كتبت لينا فخر الدين في" الاخبار": على مدى السّنوات الأخيرة، تلاشت العلاقة بين حزب الله والتنظيم الشعبي النّاصري. اختلافات في الآراء أنتجت قطيعة منذ أكثر من سنةٍ ونصف سنة. وحرب غزة التي فتحت أبواب التواصل بين الحزب وقوى كانت على خصومة معه، لم تبثّ روحها في العلاقة مع أسامة سعد. ولم تفلح في وضع الملفّات الخلافيّة جانباً، للالتفاف حول ما يجمع الطرفين دائماً: المُقاومة.
كلّ ذلك، ولّد قناعة لدى سعد بأنّ الهجوم ثم الانقلاب كانا بتخطيطٍ من حزب الله، رداً على السياسة التي اتّبعها «التنظيم» منذ عام 2008، عندما أطلّت المشكلة الأولى بينه وبين الحزب، على خلفية اعتراض سعد على عمل «سرايا المقاومة» في صيدا، والتي اعتبر أن برامج التعبئة فيها بدأت تأكل من رصيده، وتلا ذلك استبعاده عن اجتماعات العاصمة القطرية التي أدّت إلى اتفاق الدوحة، قبل أن يرفض تمنّيات الحُلفاء عام 2018 بالانضمام إلى كتلة النوّاب السّنة، وما لحقها من مواقف صدّعت التحالف. وحتّى اليوم، لا يزال مسؤولو «الحزب» يتذكّرون يوم رفض «الدكتور» التدخّل الأميركي والإيراني، مساوياً بينهما، إضافةً إلى إصراره على ذكر «المقاومة الوطنيّة» من دون «المقاومة الإسلاميّة». ومع ذلك، ضبط الطّرفان ساحتهما إلى أن تضعضعت في 17 تشرين؛ عندما اعتبر سعد أن حزب الله يقف إلى جانب السلطة ضد الناس، بينما اعتبر الحزب أن سعد صار في مكان آخر.
في المقابل، يرفض مؤسّسو «حركة النصر عمل» الحديث عنها في الإعلام، مكتفين بما قيل في احتفال إعلان انطلاقتها، ومؤكدين «أنّنا لا نرد على ما قيل وكُتب ونعتبر أنّ المُستائين الذين يُحاولون تشويه سمعة حركتنا وأعضائها هم إخوتنا أولاً وأخيراً، وبيننا وبينهم عقود من النضال. والخلاف في الرأي لا ينبغي أن يُفسد في الود قضيّة، والوفاء للأشخاص مهم، لكن الأهم هو الوفاء للمبادئ والقيَم». وهم لا يُريدون، بحسب ما يُنقل عنهم، سوى إعادة توجيه البوصلة بعدما ساء أداء «قيادة التنظيم» في المرحلة الأخيرة حتّى «صار كالغُراب الذي أراد أن يُقلّد مشية الحجل فنسي مشيته»، مشدّدين على «أننا لسنا صناديق بريد» لأحد.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هذه قصة خروقات حزب الله.. السرّ في شهر 1!
عامٌ مضى على شهر كانون الثاني 2024، فحينها، وقبل سنة من الآن، شهد "حزب الله" بداية انتكاسات إستخباراتية ربما "تجاهل" معالجتها وساهمت في الإضرار به كثيراً لأنه لم يغص بها في العمق لكشف الثغرات التي طالته أمنياً. يعتبر شهر (1) الأكثر تأثيراً على "حزب الله" إبان الحرب الإسرائيلية التي شهدها لبنان مؤخراً، وبسببه دخل الحزب في حربٍ من نوع إستخباراتي عميق، وخلاله بدأت رحلة الإستهدافات التي حصلت طيلة العام الماضي 2024.12 شهراً مرّت على الشهر المذكور، ومن خلاله يمكن إستقاء أبرز الضربات التي طالت الحزب وأثرت عليه إستخباراتياً وأمنياً.. فما هي وكيف جعلته أسيرَ التجاوزات الإسرائيلية؟ مطلع شهر (1) عام 2024 وتحديداً في اليوم الثاني منه، اغتالت إسرائيل القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري وبعده بأيام قليلة (يوم 8 كانون الثاني) تم اغتيال القيادي في "حزب الله" وسام الطويل. بعد العاروري والطويل، اغتالت إسرائيل علي حسن برجي يوم 9 كانون الثاني 2024، وهو قائد منطقة الجنوب في الوحدة الجوية التابعة لحزب الله، ليتم بعده اغتيال علي محمد حدرج يوم 20 كانون الثاني 2024، وهو من أبرز خبراء التكنولوجيا في حزب الله. الاغتيالات هذه كانت غير عادية على صعيد "حزب الله"، وقد ساهمت في إرباك قاعدته الأمنية آنذاك، وما حصل هو أن الحزب أراد الانطلاق منها لدراسة واقعه الأمني، لكن إسرائيل اعتمدت على أساليب "تشتيت" جعلته غير قادر على اكتشاف الثغرات التي هزّت قواعده القيادية وساهمت بانسياب المعلومات عنها الواحدة تلو الأخرى. بداية "التشتيت" كانت من اغتيال العاروري في ضاحية بيروت الجنوبية. حينها، وقف "حزب الله" أمام عملية حصلت في "عقر داره" لكنها لم تستهدف أيا من مسؤوليه. آنذاك، ظن الحزب أن الخرق قد أتى من جهة حركة "حماس" كون العاروري ينتمي إليها، وهنا تكمن "الخديعة الإسرائيلية" تجاه الحزب وذلك من خلال جعله يعتقد أن الاغتيالات لم تستهدفه في الضاحية بل طالت العاروري و "حماس" على اعتبار أن الحماية الأمنية المتوافرة لدى هذا الفصيل لن تكون أقوى من الحزب، وبالتالي فإن إمكانية الخرق هناك سهلة وصعبة جداً عند الأخير، كما كان الاعتقاد سائداً. الحقيقة في الواقع كانت في مكان آخر، واغتيال العاروري كشف فعلياً عن ثغرة داخل الضاحية الجنوبية لبيروت، ما استدعى انتباه "حزب الله" لدراسة الواقع الأمني هناك، لكن الثغرات لم تنكشف، والدليل على ذلك هو الاغتيالات الأخرى التي شهدتها الضاحية وأودت بكبار قادة "حزب الله" وعلى رأسهم الأمين العام السابق الشهيد حسن نصرالله. تقول مصادر معنية بالشأن العسكري إنه لو كان "حزب الله" ركز على تبديل كافة خططه الأمنية منذ اغتيال العاروري، لكان جنّب نفسه الكثير من الصدمات الأمنية انطلاقاً من الضاحية التي تمثل "العقل الأمني" لـ"حزب الله"، لكن هذا الأمر لم يحصل فبقي الحزب على "الوتيرة" نفسها من ناحية عدم إيجاد معالجة حقيقية للخروقات الإسرائيلية. ما أجّج خطوة عدم المعالجة هو اغتيال الطويل بـ"عبوة" في جنوب لبنان. السؤال الذي يطرح هنا، لماذا لم تنفذ إسرائيل الضربة بطائرة مسيرة؟ لماذا خاطرت بـ"عميل" ليضع عبوة لسيارة الطويل؟ ما الهدف من ذلك؟ هنا، ترجح المصادر أن يكون الهدف هو إشاحة نظر "حزب الله" عن وجود عملاء في صفوفه ضمن الضاحية والقول إن العملاء "الفاعلين ميدانياً" يتواجدون في الجنوب، وبالتالي التسليم بـ"أريحية الوضع" ضمن بيروت وسط اشتعال الجبهة الجنوبية التي من الممكن أن تكون عنواناً لنشاط عملاء كُثر. هذه الفرضية لا يُمكن نفيها طالما أن "حزب الله" لم يكشف عن نتائج أي تحقيقات مرتبطة بالعمليات التي حصلت، لكن المصادر تعتبر أنَّ "الخروقات الأولى التي تعرض لها الحزب"، كانت تفترض حصول تدقيق جديد في آليات العمل، لكن هذا الأمر لم يتحقق بدليل أن كافة المراكز بقيت على حالها ولم يجر تبديلها بشأن أي قيادي من القيادات. السؤال الأكثر إثارة هنا هو التالي: ما الذي دفع "حزب الله" للإسترخاء إستخباراتياً؟ الإجابة هنا تحتملُ وجهين: إما أن التضليل جاء من الداخل عبر جهاتٍ أمنية تمثل "الخرق الأساسي" وهدفها طمأنة الحزب إلى عدم وجود أي مشكلة، وإما أن الحزب "ارتبك" فعلاً بثغرات كبيرة وحاول معالجتها لكنه لم ينجح. في كلتي الحالتين، النتائج العسكرية التي شهدها "حزب الله" تكشف عن خطر كبير هدده قيادياً، وهو الأمر الذي تحدث عنه أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأخير حينما أكد أن الحزب لم يكن يتوقع اغتيال القادة بالسرعة التي حصلت إزاء انكشاف معلوماتي "لم يُعالج بتاتاً خلال الحرب"، وهنا الثغرة الأخطر والأعمق التي هزّت كيان "حزب الله" منذ تأسيسه. المصدر: خاص "لبنان 24"