وعود جوفاء على أرضٍ ملتهبة: تظاهرات تكشف عن تحديات خطيرة
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
22 أغسطس، 2024
بغداد/المسلة: تشير أحداث التظاهرات الاخيرة في مدن العراق الى التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة العراقية الحالية بقيادة محمد شياع السوداني، والتي تسعى إلى تقديم نفسها كحكومة مختلفة عن سابقاتها من خلال محاربة الفساد وتحقيق التنمية. لكن، مع استمرار المشكلات المزمنة مثل الفساد، الفقر، والبطالة، تتفاقم الضغوط على هذه الحكومة، خاصة مع تجدد الاحتجاجات الشعبية التي تعيد إلى الأذهان انتفاضة 2019.
وتدل الأحداث الأخيرة، بما في ذلك الاحتجاجات في بغداد التي قادها خريجون يطالبون بوظائف، على أن الأسباب التي فجرت انتفاضة 2019 ما زالت قائمة.
يقول علي الكاظمي: “أنا خريج من كلية الطب، قضيت سنوات من حياتي في الدراسة والتدريب على أمل أن أساهم في بناء هذا البلد، لكنني الآن أجد نفسي عاطلاً عن العمل، مثل الآلاف من زملائي. جئنا اليوم للاحتجاج لأننا لم نعد نملك أي خيار آخر. الحكومة تَعِدُ بالتغيير، لكن على أرض الواقع لا نرى سوى وعود فارغة. نحن نطالب بحقنا في العمل بكرامة، ولن نتراجع حتى نحقق ذلك.”
وعلى الرغم من أن الحكومة تتمتع بإمكانيات مالية جيدة بفضل عوائد النفط المرتفعة واستقرار نسبي، إلا أن هذا لم ينعكس على تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
والفساد المستشري وتحويل الموارد العامة لمصالح شخصية وسياسية لا يزالان يشكلان عائقاً أمام أي إصلاحات جادة.
وتتحدث زينب الخفاجي: “لقد كنت أشارك في الاحتجاجات منذ انتفاضة 2019، واليوم أنا هنا مرة أخرى لأن شيئاً لم يتغير. الفساد منتشر في كل زاوية من الحكومة، والبطالة في ازدياد. نحن نرى السياسيين يثرون أنفسهم على حساب الشعب، بينما يعاني المواطنون من الفقر. نحن هنا لنقول للحكومة: لقد طفح الكيل، نحن بحاجة إلى حلول حقيقية، وليس مجرد كلام.”
وتعاني الحكومة الحالية من الفشل في تقديم حلول عملية لهذه المشكلات، مما يجعلها عُرضة لنفس المصير الذي واجهته الحكومات السابقة في ظل استمرار الاحتجاجات والمطالب الشعبية.
والاحتجاجات الأخيرة أعادت إلى الأذهان العنف الذي صاحب انتفاضة 2019، حيث استخدمت قوات الأمن القوة لتفريق المتظاهرين، مما أسفر عن إصابات في صفوفهم.
هذه الأحداث تبرز المخاطر الأمنية المترتبة على تفاقم الفقر والبطالة، حيث أن هذه العوامل تغذي التطرف وتؤدي إلى زعزعة الاستقرار في البلاد.
والوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور في العراق يشكل تهديداً مستمراً للحكومة، التي قد تجد نفسها غير قادرة على التمايز عن سابقاتها في ظل هذه التحديات.
ويقول عبد الحسين الجبوري: “كنا نعتقد أن الأمور ستتحسن بعد كل تلك السنوات من التضحيات، لكن يبدو أن الفساد أصبح جزءاً من النظام. لا يمكننا الاستمرار في العيش في ظل هذه الظروف الصعبة. نحن نتظاهر اليوم لأننا نريد مستقبلاً أفضل لنا ولأطفالنا. هذا ليس مجرد احتجاج، إنه صرخة من أجل العدالة والمساواة. نريد أن نرى حكومة تعمل لصالح الشعب وليس لمصالحها الخاصة.”
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
عبد الله علي صبري: انتفاضة الحجارة وانكشاف مسار أوسلو
في التاسع من ديسمبر الجاري حلت الذكرى 37 لانتفاضة الحجارة الفلسطينية الأولى، التي اندلعت نهاية العام 1987 واستمرت نحو 6 سنوات، في عمل بطولي مقاوم تصدرت يومياته نشرات الأخبار في مختلف وسائل الإعلام الدولية.
تولدت شرارة الانتفاضة في اليوم التالي لعملية دهس قام بها صهيوني مغتصب لحافلة كانت تقل عمالا فلسطينيين أثناء انتظارهم التفتيش من أجل العبور من حاجز بيت حانون شمال قطاع غزة. وامتدت الانتفاضة الأولى التي كانت الحجارة سلاحها الوحيد إلى الضفة الغربية، ما جعل العدو الصهيوني يواجه تحديا هو الأكبر في الضفة والغزة منذ عشرين عاما على احتلاله لهما.
وحسب بيانات رسمية فلسطينية، فقد استشهد في الانتفاضة 1550 فلسطينياً، وجُرح ما يزيد على 70 ألفاً، وعلى الجانب الآخر قُتل 256 مستوطناً و127 جندياً على أيدي الفلسطينيين. وتعرض للاعتقال 100 ألف فلسطيني، إضافة إلى 18 ألف معتقل إداري. واستشهد 40 أسيرا فلسطينيا تحت التعذيب.
لم يتوقف التوحش الصهيوني عند هذا الحد، إذ قام بهدم 447 منزلا فلسطينيا هدما كاملا، وقام بإغلاق 294 منزلا فلسطينيا إغلاقا تاما كإجراء عقابي. ودمر المئات من المنازل أثناء ملاحقة المطلوبين أمنيا، ومارس أبشع أنواع التنكيل و” تكسير العظام ” بحق الآلاف من أبطال الانتفاضة.
لكن بالرغم من العنف المفرط لقوات الاحتلال وأجهزته الأمنية إلا أن الانتفاضة ظلت متوقدة ومتوهجة، عاما بعد آخر، من خلال العصيان المدني والمظاهرات الشعبية، ما جعل العالم يتنبه إلى حقيقة ما يحدث في فلسطين المحتلة، ويعمل على مساندة حقوق الشعب الفلسطيني ودعم حقه في تقرير المصير. وكانت هذه الانتفاضة ضمن عوامل أخرى من الأسباب المباشرة التي فرضت على العدو الصهيوني توقيع اتفاقية أوسلو 1993، وقيام سلطة فلسطينية في غزة وبعض المناطق في الضفة الغربية.
كانت الانتفاضة دليلا على حيوية الشعب الفلسطيني وصموده ومقاومته، في مقابل الهمجية الصهيونية التي لم تكف عن تهويد الأراضي الفلسطينية، والعمل على طمس هوية الشعب الفلسطيني، وتقييد الحريات بالتوسع في الاعتقالات، وملاحقة رموز النضال الفلسطيني داخل وخارج فلسطين المحتلة.
كان الفلسطيني يعبر عن نفسه وعن مظلوميته التاريخية من خلال رفض استمرار هذا الاحتلال بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، وكانت المفاجئة أن الحجارة غدت سلاحا فاعلا يرهب جيش العدو وقطعانه المغتصبين، بل ويربك الأداء السياسي لقادة الكيان الغاصب، ويعطل مشاريعهم التوسعية، ويحشد الرأي العام الدولي تضامنا مع الفلسطينيين وعلى الضد من وحشية الكيان وجنوده.
وقد ساعدت هذه الانتفاضة المفاوض الفلسطيني على انتزاع تنازلات ما كان يقبل بها الكيان الغاصب، لولا رغبته في التخلص من الانتفاضة وشبابها ورموزها، وكان بإمكان منظمة التحرير الفلسطينية أن تصل إلى نتائج أفضل بكثير مما تحقق في أوسلو 1993، لولا خذلان الأنظمة العربية، وحالة الانتهازية التي ظهرت عليها بعض القيادات الفلسطينية.
وبعد عشرين عاما ثبت أن مسار أوسلو كان على المدى البعيد في صالح هذا الكيان، الذي انقلب على كل التفاهمات، ولم يسمح لنواة الدولة الفلسطينية أن تكتمل، بل وحصر دورها في وظيفة أمنية لصالح دولة الكيان، وفي مواجهة المقاومة الفلسطينية، التي رفضت اتفاق أوسلو، وتمسكت بخيار المقاومة كسبيل وحيد لتحرير فلسطين وانتزاع حرية الشعب الفلسطيني.
مؤخرا وبرغم الملحمة الأسطورية للشعب الفلسطيني في معركة طوفان الأقصى، شرعت الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس محمود عباس في محاصرة مخيم جنين، والتعامل مع الشباب المقاوم وكأنهم مخربين خارجين عن القانون، في انتهازية فجة تهدد الوحدة الفلسطينية، وتحاول عبثا كبح جماح المقاومة والقفز على تضحياتها ومكتسباتها.
18-12-2024