الحرب في السودان تحرم الشباب من الأمل في التعليم
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
يواجه جيل كامل من الشباب السوداني مستقبلاً قاتماً مع استمرار العنف في السودان في حرمان الملايين من التعليم.
التغيير ــ وكالات
عندما أُعلن عن اسم إبراهيم عبد الرحمن في الإذاعة الوطنية باعتباره الطالب الأول على مستوى البلاد في امتحانات الثانوية العامة لعام 2020، احتفل الجميع بإنجازه في قريته الجبلية الصغيرة؛ الدمبيري بولاية شمال كردفان السودانية.
قال إبراهيم: “لم يصدق رفاقي الخبر.. هرعت لأبشر والدي ووالدتي بأنني حققت أعلى نتيجةٍ على مستوى السودان”.
وصف إبراهيم أيضاً أجواء البهجة التي عمت القرية عندما زار القادة المحليون – بما في ذلك مسؤولون حكوميون – مدرسته في اليوم التالي لكي يهنئوه على إنجازه.
وقال: “لقد كانت لحظاتٍ مفعمة بالسعادة بالنسبة إلي”.
أحلام معلقةوعندما سمع إبراهيم الخبر، أدرك ما يريد أن يفعله بعد ذلك بالتحديد. ففي العام التالي، التحق بجامعة الخرطوم لدراسة الزراعة، والسعي لتحقيق حلمه بأن يصبح وزيراً للزراعة في البلاد يوماً ما.
ولكن حلم إبراهيم اصطدم بواقعٍ مفاجئٍ بعد عامين فقط، عندما اندلعت معارك عنيفة في العاصمة الخرطوم.
وأضاف إبراهيم: “كنا نأمل بتحسن الأوضاع، كي نتمكن من مواصلة عملنا وتعليمنا، إلا أنّ القتال ازداد حدةً يوماً تلو الآخر. وبعد شهر فقط، اتخذت القرار بالعودة إلى دياري في شمال كردفان.. حيث توجد عائلتي”.
تسببت الحرب في السودان – وهي في عامها الثاني الآن – بتعطيل التعليم لملايين الشباب. فبحسب ما أوردته الأمم المتحدة، لا يتمكن أكثر من 90% من أطفال السودان في سن الدراسة – الذين يصل عددهم إلى 19 مليون طفل – من الوصول إلى التعليم الرسمي.
وقالت كريستين هامبروك، ممثلة مفوضية اللاجئين في السودان: “بحرمانهم من التعليم، يسرق الصراع المستقبل من أيدي الأطفال والشباب.. إن تعليم قادة المستقبل في البلاد – مثل إبراهيم – عرضة للخطر، وأحلامهم تتحطم نتيجة العنف والنزوح”.
أكبر أزمة نزوحمنذ 15 أبريل 2023 – عند اندلاع الحرب – اضطر أكثر من 10 ملايين شخص للفرار من ديارهم في السودان، ويشمل هذا الرقم أكثر من مليوني شخصٍ عبروا الحدود إلى الدول المجاورة سعياً للأمان. وبذلك، أصبحت أزمة السودان أكبر أزمات النزوح في العالم.
في قرية إبراهيم الواقعة في ولاية شمال كردفان، كانت الجماعات المسلحة تنهب المحاصيل وتجبر السكان على الفرار من مزارعهم، فانضم مع أسرته إلى مئات العائلات من القرى المجاورة، وفروا للنجاة بأرواحهم.
بعد 15 يوماً من الترحال – والاختباء في الأدغال في بعض الأحيان – وصلوا إلى مدينة كوستي في ولاية النيل الأبيض.
وقال إبراهيم: “شعرت بالارتياح لوصولنا إلى بر الأمان.. نحن ممتنون جداً لأولئك الذين قدموا لعائلتنا وللآخرين الغذاء والمأوى عند وصولنا إلى هنا”.
في ولاية النيل الأبيض وحدها، يعيش 1.3 مليون سوداني في مخيمات النزوح أو في ضيافة المجتمعات المحلية.
ويشكل هذا التدفق غير المسبوق ضغطاً على الموارد المجتمعية والخدمات العامة المحدودة أصلاً، مثل الرعاية الصحية والموارد المائية.
تعمل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالتنسيق مع الحكومة وغيرها من الوكالات الإنسانية على توفير المساعدات المنقذة للحياة للنازحين مثل إبراهيم وأسرته، مثل الغذاء والمياه والرعاية الصحية والمستلزمات المنزلية والمساعدات النقدية. ولكن الاحتياجات تتضاعف كل يوم.
وأضافت هامبروك: “لا تملك المفوضية والمنظمات الإنسانية الأخرى في السودان الموارد الكافية للوصول حتى إلى الأشخاص الأكثر ضعفاً. ونحن بحاجة ماسة إلى مزيدٍ من الدعم لتوسيع نطاق استجابتنا”.
مستقبل ضائع
تحولت المدارس في مختلف أنحاء البلاد من أماكن للتعلم إلى مآوٍ للنازحين. وتعيش أسرة إبراهيم الآن في مدرسة ابتدائية حيث يمكث ما يصل إلى 80 شخصًا في فصل دراسي واحد دون أي خصوصية أو مساحة كافية للنوم. وتغطي أحد الجدران آثار الدخان الأسود من النار المفتوحة التي تستخدمها الأسر لطهي وجباتها معاً.
كل يوم يستيقظ فيه إبراهيم داخل هذا الفصل الدراسي، أصبح تذكيراً صارخاً بالتعليم الذي يفتقده، لكنه لم يتخلى عن أحلامه بالكامل.
وقال إبراهيم: “إنني آمل بتحسن الوضع في السودان وبتوقف الحرب يوماً ما.. عندها سنعود إلى حياتنا المعتادة وإلى جامعاتنا”.
واختتم الشاب حديثه قائلاً: “ما زال الأمل لدي بأن أصبح وزيراً للزراعة أو خبيراً اقتصادياً”.
الوسومالتعليم الحرب السودان الشباب نزوحالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: التعليم الحرب السودان الشباب نزوح
إقرأ أيضاً:
تطورات الأحداث والطريق لوقف الحرب والديمقراطية
بقلم: تاج السر عثمان
١
اشرنا سابقا بعد دخول الحرب اللعينة شهرها ال ٢٢ الي اهمية وقف الحرب واسترداد الثورة، وتوصيل المساعدات الإنسانية. فقد أكدت تطورات الأحداث إنها حرب لتصفية الثورة، وبدعم من المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب مثل: الإمارات، مصر، روسيا، إيران، تركيا. الخ، و امتدادا لحرب روسيا - أوكرانيا، وغزة لنهب ثروات الشعوب، وتفكيك الجيوش الوطنية للدول العربية ونهب ثرواتها وجعلها تابعة مرتهنة للخارج في نظام النيوليبرالية الجديد، وتفكيكها إلى دويلات على أسس دينية واثنية، لا حول لها ولا قوة ليسهل إخضاعها، في إطار الصراع الدولي لنهب الموارد ، ومحاصرة الصين. الخ، فضلا عن الهدف لنهب ثروات البلاد وإيجاد موطئ قدم على البحر الأحمر.
كما أكدت تطورات الأحداث صعوبة الحل العسكري ولا بديل غير التفاوض لوقف الحرب، وكشفت المصالح الطبقية لطرفي الحرب للوصول للسلطة ونهب ثروات البلاد، كما هو في الفساد الذي يزكم الانوف في حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، واستمرار تهريب الذهب وبقية موارد البلاد، وفرض الضرايب والرسوم الباهظة لتهريب الحرب، وتدهور الأوضاع المعيشية والصحية حتى أصبحت المجاعة تهدد أكثر من ٢٥ مليون سوداني حسب بيانات الأمم المتحدة، فهي بحق حرب بهدف السلطة والثروة وتصفية الثورة.
كما تستمر الضغوط الخارجية على الطرفين لوقف الحرب والتسوية السياسية وتوصيل المساعدات الإنسانية، مع فشل كل المبادرات والمنابر السابقة، علما بأن الحل العسكري الذي يطرحه الإسلاميون بعيد المنال، وهدفهم من الحرب العودة للسلطة بعد أن انكشفت كل أكاذيبهم حول "حرب الكرامة" ، الدعم السريع من صناعتهم، ولا يوجد تناقض اساسي بين قيادتي الطرفين المتحاربين، الذين تورطوا في جرائم الحرب، كما في الإبادة الجماعية والتهجير القسري، والعنف الجنسي، والتطهير العرقي، وتدمير البنيات التحتية ومرافق الدولة الحيوية والمصانع والأسواق والبنوك ومواقع الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي، اضافة لحملة الاعتقالات والتعذيب والاغتيالات للمعارضين السياسيين ولجان المقاومة والناشطين في لجان الخدمات، و المحاكمات والمذابح الجارية من الإسلامويين كم حدث في مدني، بهدف تصفية الحسابات السياسية مع الثوار، وسخرية كتاب البراء ابن مالك من الثورة والثوار ورموزها في الجداريات والشهداء ، الذي وجد استنكارا واسعا من جماهير شعبنا، مما أكد ان جذوة الثورة مازالت متقدة.
تتزايد الضغوط الدولية لوقف الحرب والإبادة الجماعية والمآسي الانسانية، كما برز من دعوة المحكمة الجنائية الدولية لتسليم مجرمي الحرب، والمطالبة بالتحقيق في جرائم الابادة الجماعية في الجنينة، اضافة للعقوبات الأمريكية على قيادة طرفي الحرب، و باعتبار أن الطرفين ارتكبا جرائم حرب. مما يتطلب لضمان الاستقرار في السودان خروج الدعم السريع والجيش من السياسة والاقتصاد، وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي .
٢
الطريق لوقف الحرب لايمكن بعد التجربة المريرة السابقة ان يمر عبر تكرار التسوية والشراكة مع العسكر والدعم السريع مرة أخرى، التي تعيد إنتاج الأزمة والحرب مرة أخرى، والإفلات من العقاب، كما حدث في فشل تجربة الوثيقة الدستورية التى انتهت بانقلاب ٢٥ أكتوبر 2021، وتجربة الاتفاق الإطاري التي أدت للحرب اللعينة الجارية حاليا. فهي حرب كما أوضحنا سابقا لتصفية الثورة، وبالوكالة بين المحاور الاقليمية والدولية الهادفة لنهب ثروات البلاد. إضافة لخطر تحولها لحرب أهلية وعرقية واثنية تهدد وحدة الوطن، فضلا عن خطر انتقالها للبلدان المجاورة.
لقد أدت الحرب لتصدعات في طرفي الحرب وانهكت الطرفين، وأدت لتصدعات في تحالف " تقدم"، بعد نشوب الخلاف حول حكومة الدعم السريع الموازية التي تهدد وحدة البلاد.
تعزز تطورات الأحداث ضرورة الخروج من الحلقة الجهنمية للانقلابات العسكرية التي دخلت فيها البلاد منذ الاستقلال، وأخذت أكثر من ٥٨ عاما من عمر الاستقلال البالغ أكثر من٦٩ عاما ، والسير قدما في ترسيخ الحكم المدني الديمقراطي والسلام، والتداول الديمقراطي للسلطة، والحل الداخلي بديلا للحلول الخارجية التي أكدت فشلها كما اوضحنا سابقا.
٣
أكدت تطورات الأحداث ضرورة تعزيز وتقوية التحالف الجماهيري القاعدي لوقف الحرب واسترداد الثورة، الذي يستند إلى مواثيقنا وتجاربنا السابقة وإضافة المستجدات لها، والإصرار على تنفيذ الميثاق ومهام الفترة الانتقالية، ويسير قدما بعد إسقاط حكومة الأمر الواقع الانقلابية نحو اقامة البديل المدني الديمقراطي الهادف لترسيخ الديمقراطية ودولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن العرق أو اللون أو العقيدة أو الفكر السياسي والفلسفي ، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها مثل:
وقف الحرب واسترداد الثورة، والتمسك بوحدة البلاد وسيادتها الوطنية، والوقوف سدا منيعا ضد الحكومة الموازية التي تهدد وحدة البلاد.
– توصيل المساعدات الإنسانية، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تدهورت ، وصرف مرتبات العاملين، وتركيز الأسعار مع زيادة الأجور التي تآكلت، ودعم الإنتاج الزراعي والسلع الأساسية، وزيادة ميزانية التعليم والصحة وتوفير الدواء وإعادة تأهيل المستشفيات والمؤسسات التعليمية ، واعمار ما دمرته الحرب .
– خروج الدعم السريع والجيش من السياسة والاقتصاد، والترتيبات الأمنية لحل المليشيات (دعم سريع ومليشيات الكيزان وجيوش الحركات، وكل المليشيات التي تكاثرت ) وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية .
– المحاسبة وعدم الافلات من العقاب، بتقديم مجرمي الحرب والجرائم ضد الانسانية للمحاكمة.
- إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات.وإجازة قانون ديمقراطي للنقابات يؤكد ديمقراطية و استقلالية العمل النقابي، وإصلاح النظام القانوني والعدلي والأمني، وتكريس حكم القانون، وإعادة هيكلة الشرطة وجهاز الأمن ليصبح لجمع المعلومات ، وتحقيق قومية ومهنية الخدمة المدنية والقوات النظامية ، وعودة المفصولين من العمل مدنيين وعسكريين، وتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية الدولية، وتكوين المجلس التشريعي والمفوضيات.
ج – تحقيق السلام بالحل الشامل والعادل الذي يخاطب جذور المشكلة وينجز التحول الديمقراطي ، ودولة المواطنة التي تسع الجميع.
- تفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة.
- التنمية المتوازنة، وتحديد نصيب المجتمعات المحلية من عائدات الذهب والبترول.الخ لتنمية مناطقها، والعدالة والمحاسبة على جرائم الحرب والابادة الجماعية
– عودة النازحين لقراهم ومناطقهم ومنازلهم، وتوفير الخدمات لهم ” تعليم ، صحة، مياه، كهرباء، خدمات بيطرية.الخ”، حل كل المليشيات وجمع السلاح ، وقيام المؤتمر الجامع الذي يشارك فيه الجميع من حركات وقوي سياسية ومنظمات مدنية وجماهير المعسكرات، للوصول للحل الشامل الذي يخاطب جذور المشكلة، ووقف التدخل الخارجي..
– تحقيق السيادة الوطنية والعلاقات الخارجية المتوازنة
مع كل دول العالم، وعدم التدخل في شؤون الدول الأخري والابتعاد عن الأحلاف العسكرية وعدم قيام القواعد العسكرية ، واستعادة كل الأراضي السودانية المحتلة.
– قيام المؤتمر الدستوري الذي يحدد شكل الحكم في البلاد، وهوّية البلاد وعلاقة الدين بالدولة.الخ، والتوافق على دستور ديمقراطي وقانون انتخابات ديمقراطي ، يتم علي أساسه انتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، وغير ذلك من أهداف الثورة وقضايا الفترة الانتقالية
alsirbabo@yahoo.co.uk