خمسة وخمسون عاما على حريق المسجد الأقصى..
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
قبل خمسة وخمسين عاما، وتحديدا في يوم الأربعاء 21 أغسطس 1969، كانت مدينة القدس على موعد مع أحد أهم الأحداث مأساوية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ألا وهو حريق المجلس الأقصى.
في ذلك اليوم، أقدم متطرف أسترالي يدعى مايكل دينيس روهان على إضرام النار بشكل متعمد في الجناح الشرقي للمسجد القبلي. وكانت النتيجة أن النيران التهمت هذا الجناح بما فيه المنبر التاريخي الذي وقف عليه يوما القائد صلاح الدين الأيوبي ليخطب في الناس بعد أن نجح في استعادة القدس والمسجد الأقصى.
اعتلى صلاح الدين حينها المنبر بعد انتصاره في معركة حطين التي حدثت يوم السبت 25 ربيع الآخر 583 هـ الموافق 4 يوليو 1187 والتي كانت إيذانا بنهاية الحملة الصليبية على بلاد الشام.
كما هددت النيران التي أضرمها روهان قبة الصخرة المصنوعة من الفضة الخالصة والمطلية بالذهب.
وقد أتى الحريق وقتها على الأجزاء الداخلية للقبة والمصنوعة من الفسيفساء كما لحقت أضرار بالجدران إضافة لتدمير 48 نافذة من نوافذ المسجد الأقصى والكثير من الزخارف والآيات القرآنية التي كانت تزين المكان.
وقد تم إلقاء القبض على الجاني الذي قالت إسرائيل وقتها إنه كان يعاني من مرض عقلي قبل أن يتم ترحيله إلى وطنه الأصلي بعد أن قضى فترة في مستشفى للأمراض العصبية في مدينة عكا.
وأثارت هذه الجريمة استهجانا واسعا في عموم البلدان العربية والإسلامية. وكان الحريق أحد الأسباب التي أدت لإنشاء ما كان يعرف آنذاك بمنظمة المؤتمر الإسلامي.
Relatedبعد اقتحام المسجد الأقصى.. مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية وفلسطينيين وحماس تندد بـ"جريمة غير مسبوقة"المسجد الأقصى موقع مقدس مصدر توتر في القدسانتقادات داخل إسرائيل لزيارة بن غفير لحرم المسجد الأقصىحيث اقترح العاهل السعودي الملك فيصل بن عبد العزيز وقتها فكرة إقامة هذه المنظمة التي تحول اسمها فيما بعد إلى منظمة التعاون الإسلامي.
وقد رأت هذه الهيئة النور في سبتمبر 1969 لتنبثق عنها ما يسمى بلجنة القدس التي يرأسها المغرب والتي تأسست في عام 1975. لكن المؤسستين لم تفلحا في وقف الإجراءات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى إن كانت الحفريات أو محاولات تغيير الهوية الإسلامية للمكان.
كما أن الأردن وباعتباره صاحب الوصاية الهاشمية على القدس لم ينجح هو الآخر في وقف هذه الإجرءات التي أصبح رأس حربتها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
دوليا، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 271 الذي أدان الاعتداء على المسجد الأقصى داعيا إسرائيل لإلغاء كل الإجراءات التي من شأنها إحداث تغيير على وضعية القدس. كما أعرب المجلس وقتها عن حزنه العميق للضرر الذي لحق بالمسجد الأقصى جراء الحريق ودعا تل أبيب لاحترام اتفاقيات جنيف والقانون الدولي.
تحل ذكرى حريق أولى القبلتين لدى المسلمين هذه السنة في ظرف شديد الخصوصية. فقطاع غزة يعيش حربا دموية تشنها إسرائيل منذ تنفيذ حركة حماس عملية طوفان الأقصى في أكتوبر الماضي ما أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي وأسر 250 آخرين. وقد حصدت هذه الحرب حتى الآن أرواح أكثر من أربعين ألف فلسطيني وجرحت أكثر من 92 ألفا آخرين.
وقد أصدرت حركة حماس بهذه المناسبة بيانا قالت فيه، إن عملية طوفان الأقصى قد وحدت الشعب الفلسطيني وعززت الطريق نحو تحرير المقدسات حسب تعبيرها، وحذرت الحركة من مغبة محاولات تهويد المسجد الأقصى أو تغيير هويته وتقسيمه وقال إنه لا سيادة ولا سلطة لإسرائيل على شبر واحد من المسجد الأقصى المبارك" بحسب البيان.
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية بن غفير يقتحم المسجد الأقصى وآلاف المستوطنين يؤدون صلوات تلمودية بذكرى خراب الهيكل مئات المصلين يتوافدون إلى المسجد الأقصى لأداء أول صلاة جمعة بعد عيد الأضحى وسط استمرار الحرب على غزة شاهد: الجيش الإسرائيلي يطلق الغاز المسيل للدموع على المصلين في الأقصى غزة المسجد الأقصى الأردن الصراع الإسرائيلي الفلسطينيالمصدر: euronews
كلمات دلالية: روسيا الاتحاد الأوروبي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الصين إسرائيل أوكرانيا روسيا الاتحاد الأوروبي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الصين إسرائيل أوكرانيا غزة المسجد الأقصى الأردن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني روسيا الاتحاد الأوروبي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الصين إسرائيل أوكرانيا غزة الحرب في أوكرانيا اليهودية فرنسا الصحة المجر السياسة الأوروبية المسجد الأقصى یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
الواقع المأساوي في المسجد الأقصى
منذ ثمانية عقود، هي عمر الدولة العبرية، لم تترك اسرائيل فرصةً، على المستوى الدولي أو الاقليمي أو المحلي، إلا استغلتها من أجل التوسع وبسط النفوذ والهيمنة وتغيير الواقع على الأرض ومسح كل ما له علاقة بالفلسطينيين وتذويب أية علامة على الهوية الفلسطينية المزروعة على هذه الأرض منذ مئات السنين.
لكن أخطر الأماكن التي يستهدفها الاسرائيليون كلما سنحت لهم الفرصة هي الحرم القدسي الشريف، الذي هو في نهاية المطاف عنوان الصراع مع الاحتلال، والذي هو رمز الوجود العربي والاسلامي في المدينة المقدسة، إذ يعمل الاسرائيليون ليل نهار على تغيير هويته وتهويده وتهجير كل من يسكن حوله من الفلسطينيين المتمسكين بالأرض والهوية.
أحدث البيانات الصادرة عن دائرة الأوقاف الاسلامية في القدس المحتلة تشير الى أن 53 ألفاً و488 مستوطناً اسرائيلياً قاموا باقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه خلال العام 2024، وهو أعلى رقم في التاريخ على الاطلاق، إذ في العام 2003 لم يتمكن سوى 289 اسرائيلياً فقط من دخول الحرم الشريف والعبث فيه.
ومن المعلوم بطبيعة الحال أن انتفاضة الأقصى الكبرى اندلعت في العام 2000 عندما اقتحم أرييل شارون المسجد الأقصى وتصدى له المصلون هناك، وسرعان ما هبت كل الأرض الفلسطينية في انتفاضة شاملة استمرت لسنوات وحملت اسم "الأقصى" لأنها بدأت من هناك وسقط أول شهدائها هناك أيضاً دفاعاً عن الحرم الشريف أمام اقتحام شارون الذي كان آنذاك زعيم المعارضة في الكنيست الاسرائيلي وأحد رموز اليمين المتطرف.
ولمن يظن بأن تسارع وتيرة الاقتحامات للأقصى له علاقة بالحرب الحالية في غزة، أو بعملية السابع من أكتوبر، فإن بيانات العام 2022 تشير الى أن 48 ألفاً اقتحموا المسجد الأقصى، وهو ما يؤكد بأن اسرائيل تعمل منذ أكثر من ربع قرن على تغيير الواقع في المدينة المقدسة، ولكن بشكل تدريجي ومدروس وبعيداً عن الأضواء.
هذه البيانات تعني بأن نحو 150 اسرائيلياً يدخلون الى المسجد الأقصى يومياً، وفي المقابل فإن الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وغزة، وحتى من سكان القدس ذاتها، ممنوعون من الصلاة والتردد بحرية على الحرم الشريف، وهذا يعني بالضرورة أن اسرائيل تتجه الى تقسيم الحرم مكانياً وزمانياً، بل بدأت بالسيطرة عليه بشكل كامل وذلك على غرار الوضع في الحرم الابراهيمي بمدينة الخليل.
ثمة واقع مأساوي بالغ البؤس في القدس المحتلة، وهذه المعلومات تؤكد بأن اسرائيل تقوم بتغيير الوقائع بالقوة، وذلك بالتزامن مع جمود العملية السياسية وتوقف المفاوضات، وهو ما يعني أن اسرائيل تستخدم القوة في السيطرة والنفوذ والهيمنة، وكل هذا يحدث بينما العربُ يتفرجون دون أن يحركوا ساكناً.