بغداد اليوم - متابعة

تعد زيارة وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي رفقة قادة عسكريين كبار لواشنطن، الأرفع التي يقوم بها مسؤولون عراقيون للولايات المتحدة منذ تشكيل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في أكتوبر تشرين الأول من العام الماضي، وهي خطوة يمكن أن تمهد لمزيد من التطور في العلاقات بين البلدين، وفقا لمراقبين.

ووصل العباسي إلى واشنطن يوم الاثنين الماضي، على رأس وفد رفيع ضم قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الأول الركن عبد الوهاب الساعدي ورئيس أركان الجيش الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يار الله، ونائب قائد العمليات المشتركة الفريق الأول الركن قيس المحمداوي ومسؤولين كبار آخرين.

وألتقى العباسي والوفد المرافق له بالعديد من المسؤولين العسكريين الأمريكيين، على رأسهم وزير الدفاع لويد أوستن ومساعدته سيليست واندر وممثلين أمريكيين عن هيئة الأركان المشتركة ووكالة التعاون الأمني الدفاعي والقيادة المركزية الأمريكية ووزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي.

وفي بيان مشترك صدر، الثلاثاء، أكد الجانبان التزامهما المشترك بمواصلة التعاون العسكري الثنائي في جميع المجالات، وخصوصا مكافحة تنظيم داعش والعمل على منع عودة نشاطه، وتدريب القوات العسكرية العراقية.

كذلك شدد الطرفان على التزامهما بتطوير قدرات العراق الأمنية والدفاعية وتشاورا حول فرص توسيع المشاركة العراقية في المناورات العسكرية التي تقودها القيادة المركزية الأميركية.

وجدد البيان دعم واشنطن لسيادة العراق وأمنه، وأكد أن القوات الأميركية موجودة في العراق بدعوة من الحكومة العراقية فقط لدعم قوات الأمن العراقية في حربها ضد داعش.

وأكدت حكومة العراق من جديد التزامها بحماية أفراد ومستشاري الولايات المتحدة والتحالف الدولي والقوافل والمنشآت الدبلوماسية، وفقا للبيان المشترك.

وتعليقا على الزيارة، يشير الكاتب والمحلل السياسي عقيل عباس إلى أنها تصب في إطار التحضير للجلسة المقبلة المتعلقة باتفاق الإطار الاستراتيجي، التي "ربما سيتم الإعلان عن موعدها قريبا".

ويضيف عباس، المقيم في الولايات المتحدة، أن "الجانبين الوحيدين اللذين يعملان بشكل جيد في اتفاقية الإطار الاستراتيجي، هما ملف الأمن والطاقة والشركات الأمريكية التي تعمل في العراق".

ويؤكد عباس أنه "في العادة تكون هناك اجتماعات أولية تتعلق باتفاق الإطار الاستراتيجي، تسبق الوصول إلى اجتماع القمة بين الطرفين"، مرجحا أن "يضم هذا الاجتماع الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني".

ووفقا لتقرير نشره موقع "صوت أمريكا" فإن واشنطن وبغداد تأملان في اتخاذ خطوات حاسمة لتوسيع شراكتهما من واحدة تركز بالكامل تقريبا على مواجهة تنظيم (داعش) إلى واحدة يصفها بعض المسؤولين الأمريكيين بأنها تحالف حكومي كامل.

بعد لقائه بالعباسي يوم الاثنين الماضي، قال أوستن إن الولايات المتحدة "تدرك أن مهمتها العسكرية ستتغير في العراق مع بناء القوات المحلية لقدراتها، واصفا المباحثات بأنها جزء من "الخطوة التالية في شراكتنا الدفاعية الاستراتيجية".  

بالمقابل ذكر العباسي أن من المهم "الحفاظ على الانتصارات" التي حققتها القوات العراقية والامريكية بالفعل "، وكذلك تعزيز العلاقات والتعاون مع الولايات المتحدة.

ولدى الولايات المتحدة حوالي 2500 جندي في العراق مكلفون بتقديم المشورة والمساعدة لقوات الأمن العراقية خلال ملاحقتهم فلول تنظيم داعش.

قبل اجتماع يوم الاثنين بين أوستن والعباسي ذكرت نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي للشرق الأوسط دانا سترول أن بلادها مهتمة بإقامة علاقة دفاعية دائمة مع العراق ضمن شراكة استراتيجية لسنوات عديدة قادمة.

ويقول مسؤولو وزارة الخارجية الأمريكية إن ذلك يشمل التركيز أكثر على الاقتصاد العراقي، مشيرين إلى أن بعض الشركات الأمريكية مثل "سينابون" و"برغر كينغ" قد فتحت بالفعل متاجر في بغداد.

وينقل موقع "صوت أميركا: عن مسؤول في وزارة الخارجية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، القول إن "هذا رمز قوي للغاية وإشارة إلى أن العراقيين يريدون منتجات أمريكية ويريدون أعمالا تجارية أمريكية، حتى لو كانت على شكل امتيازات".

وأضاف المسؤول: "نود أن نواصل توسيع مشاركتنا في مجال الطاقة، لا سيما في مساعدة العراقيين على بناء قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي في قطاع الطاقة لديهم"، مشددا على التركيز على إيجاد سبل "للحفاظ على توظيف الشباب العراقي".

ويقول مسؤولون أمريكيون إن التقدم العراقي في مكافحة الفساد شجعهم أيضا، مشيرين إلى التحسينات في القطاع المصرفي على وجه الخصوص، على الرغم من أن قرار واشنطن بإدراج 14 مصرفا عراقيا في القائمة السوداء بزعم غسل الأموال نيابة عن إيران، أثار احتجاجات الشهر الماضي.

ويدرك المسؤولون الأمريكيون أيضا أن هناك منافسة من دول أخرى ترغب في زيادة التعاون الأمني مع العراق، مثل الصين وروسيا وتركيا.

وقالت سترول إن "هذا هو السبب في أن هذا الحوار بالغ الأهمية.. علينا أن نعمل مع العراقيين على صورة شاملة للاستفادة من تلك الموارد الدفاعية والأمنية".

ويؤكد عباس أن وصول وفد يضم وزير الدفاع وقائد قوة مكافحة الإرهاب ورئيس الأركان يعد "دليلا على وجود ارتياح أمريكي لملف العلاقات مع بغداد وأن التعاون بين الطرفين يمضي بشكل جيد".

وأشار عباس إلى أن الحديث عن وجود "اعتراضات سياسية على زيارة السوداني لواشنطن غير صحيحة".

وتابع أن "العراق حاول أكثر من مرة من أجل ضمان تحقيق هذه الزيارة، لكن الجانب الأمريكي أبلغهم بشكل واضح أن الموضوع مرتبط فقط بجدول الرئيس، المنشغل حاليا بأوكرانيا وملفات أخرى".

ويرى أن "التقييم الأمريكي لحكومة السوداني يميل بشكل عام إلى الإيجابية، حيث يرون أنه التزم بتعهده بعدم استهداف القوات الأميركية في العراق، وهو ما لم تستطع أي حكومة عراقية سابقة الالتزام به".

ويعتقد أن "هذا الأمر أساسي بالنسبة للأمريكيين الذي يعتقدون أن السوداني يبذل جهدا لإصلاح العديد من الملفات، وخاصة ما يتعلق بالقضايا المالية والاعتماد في الطاقة على إيران".

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الولایات المتحدة وزیر الدفاع فی العراق إلى أن

إقرأ أيضاً:

هل تترجم مذكرات التفاهم العراقية المصرية إلى منافع اقتصادية؟

بغداد- وقّع العراق ومصر أول أمس الخميس 12 مذكرة تفاهم، وذلك عقب انعقاد جلسة المباحثات الموسعة للجنة العليا المصرية العراقية المشتركة.

وخلال مؤتمر صحفي مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن التعاقدات مع الشركات المصرية وصلت إلى أكثر من 600 مليار دينار عراقي (460 مليون دولار).

وأشار مدبولي إلى أنه سبق أن تم توقيع 11 مذكرة تفاهم في يونيو/حزيران 2023، وتم تعزيزها بتوسعتها وتنويعها إلى نحو 12 مذكرة في مجالات مختلفة.

وفي ختام اجتماع اللجنة العليا العراقية المصرية بدورتها الثالثة في بغداد تم توقيع عدد من مذكرات التفاهم، والتي شملت مجالات متنوعة:

مذكرة تفاهم للنقل البري للأشخاص والبضائع بين وزارتي النقل في البلدين. مذكرة تفاهم في مجال تعزيز المنافسة ومكافحة الممارسات الاحتكارية بين مجلس شؤون المنافسة ومنع الاحتكار في العراق، وجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بمصر. توقيع بروتوكول تعاون في مجال التنمية المحلية بين أمانة بغداد ومحافظة القاهرة. وفي مجال الآثار والمتاحف تم توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للآثار والتراث بوزارة الثقافة العراقية والمجلس الأعلى للآثار المصرية.  توقيع مذكرة تفاهم في مجال التقييس والسيطرة النوعية. مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تنظيم الرقابة والإشراف على الأسواق المالية. البرنامج التنفيذي بين وزارتي الثقافة في البلدين للأعوام من 2025-2027. إعلان

وشملت الاتفاقيات أيضا توقيع مذكرة تفاهم بين دار الكتب والوثائق العراقية ودار الكتب المصرية، وأخرى للتعاون في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومشروع مذكرة تفاهم في مجال بناء وتشغيل وصيانة الصوامع، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم وتعاون بين اتحادي الغرف التجارية العراقية والمصرية.

السوداني (يمين) ونظيره المصري مصطفى مدبولي في بغداد في 30 يناير/كانون الثاني 2025 (الفرنسية) من صلاحيات السلطة التنفيذية

بدوره، أكد مظهر محمد صالح مستشار رئيس مجلس الوزراء أن مذكرات التفاهم التي أبرمها العراق مع مصر لا تحتاج إلى موافقة برلمانية، كونها تدخل ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية الحصرية.

وأشار صالح في حديث للجزيرة نت إلى أن هذه المذكرات لا تخضع لقانون الاتفاقات والمعاهدات رقم 35 لسنة 2015، والذي يستوجب تصويت مجلس النواب، بل هي مقدمة لبناء علاقات متينة بين البلدين الشقيقين اللذين يشكلان محورا أساسيا في الشرق الأوسط والعالم العربي.

وأوضح أن عددا كبيرا من مذكرات التفاهم قد وُقّعت، مما يرسي الأسس للتعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وبناء جسور من الثقة طويلة الأمد، مؤكدا أن العراق بحاجة إلى خبرة مصر واستقرارها، وأن البلدين يمثلان ركنا أساسيا في المنطقة العربية.

وشدد صالح على أهمية زيارة رئيس وزراء مصر للعراق وتوقيع مذكرات التفاهم العديدة، والتي تعد اللبنة الأولى لاتفاقات أكبر في المستقبل، وستساهم في تحقيق التنمية المستدامة بالعراق، مشددا على أن مصر ستستفيد من قدرات العراق التاريخية وموارده الاقتصادية.

وأعرب عن اعتقاده بأن هذه المذكرات تمثل نقلة نوعية مهمة في العلاقات بين البلدين، وأن مجلس النواب سيطلع على هذه المذكرات التي تدخل ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية، مشيرا إلى أن أي تحول لهذه المذكرات إلى اتفاقات يتطلب موافقة البرلمان، لكن التطلع إلى علاقات إيجابية مع مصر يحظى بدعم جميع أعضاء مجلس النواب.

وختم صالح حديثه بالتأكيد على أهمية العلاقات العراقية المصرية، وعلى قوة واستقرار العراق ووزنه الكبير في المنطقة، مما يُنتج تلازما كبيرا بين البلدين في مختلف المجالات.

عوامل إنجاحها

من جهته، أكد الخبير الاقتصادي عامر الجواهري أن نجاح مذكرات التفاهم الموقعة بين العراق ومصر يعتمد بشكل كبير على مدى جدية الطرفين في تطبيقها ومتابعتها على أرض الواقع، مشددا على ضرورة تحويل هذه المذكرات إلى أعمال ملموسة من خلال عقد صفقات وتنفيذ مشاريع مشتركة.

إعلان

وأوضح الجواهري في حديثه للجزيرة نت أن المذكرات الموقعة تهدف بشكل عام إلى نقل الخبرات وتوقيع عقود عمل تشجع الشركات المصرية للمساهمة في المشاريع العراقية.

وأشار إلى أن نجاحها مرتبط بشكل مباشر بما يريده الجانب العراقي من هذه الاتفاقيات، خاصة فيما يتعلق بالمشاريع الخدمية والبنية التحتية التي سيتم تمويلها من قبل العراق.

ولفت الجواهري إلى أهمية متابعة تنفيذ اتفاقية التعاون بين بغداد والقاهرة، خاصة في ظل تدهور الخدمات بالعاصمة العراقية، مشيرا إلى ضرورة وجود آلية واضحة لربط الشركات العراقية بنظيراتها المصرية لتحديد الاحتياجات وتوفير الحلول المناسبة.

وشدد على أهمية جذب الاستثمارات المصرية المباشرة وغير المباشرة إلى العراق، ولكن بسقف طموحات معقول نظرا للتحديات الاقتصادية التي تواجه مصر، مشيرا إلى أن الاعتماد على التمويل العراقي للمشاريع المشتركة قد يؤدي إلى زيادة الطلب على المواد الأولية والضغط على العملة لاستيراد تلك المواد.

طابع اقتصادي

من جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية سعدون الساعدي أن زيارة رئيس الوزراء المصري والوفد المرافق له إلى العراق كانت ذات طابع اقتصادي أساسي، وذلك من خلال توقيع العديد من مذكرات التفاهم والبروتوكولات التي تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.

ومع ذلك، لم تخلُ الزيارة من الجانب السياسي، إذ تم تناول العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وقال الساعدي للجزيرة نت إن الزيارة جاءت في وقت تشهد المنطقة والعالم أزمة كبيرة، وتزامنت مع تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مما دفع الطرفين العراقي والمصري إلى مناقشة هذه القضية والاتفاق على رفض الطرح الأميركي.

كما تمت مناقشة العديد من القضايا الأخرى، بما في ذلك التحضيرات لمؤتمر قمة بغداد المقبل في يونيو/حزيران المقبل.

إعلان

مقالات مشابهة

  • حزب طالباني: إلى متى حكومة السوداني “صامتة” تجاه انتهاك السيادة العراقية من قبل تركيا
  • رئيسة المكسيك تحذر من عواقب وخيمة للرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن
  • السفير الياباني: اهتمام شركاتنا قوي في السوق العراقية
  • حزب طالباني: إلى متى حكومة السوداني “صامتة” تجاه انتهاك السيادة العراقية من قبل امريكا
  • مستشار للسوداني يقترح بناء مذهب اقتصادي يوازن بين القطاعين في العراق
  • ايطاليا توجه دعوة للسوداني لتوقيع اتفاقيات اقتصادية
  • خبراء الاقتصاد العراقي:لماذا لاتنشئ حكومة السوداني “صندوقا سيادياً” لتحقيق الاستقرار المالي ؟
  • وزير الخارجية الأميركي يستهل أولى جولاته بزيارة بنما
  • السوداني يطلق برنامجاً لتمكين المرأة في مؤسسات الأمن العراقية
  • هل تترجم مذكرات التفاهم العراقية المصرية إلى منافع اقتصادية؟