هل يوجد لقاح ضد فيروس جدري القرود وكيف يعمل؟
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
في عام 2022، وافقت الولايات المتحدة وكندا ودول أخرى على استخدام لقاح خاص بفيروس جدري القرود ، وذلك خلال أول حالة طوارئ صحية عالمية لهذا الفيروس، حيث تُعتبر لقاحات الجدري مثل لقاح "موديفيد فاكسينيا أنقرة" (MVA-BN) فعالة أيضًا ضد فيروس جدري القرود، وذلك بفضل التشابه الجيني بين الفيروسات في جنس فيروسات الأورثوبوكس، التي تشمل فيروس الجدري وفيروس جدري البقر.
كيف تعمل لقاحات جدري القرود؟
يحدث التفاعل المتبادل بين الأجسام المضادة والفيروسات عندما يتعرض جهاز المناعة لمستضدات متشابهة. الفيروسات من جنس الأورثوبوكس الفيروسات الجدرية ، مثل فيروس الجدري وفيروس جدري القرود، تتشابه بنيوياً. لذا، الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم بعد التطعيم ضد فيروس الجدري يمكن أن توفر أيضاً حماية ضد فيروس جدري القرود. ومع ذلك، بعد إعلان القضاء على الجدري في عام 1980 وتوقف التحصين الشامل، انخفضت مستويات الأجسام المضادة في الأجيال الجديدة، مما قد يزيد من القابلية للإصابة بفيروس جدري القرود. الأشخاص الذين وُلدوا بعد انتهاء برنامج التطعيم الشامل ضد الجدري لديهم مستويات أقل من الأجسام المضادة لفيروس جدري القرود، مما يفسر لماذا كان الرجال بين 18 و44 عامًا الأكثر تأثراً بتفشي فيروس جدري القرود في عامي 2022 و2023. رغم أن لقاح الجدري قد يكون فعالاً بنسبة تصل إلى 85% في الوقاية من عدوى فيروس جدري القرود، فإن الأشخاص الذين تلقوا اللقاح قد يعانون من أعراض أخف إذا أصيبوا بالفيروس.
أنواع اللقاحات الحالية وكيفية استخدامها.
اعتباراً من آب/ أغسطس 2024، يتوفر لقاح معتمد ضد مرض جدري القرود في الاتحاد الأوروبي/ المنطقة الاقتصادية الأوروبية، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، سويسرا، وكندا، وهو لقاح "موديفيد فاكسينيا أنقرة - بافاريا نورديك" . يتألف هذا اللقاح من سلالة معدلة وضعيفة من فيروس الجدري، وقد تم تطويره في الخمسينيات والستينيات في ألمانيا. تم جرى تحديثه وإنتاجه منذ عام 2010 بواسطة شركة Bavarian Nordic. يُعطى هذا اللقاح على جرعتين بفاصل 28 يوماً.
وتدرج منظمة الصحة العالمية لقاحين آخرين للوقاية من الجدري ، هما "إل سي 16 في اليابان و"أورثوبوكس فاك" في روسيا، وفي الولايات المتحدة وأستراليا، يُوصى باستخدام لقاح "آكام 2000" ، الذي يحتوي على فيروس الجدري الحي، للأشخاص المعرضين لخطر التعرض لعدوى فيروس الجدري.
ما هي المستجدات؟
في العام الماضي، أطلقت شركة بيونتيك تجربة سريرية مشتركة للقاحها القائم على mRNA والمعروف أيضًا باسم BNT166، والذي يهدف إلى منع جدري القرود والتي اكتسب شهرة خلال جائحة COVID-19 والجهود العالمية للتطعيم التي تلتها.
وفي الوقت الحالي، لا توصي منظمة الصحة العالمية ببرنامج تطعيم جماعي ضد فيروس جدري القرود. بدلاً من ذلك، توصي المنظمة بالنظر في تطعيم الأشخاص المعرضين للخطر أو الذين كانوا على اتصال مباشر بالفيروس.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: الأجسام المضادة فیروس الجدری
إقرأ أيضاً:
يحدث في أرقى العائلات: لا يوجد عالم بلا جريمة
خلال هذا الأسبوع تناقلت وسائل الإعلام خبرًا أثار الانتباه، مفاده أن وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية، كريستي نويم، تعرضت لسرقة حقيبتها الشخصية من داخل مطعم، وكانت تحتوي على بطاقة دخول حساسة ومبلغ مالي كبير. هذه الحادثة، رغم بساطتها، تفتح بابًا واسعًا للتأمل في حقيقة راسخة: لا توجد بيئة في العالم، مهما بلغت من الرقي والتنظيم وقوة مؤسسات الدولة، تخلو من الجريمة.
قد يظن البعض أن الجريمة ظاهرة ترتبط بالفقر أو الفوضى أو ضعف الدولة، لكن التاريخ والواقع والعلوم الجنائية تثبت العكس. منذ أن كانت الأرض لا يسكنها سوى سيدنا آدم و أمنا حواء وأبناؤهما، وقعت أول جريمة في التاريخ، حين قتل قابيلُ أخاه هابيل. هذا يعطينا قاعدة ثابتة: لا يوجد عالم بلا جريمة، والجريمة جزء من التجربة البشرية منذ نشأتها.
من هذا المنطلق، فإن النقاش حول الجريمة لا ينبغي أن يكون عاطفيًا أو انطباعيًا، بل علميًا وموضوعيًا. فوجود الجريمة في حد ذاته ليس فشلًا، لكن الفشل الحقيقي يكمن في طريقة فهمها، إدارتها، والتعامل معها. هنا يبرز دور الأداة الأهم في التقييم الأمني والجنائي التقرير الجنائي السنوي.
التقرير الجنائي السنوي، الذي تعده الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية، يُعَد خلاصة عام كامل من الرصد والتحليل والتوثيق. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يُستفاد من هذا الجهد في صناعة القرار الأمني والعدلي؟ هل يُحوّل إلى سياسات واقعية وبرامج للتصدي للجريمة أو تعديل في القوانين الإجرائية و العقابية؟
إنّ التقرير الجنائي ليس مجرد سجل لتوثيق عام مضى، بل هو مرآة لما جرى، وبوابة لعام قادم. ويمكن تعظيم فائدته بتحويله إلى قاعدة بيانات قابلة للتحليل الذكي، واستخدام نتائجه في التخطيط الأمني والمالي والبشري، ورفعه إلى صناع القرار السياسي لإبراز التحديات الأمنية الحقيقية. صحيح أن بعض تفاصيله تتطلب درجة من السرية، حمايةً للتحقيقات أو لخصوصية الضحايا، لكن مشاركة بياناته الإحصائية العامة تعزز الشفافية، وتزيد ثقة المواطنين، وتشجع المشاركة المجتمعية في منع الجريمة.
بالتالي، فإن أي تقييم موضوعي للحالة الأمنية والجنائية وأداء الشرطة السودانية يجب أن يستند إلى ما يحويه التقرير الجنائي السنوي من معلومات وإحصائيات وأرقام، لا إلى منشورات وسائل التواصل الاجتماعي أو جلسات تجاذب أطراف الحديث، حيث تسود الانطباعات وتغيب الموضوعية.
قد يرى البعض أن الحديث عن هذه القضايا الآن ضربٌ من الترف، في ظل ما تمر به البلاد من تحديات. لكن العكس هو الصحيح. فنحن في مرحلة إعادة بناء مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الشرطة، ولا يمكن لهذا البناء أن يكتمل إن لم يستند إلى تحليل علمي ومعطيات دقيقة، تنطلق من تقارير موضوعية لا من اجتهادات شخصية.
نحن بحاجة إلى الانتقال من ثقافة الأرشيف إلى ثقافة التحليل، ومن الورق إلى البرمجيات، ومن السرية المفرطة إلى الشفافية الذكية. فالتقرير الجنائي السنوي يمكن أن يصبح حجر الأساس لبناء أمن مجتمعي مستدام، وسياسة جنائية فاعلة تستشرف المستقبل.
ختامًا، الجريمة، كما بدأنا، تحدث في أرقى العائلات. ولكنها ليست نهاية العالم، بل دعوة للتفكير والعمل من أجل بيئة أكثر أمنًا، ومجتمع أكثر وعيًا، ومؤسسات أكثر قدرة على التعامل مع هذا التحدي الأزلي.
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢٤ أبريل ٢٠٢٥م