من هو الأكثر أتاتوركية في تركيا: الحكومة أم المعارضة؟
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
نشرت صحيفة "طان" التركية في عددها الصادر في ٢٥ تشرين الثاني/ نوفمبر ١٩٣٨ شعرا بعنوان "الكمالية"، وصف فيه الشاعر التركي المدعو "أورهان أغيلماز" مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك بأنه "إله الآلهة"، وزعم أنه صعد على عرشه، في إشارة إلى وفاته في العاشر من ذات الشهر، كما قال إن الكمالية "دين جديد"، داعيا الأتراك إلى أن يفتحوا قلوبهم لهذا الدين الجديد الذي ادعى بأنه "سيدخلهم الجنة".
لا أحد يروج لمثل هذه الأفكار الضالة اليوم في تركيا، إلا أنه من الصعب للغاية أن يقال إن آثارها اختفت تماما، بل "كمالية اليوم" تستخدم أقنعة مختلفة حين تعادي الإسلام والمسلمين، كالقومية والتقدمية ومعاداة العرب والدعوة إلى الإلحاد. وحتى هؤلاء الذين يقولون إنهم مسلمون يرى كثير منهم أن "إسلامهم التركي يختلف عن إسلام العرب".
هناك قناع آخر يستخدم لمحاربة الأحزاب المحافظة والمتدينين وممارسة الضغوط عليهم، وهو "حب أتاتورك". وهذا القناع كثيرا ما يتستر وراءه مجرمون وفاسدون يحاولون الإفلات من المحاسبة والمعاقبة، كما يستخدمه كتاب وفنانون وسياسيون وغيرهم لكسب الأموال أو الأصوات والمتاجرة به. ويناقش الرأي العام التركي منذ أيام مدى إخلاص هذه الفئة الأخيرة من "الأتاتوركيين" في حبهم لمؤسس الجمهورية وإيمانهم به.
الرد على رضوخ منصة "ديزني بلس" أمام ضغوط اللوبي الأرمني وتراجعها عن عرض فيلم "أتاتورك" لمشتركيها في جميع أنحاء العالم لم يأت من حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي أسسه أتاتورك، ولا من هؤلاء الذين يسبحون ليل نهار بحمد مؤسس الجمهورية التركية، بل جاء من الحكومة وحزب العدالة والتنمية
منصة "ديزني بلس" الأمريكية أنتجت فيلما عن حياة "أتاتورك" وشخصيته بتكلفة تقدر بنحو ٨ ملايين دولار، ووعدت بعرضه لمشتركيها في جميع أنحاء العالم في تشرين الأول/ أكتوبر القادم، إلا أنها تراجعت عن عرض الفيلم لكافة مشتركيها نتيجة الضغوط التي مارسها اللوبي الأرمني في الولايات المتحدة. وقررت المنصة الرقمية عرض الجزء الأول من فيلم "أتاتورك" فقط في تركيا على شاشة قناة "فوكس" التركية في ٢٩ تشرين الأول/ أكتوبر في الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية.
الرد على رضوخ منصة "ديزني بلس" أمام ضغوط اللوبي الأرمني وتراجعها عن عرض فيلم "أتاتورك" لمشتركيها في جميع أنحاء العالم لم يأت من حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي أسسه أتاتورك، ولا من هؤلاء الذين يسبحون ليل نهار بحمد مؤسس الجمهورية التركية، بل جاء من الحكومة وحزب العدالة والتنمية.
المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، عمر تشليك، وصف قرار المنصة الرقمية بــ"المثير للخجل"، كما ذهب النائب عن ذات الحزب ورئيس لجنة القنوات الرقمية في البرلمان، حسين يايمان، إلى أبعد من ذلك، ليتوعد "ديزني بلس" بفرض عقوبات عليها، قائلا: "إن ما ينال من أتاتورك ينال من ٨٥ مليون تركي"، فيما أعلن رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية، أبو بكر شاهين، عن فتح تحقيق بحق المنصة على خلفية قرارها، مضيفا أن "أتاتورك يحظى بأهمية خاصة بوصفه شخصية وطنية".
معظم الإسلاميين المؤيدين استغربوا استنفار الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية ضد قرار منصة "ديزني بلس" الأمريكية بشأن فيلم "أتاتورك"، وقالوا إن الموضوع لا يستحق كل هذه الضجة، لأنهم يعرفون جيدا أن الذين يتخذون حب أتاتورك قناعا لإخفاء معاداتهم للإسلام والمسلمين والمواطنين المتدينين لن يرضوا عن حكومة يقودها أردوغان حتى لو كانت الحكومة أتاتوركية أكثر من أتاتورك نفسه
وسائل الإعلام المقربة من الحكومة التركية انتقدت صمت الفنانين المعارضين الذين يتظاهرون بحب أتاتورك؛ على قرار "ديزني بلس" خوفا على مصالحهم المادية، وقالت إن قرار المنصة الرقمية أسقط أقنعتهم، إلا أن هؤلاء سخروا من استنفار الحكومة ووسائل الإعلام الموالية لها للدفاع عن أتاتورك، وقال أحد الإعلاميين المعارضين مستهزئا: "أشكر منصة "ديزني بلس"، لأننا حاولنا منذ أربعين سنة لنجعلكم تحبون أتاتورك ففشلنا، ولكن المنصة الأمريكية جعلتكم أتاتوركيين في يوم واحد".
هناك قانون في تركيا يسمى "قانون حماية أتاتورك"، وهو قانون يعاقب كل من يسيء إلى مؤسس الجمهورية التركية. ويُخيّل للقارئ للوهلة الأولى أن القانون المذكور الذي ما زال ساري المفعول منذ عام ١٩٥١، أصدرته حكومة حزب الشعب الجمهوري، إلا أنه في الحقيقة من إنجازات حكومة الحزب الديمقراطي برئاسة المرحوم عدنان مندريس. وكانت الحكومة آنذاك أصدرت هذا القانون لحماية تماثيل أتاتورك التي كانت تتعرض للهجمات. ولم تشفع تلك الخطوة لمندريس لدى الجيش التركي الذي أسقطه بانقلاب عسكري في ٢٧ أيار/ مايو ١٩٦٠ وأعدمه وسط ترحيب الأتاتوركيين.
معظم الإسلاميين المؤيدين استغربوا استنفار الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية ضد قرار منصة "ديزني بلس" الأمريكية بشأن فيلم "أتاتورك"، وقالوا إن الموضوع لا يستحق كل هذه الضجة، لأنهم يعرفون جيدا أن الذين يتخذون حب أتاتورك قناعا لإخفاء معاداتهم للإسلام والمسلمين والمواطنين المتدينين لن يرضوا عن حكومة يقودها أردوغان حتى لو كانت الحكومة أتاتوركية أكثر من أتاتورك نفسه، وأن أصل الصراع يتجاوز حب مؤسس الجمهورية التركية وعدمه.
twitter.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أتاتورك تركيا العدالة والتنمية أفلام تركيا العدالة والتنمية أتاتورك نتفليكس مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العدالة والتنمیة فی ترکیا إلا أن
إقرأ أيضاً:
40% من عناصر المليشيا الذين قاتلوا مع المليشيا فى الجزيرة هم من جنوب السودان
حكومة جنوب السودان تبدي إنزعاجها مما أسمته: معاملة مواطنيها فى ود مدني..!!
أولاً : ابناء جنوب السودان يحظون بمعاملة طيبة حيثما حلوا..
ثانياً : حكومة جنوب السودان و طيلة 19 شهراً من الحرب ظلت صامتة على مشاركة عدد كبير من مواطنيها فى الحرب على شعبنا وفى ارضنا ، ولم تصدر حتى دعوة أو بيان استنكار..
ثالثاً : أى شخص حمل السلاح وقاتل مع مليشيا الدعم السريع هو عدو ، ومصيره محتوم..
رابعاً : ما زال أمام حكومة جنوب السودان فرصة لدعوة كافة مواطنيها من الانسحاب من المليشيا فوراً ، علماً بأن 70% من ضاربي المدافع والراجمات هم من أبناء جنوب السودان ، و40% من عناصر المليشيا الذين قاتلوا مع المليشيا فى الجزيرة هم من جنوب السودان..
خامساً : دعوتنا مستمرة لحماية كل برىء أو أسير أو مستسلم من جنوب السودان او من اى دولة أخرى..
سادساً : اتخذت المليشيا من حدود جنوب السودان الشمال مساراً للهروب ، وشوهدت مركبات قتالية فى مناطق الرنك ، وعلى حكومة جنوب السودان اغلاق هذا الممر الذى يستخدم لتهريب المسروقات والمنهوبات من ولاية الجزيرة وسنار والدندر..
تابعت ضغوط الرأى العام على حكومة سلفاكير بخصوص هذا الموضوع ، ومن الواضح أن هناك طرفاً سياسياً أراد تحريك هذا الملف وإثارة هذه البلبلة ، وهو أمر يتطلب التعامل معه بحكمة..معاملة مواطنيها فى ود مدني..!!
أولاً : ابناء جنوب السودان يحظون بمعاملة طيبة حيثما حلوا..
ثانياً : حكومة جنوب السودان و طيلة 19 شهراً من الحرب ظلت صامتة على مشاركة عدد كبير من مواطنيها فى الحرب على شعبنا وفى ارضنا ، ولم تصدر حتى دعوة أو بيان استنكار..
ثالثاً : أى شخص حمل السلاح وقاتل مع مليشيا الدعم السريع هو عدو ، ومصيره محتوم..
رابعاً : ما زال أمام حكومة جنوب السودان فرصة لدعوة كافة مواطنيها من الانسحاب من المليشيا فوراً ، علماً بأن 70% من ضاربي المدافع والراجمات هم من أبناء جنوب السودان ، و40% من عناصر المليشيا الذين قاتلوا مع المليشيا فى الجزيرة هم من جنوب السودان..
خامساً : دعوتنا مستمرة لحماية كل برىء أو أسير أو مستسلم من جنوب السودان او من اى دولة أخرى..
سادساً : اتخذت المليشيا من حدود جنوب السودان الشمال مساراً للهروب ، وشوهدت مركبات قتالية فى مناطق الرنك ، وعلى حكومة جنوب السودان اغلاق هذا الممر الذى يستخدم لتهريب المسروقات والمنهوبات من ولاية الجزيرة وسنار والدندر..
تابعت ضغوط الرأى العام على حكومة سلفاكير بخصوص هذا الموضوع ، ومن الواضح أن هناك طرفاً سياسياً أراد تحريك هذا الملف وإثارة هذه البلبلة ، وهو أمر يتطلب التعامل معه بحكمة..
د.ابراهيم الصديق على
إنضم لقناة النيلين على واتساب