سيدتي،أريد أن أجد لنفسي حلا عبر هذا المنبر الجميل، منبر قلوب حائرة، حيث أنني أقرأ وأطالع ما يصدر عبر هذا المنبر منذ زمن وتروق لي رؤيتك السلسة للأمور والحلول التي تمنحينها لقرائك الأفاضل الذين لا يجدون غيرك قلبا رحيما حنونا.

سيدتي، لقد ضاقت بي السبل وبات لزاما عليّ أن أجد لنفسي حلا قبل أن أحرم السعادة التي لطالما ناشدتها، خاصة وأنني للأسف لم أجد من زوجي سوى الصد والهجران.

تزوجت كأي فتاة من رجل خلته حام لي وسندا لي عند الشدائد، ولا أخفيك أنني ومنذ وطئت بيت الزوجية وأنا مثال للأخلاق والتحامل على النفس والصبر، حيث أنني لست من النوع الذي يضخم الأمور ولست من النساء المتشدقات بالتحكم في الزوج وةتأليبه ضدّ أهله، وأظنني بسبب هذه الخلال وقعت فيما أنا فيه من معضلة.

سيدتي، لم أخل أن تتحول فرحتي بحملي الأول إلى كابوس حيث أنني وفي غمرة إنتظاري للحدث السعيد وجدت أم زوجي تطالبني بكل وقاحة أن أتنازل لها عن فلذة كبدي لإبنتها التي حرمت من الأمومة.

لم أصدق ما سمعته أذناي، ولهثت نحو زوجي أسأله أن يجد لي حلا حيال هذا الأمر الذي لم أتقبله جملة وتفصيلا. ومن جهته، لم يجد  زوجي ما يردّ به  لأمه، كما أنه وحتى لم يبدي رفضه أو إمتعاضه للأمر الذي لا يقبله عقل، و ما زاد الطين بلة أنه أخبرني من أنه يخاف أن يعقّ والدته التي منحته الكثير ولازالت حيث أننا نسكن منذ زواجنا بيتها الذي ورثته عن أهلها وليس لنا من البحبوحة المالية ما يمكننا من أن نحيا الإستقلالية. سيدتي، في داخلي ما يدفعني أن أصرخ حتى يبلغ صوتي عنان السماء معلنة رفضي لما تريده مني حماتي، فهل يعقل هذا ؟ وهل لأي أنثى أن تقدم على التخلي عن فلذة كبدها لأخت زوجها وتحرم هي من أجمنل حلم في الدنيا وهوحلم وحق الأمومة؟

أختكم.لميس من الغرب الجزائري.

الرد:

قبول العمل ببعض التقاليد والأعراف المملاة علينا من مجتمعنا توقع صاحبها في مغبة الندم والحسرة، وهذا ما أراه في رسالتك أختاه التي قرأت تفاصيلها بكثير من الحسرة والألم. وقد لمست من كلماتك خوفك قبل فرحتك بمقدم المولود الذي كان بمثابة بصيص أمل لك في حياتك الزوجية.

ليس على حماتك أن تجبرك على التخلي على فلذة كبدك لإبنتها بمجرد أنها منحتك بيتا إستقريت فيه أنت وزوجك بدل أن تقوما بإكتراء منزل أو تقتنيا بيتا في ظل الغلاء الفاحش للعقار في وقتنا هذا.

كما أنني أستغرب أمر زوجك الذي لم يحرك ساكنا حيال قرار أمه، مطبقا مقولة أن السكوت علامة الرضا، وإلا كيف تفسرين وصفه لرفضه بالعقوق لوالدته التي ستحرمه من فلذة كبده.

ليس هناك ما يجبرك على هذا الأمر، كما أن أخت زوجك ليس لها أن تبني سعادتها على حطام أحاسيس الأمومة لديك، وليس لها أن تقودك إلى الإنهيار وفقدان الإستقرار بهذه الطريقة  التي فيها من التحقير لشخصك بالقدر الكبير.

إنتفضي ولا تقبلي مثل هذا الأمر، ولتخبري حماتك وأخت زوجك من أن مولودك إبنهما مهما كانت الأحوال، ومن أنه عليه أن يتربى في كنفك وليس بعيدا عنك.ولتخبري زوجك أيضا أنه إن كان يريد مجاملة أخته والإحسان إليها في  مصابها كونها عاقر لا يجب أن يكون على حسابك ومن أنّه عليه أن يرفض مثل هذا التنازل الذي ستنجرّ عنه تنازلات أخرى إن هو بقي على حال الرضا الذي يجعله خانعا لأمّه.تحتاجين الكثير من الراحة والسكينة في هذه الفترة التي حوّلت أجمل أحاسيس الأمومة والحلم بالمولود الذي لم يرى النور بعد إلى كابوس ونقمة، فبدّدي عنك المخاوف ولا تلقي بقلبك في غياهب الحيرة والأحزان.

ردت:”ب.س”

المصدر: النهار أونلاين

إقرأ أيضاً:

قصة قصيرة [ الجماجم التي صارت في واحد ]

بقلم : عمر الحويج

[ عند الإبادة الجماعية الأولى : كانوا ثلاثة تحت الشاحنة بفعل النزوح مختبئين . ]
[ عند الإبادة الجماعية الثانية : كانوا ثلاثة تحت أسرتهم بفعل الدانات مختبئين . ]
***
لا أحد يدري ، إن كان ذلك بفعل البرد القارس ، أو كان ذلك بانعدام المأوى :
أياً كان الأمر ، فقد إندس ثلاثتهم ، تحت عجلات الشاحنة الضخمة .
في اليوم التالي، كان ثلاثتهم، عنواناً -وإن لم يكن منزوياً كثيراً - في صحف الصباح .. ما حدث بعد ذلك لم تُشِر إليه الصحف ، في حينه .. لكنه وصل أسماع الناس .. كل الناس في ما بعد :

الجماجم التي كانت ثلاثاً صارت في واحد .. الجماجم التي صارت في واحد، تقود الشاحنة .. الجماجم التي تقود الشاحنة تتحدث :
أنا .. تأكيداً ،قد وصلت . إلى هنا ، في ذات اليوم الذي صرنا فيه جماجم.
في ذلك اليوم .. لم تكن هنالك بداية . هنالك .. فقط تلك الليلة ، الظلام .. تلك الليلة ، غير المقمرة : ساعدناهن ، على التسلل خلسة .. من وراء ظهر الآخرين . هنّ كذلك .. لم يبخلن علينا ، أعطيننا .. من الفرح ، الكثير .. ولكن الفرح لم يكتمل :
في تلك الليلة الظلام .. تلك الليلة غير المقمرة ، جاءتنا ، تلك التي يخشاها الجميع ، يخافها الجميع .. يموت فيها الجميع . جاءتنا هذه المرة ، ليس ككل المرات : جاءتنا هذه المرة .. من فوق وليس من .. تحت . لا نحن .. ولا الآخرون ، لنا سابق علم ، بأنها قد تأتي يوماً .. من فوق ، لذلك حسبناها ، لوهلة .. "صوت الرعد العابر"، من ذلك الذي تآلفت معه .. أسماعنا ، وواصلنا فرحنا إلى حين .
توقف ، فينا الفرح:
حين اكتشفنا .. أن البعض منا .. تفحم جسده .
حين اكتشفنا .. أن البعض منا تطايرت أطرافه .
حين اكتشفنا .. إن البعض منا .. صار بدون فرح .
اندفعنا .. وجهة مساكننا : لم نجدها .. مساكننا !! . ولم نجد أهلنا فيها : لا فوقها .. لا تحتها .. لا خلفها : حين نقَّبْنا في ما تبقى من أثر .. لم نجد غير الرماد ، وقبض الريح ، و .. تبعثرنا شتاتاً .
فقط رفيقتي ، التي ساعدتها على التسلل خلسة .. كانت معي ، وحتى هي .. فقدتها بعد حين . أصابتها حمى قاتلة : تركتها .. حتى قبل أن يكتمل موتها .. بدراً . ربما لهذا .. هي ، والذين تفحمت أجسادهم ، والذين تطايرت أطرافهم .. والذين صاروا بدون فرح .. هنا الآن .. مع الـ... والجماجم التي كانت ثلاثاً ، صارت لا تحصى ... والجماجم التي لا تحصى صارت في واحد . والجماجم التي صارت في واحد ، تقود الشاحنة ، والجماجم التي تقود الشاحنة .. تردِّد مع المغني ، الذي لم يأت بعد :
هو.. ها.. يا هوو.. ها
العروس عايزة عريس
والعريس عند السلطان
والسلطان عايز .. دماء
والدماء.. عند الساحات
والساحات عايزة .. مطر
يا مطر .. يا مطر .. يا مطر
والمغنّي الذي لم يأت بعد.. يتحدّث :
هو .. لا يعرف ، هذا الرجل ، الذي وصل .. في ذات اليوم الذي فيه .. صاروا جماجم .. لا يعرف .. رفيقته التي كانت معه .. رفيقته ، التي ساعدها على التسلل خلسة ، رفيقته تلك : لم تمت من الحمى .. حتى أنه لم يتركها ، قبل أن يكتمل موتها بدراً .. كما ادَّعَى.
رفيقته ماتت .. نعم . ولكنها ، لو تعلمون .. لو يعلم ماتت من : الفرح .. كيف؟؟ .
لست أدرى .. ما أعلمه ، ما أنا متأكد منه : أنني.. كنت هناك .. كنت أغني لهم في تلك الليلة الظلام .. تلك الليلة غير المقمرة ، غنيت لهم ، كما لم أغن من قبل . استدعيت : إلى تلك الساحة كل الإيقاعات : المنسية منها ، وغير المنسية .. و .. رقصت هي ، كما لم ترقص فاتنة من قبل . رقصت بكل الفرح .. حتى كبر الفرح بداخلها .. كبر الفرح بداخلها ، حتى تحول طفلاً كبر بداخلها ، كبر الطفل بداخلها .. بحجم الفرح الذي كبر بداخلها و.. رقصت .. رقصت حتى انفجر الفرح بداخلها .. و.. انفجر الطفل بداخلها .. وانفجر الجمع الراقص ، وانفجرت حتى إيقاعاتي : المنسية منها وغير المنسية ، وانفجر الـ... والجماجم التي كانت ثلاثاً صارت لا تحصى ، والجماجم التي لا تحصى صارت في واحد ، والجماجم التي صارت في واحد ، تقود الشاحنة ، والجماجم التي تقود الشاحنة تتحدث :
أنا .. رفيقته .. ؟؟ !! .. كلا .. إنهم لا يعرفون : المغنِّي لا يعرف .. ذلك الرجل ، هو أيضاً .. لا يعرف ، كلهم لا يعرفون : أنا لم أمت ، بفعل الحمى القاتلة ، ولا أنا مت من .. الفرح : حتى لم أرقص في تلك الليلة الظلام .. تلك الليلة غير المقمرة .
أنا .. يا من لا تعرفون - زوجة وأم - زوجة : لذلك القابع في الركن القصي .. وأم : لذلك الطفل الذي كان .. جميلاً .
نعم .. خرجنا في تلك الليلة الظلام . تلك الليلة غير المقمرة ، خرجنا جميعنا .. خرجنا و لم نتسلل خلسة .. كما يدعون . خرجنا لنصل ، ولكننا خرجنا .. ولم نعد . طفلي الذي كان .. جميلاً ، فقدته .. في تلك الليلة الظلام، تلك الليلة غير المقمرة :حين فقدته ، كان بين يديِّ ..كان في حضني . ولكنه لم يكن طفلي الذي كان .. جميلاً. لم يكن طفلي الذي أعرفه، لو لم يكن في حضني كل الوقت.. لأنكرته ،لقلت إنه ..غيره ،حين فقدته في تلك الليلة الظلام.. تلك الليلة غير المقمرة ،كان يفتش عن ثديي : يفتش. بحثاً عن قطرة إكسير تمده.. ببعض من جولات.. أُخَر. فلم يجده: ليس الأكسير.. أعني ثديي لقد فقدته هو الآخر، في تلك الليلة الظلام..تلك الليلة غير المقمرة :فقدت .. ثديي، وطفلي الذي كان.. جميلاً.
حين وصلنا، أنا.. وزوجي، ذلك القابع في الركن القصي، لم ندخر وقتاً.. لم نستثمره. حين وجدنا سقفاً.. أسَمَّيْنَاه بيتاً.. قررنا أن ننجب طفلاً، ليكون جميلاً كالآخر. لم ننجح: لمدة طويلة لم ننجح.. لم أحس به، يزرع نفسه داخلي، طفلي الذي سيكون.. جميلاً. إلى أن كانت، تلك الليلة الظلام.. الليلة غير المقمرة، كان عزمنا مختلفاًَ: حاراً وقوياً.. كان هو.. زوجي، ذلك القابع في الركن القصي، يستدعيه بكل عنفه.. وكنت أنا، أناديه بكل عنفواني.. طفلي الذي سيكون.. جميلاً. إنه يرتعش. إنه يهتز، في اللحظة الرعشة، يهتز.. سقفنا الذي ,أسمّيناه بيتاً :يهتز .. وتهتز معه الـ .. والجماجم التي كانت ثلاثاً ،صارت لا تحصى والجماجم التي لا تحصى صارت لا تحصى، والجماجم التي لا تحصى صارت في واحد، والجماجم التي صارت في واحد تقود الشاحنة والجماجم التي تقود الشاحنة تتحدث:
نعم.. أنا، ذالك القابع في الركن القصي.. زوجها. نعم.. أنا زوجها، وهي زوجتي.. رفيقتي، عهدتها دائما ذكية، أبداً لم تكن.. تنسى، لكني أراها الآن، قد اختلط عليها الأمر. لم يكن ذك الطفل الذي فقدته، وهو يفتش عن ثديها.. هو طفلنا. ولا ذلك الذي أوشك، أن يزرع نفسه داخلها.. هو طفلنا. طفلنا؛ حيث لم تعد تذكر، زوجتي، رفيقتي، كان ينمو.. داخلها، يوما إثر يوم. كنا نرقب خروجه، بين لحظة.. وأخرى. إلى أن كانت، تلك الليلة الظلام.. تلك الليلة غير المقمرة ،حين جاءها المخاض.
وبكل اللهفة والشوق، توجهت بها، إلى المستشفى، لكن يومها... لم نجد الطبيب، قالوا لنا: لقد حزم أمتعته، خرج بعيداً.. ولم يعد . أسرعت عائداً بها إلى المنزل ،لتتلقفها .. جدتها لأمها. أبعدتني.. جدتها.. بعيداً، انتهرتنا جميعاً، حين اعترضنا: جميعكم.. خرجتم إلى الدنيا، من تحت هذه الحفرة، وأمهاتكم معلقات على هذا الحبل!!، و.. طال انتظارنا.. إلى أن خرجَت.. أخيراً.. وحدها: دون طفلي: دون زوجتي، ولم أرها بعد ذلك.. رفيقتي. إلا، وأنا قابع في هذا الركن القصي .
حين التقيته، أنا .. أعلم، أنها لم تكن صدفه . كنت عامداً .. بل متعمداً . حين أخبرته ، بأمر زوجتي .. وطفلي الذي فقدته . أعلم أنه تأثر قليلاً ، فقد سالت إلى أسفل دمعة .. من عينه اليمنى .. ، ولكن حين أكملت قائلاً : إنني لم أجد الطبيب .. لأنهم قالوا .. أنه حزم أمتعته ، خرج بعيداً .. ولم يعد . رأيته، يغضب .. وحين تابعت .. أنني حتى ، لم أجد المستشفى الذي ظللنا نستقبل فيه أطفالنا الجدد ، زاد غضبه - ليس غضبه فقط - إنما رأيت دمعة العين اليمنى . تتسلق عائدة إلى أعلى .. وإن كانت في اتجاه العين اليسرى ، أما أنا.. فلم أعد لا إلى الأعلى .. ولا حتى في اتجاه الـ... والجماجم التي كانت ثلاثاً ، صارت لا تحصى ، والجماجم التي لا تحصى صارت لا تحصى ، والجماجم التي لا تحصى ، صارت في واحد ، والجماجم التي صارت في واحد ، تقود الشاحنة ، والجماجم التي تقود الشاحنة تردد مع المغني ، الذي لم يأت بعد :
يا مطر .. يا مطر .. يا مطر.
والطفل الذي ينتظر الخروج يتحدث :
أنا .. طفلها .. نعم .
كبرت .. بحجم الفرح بداخلها.. نعم .
زرعت .. نفسي داخلها بغير ما ظنت نعم .
ولكني .. لا زلت في انتظار .. الخروج.
لا زلت في انتظار .. الليلة المقمرة .
فأنا أبداً لا أخرج ، في الليلة الظلام .
***

omeralhiwaig441@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • من أشعل الحرب في السودان؟ ما الذي حدث قبل 15 أبريل؟
  • ما الذي ستكشف عنه قوات صنعاء في بيانها بعد اقل من ساعة..!
  • شباب الأهلي والشارقة يتقاسمان «الذهب» في «زوجي الطاولة»
  • قصة قصيرة [ الجماجم التي صارت في واحد ]
  • ريهام حجاج تحذّر من تيك توك: الأمومة مسؤولية صعبة
  • الرجولة مش في العضلات ولا الصوت العالي.. “زوجي هرب وساب أبويا يتضرب”.. سيدة تقاضي زوجها وتطلب الخلع
  • تحرير 173 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • “بحب أغيظهم”.. محمد رمضان بعد حفله في «كوتشيلا»: «التاريخ لن ينسى أنني أول مصري غنّى هناك»
  • الكشف عن المسؤول الأمريكي الذي سيقود المحادثات التقنية مع إيران