عمّان "العُمانية": على تلة عالية شمال غرب مدينة عجلون الأردنية، تتربع كنائس مار الياس الأثرية التي بُنيت بالقرن السابع للميلاد، ومن ساحاتها يمكن التمتع بمشاهد خلابة للمنطقة المحيطة المزروعة بأشجار البلوط والزيتون والسرو والصنوبر.

اكتُشف هذا الموقع الأثري الساحر في عام 1999، وبدأت التنقيبات بالكشف عن أهم محتوياته، وهي تشمل كنيستين كبيرتين، الأولى تقع على قمة التل وسُمّيت "الكنيسة العليا"، والثانية تقع على خاصرة التل وسميت "الكنيسة السفلى".

تمتد مساحة الكنيسة العليا على سطح التل، وهي تتبع في بنائها نظام التخطيط البازيليكي، إذ يبدأ الدخول إليها من "الحنية" وهو الجزء الناتئ المزخرف الذي صُمّم من الخشب على شكل نصف دائرة، ويتجه إلى الشرق، وقد بُني هذا الجزء وكذلك "الحنيات" الواقعة في الجدارين الشمالي والجنوبي من الحجارة المصقولة.

أما هيكل الكنيسة (الجوقة) فيتخذ شكل المستطيل، وبُني الحاجز الخاص به من الرخام الأبيض الذي تشتهر به المنطقة، وعلى الجانب الشمالي من "الحنية" هناك غرفة مستطيلة الشكل، لها مدخل صغير، وفي داخلها قاعدتان عريضتان وفق نظام البناء ذي العقود، وقد غُطيت فواصل المداميك الحجرية فيها بطبقة من الإسمنت (البلاستر)، بينما تقع الغرفة الثانية على جنوب "الحنية"، وهي أيضًا مستطيلة الشكل، يمكن اجتياز مدخلها الصغير بصعود ثلاث درجات عريضة.

أما الرواق الخاص بهذه الكنيسة فيتكون من قسمين؛ أولهما خارجي استُخدمت فيه قواعد الأعمدة الخمسة لتكون بمثابة دعامة قادرة على حمل ثقل سقف المبنى الضخم، والذي جاء وفق شكل "الجملون".

أما القسم الثاني فهو "الممر الشمالي" الذي بُني وفقد مبدأ التناظر، وترتفع فيه ستة أعمدة ضخمة، وينتهي الرواق بـ "المجاز" الخارجي، وهو مدخل يمتد أمام الواجهة الغربية للكنيسة، تحتوي أرضيته على نظام مائي ذي ثلاثة أجزاء.

وكشفت الحفريات التي أُجريت بالموقع أن هذا النظام اعتمد على ماء البئر الذي يقع وسط الساحة، وهناك بقايا قناة مائية تمتد من أمام المدخل الذي يقود إلى الرواق الجنوبي، ثم إلى الرواق الأوسط أو "صحن الكنيسة" الذي يشرف على "الهيكل"، ويعدّ الهيكل أكبر أجزاء هذا المبنى الأثري.

أما الساحة المكشوفة (الردهة) فقد صُممت على شكل نصف دائرة يتوسطها بابٌ لبئر ماء استُخدمت لتجميع مياه الأمطار، وفي الجانب الشمالي الغربي تقع غرفة التعميد، وتضم جرنًا مستطيل الشكل له فتحة سداسية ترتبط بجرن أصغر تنبثق منه قناة تفريغ إلى خارج الكنيسة.

وكشف التنقيبات في الموقع عن ألواح من الرخام نُقشت فوقها كتابات يونانية تخص حاجز الهيكل، كما عُثر على أرضيات فسيفسائية كبيرة، تحتوي على تشكيلات مستوحاة من نباتات وأزهار وأشجار تنتشر في المنطقة، مثل أزهار التوليب، وأشجار الكرمة، بأطر مزخرفة وفق أشكال هندسية غاية في الدقة والإتقان.

وفي الجناح الجنوبي من المبنى، تم الكشف عن قطعة من الفسيفساء الأبيض أُلصقت على خلفية حمراء، وكُتب عليها: "تقدمة الكاهن سابا عن نفسه وزوجته لكنيسة النبي إيليا المقدمة سنة 622م".

وتُحاط الكنيسة العليا بأشجار البلوط المعمّرة التي تتعربش على أغصانها قطع القماش الملونة، إذ يربطها زوار الموقع مصحوبةً بأمنياتهم، فتَظهر للناظر من بعيد كما لو أنها لوحة فنية.

أما الكنيسة السفلى فاكتُشفت في عام 2001، وقد بُنيت وفق ثلاث "حنيات"، الأولى بشكل نصف دائري مبنية من الحجارة البيضاء المصقولة، أما الحنيتان الأُخريان فتتناظران لتشكّلا مع الحنية الرئيسية شكلَ زهرة. وفي وسط الكنيسة السفلى يقع الصحن الذي يتجه جزء منه إلى الشرق والآخر إلى الغرب، وتضم هذه الكنيسة غرفاً جانبية محاذية للدرج الرئيس والرواق الأوسط.

ويضم هذا الموقع الأثري الذي بُلطت أرضياته بالرخام والحجارة البيضاء، متحفًا صغيرًا يحتوي على عدد من الخرائط عن تاريخ الكنائس ومخططاتها المعمارية، وصور لتاريخ المنطقة، ومجموعة من اللقى والآثار التي عُثر عليها خلال أعمال الحفر والتنقيب.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

مخالفة طقسية بإحدى كنائس إيبارشية حلوان والمجمع المقدس يؤكد ضرورة الالتزام بالقرارات

في حادثة أثارت جدلًا واسعًا داخل أوساط الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، شهدت إحدى كنائس إيبارشية حلوان مخالفة طقسية واضحة خلال أحد الطقوس الدينية،  تمثلت المخالفة فى نشر مقطع فيديو يظهر نيافة الأنبا ميخائيل، أسقف حلوان، خلال قداس عيد الميلاد، وهو يجلس على كرسي الأسقفية ينظر بنظرة غير مفهومة كونها نظرة رضا أو استياء  تجاه مجموعة من البنات الصغيرات في الصفوف الأولى من جهة الرجال، واللاتي يرتدين ملابس بيضاء مكونين خورسًا خاصًا للبنات بالمخالفة الواضحة والصريحة لقرارات المجمع المقدس.

وقال الباحث القبطى واصف ماجد،أن قرارات المجمع المقدس الصادرة في جلسته بتاريخ 22 مايو 2010 نصت بوضوح على الآتي:

"منع إلباس البنات أو الفتيات الصغيرات زيًّا خاصًا في صلوات القداسات أو وقوفهن في مقدمة النساء لتقديم الألحان، مع إتاحة مشاركة كل الشعب في المردات الليتورجية، بما فيهم النساء، دون تمييز أو ترتيب خاص".

وتابع فى تصريحات خاصة لـ “الفجر” ما حدث يمثل خرقًا واضحًا لقوانين الكنيسة وتحديًا صارخًا لأعلى سلطة تشريعية وقانونية كنسية. إن قرارات المجمع المقدس ليست مجرد توصيات عابرة، بل هي قرارات مُلزمة تعبر عن روح النظام الكنسي وقانون الكنيسة الذي وُضع لضمان حفظ الطقوس والعقائد القبطية الأرثوذكسية.

وفي هذا السياق، فإن المسؤولية المباشرة عن هذه المخالفة الجسيمة تقع على عاتق الكاهن المسؤول عن الخورس في الكنيسة، حيث ثبت أنه هو من دبّر وخطط ونفذ هذا الإجراء غير المسؤول بمشاركة شقيقته التي جعلها قائدة لهذا الخورس المخالف.

وأكمل تواصلتُ مع نيافة الأنبا ميخائيل أسقف حلوان، الذي أكد على سرعة اتخاذ اللازم لضمان احترام قرارات المجمع المقدس ومعالجة هذه الواقعة بما يتفق مع روح وقانون الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

وكما يقول الكتاب المقدس: "فاسهروا إذًا لأنكم لا تعلمون متى يأتي ربُّ البيت، أمساءً أم نصف الليل أم صياح الديك أم صباحًا" (مرقس 13:35).

وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي: "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا."

ندعو الجميع لاحترام قدسية القرارات الكنسية والحفاظ على النظام الذي يضمن طهارة الخدمة ونقاء العبادة.

يعتبر المجمع المقدس المرجع الأعلى في القضايا العقائدية والتنظيمية في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وتأتي قراراته بعد دراسات مستفيضة ومناقشات معمقة بين أعضاء المجمع من الأساقفة والمطارنة. لذا، فإن أي مخالفة لهذه القرارات تعد تهديدًا لوحدة الكنيسة وسلامتها.

 

مقالات مشابهة

  • كنائس حوش البيعة في الموصل تشكو الإهمال.. واحدة فقط تم تأهيلها (صور)
  • وصول جثمان المواطن المقتول بالأردن إلي أراضي المملكة
  • فيديو.. تكبيرات العيد بالأردن احتفالا باتفاق وقف إطلاق النار بغزة
  • ضمن دراسته للدكتوراه.. باحث يعثر على قطع أثرية في مسلاتة
  • القس بول هايدوستيان يزور مجلس كنائس الشرق الأوسط في بيروت
  • مخالفة طقسية بإحدى كنائس إيبارشية حلوان والمجمع المقدس يؤكد ضرورة الالتزام بالقرارات
  • بطريرك الأقباط الكاثوليك يستقبل وفد هيئة الأخويات المريمية بالأردن
  • رئيسة جمعية قلب العطاء تزور الأمين العام لمجلس كنائس الشرق الأوسط
  • واشنطن تستعد لتنصيب ترامب بأطول حصن أسود في تاريخها
  • باحث بشئون الجماعات المتطرفة: جماعة الإخوان طوال تاريخها تتاجر بالقضية الفلسطينية