أثر اللغـة في تشكيل الهوية من الكتاب والسنة
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف السابق الأستاذ بجامعة الأزهر، إن اللغة هي الوعاء الحامل للمعاني والثقافات، ولا شك أنها أحد أهم عوامل تشكيل الهوية والتأثير في بناء الشخصية، فالذي لا يدرك أسرار لغته لا يمكن أن يدرك كنه ثقافة قومه ولا أن يسبر أغوارها.
ووضح جمعة مدى خصوصية اللغة العربية في ذلك، فهي لغة القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، وفهم الكتاب والسنة فرض واجب، ولا يتم إلا بتعلم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .
أثر اللغة في تشكيل الهوية من الكتاب والسنة
واستشهدا جمعة بقول الحق سبحانه : ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾.
ويقول سبحانه : ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾.
ويقول سبحانه : ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ ﴾.
ويقول سبحانه : ﴿وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾.
ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : " أَنَا أَفْصَحُ الْعَرَبِ ، بِيَدَ أَنِّي مِنْ قُرَيْشٍ".
وأضاف جمعة أن سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان يقول : "تعلموا العربية فإنها من دينكم"، وعن يَحْيَى بْن أَبِي كثير أن كاتبا لأبي موسى الأشعري كتب إِلَى عُمَر بْن الخطاب كتابًا فيه لحن ، فكتب عُمَر إلى أبي موسى الأشعري: إذا أتاك كتابي هَذَا فاضرب كاتبك سوطا واعزله عن عملك .
وقد علل يوهان فك لخلود العربية بقوله : إن لغة القرآن قد صارت في شعور كل مسلم – أيًّا كانت لغته الأصلية – جزءًا لا ينفصل عن حقيقة الإسلام.
وأشار جمعة إلى أن قد عدّ الأصوليون والفقهاء وغيرهم التمكن في اللغة العربية وأدواتها أحد أهم شروط الاجتهاد ، وبلا شك فإن ذلك أحد أهم شروط المفسر وشارح كتب السنة , كما أكدوا أن الناظر في الشريعة والمتكلم فيها أصولا وفروعًا لا بد أن يكون متمكنًا من اللغة ولا يتكلم في شيء من ذلك حتى يكون عربيًّا أو كالعربي في كونه عارفًا بلسان العرب , بالغًا فيه مبالغ العرب الخُلّص , أو مبالغ الأئمة المتقدمين من العلماء واللغويين .
وانتهى جمعة إلى أن فما أحوجنا إلى الاهتمام بلغتنا العربية تعلما وتعليما وإعطائها حقها من الاهتمام الدراسي والتدريسي في جميع مراحلنا التعليمية، وعقد الدورات التدريبية المتقدمة لمعلمي اللغة العربية بما في ذلك أحدث الطرق والوسائل العلمية لتدرسيها خدمة لديننا وكتاب ربنا عز وجل وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وترسيخ هويتنا العربية والوطنية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أثر اللغة تشكيل الهوية الكتاب والسنة للغة يقول سبحانه محمد مختار جمعة للغة العربية اللغة العربية اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
إن تُطيعوا فريقًا من الذين أوتوا الكتاب .. رسالة تحذير إلهية للأمة في زمن الصهينة
في زمن يكثر فيه التباس المفاهيم، وتتقاطع الشعارات البراقة مع مشاريع الهيمنة، تبرز تأملات الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه ،كصوت تحذير مبكر، يكشف حقيقة الصراع القائم، ويضع الأمة أمام مرآة صادقة، من خلال قراءته العميقة للآية الكريمة: {إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَٰنِكُمْ كَٰفِرِينَ}،
ينبّه الشهيد القائد إلى خطر الطاعة لليهود والنصارى، لا كمجرد مسألة سياسية، بل كقضية إيمانية تمس صميم هوية الأمة وولائها ، وهنا نستعرض هدي الشهيد القائد في الدرس الأول من سلسلة آيات من سورة آل عمران وتأملاته في ضوء الآية الكريمة
يمانيون / تحليل / خاص
الطاعة لليهود والنصارى لا تعني التأثر فقط بل انقلاب كلي
الآية الكريمة تتحدث عن “الردّة” كنتيجة للطاعة لليهود والنصارى ، لا عن مجرد ضعف أو انخداع، وهذا ما يلفت إليه الشهيد القائد، أن العلاقة مع العدو إذا تحولت إلى طاعة، فإنها تنتهي إلى فقدان الإيمان والانتماء الحقيقي للإسلام، إنها نهاية فكرية وأخلاقية.
العدو يتحرك بدهاء وليس بعشوائيةيؤكد الشهيد القائد أن اليهود أعداء لا يعتمدون على القوة المباشرة وحدها، بل يعملون عبر أدوات ثقافية، إعلامية، اقتصادية، وحتى عبر “وكلاء داخليين”، وهو ما نراه اليوم في مظاهر التطبيع العلني، والترويج لنمط الحياة الغربي، واختراق الإعلام والتعليم ، ومن أخطر ما يشير إليه الشهيد القائد هو أن الأمة لا تُخترق فقط، بل تصل إلى مرحلة الطاعة الإرادية، بل والدعوة لها من داخلها، هذه الطاعة ليست فقط خضوعًا سياسيًا، بل انهيارًا في الوعي والكرامة الدينية.
عقاب الله للأمة حين تخون رسالتهاليس العدو وحده هو سبب الضعف، بل الانحراف الداخلي، وتخلي الأمة عن مشروعها الإلهي، هو يؤدي إلى رفع التأييد الألهي والنصر عنها، هذا منطق قرآني يرسخه الشهيد القائد بوضوح: “إذا تخلت الأمة عن هدي الله، تخلّى الله عنها.”
ويرى الشهيد القائد أن العرب هم المؤهلون لحمل الرسالة الإلهية، لا من باب التعصب القومي، بل لأنهم حملة القرآن واللغة والوحي، لكن هذا الموقع يحمّلهم مسؤولية عالمية، فإذا قصّروا، فإنهم يساهمون في ضياع البشرية لا فقط أنفسهم.
قراءة في الواقعما أشار إليه الشهيد القائد رضوان الله عليه أصبح واقعًا معاشًا ، من المشاريع التطبيعية، إلى تحالفات مع العدو الصهيوني، إلى تزييف الهوية الإسلامية تحت مسميات “تقدم” و”تسامح”، تبدو الأمة اليوم في مفترق طرق خطير.
والسؤال الذي يفرض نفسه ، هل نعي حقيقة ما نحن عليه؟ وهل نعيد قراءة القرآن لنفهم أنه لا يحذّر من “العدو فقط”، بل من الطاعة له؟
إن رؤية وخطاب الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي لم تكن تفسيرا تقليدياً، بل رؤية تعبوية واعية، تستخرج من الآية الكريمة مشروعاً نهضوياً يعيد توجيه بوصلة الأمة نحو هويتها الإيمانية والرسالية.
الآية القرآنية ليست للتلاوة فقط، بل لتحذير كل من يسير خلف العدو وهو يظن أنه لا يزال في دائرة الإيمان، فالطاعة للباطل، هي بوابة الكفر والذل.