مع إصرار نتانياهو ورفض مصر.. ما مصير محور فيلادلفيا؟
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
طوال يومي الأحد والاثنين، فشل وفد إسرائيلي ضم مسؤولين من الموساد في إقناع المسؤولين في القاهرة بفكرة احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على محور فيلادلفيا، الشريط الحدودي الفاصل بين مصر وقطاع غزة.
وبحسب مدير تحرير صحيفة "الأهرام" الحكومية المصرية، أشرف العشري، رفض المسؤولون المصريون خريطة عرضها نظراؤهم الإسرائيليون تشمل سيطرتهم على هذا المحور الذي يسمى أيضا "محور صلاح الدين"، على امتداد الحدود بين غزة ومصر، والذي يقع ضمن منطقة عازلة بموجب اتفاقية السلام "كامب ديفيد"، بين مصر وإسرائيل، الموقعة عام 1978، ويبلغ طوله 14 كلم.
"مقترحات رفضتها مصر"
وقال العشري لموقع "الحرة"، إن "إسرائيل عرضت أيضا أن يكون لها وجود عسكري رمزي في محور فيلادلفيا، كما اقترحت أن تخفض عدد الفرق العسكرية الحالية الموجودة هناك من سبعة إلى قوتين فقط ولكن مصر أيضا رفضت هذا الاقتراح".
وأضاف أن "مصر أخبرت الإسرائيليين أنهم يضيعون وقتا على مسألة محسومة من جانبها بأنه لا وجود إسرائيلي سواء في معبر رفح أو في ممر فيلادلفيا، وأن القاهرة مصممة على ذلك وأنهما بمثابة "خط أحمر" حتى لو أدى الأمر إلى إطالة أمد المفاوضات، على اعتبار أن هذين الملفين يمسان بالأمن القومي المصري".
والثلاثاء، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو أن قوات بلاده "لن تنسحب تحت أي ظرف من محور فيلادلفيا أو محور نيتساريم".
ومع إصرار نتانياهو، تثار التساؤلات عن مصير المفاوضات في ظل موقف القاهرة الرافض لوجود عسكري إسرائيلي في هذه المنطقة العازلة التي تنص عليها اتفاقية السلام "كامب ديفيد"، وما إذا كانت هناك حلول مقترحة للتوصل إلى حل.
ويقول الخبير العسكري المصري اللواء محمد عبد الواحد إن الاتفاقية نظمت العمل في الأماكن الحدودية وقسمت سيناء إلى أربعة أماكن "أ" و"ب" و"ج" و"د"، مضيفا أن محور فيلادلفيا يقع في المنطقة "د".
ويضيف في تصريحات لموقع "الحرة" أن "الاتفاقية وضعت قواعد وقيود بالنسبة للقوات بحيث أن القوات العسكرية الموجودة تكون بشكل رمزي، بحيث لا يتعدى عددها أربع كتائب، أي بحد أقصى أربعة آلاف جندي إسرائيلي، فضلا عن عدم وجود دبابات ولا مدرعات ولا صواريخ ولا أسلحة ثقيلة، وبالتالي وجود أسلحة ثقيلة يعتبر عدوان على الاتفاقية".
وكانت القوات الإسرائيلية تسيطر على المنطقة "د" التي تتضمن محور فيلادلفيا حتى انسحابها منها وتسليمها للسلطة الفلسطينية عام 2005، ولترتيب تواجد مصري لقوات حرس الحدود، تم توقيع اتفاقية جديدة باسم "اتفاقية فيلادلفيا".
ووقعت إسرائيل مع مصر على اتفاقية فيلادلفيا باعتبارها تابعة لاتفاقية كامب ديفيد، التي حددت مسافة 14 كلم كشريط عازل على طول الحدود بين مصر وغزة.
وجاءت الاتفاقية بعدما أقر الكنيسيت الإسرائيلي، عام 2004، قرارا بسحب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، دخل حيز التنفيذ في أغسطس عام 2005.
لكن عبد الواحد يشير إلى أن "هناك ما يسمى بـ"الآلية النشطة" في الاتفاقية تشير إلى أنه في حالة رغبة أحد الأطراف وجود قوات لشيء يعرض أمن بلاده لمخاطر، يمكن، بموافقة الطرف الآخر، أن يستعين بقوات إضافية، وهذا حدث خلال وقت مكافحة مصر للإرهاب، فسمحت حينها إسرائيل لمصر بزيادة عدد القوات والطيران في 2011 و2012 و2013 وفي 2021".
وسمح التوغّل البرّي في رفح منذ مايو الماضي، لإسرائيل بالسيطرة على "محور فيلادلفيا"، ومعبر رفح الذي يصل القطاع بمصر وكان نقطة لإيصال المساعدات الإنسانية، "وهو أمر ترفضه مصر بشكل قاطع".
لكن الباحث الإسرائيلي في شؤون الشرق الأوسط روني شالوم يرى في حديثه مع موقع "الحرة" أن سبب المشاكل في محور فيلادلفيا "تعاون الضباط المصريين وأعلى الجهات في النظام المصري في عمليات تهريب الأسلحة والمنتجات عبر سيناء إلى قطاع غزة" عندما كانت تحت سيطرة تنظيم حماس.
وتقول إسرائيل إن حماس استخدمت شبكة واسعة من الأنفاق لتهريب الأسلحة، مما سمح لها ببناء الآلة العسكرية التي استخدمتها في هجوم السابع من أكتوبر الذي أشعل فتيل الحرب.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه عثر على عشرات الأنفاق ودمرها منذ الاستيلاء على ممر فيلادلفيا في مايو.
وترفض مصر هذه التصريحات، قائلة إنها دمرت مئات الأنفاق على جانبها من الحدود، قبل سنوات، وأقامت منطقة عازلة عسكرية خاصة بها تمنع التهريب.
مخاوف مصر
ويشير عبد الواحد إلى أن احتلال إسرائيل للجزء الحدودي في قطاع غزة "يحرج القيادة المصرية أمام الشعب المصري والفلسطينيين والمنطقة العربية".
ويؤكد أن إصرار نتانياهو على استمرار سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا يثير مخاوف مصر من أن تنفذ الدولة العبرية تهديدها بتهجير قسري للفلسطينيين.
ومنذ الأيام الأولى للحرب، حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من شروع إسرائيل في أي عملية "تهجير قسري" لسكان القطاع المحاصر، حيث اقترح بعض المسؤولين الإسرائيليين تنفيذ هذه الفكرة.
وقال عبد الواحد إن "محاصرة إسرائيل لقطاع غزة بهذا الشكل العسكري من شأنه أن يؤدي إلى سيطرة إسرائيلية كاملة على كامل القطاع، والتالي هذا أحد جرائم الفصل العنصري، ومصر لم ولن تشارك في مثل هذه الجرائم الإسرائيلية".
وأضاف أن "إسرائيل تريد أن تتحكم في المعابر بالكامل وهناك ست معابر أخرى ورأينا بالصور كيف أنها هدمت بالكامل معبر رفح وتريد أن تتحكم في الطعام والدواء لممارسة أقصى درجات الضغط على الشعب الفلسطيني وتوظيف هذه القضية الإنسانية وتحويلها إلى قضية سياسية وهو أمر ترفضه مصر أيضا".
"مقترح أميركي لمحور فيلادلفيا ومعبر رفح"
يقول العشري إن هناك اقتراحا أميركيا بديلا عرضه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته للقاهرة الثلاثاء، وهو أن تكون هناك قوات دولية فقط لمدة ستة أشهر في محور فيلاديلفيا وأن تكون هناك قوات أميركية وفلسطينية في معبر رفح ومن جانب آخر ستكون هناك قوات مصرية على الجانب المصري كحل للمشكلة، على أن تنسحب إسرائيل في ذلك الوقت بشكل كامل مع قطاع غزة".
وقال العشري إن مصر وافقت على هذا الاقتراح بشكل مؤقت ولم تقبل بأي حلول أخرى بعد.
ويعتبر عبد الواحد أن "مصر دورها حساس للغاية لأنها تلعب دور الوسيط وبالتالي يجب أن تكون محايدة".
ويؤكد أن "مصر لديها أهداف كبرى هي وقف النار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة ودخول المساعدات الإنسانية وهذا ما تعمل عليه مصر، وبالتالي هي غير موافقة تماما على تواجد الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، وربما تغض الطرف حاليا حتى يتوصل الطرفان إلى صفقة تؤدي إلى وقف لإطلاق النار".
ما مصير انتهاك "كامب ديفيد"؟
وبشأن مصير اتفاقية "كامب ديفيد"، قال العشري إن إسرائيل انتهت الكثير من بنود الاتفاقية بالفعل منذ السابع من أكتوبر الماضي، والعلاقات المصرية الإسرائيلية في أدنى مستوياتها منذ 1979 وهذه مرحلة خطيرة في تاريخ العلاقات".
من جانبه قال شالوم إن "ما حدث طبعا انتهاك شامل للاتفاقيات من قبل إسرائيل، لكن قبل ذلك انتهاك من مصر من خلال وجود أنفاق تحت معبر رفح مما أدى إلى عمليات إرهابية ضد المواطنين الإسرائيليين".
وقال شالوم إن محور فيلادلفيا "أصبح منطقة أمنية إسرائيلية"، وإن مصر فقدت حدودها مع غزة، "ولها اليوم حدود أطول مع دولة إسرائيل".
يؤكد العشري أن "مصر ترى أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة إذا تم تهديد الأمن القومي الخاص بها بدءا من سحب السفير إلى وقف التطبيع إلى تجميد العلاقات الاقتصادية والدفاعية".
والأربعاء، حضّ الرئيس الأميركي جو بايدن نتانياهو في مكالمة هاتفية على التوصل لوقف لإطلاق النار مع حركة حماس في غزة، وفق ما أعلن البيت الأبيض مع تعثّر محادثات الهدنة.
وجاء في بيان للرئاسة الأميركية أن "الرئيس شدّد على الضرورة الملحّة لإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن وناقش المحادثات المرتقبة في القاهرة لإزالة أي عقبات متبقية".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: محور فیلادلفیا کامب دیفید عبد الواحد قطاع غزة معبر رفح فی محور
إقرأ أيضاً:
درة: أصبح هناك توجهات لطمس هوية الفلسطينيين
تحدثت درة على هامش محاضرة " السينما الفلسطينية واللبنانية" التي أقيمت اليوم ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلمها الوثائقي " وين صرنا" بجانب عدد من مخرجات الدول العربية قائلة: "مبسوطة إني موجودة النهاردة وسط هؤلاء المخرجات لأنني أتعلم منهم كوني ممثلة بالاصل وكل مخرجة منهما لديها عدة أفلام أعجبتني للغاية ووجودي معهم يعطيني خبرة أكبر".
سبب إخراج درة لفيلم “وين صرنا ”
أضافت درة قائلة: "ما دفعني لإخراج هذا الفيلم ليس فقط حبي للسينما، ورغبتي في الإخراج ولكن إصراري على تقديم نموذج هذة الأسرة الفلسطينية، أنا تربيت على أن القضية الفلسطينية هي قضية كل العرب وكل إنسان وأذكر أنني سمعت شخصا مع ما يحدث في فلسطين يقول " ليس هناك دولة فلسطين أو شعب فلسطيني" أصبح هناك توجهات لطمس هوية الفلسطينين بشكل كبير".
تستكشف هذه الندوة قوة السرد في تحفيز قدرات الأفراد على المقاومة والتحمل في أصعب اللحظات والمواقف، ويحكي الحضور عبر خبراتهم ووعيهم الثقافي الفريد عن تجاربهم في تشكيل السرد السينمائي وروايات الهوية الشخصية والجماعية، ومحاولات البقاء والخلافات والنبرات الانهزامية.
يناقش الضيوف تحديات صنع الأفلام في مناطق الصراع والنزوح وتلك المحاصرة بالقيود السياسية، وعن خبرة كل منهم في استخدام الإبداع للدفاع عن رؤيتهم والنجاة من الأسى والمآسي.
تسلط الحلقة النقاشية الضوء على التقنيات السردية التي يمكنها تحوّل قصص الصراع الشخصي إلى سرديات مهمة إعجازية تلهم الجماهير وتحفّز المجتمعات على الاستمرار والمقاومة.