شمال قبرص.. طبيعة بِكر وكنوز تاريخية
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
نيقوسيا "د.ب.أ": تعتبر جزيرة قبرص من الوجهات السياحية الشهيرة في البحر المتوسط، وتعتبر ثالث أكبر جزيرة بعد صقلية وسردينيا. ويمتاز شمال قبرص بطبيعة بِكر تزخر بالمناظر الطبيعية الخلابة والشواطئ الرائعة والكنوز التاريخية.
سلاحف بحرية خضراء
ويعتبر شاطئ "ألاجادي" واحدا من أجمل الشواطئ في البحر المتوسط. وعلى هذا الشاطئ يتم الاهتمام بأعشاش السلاحف البحرية الخضراء، والتي تعتبر من الأنواع المهددة بالانقراض.
وأوضح مدير المشروع "روبن سنيب" أن هناك ما يقرب من 1000 سلحفاة خضراء متبقية في البحر المتوسط، ويقوم ثلث هذا العدد تقريبا بدفن 100 بيضة في كل عش على الشواطئ الممتدة على طول الساحل الشمالي لجزيرة قبرص، وعادة لا تتمكن سلحفاة واحدة صغيرة من كل ألف سلحفاة حديثة الفقس من النجاة والعبور إلى مياه البحر.
ولا يتمكن المتطوعون من حماية السلاحف الصغيرة من المخاطر، التي تتعرض لها في مياه البحر، ولكنهم يؤمنون لها الطريق إلى المياه؛ حيث تركض السلاحف الصغيرة للنجاة بحياتها.
وعند زيارة شاطئ السلاحف في منطقة "ألاجادي" يتعرف السياح على أجمل جوانب الطبيعة في شمال قبرص؛ حيث لا يزال هذا الجزء من الجزيرة ينعم بالطبيعة البكر، التي لم تعبث بها يد الإنسان كثيرا، والذي لا يزال بعيدا عن أجواء السياحة الجماعية وما تسببه من جروح عميقة في الطبيعة.
وتتوزع أعداد السياح في جزيرة قبرص بشكل غير متساوٍ إلى حد كبير؛ حيث تستقبل قبرص اليونانية ملايين السياح، في حين أن قبرص التركية الواقعة في شمال الجزيرة لا تستقبل سوى بضع مئات الآلاف من الزوار سنويا.
وبينما تزدحم الشواطئ المتطورة للغاية في الجنوب، تظل الشواطئ في الشمال على طبيعتها تقريبا، بالإضافة إلى وجود العديد من سلاسل الفنادق العالمية المريحة في مدن "ليفكوشا" أو "جيرنة"، بالإضافة إلى الكازينوهات والنوادي الليلية، كما تمتاز الفنادق والمطاعم والمحلات التجارية بأنها أرخص بكثير من مثيلاتها في جنوب الجزيرة.
ومع ذلك فإن القسم الشمالي من جزيرة قبرص يشتمل على عدد قليل من المنتجعات السياحية، كما تنتشر أعداد قليلة من السياح على الشواطئ. وأوضح خبير السياحة والسفر نظمي بينار قائلا: "لا يأتي معظم السياح للسباحة أو الاسترخاء على الشواطئ، ولكنهم يرغبون في التعرف على المعالم السياحية والاستمتاع بجولات المشي لمسافات طويلة".
جبال "بيسبرماك"
وتعتبر جبال "بيسبرماك" من الوجهات المثالية للانطلاق في جولات التجول والمشي لمسافات طويلة، وتمتاز الطبيعة في هذه المنطقة بالهدوء والعزلة وتشبه عالما مثاليا في شبه جزيرة "كارباس"، التي يبلغ طولها حوالي 80 كلم، ويوجد بها بعض الفنادق الصغيرة وتظهر الكثبان الرملية الكبيرة على البحر.
وتشهد قرية "ديبكارباس" نموذجا للتعايش السلمي بين شطري الجزيرة؛ حيث يعيش بها 1200 شخص من القبارصة الأتراك والمهاجرين الأتراك إلى جانب 230 شخصا من القبارصة اليونانيين، الذين ظلوا في القرية بعد الحرب ويجيدون التحدث باللغة التركية مثل لغتهم الأم.
وعلى أية حال هناك الكثير من القواسم المشتركة ما بين المجموعتين العرقيتين، حتى إذا كانوا يحملون أسماء مختلفة، ومنها على سبيل المثال جبن الحلوم الرائع، الذي يتم صناعته من حليب الأبقار والماعز والأغنام، ويتم تقديمه على المائدة في جميع أنحاء الجزيرة، بالإضافة إلى حلوى "سيفيز ماكونو" المصنوعة من الجوز، والتي يستغرق إعدادها أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
أطلال "سلاميس"
ويرتبط شطرا الجزيرة ببعضهما البعض ارتباطا وثيقا يعود إلى تاريخ يمتد لآلاف السنين، كتبه الفينيقيون والفرس واليونانيون والرومان والصليبيون والقراصنة والبنادقة والمسلمون والعثمانيون وأخيرا البريطانيون، ويمكن تتبع الآثار التاريخية في أطلال "سلاميس" القديمة، والتي كان يعيش بها أكثر من 120 ألف نسمة، قبل أن يختفي الجزء الأكبر من المدينة تحت الأرض وفي البحر وتحت ملايين الأطنان من الرمال.
ويمكن للسياح مشاهدة الفسيفساء الرائع ومسرح "سلاميس"، بالإضافة إلى الكاتدرائية، التي تم تحويلها إلى مسجد في مدينة "فاماجوستا" القريبة، والتي يوجد بها برج عطيل، الذي يحمل نفس اسم مسرحية شكسبير الشهيرة، والتي تدور أحداثها في المدينة الساحلية.
ولا بد أن يشمل البرنامج السياحي لقبرص زيارة البلدتين الجبليتين "سولي" و"فوني"، في شمال غرب الجزيرة، وينعم السياح بمشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة والميناء وقلعة "جيرنه"، والتي يوجد بداخلها حطام سفينة يرجع عمرها إلى 2300 عام، والتي تم ترميمها بعناية، بالإضافة إلى القلاع المنتشرة في الجبال، ومنها "بوفافينتو" و"كانتارا" و"هيلاريون"، والتي يصل أقصى ارتفاع لها إلى 732 مترا، ويتطلب تسلقها بذل مجهود شاق وصعود 450 درجة سلم.
ويعتبر "دير بيلابيس" واحدا من أجمل الأديرة في البحر المتوسط، ولذلك اختار الموسيقار وقائد الأوركسترا "تورجاي حلمي" هذا المكان المرتفع ليكون موطنه الثاني، ويقدم العديد من الحفلات الموسيقية الفخمة بصحبة فنانين من قبرص وألمانيا، مؤكدا أن الموسيقى والثقافة تجمع الشعوب مع بعضها البعض، ويرى بأن الحفلات الموسيقية تساهم في خلق التفاهم والتعايش السلمي بين المجموعتين العرقيتين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی البحر المتوسط بالإضافة إلى جزیرة قبرص
إقرأ أيضاً:
لتعزيز حماية التنوع البيولوجي.. المملكة تُعلن عن اكتشاف أكبر موقع تعشيش للسلاحف البحرية في البحر الأحمر
أعلنت المملكة العربية السعودية ممثلة في المؤسسة العامة للمحافظة على الشُعب المرجانية والسلاحف البحرية في البحر الأحمر “شمس”، عن اكتشاف أكبر موقع تعشيش للسلاحف البحرية يتم تسجيله على الإطلاق في المياه السعودية في البحر الأحمر، وذلك في جزر الأخوات الأربع، في اكتشافٍ بيئي فريد، يأتي ضمن سلسلة الجهود والمبادرات المتواصلة، التي تقودها، لتعزيز المعرفة بالسلاحف البحرية، وبيئاتها الطبيعية في البحر الأحمر، وتحقيق استدامتها وحمايتها، وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وبهذه المناسبة، أكد الرئيس التنفيذي لمؤسسة “شمس” الدكتور خالد أصفهاني، أن المؤسسة خصصت لهذا الاكتشاف، جزر الأخوات الأربع منطقة لإدارة الأنواع؛ من أجل حماية موائل التعشيش لهذه السلاحف، بما يتوافق مع مستهدفاتها البيئية؛ حيث تسهم هذه الجهود في حماية التنوع البيولوجي، وتحقيق هدف تحويل “30?” من أراضي المملكة البرية والبحرية، إلى محميات طبيعية بحلول عام 2030.
وأوضح أن الجزر الأربع، وهي “مرمر”، و”دهرب”، و”ملاتو”، و”جدير”؛ تتميز بكثافتها العالية بمواقع تعشيش السلاحف البحرية، حيث تم تسجيل أكثر من “2500” عش للسلاحف البحرية في هذه الجزر حتى الآن، مما يثبت أنها منطقة تكاثر حيوية للسلاحف المهددة بالانقراض في البحر الأحمر، خاصة وأن السلاحف البحرية التي تعشش فيها، تعود إلى نفس مواقع التعشيش عامًا بعد عام؛ مما يجعل حماية هذه المواقع أمرًا حيويًا لبقاء هذه الأنواع، مشيرًا إلى أن الجزر الأربع تستضيف أعدادًا استثنائية من السلاحف، منها السلحفاة الخضراء المهددة بالانقراض، والسلحفاة صقرية المنقار المعرضة لخطر الانقراض الشديد؛ مما يجعلها من أهم مواقع تعشيش السلاحف البحرية في المنطقة بأكملها.
اقرأ أيضاًالمنوعاتتشييع جثمان الممثل المصري حسن يوسف
وأضاف أن المؤسسة تطور حاليًا خطة إدارة شاملة، لحماية مواقع تعشيش السلاحف البحرية على امتداد سواحل البحر الأحمر، حيث تم التعرف على أكثر من “180” موقعًا شاطئيًّا للتعشيش على سواحل البحر الأحمر في المملكة، بفضل الجهود الكبيرة لفرق خبراء البيئة في “شمس”، إضافةً إلى العمل على تعزيز فرص السياحة المستدامة والترفيه، حول هذا النظام البيئي البحري الفريد من نوعه، مما يسهم في إثراء هذه المنطقة المحمية، وضمان استمرار السلاحف البحرية في التكاثر في موائلها الطبيعية، بما يساهم في تعزيز استدامة المجتمع والبيئة.
يذكر أن هذا الاكتشاف، يأتي ضمن جهودٍ أوسع تبذلها “شمس”، للحفاظ على التنوع البيولوجي البحري الفريد في البحر الأحمر، الذي تمثل السلاحف البحرية فيه عنصرًا محوريًا في النظام البيئي للبحر الأحمر، ما يعني أن بقاءها ضروري للحفاظ على التوازن البيولوجي والبيئي، وذلك توافقًا مع مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء، ورؤية المملكة 2030، للالتزام الوطني بالحفاظ على تراثها الطبيعي، وحماية التنوع البيولوجي البحري.