الجزيرة:
2025-02-06@07:29:46 GMT

إسرائيل وحزب الله.. استعراض عالي المخاطر للقوة

تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT

إسرائيل وحزب الله.. استعراض عالي المخاطر للقوة

عندما قرّر "حزب الله" الانخراط في حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول لمساندة الفلسطينيين، كان هدفه الرئيسي استنزاف إسرائيل عسكريًا عبر الجبهة الشمالية كوسيلة ضغط عليها لإجبارها على وقف سريع لحربها على غزة. وقد نجح الحزب بالفعل في خلق مشكلة أمنية وإستراتيجية كبيرة أخرى لإسرائيل، وإرباك حساباتها في الحرب، وإجبار الولايات المتحدة على الانخراط القوي في الجهود الدبلوماسية لاحتواء الصراع ومخاطره الإقليمية.

لكنّه سرعان ما وجد نفسه متورّطًا في حرب استنزاف طالت أكثر من المتوقّع، ولا تلوح في الأفق القريب نهاية لها، وتتفاقم مخاطرها بشكل مستمر. والمفارقة المثيرة للاهتمام بعد نحو عشرة أشهر على الحرب، أن التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في غزة، قد يكون السبيل الوحيد والفرصة الأخيرة المتبقية للحد من انزلاق المواجهة بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب واسعة.

لكن تضاؤل فرصة الصفقة وتصميم إيران وحلفائها على الانتقام لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شُكر، القائد البارز في الحزب ببيروت، يرفعان مخاطر الحرب الواسعة بين إسرائيل وحزب الله.

هذه المخاطر لا تقتصر أسبابها على ضعف قواعد الاشتباك التي حافظت على وتيرة مستقرة للصراع بين إسرائيل وحزب الله منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى اغتيال شُكر نهاية يوليو/تموز الماضي، بل تشمل أيضًا خروج صراع الظل بين إسرائيل وإيران إلى الواجهة منذ أبريل/نيسان الماضي، وتراجع قدرة الولايات المتحدة في التأثير على السلوك الإسرائيلي في الحرب. وتصعيد نتنياهو للمواجهة مع إيران وحزب الله لا يضع طهران وحليفها اللبناني في مأزق التعامل مع لعبته الخطيرة فحسب، بل واشنطن أيضًا.

وقد أظهر المسار الإقليمي لحرب 7 أكتوبر/تشرين الأول منذ الهجوم الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق في أبريل/نيسان الماضي، أن الولايات المتحدة تفقد بشكل متزايد قدرتها على مواصلة لعب دورها كضابط إيقاع لمنع انتشار أكبر للحرب في الشرق الأوسط.

هذا الوضع ينبغي أن يشكل عامل قلق للإيرانيين وحزب الله على وجه الخصوص؛ لأنه يجعل نتنياهو أكثر تحررًا من الضغط الأميركي في فترة انشغال الولايات المتحدة بانتخاباتها الرئاسية، وأكثر جرأة في اللعب على حافة الهاوية في الحرب.

لا يزال حزب الله وإيران يتريثان في تنفيذ الرد الانتقامي على اغتيال هنية وشُكر. ويرجع هذا التريث إلى الحرب النفسية المصممة لإبقاء إسرائيل والمنطقة في حالة من عدم اليقين بشأن الرد لفترة طويلة، وإلى رغبة طهران في تعظيم فرص نجاح مفاوضات التوصل إلى صفقة في غزة، وإيجاد هامش أوسع لدبلوماسية القنوات الخلفية لاحتواء التصعيد. لكنه يتعلق بدرجة أساسية بحسابات المخاطر.

مع ذلك، يدفع اتساع نطاق وأهداف الهجمات المتبادلة بين الحزب وإسرائيل في الأيام والأسابيع الأخيرة الطرفين خطوات إضافية نحو الحرب الواسعة. وعلى الرغم من الاهتمام الكبير الذي يحظى به الرد الإيراني المنتظر، فإن انخراط حزب الله فيه أكثر حساسية بالنسبة للإسرائيليين لاعتبارين: أولهما أن رد حزب الله سيعيد الاعتبار لمفهوم الردع المتبادل إذا لم يقابل برد إسرائيلي قوي، وثانيهما أن ظروف توسيع الحرب على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية متوفرة إلى حد كبير، والمحاذير التي تمنعها أقل بكثير من المحاذير التي تمنع نشوب حرب بين إسرائيل وإيران.

قد يكون الخيار الأقل سوءًا على حزب الله مواصلة التعايش مع حالة الاستنزاف التي يواجهها على مستوى الأفراد والقادة، على المخاطرة بالتورط بشكل أكبر في الحرب. لكن اغتيال فؤاد شُكر أظهر أن إسرائيل يمكن أن تذهب أبعد من ذلك في إستراتيجية استنزاف الحزب إذا لم يظهر الأخير مزيدًا من استعراض القوّة.

وهذا بدوره يصعد المخاطر عليه بدلًا من الحد منها. وفي ظل هذه البيئة الإقليمية المرتفعة المخاطر، يمكن أن يؤدي الإفراط في استعراض القوة المتبادل بين حزب الله وإسرائيل إلى النتيجة التي يظهر الطرفان حتى الآن رغبة في تجنبها. ومن المؤكد أن الحرب الواسعة ستجلب عواقب كبيرة على مستوى القتل والدمار المتبادل، وسرعان ما قد تنزلق إلى حرب إقليمية.

وفي حين أن الإيرانيين لا يزال لديهم هامش لإفساد لعبة نتنياهو الهادفة إلى توريطهم في الحرب، فإن خيارات حزب الله للخروج من حرب الاستنزاف وإعادة رسم قواعد اشتباك وردع جديدة مع إسرائيل تتقلص باستمرار مع مرور الوقت. وأي تردد يظهره الحزب في لحظة مفصلية في مسار الصراع سيعطي رسالة ضعف واضحة للإسرائيليين.

تظهر الهجمات الإسرائيلية الأوسع نطاقًا والأكثر عمقًا في لبنان في الآونة الأخيرة، أن نتنياهو يدرك بشكل متزايد نقطة ضعف حزب الله الرئيسية المتمثلة في حرصه على تجنب التكاليف الباهظة لانخراطه في مساندة الفلسطينيين في الحرب. لكن ذلك لا ينبغي أن يدفع الإسرائيليين إلى الاعتقاد بأن الحزب سيتردد في خوض الحرب الواسعة إذا ما فرضت عليه. ولا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأي حال بأن إسرائيل قادرة على تحقيق نصر سريع في مثل هذه الحرب أو حتى إضعاف حزب الله بقوة.

كما سيتعيّن على القادة الإسرائيليين أخذ التكاليف الباهظة لمثل هذه الحرب بعين الاعتبار قبل التفكير في القيام بها. ويبدو أنّ هذه التكاليف هي ما أخّرت حتى الآن سيناريو الحرب الواسعة، وأفسحت المجال أمام الوساطات الدبلوماسية لنزع فتيل التصعيد.

لقد صمم حزب الله انخراطه في الحرب على أنها اختبار وجودي له لأنه يعتقد أنه سيكون الهدف التالي في حال نجاح إسرائيل في القضاء على حركة حماس وإخراج غزة من معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ويبدو هذا الاعتقاد صحيحًا إلى حد كبير.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات إسرائیل وحزب الله الولایات المتحدة الحرب الواسعة بین إسرائیل فی الحرب حزب الله

إقرأ أيضاً:

حزب الله في ألمانيا.. "شبكة سرية" تحت المجهر الأمني

كشفت صحيفة "ذا ناشيونال" أن حزب الله يستخدم موطئ قدم سري يمتد عبر شمال ألمانيا لنشر نفوذه، من خلال توفير قاعدة أوروبية لجمع الأموال والحصول على معدات الأسلحة.

وأزاح التحقيق الاستقصائي للصحيفة الستار عن خيوط هذه الشبكة الممتدة داخل المساجد والمراكز الثقافية وجماعات الشباب، مما جعلها محور اهتمام الأجهزة الأمنية الألمانية.

وأوضحت أن الشبكة تتلقى المساعدة من سلسلة من منافذ الدعاية ولديها أكثر من 1200 مؤيد في أنحاء ألمانيا، التي كانت منذ بدايتها تحت إشراف وثيق من حسن نصر الله، الزعيم السابق للجماعة الذي اغتيل في سبتمبر 2024.

الاختراق الأمني والاعتقالات الحاسمة

وبعد العثور على قصاصة ورقية في سلة مهملات داخل حمام، نجحت السلطات الألمانية في تحقيق اختراق أمني مهم، قادها إلى كشف عناصر الشبكة السرية ودور شخص يدعى "حسن م".

وبعد سلسلة من التحقيقات، تم اعتقال العديد من المشتبه بهم، من بينهم "فاضل ر"، الذي تبين أنه كان مسؤولًا عن تنسيق استقدام رجال دين شيعة إلى ألمانيا لنشر أفكار الحزب.

كما اعتُقل شخص آخر يدعى "فاضل ز"، الذي يشتبه في أنه ساهم في تهريب قطع طائرات مسيرة لاستخدامها ضد إسرائيل.

ويعكس هذا الرابط المباشر بين نشاط حزب الله في ألمانيا والحرب في الشرق الأوسط مدى تعقيد وتداخل أجندات التنظيم الخارجية مع وجوده في أوروبا.

التصعيد الأمني في مواجهة حزب الله

مع تصاعد الحرب في غزة في عام 2023، كثفت ألمانيا حملتها ضد أنشطة حزب الله، حيث شملت الاعتقالات أفراداً مرتبطين بالتمويل والتجنيد والترويج الدعائي للحزب.

وفي ديسمبر 2024، أصدرت الحكومة مرسوماً يمنع بث قناة المنار التابعة لحزب الله في ألمانيا، وهو ما يُعد ضربة كبيرة للآلة الإعلامية للحزب.

إضافة إلى ذلك، تم حظر المركز الإسلامي في هامبورغ، المعروف بارتباطه بحزب الله، وإغلاق بوابة مسجد الأزرق، مع تنفيذ مداهمات أمنية في أكثر من 50 موقعًا في أنحاء البلاد لتعقب المشتبه بهم.

دور فرق الكشافة

أحد الأساليب التي استخدمها حزب الله لتعزيز وجوده هو إنشاء فرق الكشافة ضمن الجمعيات الثقافية والمساجد، حيث تم توظيفها كأداة رئيسية في تجنيد الشباب وترسيخ الولاء للحزب.

وتعمل هذه المجموعات تحت مظلة "كشافة الإمام المهدي"، وهي منظمة تربوية تدّعي تقديم برامج تعليمية وترفيهية للأطفال والشباب، لكنها في الواقع تلعب دورًا هامًا في نشر أيديولوجية الحزب وإعداد الجيل القادم من المؤيدين.

وأشارت وثائق المحكمة إلى دور عبدول، قائد إحدى فرق الكشافة في بريمن، الذي حكم عليه بالسجن 3 سنوات بعد ثبوت تورطه في تنظيم أنشطة تصب في مصلحة حزب الله، حيث كان عبدول مسؤولًا عن استقطاب الشباب إلى معسكرات تدريبية، حيث يتم تلقينهم أفكار الحزب وتدريبهم على الانضباط والهيكلية التنظيمية.

كما حُكم على "حسن م" بالسجن لمدة 5 سنوات ونصف وكانت هذه أول إدانات لنشاط حزب الله في ألمانيا.

العلاقة بين المساجد والجمعيات وحزب الله

كان لـ"حسن م" اتصالات قوية بقيادات المساجد في هامبورغ وبريمن وأوسنابروك، حيث وفر الغطاء المناسب لأنشطة الحزب.

وكشف التحقيق أن بعض المساجد، مثل مسجد الإمام الحسين في أوسنابروك، كانت مركزًا لاستضافة ورش تدريبية تهدف إلى تقوية النفوذ التنظيمي للحزب.

كما تم رصد نشاط لجمعية المهدي الثقافية في باد أوينهاوزن، والتي كانت تحت مراقبة الاستخبارات الألمانية بسبب صلاتها المحتملة بالحزب.

التحديات والمستقبل

رغم هذه الجهود، لا تزال الشبكة السرية لحزب الله تمثل تحدياً أمام السلطات الألمانية، حيث يحاول الحزب الحفاظ على وجوده عبر وسائل قانونية مثل الطعون القضائية ضد قرارات الحظر.

ويشير خبراء أمنيون إلى أن حزب الله يعاني من انهيار داخلي في لبنان، مما يجعل دعمه المالي من شبكاته الخارجية أمراً حيوياً لاستمراريته.

بينما تسعى السلطات الألمانية إلى تقليص نفوذ الحزب داخل أراضيها، يبقى التساؤل مفتوحًا بشأن مدى قدرتها على القضاء التام على هذه الشبكة المتغلغلة، وما إذا كانت هذه الجهود ستشكل بداية النهاية لنفوذ حزب الله في أوروبا.

مقالات مشابهة

  • الحزب اليميني الهولندي: من المستحيل هزيمة روسيا عسكريا
  • خطوة مرتبطة بـحزب الله تُقلق إسرائيل.. ما هي؟
  • خسارة “إسرائيل” في طوفان الأقصى لا تعوَّض مهما حاولت أمريكا
  • أستراليا تفرض عقوبات على نعيم قاسم.. وحزب الله يعلق
  • رولا الدرة: الصحفي الفلسطيني بطل في الحرب.. ويواصل أداء واجبه المهني رغم المخاطر
  • حزب الله نحو تحميل الدولة مسؤولية الدفاع؟
  • حزب الله في ألمانيا.. "شبكة سرية" تحت المجهر الأمني
  • تأجيل تشييع نصرالله.. هل هو وارد؟
  • عون: الحفاظ على الأمن واستقلالية القضاء ركيزتان أساسيان لبناء الدولة
  • فضل الله: بحكومة الكفاءة والنزاهة نواجه المخاطر المحدقة