الخرطوم- ضاعفت السلطات في السودان من إجراءاتها الاحترازية بعد الإعلان رسميا عن تفشي وباء الكوليرا في محاولة للحد من انتشاره، وذلك عبر توجيهات أصدرتها وزارة الصحة الاتحادية بإطلاق حملة لمجابهة الوباء، وفق بلاغ صحفي.

وفي تقرير حديث صدر عن مركز عمليات الطوارئ الاتحادية، سُجلت 556 حالة إصابة بالكوليرا و27 حالة وفاة معظمها في ولاية كسلا شرقي السودان.

وأعلن مركز الطوارئ إرسال فرق اتحادية لمحليتي خشم القربة وود الحليو في كسلا للوقوف على الأوضاع الصحية، والإعداد لتحرك فريق ثالث إلى ولاية القضارف شرقي البلاد.

كسلا والوباء

من جانبها، قالت وزارة الصحة إن كسلا من ضمن الولايات المتأثرة بوباء الكوليرا. وفي تصريح للجزيرة نت، كشف مدير عام الوزارة بهذه الولاية، علي آدم، عن تسجيل أكثر من 300 حالة إصابة بالكوليرا و20 حالة وفاة، وتأثر عدد من المحليات بنسبة تجاوزت 50% إلى جانب حالات اشتباه وأخرى مؤكدة بالفحص المعملي، ووصف الوضع الوبائي بالمستقر.

وقال آدم إن الوزارة تتعامل بالطرق العلمية وبالتنسيق مع الجهات المختصة، مع وجود مراكز عزل في المناطق التي ينتشر فيها الوباء. ولفت إلى استخدام عنابر ليست مخصصة للعزل مما أحدث "فجوة كبيرة" منوها إلى أن هناك حاجة لغرف عزل خاصة بهذا الوباء لأن ولاية كسلا تشهد -بين وقت وآخر- انتشار عدد من الأمراض.

من جهته، قال تحالف القوى المدنية لشرق السودان -نقلا عن مصادر طبية- إن "معدلات انتشار وباء الكوليرا في محلية ود الحليو بكسلا في تزايد مستمر وإن السلطات فشلت في توفير المساعدات اللازمة لمواجهة الوباء رغم مرور أكثر من شهر على ظهور حالات إصابات مؤكدة".

بالمقابل، أكد مدير عام الصحة في كسلا أن الوزارة نفذت حملات تطعيم في المناطق والمحليات التي انتشر فيها الوباء مثل ود الحليو إضافة إلى حملات إصحاح البيئة.

تأثر القضارف

ووفق وزارة الصحة، أُعلنت القضارف شرقي السودان -كذلك- كإحدى الولايات المتأثرة بوباء الكوليرا. وفي حديثه للجزيرة نت، كشف وزير الصحة والتنمية الاجتماعية بالقضارف أحمد الأمين آدم عن تسجيل حالات اشتباه بوباء الكوليرا بالولاية، وأنه تم فتح مراكز عزل في عدد من المحليات التي استقبلت بعض الحالات وتم اتخاذ التدابير الصحية اللازمة مؤكدا أن الأوضاع "تحت السيطرة".

وتشهد عدد من ولايات السودان معدلات أمطار عالية وسيول أدت إلى انهيار آلاف المنازل وظهور عدد من الأمراض والأوبئة، وأعلنت وزارة الصحة عن وفاة 114 شخصا وإصابة 281 آخرين إثر السيول والأمطار التي شهدتها ولايتا الشمالية ونهر النيل.

وأوضح الأمين آدم أنه تم اتخاذ الاحتياطات اللازمة من تنقية المياه ومكافحة النواقل وتعزيز الصحة، وذلك في إطار دور الوزارة في عملية مكافحة الأوبئة والاستعداد المبكر ونتيجة لبعض الحالات القادمة من محلية ود الحليو كسلا وللأوضاع الصحية في القضارف.

تطهير مركز عزل ريفي لعلاج المرضى من الكوليرا في ود الحليو بولاية كسلا (الفرنسية)

ودعا المتحدث ذاته المنظمات والشركاء إلى مساعدة وزارة الصحة في القضارف، وكشف عن إطلاق حملة مطلع الأسبوع المقبل في هذه الولاية لتعزيز الصحة ومكافحة نواقل الأمراض.

ومع انقطاع شبكات الاتصال والإنترنت -في بعض الولايات- وهطول الأمطار مع الفيضانات التي اجتاحت عددا من المدن، تصف نقابة أطباء السودان (غير حكومية) الوضع الصحي بـ"الكارثي" وتقول إن تراكم المياه يولّد الذباب مما يؤدي إلى سرعة انتقال المرض.

وأفاد المتحدث باسم النقابة سيد محمد عبد اللّه -للجزيرة نت- أن هناك صعوبة في الرصد الدقيق للحالات، إلى جانب توقف أكثر من 80% من المرافق الصحية، مشيرا إلى تسجيل أكثر من 30 حالة وفاة بوباء الكوليرا. وأضاف أن "نسبة الوفيات في تضاعف ويتعرض الآلاف للموت مع انعدام تطعيم الأطفال وزيادة حالات سوء التغذية".

تدهور بيئي

وحول الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار هذا الوباء، طرحت الجزيرة نت عددا من الأسئلة على مسؤولين بوزارة الصحة الاتحادية بالسودان، ولكنها لم تتلق ردا على استفساراتها.

من جهته، قال الأمين العام للمجلس الأعلى للبيئة بشرى حامد -للجزيرة نت- إن السودان يشهد تدهورا بيئيا كبيرا جدا جراء الحرب التي استهدفت كل المجالات الخدمية خاصة الصحة.

وتحدث عن "تدمير معظم المستشفيات والمعامل ومخازن اللقاحات والدواء، وتوقف عمليات خدمات البيئة، واكتظاظ المدن الآمنة بأعداد من المواطنين دون مراعاة الاحتياطات الصحية".

وأضاف حامد أن انعدام المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي يعزز من انتشار الإسهالات المائية، إضافة إلى انعدام الموارد المالية لمجابهة الأزمة والأدوية والمعامل مما فاقم من انتشار وباء الكوليرا.

وبرأيه، فإن غياب الوقاية والمكافحة هو السبب الأساسي في انتشار هذه الأمراض، حيث تعزز الأوضاع الحالية من تفشي الأوبئة في ظل ضعف النظام الصحي وغياب فاعلية المجتمع الدولي، على حد تعبيره.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات بوباء الکولیرا وزارة الصحة للجزیرة نت من انتشار أکثر من عدد من

إقرأ أيضاً:

أمطار “غير مسبوقة” وسيول جارفة تفاقم معاناة اليمنيين

يمن مونيتور/فرانس برس

قرب منزله المهدّم، يبكي أبو إبراهيم ابنه وأحفاده السبعة الذين قضوا جراء فيضانات ضربت مؤخرا اليمن، حيث تتسبب الأمطار “غير المسبوقة” في زيادة البؤس في بلد فقير مزقته الحرب.

يشير الرجل الذي غزا الشيب لحيته، إلى جدران منهارة، هي كلّ ما تبقى من المنزل الجبليّ الذي اجتاحته سيول عارمة، ويحاول حبس دموعه وهو يستذكر انهيار منزل ابنه.

ويقول أبو ابراهيم الذي يعيش على مقربة من المكان مع زوجته، لوكالة فرانس برس: “كنا نسمع أصوات الانهيارات والأمطار بكثافة. بعد ذلك، رأت زوجتي أن منزل إبراهيم لم يعد موجودا، فصرخت بصوت عالٍ: إبراهيم جرفته السيول هو وأولاده”.

وليست هذه العائلة الوحيدة التي قضت أو تشرّدت بسبب الأمطار الموسمية هذا العام، التي يقول خبراء إنها تزداد شدّة سنة بعد سنة نتيجة التغيّر المناخي.

وقُتل نحو 100 شخص في أنحاء اليمن خلال الأسابيع الأخيرة، حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا الى أرقام نشرتها الأمم المتحدة.

وفي نهاية أغسطس، اجتاحت فيضانات ناجمة عن أمطار غزيرة محافظة المحويت غربي اليمن، مما أسفر عن فقدان أو مقتل أكثر من 40 شخصا، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، الذي أشار إلى أن عشرات المنازل دُمّرت في المنطقة، مما أرغم 215 عائلة على النزوح.

وكان 60 شخصا قد لقوا مصرعهم في فيضانات بدأت أواخر يوليو، حسب الأمم المتحدة.

وأثّرت الأمطار والسيول على أكثر من 560 ألف شخص في أنحاء البلاد منذ أواخر يوليو، وفق المنظمة الدولية للهجرة، التي أطلقت نداء عاجلا لجمع 13,3 مليون دولار للاستجابة لحاجات المتضررين.

وقال القائم بأعمال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، مات هوبر، إن “حجم الدمار مروّع، ونحن بحاجة ماسة إلى تمويل إضافي”.

وتشهد المرتفعات الغربية في اليمن هطول أمطار موسمية غزيرة، لكن الظروف الجوية هذا العام كانت “غير مسبوقة”، حسب هوبر.

ففي ملحان، جرفت السيول والانهيارات الأرضية المنازل ودفنت عددا من سكانها.

ويقول عبدالله الملحاني، وهو جار إبراهيم المحويتي الذي قضى مع أبنائه: “سمعنا أصوات الانهيارات من الجبال”.

ويستذكر كيف سأله أبو إبراهيم عما إذا كان قد رأى ابنه وأولاده، فقال: “خرجنا ولم نجد أحدا، اختفوا جميعا. جرفتهم السيول والصخور”.

وكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن على منصة “إكس”، أن إيصال المساعدات للمتضررين كان “شبه مستحيل” بسبب “الطرق المتضررة والعائمة”، مرفقا المنشور بصور تُظهر جِمالا تحمل صناديق مساعدات على طرق جبلية وعرة.

وتسبّبت فيضانات اليمن بتدمير منازل ونزوح آلاف الأسر، وألحقت أضرارا بالبنية التحتية الحيوية بما في ذلك المراكز الصحية والمدارس والطرق.

ويعاني أفقر بلدان شبه الجزيرة العربية أصلا من زيادة معدلات سوء التغذية وأعداد الإصابات بالكوليرا نتيجة السيول.

ويشهد اليمن منذ 2014 نزاعا اندلع مع سيطرة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران على مناطق شاسعة في شمال البلاد بينها العاصمة صنعاء.

وفي العام التالي، تدخّلت السعودية على رأس تحالف عسكري دعما للحكومة اليمنية، مما فاقم النزاع الذي أوقع مئات آلاف القتلى. وأدّت الحرب إلى إغراق البلاد في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة.

وحذّرت منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي، من أن الوضع قد يتفاقم في الأشهر المقبلة. وتوقّعت أن “تشهد المرتفعات الوسطى والمناطق الساحلية على البحر الأحمر وأجزاء من المرتفعات الجنوبية مستويات (متساقطات) غير مسبوقة تتجاوز 300 ملم”.

وأشار الباحث في معهد “تشاتام هاوس” البريطاني، كريم الجندي، إلى أن “تهالك البنية التحتية في اليمن وضعف قدرات الاستجابة للكوارث نتيجة سنوات من النزاع، يزيدان من التهديد الذي يمثّله تغير المناخ”.

وقال خبير المناخ لفرانس برس: “واقعة تساقط أمطار أكثر غزارة مقرونة ببلد غير مستقر نتيجة الحرب، يعرّضان اليمن بشكل استثنائي لهطول أمطار غير مسبوقة، مما أدى إلى فيضانات كارثية في العديد من المحافظات”.

مقالات مشابهة

  • حالات الكوليرا بالسودان تقترب من الـ8 آلاف وأكثر من 200 وفاة
  • «حقائق وأسرار» يعرض قصة معاناة «فاطمة» طفلة الأقصر التي تجمع الخردة لإعالة أسرتها
  • أمطار “غير مسبوقة” وسيول جارفة تفاقم معاناة اليمنيين
  • أمطار غير مسبوقة وسيول جارفة تفاقم معاناة اليمنيين
  • نائب دق ناقوس الخطر بشأن طريق سرجبال الجاهلية الشوف
  • خبراء مغاربة يقللون من خطورة جدري القردة في المملكة ويدعون إلى اليقظة
  • السودان: تسجيل أول حالة وفاة بالكوليرا في «الشمالية» وارتفاع عدد الحالات المؤكدة
  • ظهور السلالة القديمة من جدري القرود في الهند.. وإعلان حالة الطوارئ
  • نصف الأفغانيين تحت خط الفقر ومنظمات أممية تدق ناقوس الخطر
  • "الصحة العالمية" تؤكد التزامها بوصول المساعدات إلى السودانيين