراطية تسع الجميع.
كانت ملحمة الاعتصام أمام القيادة العامة تعبيرا عن وحدة وتلاحم وتضامن السودانيين غض النظر عن الدين أو العرق أو اللون، أو اللغة أو الثقافة أو المعتقد السياسي والفكري، وصورة مصغرة لوحدة السودان من خلال تنوعه ، ولكن قوي الشر في اللجنة الأمنية للنظام البائد فضته في أكبر مجزرة ضد الانسانية لن تسقط بالتقادم ، ولابد من المحاسبة والقصاص للشهداء ومتابعة المفقودين، وكانت مجزرة فض الاعتصام انقلابا دمويا علي الثورة، و تعبيرا عن استمرار مجازر الإبادة الجماعية وضد الإنسانية في دارفور والمنطقتين ، وما جرى فيها من حرق وقتل ونهب الممتلكات، وتعذيب وحشي للشباب ، واغتصاب للشابات ، ورمي الشباب وهم أحياء مثقلين بحجارة اسمنتية في نهر النيل ، راح ضحيتها حسب تقرير صادر من البنتاغون 1800 قتيل ، و470 أُعدموا، وتم تنفيذ ذلك بقوة تقدر ب 15 الف، ولابد من المحاسبة وان طال السفر.
٤
وأخيرا في ذكرى 6 أبريل فلينتظم أوسع نهوض جماهيري من أجل وقف الحرب واستعادة مسار الثورة، وخروج العسكر والدعم السريع من السياسة والاقتصاد، وحل كل المليشيات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، وعدم الإفلات من العقاب بمحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم الحرب وضد الانسانية، والتحضير الجيد للمؤتمر الدستوري الذي يقرر شكل الحكم ويتم فيه التوافق على دستور ديمقراطي وقانون انتخابات يفضي لانتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي.
alsirbabo@yahoo.co.uk