الأسد يعلق على الاتهامات بتورط بلاده في "المخدرات"
تاريخ النشر: 9th, August 2023 GMT
أكد الرئيس السوري، بشار الأسد، أن بلاده كانت من المتحمسين والمتعاونين لمكافحة الاتجار بالمخدرات، بعدما حاول الأمريكيون والدول الغربية مع دول إقليمية استخدامها ضد دمشق.
بالتنسيق الاستخباراتي مع سوريا.. الأمن العراقي يفكك شبكة دولية لتهريب المخدراتوأشار الأسد في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية"، ردا على سؤال حول اتهام سوريا بغض الطرف عمن يقومون بهذه التجارة والمرتبطين بمثل هذه الجرائم وتحويل سوريا إلى مركز لمخدرات "الكبتاغون" قائلا: "إذا كنّا نحن من يسعى كدولة لتشجيع هذه التجارة في سوريا، فهذا يعني أننا نحن كدولة من شجعنا الإرهابيين ليأتوا إلى سوريا ويقوموا بالتدمير ويأتوا بالقتل لأن النتيجة واحدة".
وأضاف: "أنا قلت هذا الكلام في أكثر من مناسبة، والبعض منها مُعلن، إذا وضعنا الشعب بين الإرهاب من جانب والمخدرات من جانب، فنحن نقوم بأيدينا بتدمير المجتمع والوطن.. أين هي مصلحتنا؟ لذلك عندما حاولوا استخدام موضوع المخدرات مؤخراً من قبل أمريكيين أولا، والغرب لاحقا، وبعض الدول الإقليمية لأسبابها السياسية ضد سوريا، كنا نحن أول المتحمسين والمتعاونين من أجل مكافحة هذه الظاهرة، لأنها ظاهرة خطيرة بكل معنى الكلمة".
وأردف الأسد: "فمن غير المنطقي أن تكون الدولة معها، لكن دعني أضيف نقطة، حتى العصابات لا تتعامل مع دول، لأنها تعمل بشكل سري، تأتي من أقصى الغرب ومن أقصى الشرق، لكي تمر بشكل سرّي. هي تتعامل مع أشخاص عن طريق الرشوة، فلا يُمكن لها أن تتعامل مع دولة، لأنها تصبح تجارة معلنة وليست سرية".
إقرأ المزيد وزير الدفاع السوري يلتقي رئيس أركان الجيش الأردني في عمان بحضور مديري مخابرات البلدينوفي سؤال عن حجم الخطر فيما يتعلق بتجارة المخدرات وفيما لو كان هذا الأمر مطروحا بشكل يمثل أولوية على الأقل مع القادة العرب في القمة الأخيرة، أجاب الأسد: "تجارة المخدرات كعبور وكاستيطان هي موجودة لم تتوقف، هذه حقيقة، ولكن عندما يكون هناك حرب وضعف للدولة، فلا بد أن تزدهر هذه التجارة، هذا شيء طبيعي، ولكن من يتحمل المسؤولية في هذه الحالة هي الدول التي ساهمت في خلق الفوضى في سوريا وليست الدولة السورية".
واستدرك قائلا: "مع ذلك، نحن كنا في حوار مع أكثر من مسؤول عربي زارنا في الأشهر أو الأسابيع الأخيرة، وكان هذا الموضوع أحد المواضيع التي طرحتها سوريا وليس هم فقط، لأنه لدينا مصلحة مشتركة معهم في القضاء على هذه الظاهرة".
المصدر: سانا
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا الشرق الأوسط القمة العربية بشار الأسد دمشق غوغل Google مخدرات واشنطن
إقرأ أيضاً:
حين يتكلم الأسد عن المقاومة
الشيزوفرانيا أو الانفصال عن الواقع، ظاهرة منتشرة بين زعماء الدول الاستبدادية بشكل ملحوظ، حيث ينشأ لدى الزعيم إعلاء وهمي للذات، يتخيل من خلاله أنه ما يشبه المسيا / المُخلص في التراث الديني اليهودي، وهو بذلك يرى في أقواله وسلوكياته عبارة عن مثال أو قدوة، وفيهما مناط الحقيقة والخير العام.
في عالمنا العربي اليوم ثلاثة شواهد فجة على ذلك، أولا من الرئيس التونسي قيس سعيد حين يتحدث كثيرا عن الديمقراطية ودور المؤسسات في الدولة، ثن نراه يُجهض الديمقراطية ويخنق الحريات وعمل المؤسسات.
ونشاهد الحالة الثانية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حالة الحرب الإسرائيلية على غزة، فيتحدث عن الدفاع عن الفلسطينيين وحقوقهم ودعمهم، في وقت يتواطأ مع الإسرائيليين علنا دون أدنى اعتبار لقضية العرب الأولى.
أما الحالة الثالثة، فهي حالة رئيس النظام السوري بشار الأسد الذي لا يفتأ دائما في التفلسف السياسي، حتى على الزعماء العرب، واستخدام مفردات وتوصيفات لا تتطابق إطلاقا مع سلوكيات النظام.
النظام السوري وقف منذ السابع من أكتوبر العام الماضي موقف المتفرج السلبي، وكأن القضية ليست قضيته ولا معني بها، وبقي هذا الحياد السلبي مستمرا حتى في عز المقتلة الإسرائيلية لقادة وجمهور "حزب الله" اللبناني.ليست حالة الشيزوفرانيا السياسية حالة ملازمة دائما للمستبدين، فقد مر معنا مستبدون واقعيون جدا، يدركون حقيقة الواقع وموازين القوى، بما ينعكس على خطابهم وسلوكهم المُعبر عن هذا الواقع.
في حالتنا السورية، أُذكر بالرئيس الراحل حافظ الأسد الذي كان يتمتع بواقعية سياسية شديدة، انعكست في أقواله وسلوكياته، فلم نجد في خطاباته كلها أي نوع من الميتافيزيقا السياسية، حتى مع إسرائيل كان يستخدم عبارات سياسية بامتياز خالية من أي شحنات أيديولوجية، باستثناء التذكير بالقومية العربية وقضية العرب الأولى، وهذا تذكير سياسي وليس أيديولوجي.
أما حالات الشيزوفرانيا عند الأسد الأب، فكانت تظهر فقط في المجال الاجتماعي حصرا، وليس في المجال السياسي، لأن الهدف دغدغة مشاعر الناس البسطاء، في نوع من الشعبوية التي تلامس أحاسيس الناس.
الأسد.. أمثلة تاريخية
مع بشار الأسد اختلف الأمر، حيث إننا هنا أمام حالة انفصال شديدة جدا عن الواقع، ظهرت منذ تسلمه السلطة في سوريا، حين قال في إحدى خطاباته أنه سيحول سوريا إلى يابان المنطقة، ثم ظهر هذا الانفصال الحاد في أول خطاب له بعد الثورة السورية بأسبوعين، حين ذكر كلمة المؤامرة 13 مرة، ثم أخذ هذا الانفصال يزداد قوة وحدة خلال الثورة ـ لا يتسع المجال لذكرها ـ.
لكن لا مانع من ذكر أمثلة سريعة: تحدث أكثر من مرة عن الديمقراطية السورية وظاهرة التعددية السياسية والحزبية في سوريا، وتحدث مرة أن سوريا لا توجد فيها معتقلات، ثم بلغت انفصاله عن الواقع إلى درجة قال في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز" العربية في أغسطس العام الماضي، أن والده الرئيس حافظ الأسد لم يكن له أي دور في وصوله إلى منصب الرئاسة.
بعد التطبيع العربي مع النظام السوري، وبدء الأسد حضور القمم العربية، وبدأ يقدم نظريات فلسفية للقادة الحاضرين عن العروبة، ففي القمة العربية في جدة العام الماضي، قال الأسد "أما سوريا فماضيها وحاضرها ومستقبلها هو العروبة.. لكنها عروبة الانتماء لا عروبة الأحضان.. فالأحضان عابرة أما الانتماء فدائم.. وربما ينتقل الإنسان من حضن لآخر لسبب ما.. لكنه لا يغير انتماءه أما من يغيره فهو من دون انتماء من الأساس ومن يقع في القلب لا يقبع في حضن وسوريا قلب العروبة وفي قلبها".
ومنذ هذه القمة، خلا خطاب الأسد من الحديث عن المؤامرة الكونية التي استهدفت سوريا، وركز على أهمية التوحد العربي ـ العربي، وهذا أمر مفهوم لنظام يسعى إلى العودة للحاضنة العربية.
قمة الرياض
في القمة العربية الأخيرة بالرياض، بلغ الانفصام لدى الأسد مبلغا كبيرا، ففي ظل المقتلة الإسرائيلية لسكان غزة وأهل الجنوب اللبناني، وفي ظل صمت سوري على المستوى السياسي والعسكري، لم يتوان الأسد في استعادة سردية "المقاومة والممانعة" والعمل العربي المشترك لمواجهة إسرائيل، فقال إن "الأولوية حاليا هي لإيقاف المجازر والإبادة وإيقاف التطهير العرقي الذي تقوم به إسرائيل.".
في ظل القوة والتفوق الإسرائيلي العسكري، والضعف العسكري الشديد للنظام السوري، يرى الأسد ويؤمن أن ما يقوم به النظام في هذا الظرف التاريخي هو عمل مقاوم فعلا، بل قد يكون أكثر تقدما من باقي الدول العربية، فمن خلال أرضه تحاول إيران تمرير السلاح إلى "حزب الله" في لبنان، وأن بلده يتلقى الهجمات الإسرائيلية بشكل متكرر ودائم.وعلى ما في هذا الكلام من دعوة فضفاضة لا تحمل أية قيمة أخلاقية وسياسية، إلا أنها تٌعبر عن واقع العجز السوري دون أن يقولها الأسد جهارة، فبخلاف خطاباته قبل الثورة التي كان يتحدث فيها عن الدور السوري في دعم القضية الفلسطينية، تحدث هذه المرة عن عمل عربي مشترك، لأنه لا يستطيع الحديث عن دور سوري، هو غائب تماما منذ أربعة عشر عاما.
بل الأدهى، أن النظام السوري وقف منذ السابع من أكتوبر العام الماضي موقف المتفرج السلبي، وكأن القضية ليست قضيته ولا معني بها، وبقي هذا الحياد السلبي مستمرا حتى في عز المقتلة الإسرائيلية لقادة وجمهور "حزب الله" اللبناني.
ومن شدة سوريالية خطاب الأسد، أنه لم يكتف بكل ذلك، بل انتقد غياب خطة تنفيذية للدول العربية من أجل وقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان.
ليس الفصام السياسي إلا عملية جعل الإمكان الواقعي حالة مطلقة ومثالية، بمعنى أنه في ظل القوة والتفوق الإسرائيلي العسكري، والضعف العسكري الشديد للنظام السوري، يرى الأسد ويؤمن أن ما يقوم به النظام في هذا الظرف التاريخي هو عمل مقاوم فعلا، بل قد يكون أكثر تقدما من باقي الدول العربية، فمن خلال أرضه تحاول إيران تمرير السلاح إلى "حزب الله" في لبنان، وأن بلده يتلقى الهجمات الإسرائيلية بشكل متكرر ودائم.
أما مسألة الرد العسكري على إسرائيل، أو دعم المقاومتين الفلسطينية واللبنانية بالسلاح، أو السماح للشعب السوري بالتظاهر دعما لغزة ولبنان، أو تقديم موقف سياسي حاد، فكل ذلك بالنسبة لدمشق غير مهم، لا لأنه لن يغير من الواقع شيئا فحسب، بل لأن مثل هذه الخطوة إذا ما تمت فإنها قد تكلفه نظامه بالكامل.. مع رداءة الواقع تتعاظم الأيديولوجية وتتفاقم الأوهام.