القدس المحتلة- في إطار مزيد من التكبيل وسلب أبسط الحقوق سُلمت المعلمة في المسجد الأقصى المبارك هنادي الحلواني قرارا بمنعها من التواصل مع 8 شخصيات جُلّها ذات علاقة بقضية أولى القبلتين.

ورغم أن هذه هي المرة الرابعة التي تتسلم فيها الحلواني قرارا من هذا النوع، فإنها المرة الأولى التي تتعرض فيها لهذه العقوبة دون التحقيق معها في قضية ما أو عرضها على محكمة، وهي المرة الأولى أيضا التي تتسلم فيها القرار من جهة إدارية بعد صدوره من قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي.

الجزيرة نت التقت المعلمة المقدسية هنادي الحلواني للحديث عن القرار الجديد وسلسلة العقوبات التي تتعرض لها منذ عام 2012 عندما برز اسمها في نشر قضية المسجد الأقصى والدفاع عنه.

تقول هنادي إن المرة الأولى التي تسلمت فيها قرارا بعدم التواصل مع شخصيات معينة كانت عام 2017 ثم عام 2020، وفي مطلع عام 2023 تم منعها من التواصل مع 15 شخصية، وقبل أيام وبالتحديد في 18 أغسطس/آب الجاري سُلمت قرارا موقعا من مساعد المستشار القانوني لقيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي "عميت رويف" بعد دعوتها لجلسة استماع في قسم "4" بمركز تحقيق المسكوبية غربي القدس.

أصدر قائد الجبهة الداخلية في سلطات الاحتلال الإسرائيلي قرارا يقضي بمنع المرابطة المقدسية هنادي حلواني من التواصل التام مع 8 أشخاص، سواء من خلال التواصل المباشر أو التواصل الهاتفي أو عبر الرسائل.

يطال القرار كلا من المرابطات خديجة خويص وعايدة الصيداوي ونفيسة خويص، وكذلك الشيخ… pic.twitter.com/3i2s5kglqq

— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) August 18, 2024

ادعاءات فضفاضة

وفي تفاصيل القرار الإداري الذي تسلمته الحلواني جاء أنه حرر لها بموجب أنظمة الطوارئ لعام 1945 وعلى "خلفية معلومات حساسة عُرضت على أجهزة الأمن والتي تدل على أن فعالياتها تشكل خطرا على أمن الدولة والمواطنين، لأنها إحدى قادة منظمة المرابطين، ولعلاقاتها بنشطاء المنظمة وبنشطاء في منظمات إرهابية أخرى تشكل خطرا على أمن دولة إسرائيل".

وفي الصفحة الثانية من القرار ذُكر الاسم الرباعي لـ8 أشخاص مع أرقام هوياتهم، وعلى رأسهم الشيخ رائد صلاح ونائبه كمال الخطيب، بالإضافة لمجموعة من المرابطين بينهم صديقة هنادي المقربة المعلمة خديجة خويص.

ووفقا لهنادي فإن الغريب في الأمر هذه المرة، صدور قرار من هذا النوع دون إخضاعها للتحقيق حول هذه الشخصيات أو عرضها على المحكمة، إذ جرت العادة أن تُذكر أسماء معينة في إحدى جولات التحقيق، وبانتهائها يصدر قرار بمنعها من التواصل مع من ذُكر اسمهم في تلك الجولة.

وتقول "سبق وأن تم منعي من التواصل مع أشخاص لا أعرفهم بشكل عميق لمجرد رؤية المحققين لأسماء هؤلاء على دفتر خاص بي".

من سجن إلى سجن

وفي تعليقها على القرار الأخير الذي لحقه قرار آخر في الـ20 من الشهر الجاري بتمديد عقوبة منعها من السفر لـ5 أشهر إضافية قالت الحلواني "خرجتُ من السجن في نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى سجن آخر.. فدخولي إلى الأقصى ممنوع، وكذلك سفري إلى خارج البلاد والتواصل مع أشخاص مقربين مني جدا وعلى رأسهم خديجة خويص التي هي بأمسّ الحاجة إليّ الآن لأن زوجها يعاني من حالة صحية صعبة".

هذه التقييدات تقول هنادي إنها تُضاف إلى حرمانها من استلام هويتها الشخصية بعد كل اعتقال أو تحقيق، واضطرارها لاستصدار هوية أخرى من وزارة الداخلية ودفع مبلغ مالي مقابل ذلك، ولظروف الحرب الصعبة لم تتمكن هنادي من استصدار هوية جديدة رغم مرور أكثر من 8 أشهر على تحررها وذلك بسبب نظام المواعيد التعجيزي لوزارة الداخلية في شرقي القدس.

وختمت حديثها بأن الاحتلال يسعى بكل قوته لإسكاتها وممارسة الضغوط عليها لتشعر أنها "مأسورة وفاقدة للحرية حتى وهي خارج السجن".

وبالإضافة للقرارات التعسفية التي تسري على هذه المعلمة المقدسية فإنها ستُعرض خلال الشهر الجاري على المحكمة مرتين في قضيتين سابقتين لهما علاقة بالمسجد الأقصى أيضا، وفي سبيل حرصها على عدم التعرض لمزيد من العقوبات التعسفية فإن هنادي قلّصت نشاطاتها على منصات التواصل إلى الحد الأدنى وكذلك ظهورها على وسائل الإعلام.

ووصف المحامي المختص في شؤون القدس والموكل بالدفاع عن هنادي الحلواني أمام المحاكم الإسرائيلية خالد زبارقة القرار الإداري الصادر بحقها بالتعسفي وبأنه حرر من منطلقات عنصرية دون أي رقابة قضائية.

خديجة خويص (يمين) واحدة من 8 شخصيات يحظر على هنادي الحلواني التواصل معهم (الجزيرة) قرار عنصري

وفي تفريقه بين القرارات القضائية والإدارية قال زبارقة إن الشخص يُعرض على المحكمة عندما يصدر قرار قضائي بحقه، ويُمنح الفرصة للدفاع عن نفسه ولتفنيد التهم الموجهة له، كما يُتاح له الاطلاع على الأدلة الموجودة عند النيابة العامة ويحاول تفنيدها بأدلة أخرى، وهكذا تُنصت المحكمة لكافة الأطراف.

أما القرار الإداري فهو لا يختلف في مضمونه عن الاعتقال الإداري، الذي يُعتبر فيه القضاء غير موجود، ولا فرصة للـ"المتهم" للاطلاع على الأدلة وتفنيدها والدفاع عن النفس، وبالتالي يفسح هذا القرار المجال للتعسف بشكل كبير.

وعن رأيه القانوني في القرار الأخير الصادر بحق موكلته قال زبارقة "هذ قرار عنصري لا يوجد له أي أساس قانوني، ويندرج في إطار سياسات الملاحقة التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية بحق هنادي منذ سنوات، لأنهم يريدون أن يطمسوا دورها الإيجابي الذي تقوم به في الأقصى".

وتريد السلطات الإسرائيلية وفقا للمحامي زبارقة أيضا أن تكتم كل صوت يصدح وينشر قضية المسجد، ويُذكّر الناس بها، ويفضح الممارسات الإسرائيلية التي على ما يبدو تأخذ منحى أكثر تصعيدا خاصة مع اقتراب موسم أعياد يهودية هو الأطول خلال العام.

ويضيف "لم تُسلم هنادي هذا القرار من فراغ وأرى أنه صدر لاعتبارات سياسية عنصرية ومن باب تهيئة المجال للمجموعات اليهودية المتطرفة للاعتداء على الأقصى وقدسيته" وفق زبارقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات هنادی الحلوانی من التواصل مع الداخلیة فی

إقرأ أيضاً:

كاتب أميركي: ترامب يهدر فرصه وهذه بداية نهاية عهده

قال محلل سياسي أميركي إن النظام الدولي القديم تلقى ضربة قاصمة بفوز مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية التي جرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأخذ اليأس من معظم أعضاء الحزب الديمقراطي كل مأخذ.

وتساءل الكاتب -عالم السياسة شادي حميد في مقال بصحيفة واشنطن بوست- إلى أي اتجاه تسير الولايات المتحدة الآن؟ ويجيب هو نفسه بالقول إن لا أحد يدري في الحقيقة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2وول ستريت جورنال: لإسرائيل مصدر بشري يمني يساعد باستهداف الحوثيينlist 2 of 2نائبة ديمقراطية لترامب: ربما عليك ترحيل زوجتك أيضاend of list

ويضيف أن العديد من مراقبي السياسة الأميركية -بمن فيهم هو نفسه- يعتقدون أن حقبة جديدة من "الهيمنة الترامبية" قد بدأت.

ووفقا له، فإن الجمهوريين يعيدون صياغة الثقافة الأميركية، مما يؤذن بفترة من هيمنة المحافظين على مقاليد الأمور لسنوات مقبلة، إن لم يكن لعقود.

وبالنسبة لغالبية الأميركيين، فقد كانت السياسات التقدمية في قضايا مثل الهجرة وحقوق المتحولين جنسيا قد استنفدت أغراضها، وهو ما جعل ترامب يركب الموجة ويقف ضد تبني الديمقراطيين لتلك القضايا.

تراجع شعبيته

وأشار الكاتب إلى أن ترامب اختصر كثيرا من الوقت من خلال سيل الأوامر التنفيذية التي أصدرها وهجماته التي لا تكاد تتوقف على المؤسسات الأميركية، فما كان يستغرق شهورا ليحدث لا يستغرق اليوم سوى أسابيع وربما أياما.

إعلان

وقد بدأ صبر الأميركيين ينفد جراء ذلك. فاستطلاعات الرأي تظهر أن شعبية ترامب بدأت تتجه نحو الهبوط، فللمرة الأولى في الاستطلاع الوطني الذي أجرته شبكة "إن بي سي نيوز"، لم توافق الأغلبية على طريقة تعامل ترامب مع الاقتصاد.

فقد انخفضت أسعار الأسهم، وارتفعت معدلات التضخم، ويتعرض الجمهوريون في العديد من المناسبات لغضب الناخبين.

ومن بين الأمثلة، التي أوردها حميد في مقاله، ما تعرض له عدد من النشطاء للاعتقال لمجرد إبداء آرائهم المناهضة لسياسات الإدارة الأميركية، ومن بينهم محمود خليل الذي احتجزته السلطات بتهمة تأييده لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) دون دليل.

نتائج عكسية

وإذا كانت غاية ترامب هي انتزاع السيطرة على الثقافة الأميركية، فإن الجهود التي يبذلها لإقصاء قطاعات كبيرة من السكان يبدو أنها تأتي بنتائج عكسية، على حد تعبير المقال الذي يشير إلى قيام إدارة ترامب الأولى في فبراير/شباط 2020 بإنشاء قسم جديد في وزارة العدل يختص بالتحقيق في سحب الجنسية من الأميركيين المتجنسين وإسقاطها عنهم.

وأوضح حميد أن حوالي 24 مليونا من الأميركيين الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات -وهو رقم يمثل 10% من مجموع الناخبين- هم مواطنون متجنسون، وقد يؤثر تقليص نطاق حق المواطنة بالولادة على ملايين آخرين.

ويرى أن الولايات المتحدة قد دخلت مرحلة جديدة أضحت فيها الهيمنة هي بيت القصيد -وليس مآلات السياسة، ولا حتى الفوضى من أجل الفوضى- ويتجلى ذلك في الإطار التنظيمي المركزي لولاية ترامب الثانية، وهو ما عدّه حميد تحولا.

على أن التحول إلى ما يسميها حميد "سياسة الهيمنة" كفلسفة حكم لم يسبق للولايات المتحدة أن تبنته إلى حد كبير من قبل.

بالون اختبار لشيء أوسع

ومن وجهة نظر كاتب المقال، إن احتجاز خليل لا علاقة له بقضية هجرة واحدة أو حتى بقمع النشاط المؤيد للفلسطينيين في الجامعات الأميركية، بل كان بالون اختبار لشيء أوسع من ذلك بكثير، وهو استخدام هراوة معاداة السامية لمهاجمة المعارضين وشن هجوم واسع النطاق على الأمور التي تجعل أميركا عظيمة متمثلة بالحق في التجمع، وحرية التعبير، والتعديل الأول للدستور والنظام الدستوري ذاته.

إعلان

إن ما يجعل تصرفات البيت الأبيض مقلقة للغاية -برأي حميد- ليس فقط في حدوثها، بل في الطريقة "الوقحة" التي تم تنفيذها بها والدفاع عنها.

شعبوي فاشل

ويزعم الكاتب أن ما يميز الشعبويين الناجحين ليس مجرد القدرة على السيطرة على غضب الشعوب وتوجيهها لصالحهم، بل في قدرتهم على الانتقال من التمرد إلى الحكم، من التظلم إلى البناء. وضرب مثالا على ذلك برئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، "الذي فهم هذا التحول".

وفي المقابل، يبدو ترامب عاجزا دستوريا عن إحداث هذا التحول. وطبقا لحميد، لم يعد ترامب يستميل الطبقة العاملة التي وقفت إلى جانبه خلال الحملة الانتخابية، واستعاض عن ذلك بإبداء احترام غير محدود لملياردير من القلة الحاكمة الذي يبدو إما غير مبالٍ أو ببساطة غير مدرك لنضالات الأميركيين العاديين، في إشارة إلى إيلون ماسك.

لقد وضع الحزب الجمهوري نفسه في موقف المعادي لأميركا برفضه حرية التعبير والامتثال للإجراءات القانونية الواجبة.

ووفقا لمقال واشنطن بوست، فإذا لم يتمكن الحزب الديمقراطي من الارتقاء إلى مستوى الحدث، والاستفادة من تراجع الجمهوريين، فربما يستحق أن يظل قابعا في تيهٍ سياسي من صنعه.

مقالات مشابهة

  • أسير محرر للجزيرة نت: الموت هو العنوان الأبرز بسجون الدعم السريع
  • قائد قوات درع السودان للجزيرة نت: نحتفل بالنصر والحسم يقترب بدارفور
  • صيفي ولا شتوي.. تفاصيل حالة الطقس فى عيد الفطر | وهذه أهم الظواهر
  • قيادي كبير بحزب الله يعلق للجزيرة على صواريخ كريات شمونة
  • كاتب أميركي: ترامب يهدر فرصه وهذه بداية نهاية عهده
  • شرطة دبي: التسول جريمة وهذه قنوات الإبلاغ عنها
  • فتاة تركية تثير الجدل بعد خداع عائلتها والظهور في فيديو غريب
  • قرار رئيس المجلس السياسي الأعلى بشأن لائحة العقوبات على مرتكبي العدوان على اليمن
  • صور حصرية للجزيرة توضح سيطرة الجيش على مطار الخرطوم الدولي
  • عاجل | مصادر للجزيرة: استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي قرب بلدة حوارة جنوبي نابلس في الضفة الغربية