في سابقة من نوعها.. أحكام مخففة في قضية اغتصاب طفلة تجر قضاة للمتابعة
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
أخبارنا المغربية- بدر هيكل
في وضعية نفسية هشة، نحيفة الجسم، خائفة؛ في بيت تبدو عليه علامات الفقر، دون ماء للشرب، كانت سناء، وبين يديها رضيعها، طفلة وأم لطفل!.
بعد أن تعرضت لاغتصاب وحشي من ثلاثة وحوش آدمية، من جيرانها في القرية، وهي الطفلة ذات 11 ربيعا.
ولم تكن هذه الظروف الحياتية القاسية كافية، فالطفلة المغتصبة التي لم تطأ أقدامها المدرسة أبدا، لم تنصفها العدالة أيضا!.
"...هذا الحكم اغتصاب ثان، ليس للضحية فقط، بل لكل الضحايا. هذا الحكم يشجع على الاعتداءات الجنسية. هذا الحكم لا يشجع بالمقابل الضحايا على التبليغ أو اللجوء للقضاء. نتمنى أن تصحح محكمة الاستئناف هذا الحكم، إحقاقا للحق، وانتصارا لشرف القضاء المغربي. وانسجاما مع دستور البلاد المنتصر للحقوق والحريات...". هكذا دونت الناشطة الحقوقية حنان رحاب.
حكم ابتدائي يعكس الإخلال بمبادئ الكفاءة والاجتهاد
"الحكم القضائي" الذي صدر في وقت سابق، من غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمدينة الرباط، كان قد قضى بمؤاخذة المتهمين الثلاثة “ا.ي”، “ا.ك”، “د.ع” من أجل : “التدليس لإغراء قاصر دون 18 سنة، هتك عرض قاصر بالعنف، التدليس لإغراء قاصر دون 18 سنة، هتك عرض قاصر بالعنف، التغرير بقاصر، هتك عرض".
وفي وقت لاحق، أدانت الغرفة المتهمين من أجل ما نسب إليهم، فعاقبت كل من الأول والثاني بسنتين حبسا نافذا، في حدود 18 شهرا، وموقوفا في الباقي، بينما قررت معاقبة المتهم الثالث بسنتين حبسا نافذا.
وفي سياق متصل، قضت الغرفة في الدعوى المدنية التابعة، على المتهمين بأداء كل واحد من المتهمين الأول والثاني تعويضا قدره 20000 درهم، وبأداء المتهم الثالث 30000 درهم.
وحسب الحكم، الذي اطلعت "أخبارنا" عليه، فإن المحكمة قررت النزول بالعقوبة المقررة قانونا عن حدها الأدنى، رغم أن الحكم يشير إلى أن الخبرة الجينية أثبتت أن الولد هو ابن أحد المعتدين الثلاثة بنسبة 99.99 بالمائة!.
وخلف هذا الحكم الابتدائي "المخفف"، موجة من الاستياء والغضب لدى فعاليات حقوقية ومدنية تعنى بحقوق المرأة والطفل، والتي اعتبرت أن هذا الحكم غير منصف.
حكم استئنافي تحت ضغط الرأي العام
في وقت سابق، أصدرت غرفة الجنايات الاستئنافية بالرباط، أحكاما تراوحت ما بين 20 و10 سنوات سجنا نافذا في حق المتهمين الثلاثة في قضية اغتصاب "الطفلة سناء".
وقضت المحكمة في حق المتهم الأول (ع.د) بـ 20 سنة سجنا نافذا، بعد مؤاخذته من أجل التهم المنسوبة إليه، فيما قضت المحكمة في حق المتهمين (ي.ز) و(ك.ع) بـ 10 سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهما.
وفي سياق متصل، قضت برفع التعويضات في حق المتهم الأول بأداء 60 ألف درهم، و40 ألف درهم لكل واحد من المتهمين الآخرين.
هذا وكان ممثل النيابة العامة في مرافعته اعتبر أن "الحكم الابتدائي الصادر في هذه النازلة كان صائبا بإدانته للمتهمين"، مؤكدا أن النيابة العامة تختلف "مع الغرفة الجنائية الابتدائية في تقديرها للعقوبة وتمتيع المتهمين بظروف التخفيف"، ملتمسا من المحكمة في ذات الوقت "أقصى العقوبات في حق المتهمين".
المجلس الأعلى بالمرصاد للأخطاء المهنية
حرك المجلس الأعلى للسلطة القضائية، متابعة تأديبية في حق القضاة الذين عرضت عليهم القضية بمحكمة الاستيناف بالرباط (ابتدائيا)، وجاء ذلك بناء على شكايات، كانت قد تقدمت بها جمعيات حقوقية، وكذا مراسلة السيد الوكيل العام للملك لدى ذات المحكمة.
كما أشار "المجلس" إلى أن متابعة القضاة المعنيين كانت أيضا بناء على "ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي بشكل واسع بشأن قرار صدر عن غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف".
وفي هذا السياق، انعقدت الجلسة التأديبية برئاسة السيد محمد عبد النباوي بصفته رئيسا منتدبا للمجلس، حيث تم الاستماع إلى المستشار رئيس غرفة الجنايات الابتدائية المصدرة للحكم، من طرف المفتشيةالعامة، وقد صرح، في سياق دفاعه عن نفسه : أنه حديث عهد بالبت في قضايا الجنايات، إذ أنه كلف لأول مرة بها قبل أسبوعين من صدور القرار، المتعلق بالطفلة "سناء". فيما صرح قاض آخر، أنه عضو بغرفة الجنايات الابتدائية، التي منحت المتهم ظروف التخفيف، بعد إقرار المتهم بالبنوة والتزامه بالإنفاق.
وكانت المفتشية العامة للشؤون القضائية، بعد الاستماع إلى القضاة، اعتبرت أن الهيئة المذكورة قضت بالنزول بالعقوبة إلى سنتين، دون أن يكلف أي عضو من أعضائها نفسه عناء مواكبة العمل القضائي. وأضافت المفتشية في تقييمها لتصريحات القضاة المستمع إليهم : "دون أن يجدوا تبريرا لما انتهوا إليه، سوى التمسك بما جرى به العمل بالمحكمة، وهم بذلك قد أخلوا بمبدأ الكفاءة والاجتهاد الذي ورد بمدونة الأخلاقيات القضائية".
وفي هذا السياق يشار إلى أن الإخلال بالمبادئ والقواعد التي وردت بهذه المدونة، يشكل إخلالا مهنيا، ويشير مقرر المتابعة الصادر عن "المجلس" إلى أن ذلك "يعد خطأ مهنيا".
وقد اعتبر المجلس، بعد المداولة، أنه أمام ثبوت كون غرفة الجنايات الابتدائية نزلت عن الحد الأدنى للعقوبة المقرر قانونا وهو خمس سنوات سجنا، متمسكة بإعمالها لظروف التخفيف، تكون قد خرقت بشكل "فادح" وغير مستساغ قاعدة قانونية. معتبرا في المقرر التأديبي، الذي تتوفر "أخبارنا" على نسخة منه، أن الهيئة حادت عن "التطبيق السليم للقانون"، مما يشكل "تقصيرا" من القاضي في إيلاء العناية الواجبة عند دراسته لمعطيات القضية لكون وظيفته تستلزم الحذر والدقة والضبط.
وبناء على ذلك، قرر المجلس اتخاذ عقوبة الإقصاء المؤقت عن العمل لمدة ستة أشهر، مع الحرمان من أي أجر، باستثناء التعويضات العائلية، في حق أحد "المستشارين"، مع نقله إلى محكمة أخرى.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: غرفة الجنایات الابتدائیة فی حق المتهم هذا الحکم إلى أن
إقرأ أيضاً:
إحالة سايس جراج قتل شخصا بسبب خلافات سابقة بالخانكة للمفتى
قررت محكمة جنايات بنها، الدائرة الثانية، برئاسة المستشار عادل على ماهر، وعضوية المستشارين أحمد خلف محمد عبد اللطيف، مصطفي سعيد عبد الحميد الخدل، وسامح أحمد عبد الوهاب حليمة، وأمانة سر محمد الخضرى، ولطيف عبد الجواد، إحالة سايس جراج لاتهامه بقتل شخص بسبب خلافات سابقة بينهما باستخدام سلاح أبيض "سكين"، وسرقة هاتفين محمولين لشخصين أثناء تدخلهما للدفاع عن المجني عليه بدائرة مركز شرطة الخانكة بمحافظة القليوبية، لفضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيما اقترفته، وحددت جلسة اليوم الخامس من دور شهر فبراير 2025 للنطق بالحكم.
وتضمن أمر الإحالة الخاص بالقضية رقم 9930 لسنة 2024 جنايات مركز الخانكة، والمقيدة برقم 606 لسنة 2024 حصر كلي شمال بنها، أن المتهم "عرفه أ ع"، 37 سنة، سايس جراج، مقيم القلج مركز الخانكة، لأنه في يوم 17 / 4 / 2023، بدائرة مركز شرطة الخانكة بمحافظة القليوبية، قتل المجنى عليه وحيد خليل محمود الوكيل، عمداً مع سبق الإصرار.
وتابع امر الإحالة، أنه على إثر خلف سابق بينه المتهم والمجني عليه، عقد العزم وبيت النية على قتله، وأعد لذلك سلاحاً أبيض "سكين"، ونفاذاً لما انعقدت عليه عزائمه توجه للمكان الذي أيقن سلفاً تواجده فيه، وما أن ظفر به سدد له عدة طعنات بالسلاح الأبيض إحرازه، بنية إزهاق روحه، فأحدث إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات.
وأوضح أمر الإحالة، أن المتهم سرق أموالاً منقولة هي "هاتفين محمولين"، والمبينين وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكين للمجنى عليهما أحمد البدوى محمود الجدع، وحسانين حسن محمد حسن، وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليهما، بأن أشهر في وجههما سلاح أبيض "سكين" وهددهما بها، وتمكن بتلك الوسيلة القسرية من بث الرعب في نفسيهما وشل مقاومتهما والاستيلاء على المسروقات على النحو المبين بالتحقيقات، كما أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "سكين" دون مسوغاً قانونياً.