الأقصر "د.ب.ا": مع مرور أكثر من 100 عام على اكتشاف مقبرة وكنوز الفرعون الذهبي، الملك توت عنخ آمون، في منطقة وادي الملوك الغنية بمقابر حكام مصر القديمة - بجبانة طيبة التي أقامها قدماء المصريين في البر الغربي من مدينة الأقصر الأثرية بصعيد مصر – يتجدد الحديث عن أدوار الكثير من الشخصيات التي ارتبطت بذلك الكشف الأثري الذي يُعد الأهم والأكبر من نوعه في التاريخ.

. ففي يوم الرابع من شهر نوفمبر عام 1922، أي قبل أكثر من قرن من الزمان، كان العالم على موعد مع حدث أثري غير مسبوق، تمثّل في وصول المستكشف البريطاني هوارد كارتر، لمقبرة وكنوز الفرعون "توت عنخ آمون" الملك الطفل الذي نقل مصر إلى العالم ونقل العالم إلى مصر، وجذبت كنوزه وأسراره أنظار العالم أجمع.

وتتعدد الأسماء المصرية والأجنبية التي ارتبطت بذلك الحدث الأثري، والتي كان لها اسهاماتها في الكثير من مراحل هذا الاكتشاف، بل وربما كانت السبب في وصول المكتشف البريطاني هوارد كارتر لموقع المقبرة وكنوزها، وقد تكون هي أول من وصل لأولي محطات الاكتشاف وهي العتبة الحجرية التي انطلق منها "كارتر" نحو المجد ليحقق إنجازا ربما لم يكن يدر بخلده أن يصل له في يوم من الأيام.

رئيس العمال حسين قرقار

ويذهب بعض الآثاريين والمؤرخين المصريين، إلى أن مصريا كان يقود فريق عمال الحفائر، هو من أرشد المكتشف البريطاني هوارد كارتر، إلى أول عتبه في السلم الذي قاده للوصول لمقبرة وكنوز الملك توت عنخ آمون.

ويذهب الباحث والمؤرخ المصري، فرنسيس أمين، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية(د.ب.أ)، إلى القول بأن رئيس العمال المصريين، ويدعي حسين قرقار، هو من أقنع اللورد البريطاني جورج هيربرت إيرل کارنارفون الخامس، ممول حفائر البريطاني هوارد كارتر، بأن يستمر في عملية التمويل، وأن خبرته كعامل قديم في مجال الحفائر الأثرية، قادته إلى السلم الذي قد يؤدي لكشف أثري كبير، وأن حواراً دار بهذا الشأن بين المصري حسين قرقار، والبريطاني كارنارفون في داخل فندق ونتر بالاس التاريخي الشهير في مدينة الأقصر.

وفي رواية أخرى، يقول الآثاري المصري، محمد يحيي عويضة، الذي عمل مديراً عاماً لمنطقة آثار الأقصر ومصر العليا، ان هوارد كارتر عمل لخمسة مواسم متواصلة من الحفائر الأثرية في منطقة وادي الملوك بتمويل من مواطنه "كارنارفون" دون أن يحقق شيئا يُذكر، وأنه حين كان يستعد لموسم جديد من الحفر والتنقيب، كان العمال يقومون من جانبهم بإعداد خيامهم فوق كومة من الأتربة (الرديم) الذي أخرجه العمال من قدماء المصريين، أثناء حفرهم لمقبرة الملكين رمسيس السادس والخامس، وخلال نصب الخيام، احتاج العمال الذين يعملون في الحفائر التي يقوم بها هوارد كارتر، لشرب أكواب من الشاي، وخلال قيام رئيسهم حسن قرقار، بالبحث عن أحجار لنصب موقد للنار (كانون) لعمل الشاي، تصادف بقطعة حجر ناعمة الملمس، وحين حاول نزعها من الأرض فلم يتمكن من ذلك، وبما لديه من خبرة سابقة في مجال الحفائر، قام بالحفر حولها فوجدها بداية لدرج (سلم) حجري، وعندها شعر بأن هذا المكان هو بداية لكشف أثري جديد، فأبلغ هوارد كارتر بالأمر، وهنا بدأت الحفائر التي قادت لاكتشاف مقبرة وكنوز الملك توت عنخ آمون.

وكما يقول "عويضة" في تصرحياته لوكالة الأنباء الألمانية، فإن هوارد كارتر كان قد جمع خلال حفائره بمنطقة وادي الملوك طوال خمسة مواسم، أدلة على وجود مقبرة لم تكتشف هناك، وكان من بين تلك الأدلة عثوره على ختم لملك لم يكن موجودا ضمن قائمة ملوك مصر القديمة، بجانب بقايا لمواد كانت تستخدم في تحنيط الموتي، وبين تلك البقايا وجد دليلا يحمل اسم "توت"، ومن هنا فقد جاءت عتبات الدرج (السلم) التي عثر عليها رئيس العمال حسين قرقار، لتؤكد لكارتر شكوكه في وجود ملك لم تكتشف مقبرته، ولم يدرج ضمن قائمة الملوك الذين حكموا مصر القديمة، وقد كان ذلك بالفعل، حيث توصل كارتر لمدخل مقبرة الملك توت عنخ آمون، وعثر على كنوزه كاملة.

شعبان والحجاجي

ويعود الباحث والمؤرخ المصري، فرنسيس أمين، ليحدثنا عن شخصيات مصرية وأجنبية أُخرى، ارتبطت بالملك توت عنخ آمون، بينهم العالم الأثري محمد بك شعبان، الذي بُخس حقه – بحسب قول فرنسيس - ولم ينل ما يستحقه من تقدير، وذلك برغم دوره المهم في اكتشاف مقبرة وكنوز الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون.

الميكانيكي كاليندر

ومن الشخصيات التي ارتبطت بالملك توت عنخ آمون "كاليندر" المساعد الأول للمكتشف البريطاني هوارد كارتر، والذي دفن جثمانه بمقابر الكومنولث في مدينة الأقصر، والذي كان يطلق عليه لقب "الميكانيكي" لكونه كان صاحب صنعة، وقد قام بدور مهم في فك مقاصير الملك توت عنخ آمون، وتغليفها، وقد تحمل القيام بالدور الأكبر في الحفاظ على كنوز "توت" ونقلها إلى مقبرة مجاورة كانت بمثابة معمل لحماية وترميم ما جرى اكتشافه من كنوز الفرعون الذهبي الملك توت عنخ آمون.

والفريد لوكاس، وهو من أوائل مرممي الآثار بالعالم، وكيميائي ذائع الصيت، وهو الذي قام بترميم آثار الملك توت عنخ آمون، وقد تتلمذ على يديه المصري زكي إسكندر، الذي تولى إدارة الترميم في مصلحة الآثار المصرية، ثم صار رئيسا للمصلحة.

وفيما كان الفريد لوكاس، يوصف بعميد مرممي الآثار المصرية، كان زكي إسكندر يوصف بأنه أول وأكبر مرمم آثار مصري.

العبودي وغطاس

وهناك الترجمان المصري، محمود العبودي، والترجمان جورج غطاس، وكان "العبودي" يراسل الصحف الفرنسية، ويبلغهم بتفاصيل اكتشاف مقبرة وكنوز الملك توت عنخ آمون أولاً بأول، وكان "غطاس" يراسل الصحف الإنجليزية، وقد كان للعلاقة الوطيدة التي ربطتهما بالمكتشف البريطاني هوارد كارتر، دور في تمكينهما من القايم بدورهما في مراسلة كبرى الصحف الفرنسية والانجليزية.

وهناك المصور الإنجليزي، هاري بيرتون، الذي يعد من أعظم مصوري الآثار، والذي اشتهر بمجموعة صورة للحفريات الأثرية بمنطقة وادي الملوك، ومجموعة الصور التي وثقت أعمال التنقيب التي قام بها هوارد كارتر في مقبرة توت عنخ آمون من عام 1922 لعام 1932 والتي يبلغ عددها 1400 صورة.

وهناك المصور الإيطالي من أصل نمساوي، أنريكو ليشتر، والذي جاء إلى الأقصر قبل قرابة القرن من أجل مقبرة الملك توت عنخ آمون، ومن المصورين المصريين: قديس، وسيف، والعبودي، وبعد العال، وكذلك المصور الإيطالي المعروف أنطونيو بياتو، وغيرهم من المصورين الذين وثقوا من خلال مجموعاتهم المصورة يوميات اكتشاف البريطاني هوارد كارتر لمقبرة وكنوز توت عنخ آمون، كما سجلوا لحظات افتتاح المقبرة أمام الزوار للمرة الأولي، وقدموا صورا لملوك ومشاهير العالم الذين توافدوا لرؤية المقبرة وكنوزها من مختلف قارات العالم.

وقد أثرت مجموعات الصور التي قدمها هؤلاء الكثير من المصورين الذين ارتبطوا بالفرعون الذهبي توت عنخ آمون، وبالحدث الأثري الضخم الذي تمثّل في الكشف عن مقبرته وكنوزه، أثرت المكتبة العالمية، ورسمت صورة متكاملة منذ اللحظات الأولي لاكتشاف المقبرة وكنوزها وحتى أعدادها لاستقبال زوراها من سياح العالم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الملک توت عنخ آمون الفرعون الذهبی وادی الملوک

إقرأ أيضاً:

مهندسون ومقاولون مصريون: جاهزون بخطط مدروسة ورؤية ووطنية لإعادة إعمار غزة

تواصل مصر تأكيد دورها الريادي في دعم الشعب الفلسطيني من خلال قيادتها لجهود إعادة إعمار قطاع غزة، بعد الدمار الهائل الذي خلّفته الحرب الأخيرة، وتمتلك مصر شركات مقاولات ومكاتب استشارات هندسية على أعلى مستوى من الكفاءة والخبرة، شاركت في تنفيذ مشروعات قومية كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والمدن الذكية، وشبكات الطرق والكهرباء والبنية التحتية العملاقة، وكذلك خارج مصر في مختلف البلدان.. هذه الخبرات جعلت من الشركات المصرية قوة إقليمية قادرة على تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار بسرعة وجودة عالية، تشمل بناء المنازل والمدارس والمستشفيات وشبكات المياه والكهرباء، بما يضمن عودة الحياة إلى القطاع في أسرع وقت.

وأكد خبراء التشييد والبناء والمكاتب الهندسية الاستشارية- في تقرير أعدته وكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم- أن مصر تبرز مجددًا بدورها التاريخي والإنساني، لتعلن استعدادها الكامل لقيادة عملية إعادة إعمار غزة بخبراتها الواسعة في مجال التشييد والبناء التي أثبتت كفاءتها في تنفيذ أكبر المشروعات القومية خلال السنوات الأخيرة.

فبعد نجاحها في بناء مدن جديدة مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة وشبكات الطرق العملاقة، تتأهب الكوادر المصرية اليوم – مهندسون واستشاريون وشركات تطوير – لنقل خبرتهم إلى أرض غزة، في رسالة تؤكد أن مصر لا تكتفي بالتضامن بالكلمات، بل تدعم فلسطين بالفعل والعمل.

وقالوا: إن المصريين يمتلكون خبرة كبيرة في شتى المجالات نظرا لتعدد تجاربهم ومشاركاتهم في كبرى المشروعات القومية داخل وخارج مصر.

كما أكدوا استعداد الشركات على الاكتفاء بتكاليف العمل دون التربح من جراء المشاركة في عمليات إعادة الإعمار نظرا لكونها مهمة إنسانية ووطنية قبل أن يكون مهمة اقتصادية او استثمارية.

من جانبه.. أكد المهندس طارق النبراوي نقيب المهندسين، أن النقابة شكلت لجنة متخصصة لإعادة إعمار غزة، ووضعت بالفعل مخططًا هندسيًا كاملاً للمشروع، موضحًا أن اللجنة ستبدأ أعمالها فور استقرار الأوضاع.

خطة إعمار شاملة لغزة

وقال: "نحن نمتلك خبرات هندسية فائقة، وقادرون على إعداد وتنفيذ خطة إعمار شاملة لغزة، تبدأ بمرحلة عاجلة لإيواء نحو مليوني مواطن يعيشون الآن بلا مأوى أو خدمات، تليها مرحلة طويلة المدى تعيد بناء المدن الفلسطينية وفق معايير الأمان والجودة الدولية".

وأشار إلى أن 120 ألف مهندس مصري من مختلف التخصصات مستعدون للمشاركة في عمليات الإعمار، مؤكدًا أن المشروع سينفذ وفق معايير عالمية تضمن الجودة والاستدامة.

من جانبه.. أوضح المهندس محمد سامي رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، أن الشركات المصرية تمتلك المعدات والكوادر القادرة على تنفيذ الإعمار، مشيرا إلى أن "الدمار في غزة ضخم، حيث يُقدر الركام بنحو 50 مليون طن، ما يتطلب تخطيطًا جديدًا للمدينة وتوفير مواد لوجستية هائلة قبل بدء التنفيذ".

وأضاف سامي، أن تمويل الإعمار سيكون دوليًا بمشاركة مانحين من مؤسسات مالية كبرى مثل البنك الأوروبي والبنك الآسيوي والبنك الدولي، مؤكدًا أن الأعمال ستُطرح عبر مناقصات دولية تشارك فيها الشركات المصرية إلى جانب شركات من دول مانحة.

وقال: "الشركات المصرية مؤهلة تمامًا للمنافسة دوليًا، لكن الإعمار سيكون وفق اشتراطات التمويل الدولي، ومن خلال شراكات مصرية – إقليمية – دولية، وليس بجهود مصرية منفردة".

وأكد أن مصر تملك فرصة ذهبية لتحويل العريش ورفح إلى مناطق لوجستية دولية لتوريد مواد البناء والخرسانة وحديد التسليح للشركات العاملة في الإعمار، مما يتيح لمصر دورًا محوريًا اقتصاديًا حتى في حال تنفيذ الإعمار بأيدٍ متعددة الجنسيات.

وقال المهندس كمال شاروبيم عضو لجنة إعادة إعمار غزة بنقابة المهندسين، إن النقابة أعدت خطة متكاملة تتضمن مرحلتين: الأولى، مرحلة عاجلة تشمل توفير مساكن مؤقتة ومياه وكهرباء للأهالي المتضررين قبل حلول فصل الشتاء.. والثانية، مرحلة طويلة الأجل تتضمن إعادة تخطيط شامل لغزة، لتتحول إلى مدينة حديثة مبنية على أسس علمية وتكنولوجية متطورة.

وأشار شاروبيم إلى أن "المكاتب الاستشارية المصرية على استعداد للتضحية بجزء من أرباحها، وبعضها سيعمل بالتكلفة فقط دعمًا للشعب الفلسطيني"، مؤكدًا أن الإعمار "ليس مشروعًا اقتصاديًا فحسب، بل مهمة قومية وإنسانية.

وذكر أنه في إحصائيات رسمية معلنة سابقا، نسبة إزالة حطام المباني التي تم تدميرها بالكامل تبلغ 44% من المباني التي كانت قائمة في القطاع، وأن مساحات الأراضي الضخمة المطلوبة لتجمعات الإيواء المؤقت كبيرة الحجم ستحاول تجنب التعدي على الملكيات الخاصة لسكان القطاع والتي تصل إلى 65 % تقريبًا من إجمالي مساحة القطاع، وأن حوالي 85% من المباني تأثرت بالقصف – بمستويات مختلفة، وعدد المساكن المتضررة تجاوز 77%.

وأضاف أن عدد السكان نحو 2.2 مليون نسمة، بينهم 350 ألفا يقيمون في مساكن متضررة وعدد السكان المقيمين مع أقاربهم حوالي 200 ألف نسمة، مشددًا على أن إعادة التقدير واردة في إطار التعامل المباشر مع المعطيات والأوضاع المختلفة على الأرض..كما قدرت تكلفة إعادة إعمار غزة بنحو 57 مليار دولار خلال عشر سنوات، منها 20 مليار دولار مطلوبة خلال السنوات الثلاث الأولى فقط.

طباعة شارك مصر إعمار قطاع غزة دعم الشعب الفلسطيني مقاولات ومكاتب الكفاءة والخبرة

مقالات مشابهة

  • عودة الملك الذهبي | المتحف المصري الكبير يكشف للعالم أسرار «توت عنخ آمون» في افتتاح تاريخي
  • قبل فتح الأبواب | حسين عبد البصير يكشف لـ صدى البلد : المتحف الكبير هيعرض أسرار مقبرة توت عنخ آمون كاملة لأول مرة في التاريخ
  • الأعلى للآثار ينفي تعرض مقبرة توت عنخ آمون لخطر الانهيار
  • الآثار تحسم جدل تعرض مقبرة الملك توت عنخ آمون للانهيار
  • عاجل.. «الآثار» تكشف حقيقة تعرض مقبرة الملك توت عنخ آمون للانهيار
  • أمين الأعلى للآثار: مقبرة توت عنخ آمون حالتها جيدة وليست معرضة للانهيار
  • السياحة والآثار تؤكد: مقبرة الملك توت عنخ آمون في حالة جيدة
  • مهندسون ومقاولون مصريون: جاهزون بخطط مدروسة ورؤية ووطنية لإعادة إعمار غزة
  • 8 صور نادرة لقناع الملك توت عنخ آمون بعد نقله رسميًا للمتحف الكبير
  • توت عنخ آمون يغير عنوانه.. القناع الذهبي يستقر بالمتحف المصري الكبير تمهيدا للافتتاح