تُعرف الدواوين الشعرية وكتب الأدب واللغة عامة بكونها مصدرا مهما من مصادر التأريخ، لا سيما أن بعض الأحداث التاريخية لم تكتمل إلا بما جاء في أشعار العرب عنها، وامتدّ الأمر كذلك إلى التأريخ في صدر الإسلام، فنظرة سريعة على كتاب (المغازي) لابن إسحاق وكتاب (السيرة النبوية) لابن هشام كفيلة بتبيان أهمية الشعر العربي والأبيات المتفرقة في أمهات الكتب في مجال تأريخ الأحداث والوقائع وتصويرها واستكمال ما غاب منها في المصادر التاريخية المختلفة.

وبالنظر إلى الأحاديث النبوية أيضا نجد اهتماما خاصا من الإمام البخاري في صحيحه بالشعر والاستشهاد به، إذ نجد لديه بابا تحت عنوان (ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه).

كما نجد في طيات دواوين أشهر الشعراء في صدر الإسلام أمثال حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك كثيرا من الدقائق والتفاصيل التي غاب ذكرها عن سواها من الكتب والمراجع، وللدواوين الشعرية على غيرها من كتب الأدب والأخبار درجة، فالكتب النثرية تحوي الشاذ والغريب والطريف من الأخبار، وقد لا يُعنى الكاتب بتتبع نسبة الأشعار ومصداقية الروايات التي يثبتها، في حين يبدو ذلك في الدواوين الشعرية أقل بكثير.

يُعد الشعر العربي وثيقة تاريخية مهمة لأنه أشبه بمرآة للحياة تعكس الواقع انعكاسا لا يصورها تصويرا حرفيا دقيقا، لكنه يعكس صورتها وفقا للشاعر، فنفسه ورؤيته وأهواؤه وأفكاره كلها حاضرة في ثنايا كلماته، لكن الشعر يبقى على الرغم من ذلك انعكاسا عاما لوقائع الحياة الاجتماعية، فكثيرا ما صور المعارك وساحات الوغى وبسالة الأبطال والمحاربين والمجاهدين في سبيل إعلاء كلمة أو فكرة أو موقف، ولطالما أشاد بأسماء معينة وحدد الأماكن والأزمان بعينها، ففي أشعار صدر الإسلام نجد إشادة بأمجاد العرب من جهة وأمجاد المسلمين وبطولاتهم من جهة ثانية، فالشعر -كما يقال دوما- ديوان العرب وسجلهم الذي حفظ تراثهم وتاريخهم وخلد أمجادهم وبطولاتهم، وتغنى بأخلاقهم وما كانوا يفخرون به في ذلك الزمان، وهو ينبوع عذب من الينابيع التي حفظت جمال اللغة العربية وبيّنت فرادتها وأثبتت أصالتها.

تنبّه محمد بن إسحاق (151هـ) لأهمية الشعر في أثناء روايته لأحداث السيرة النبوية، فدعّم حديثه بالاستشهاد بالأشعار التي تتعلق بما يرويه من أحداث، وكان منهجه في ذلك أنه ينقل عقب كل حدث مهم يرويه ما قيل فيه من أشعار، كحديثه عن الغزوات الشهيرة في تاريخ الإسلام، غزوة بدر 2هـ وغزوة أُحد 3هـ وغزوة الخندق 5هـ، وغير ذلك كفتح مكة عام 8هـ. ومثله في ذلك ابن هشام (218هـ) الذي رتّب ما جاء به ابن إسحاق وهذبه، فحذف من الأشعار ما لم يتأكد من صحته وسنده ونسبته وما شك بمصداقيته. وبالنظر إلى تاريخ الطبري (310هـ) نلحظ أنه اعتمد على الشعر أيضا في كثير من الأخبار قبل الإسلام وبعده، لا سيما تلك التي تتعلق بذكر الملاحم والانتصارات، ونلحظ أيضا أنه اهتم بأشعار الهجاء والمراثي اهتماما كبيرا، لأنها –غالبا- تخلّد مآثر الأشخاص الذين تركوا أثرا حقيقيا في صفحة التاريخ.

وتتجلّى جمالية الاستشهاد بالأشعار في تأريخ أحداث السيرة النبوية في كتاب السّهيلي 581هـ (الروض الأنف)، الذي شرح فيه كتاب السيرة النبوية لابن هشام، فشرح الأبيات الشعرية وعلق عليها وفسر غريب الكلمات فيها، وعلق على بعض الأحداث، فجاء كتابه أشبه بموسوعة تاريخية تروي أحداث السيرة النبوية وتقدمها بقالب لغوي مميز وثريٍّ بفوائده اللغوية والأدبية والبلاغية.

وهناك من الشعراء من انبرى لتأريخ أحداث السيرة النبوية كاملة فنظمها بقالب شعري فريد، كعبد العزيز بن أحمد المعروف بسعد الديري 607هـ، وأبي الحسن فتح بن موسى القصري 668هـ، وابن الشهيد 793هـ وغيرهم، ولعلّنا نستعرض فيما يأتي بعضا من النماذج التي أرّخت لتفاصيل مهمة من السيرة النبويّة شعرًا، للدلالة على دور الشعر في عملية التوثيق والتأريخ.

حسان بن ثابت يؤرخ غزوة بدر شعرًا:

جاء في سيرة ابن هشام نقلا عن سيرة ابن إسحاق أبيات شعرية لشاعر رسول الله حسان بن ثابت وهو يتحدث عن قتلى المشركين الذين أمر رسول الله أن يطرحوا في القليب بعد غزوة بدر، إذ بدأ حسان قصيدته بقوله:

عَرَفتَ دِيارَ زَينَبَ بِالكَثيبِ
كَخَطِّ الوَحيِ في الرَقِّ القَشيبِ

ثم ينتقل لوصف ما جرى بين المسلمين والمشركين في غزوة بدر مفتخرا بانتصار المسلمين قائلا:

وَخَبِّر بِالَّذي لا عَيبَ فيهِ

بِصِدقٍ غَيرِ إِخبارِ الكَذوبِ

 

بِما صَنَعَ المَليكُ غَداةَ بَدرٍ

لَنا في المُشرِكينَ مِنَ النَصيبِ

 

غَداةَ كَأَنَّ جَمعَهُمُ حِراءٌ

بَدَت أَركانُهُ جُنحَ الغُروبِ

 

فَلاقَيناهُمُ مِنّا بِجَمعٍ

كَأُسدِ الغابِ مِن مُردٍ وَشيبِ

 

أَمامَ مُحَمَّدٍ قَد آزَروهُ

عَلى الأَعداءِ في رَهجِ الحُروبِ

 

بِأَيديهِم صَوارِمُ مُرهَفاتٌ

وَكُلُّ مُجَرَّبٍ خاظي الكُعوبِ

 

بَنو الأَوسِ الغَطارِفِ آزَرَتها

بَنو النَجّارِ في الدينِ الصَليبِ

 

وجاء في السيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف أمام قتلى المشركين في القليب وخاطبهم بقوله: "يا أهل القليب، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا"، فذكر حسان هذا الموقف في قصيدته قائلا:

فَغادَرنا أَبا جَهلٍ صَريعا

وَعُتبَةَ قَد تَرَكنا بِالجَبوبِ

 

وَشَيبَةَ قَد تَرَكنا في رِجالٍ

ذَوي حَسَبٍ إِذا اِنتَسَبوا حَسيبِ

 

يُناديهِم رَسولُ اللَهِ لَمّا

قَذَفناهُم كَباكِبَ في القَليبِ

 

أَلَم تَجِدوا حَديثِي كانَ حَقّا

وَأَمرُ اللَهِ يَأخُذُ بِالقُلوبِ

 

فَما نَطَقوا وَلَو نَطَقوا لَقالوا

صَدَقتَ وَكُنتَ ذا رَأيٍ مُصيبِ

 

عبد الله بن رواحة يؤرّخ لحادثة توديع الصحابة لهم يوم مؤتة

جاء في سيرة ابن هشام أن الناس تجهزوا للخروج يوم مؤتة وهم آنذاك 3 آلاف، فحين "حضر خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم. فلما ودع عبد الله بن رواحة من ودع من أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى، فقالوا: ما يبكيك يا ابن رواحة؟ فقال: أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله عز وجل يذكر فيها النار ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا﴾ فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود، فقال المسلمون: صحبكم الله ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين". فأجابهم عبد الله بن رواحة متمنيا الشهادة في سبيل الله:

لَكِنَّني أَسأَلُ الرَحمَنَ مَغفِرَةً

وَضَربَةً ذاتَ فَرغٍ تَقذِفُ الزَبَدا

 

أَو طَعنَةً بِيَدَي حَرّانَ مُجهِزَةً

بِحَربَةٍ تُنفِذُ الأَحشاءَ وَالكَبِدا

 

حَتّى يُقالَ إِذا مَرّوا عَلى جَدَثي

أَرشَدَهُ اللَهُ مِن غازٍ وَقَد رَشَدا

 

تأريخ حسان بن ثابت لتفاصيل خروج النبي صلى الله عليه وسلم لفتح مكة المكرمة

في العام السابع للهجرة عقد اتفاق بين رسول الله وقريش على أن يعود بالمسلمين إلى المدينة المنورة هذا العام، ويسمح لهم بدخول مكة العام القادم للحج، لكن قريشا نقضت عهدها فدخل المسلمون مكة بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عام فاتحين، وكان حسان بن ثابت سيفا إعلاميا وناطقا رسميا بلسان المسلمين، فأمره رسول الله أن يهجو المشركين من سادات قريش فوقع الهجاء عليهم أشد من وقع السيوف والنّبال آنذاك، فقال حسان قصيدته الشهيرة:

عَدِمنا خَيلَنا إِن لَم تَرَوها

تُثيرُ النَقعَ مَوعِدُها كَداءُ

 

يُبارينَ الأَسِنَّةِ مُصغِياتٍ

عَلى أَكتافِها الأَسَلُ الظِماءُ

 

تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ

تُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِساءُ

وقد بيّن حسان موقف المسلمين وإصرارهم على دخول مكة وأداء العمرة، وأنهم جاهزون هذا العام للقتال إن لم يسمح لهم بالدخول، إذ قال:

فَإِمّا تُعرِضوا عَنّا اِعتَمَرنا

وَكانَ الفَتحُ وَاِنكَشَفَ الغِطاءُ

 

وَإِلّا فَاِصبِروا لِجَلادِ يَومٍ

يُعينُ اللَهُ فيهِ مَن يَشاءُ

 

وَقالَ اللَهُ قَد يَسَّرتُ جُندا

هُمُ الأَنصارُ عُرضَتُها اللِقاءُ

 

لَنا في كُلِّ يَومٍ مِن مَعَدٍّ

قِتالٌ أَو سِبابٌ أَو هِجاءُ

 

فَنُحكِمُ بِالقَوافي مَن هَجانا

وَنَضرِبُ حينَ تَختَلِطُ الدِماءُ

ثم يتابع حسان في القصيدة نفسها ويهجو أبا سفيان ردا على هجائه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤرّخ لبعض التفاصيل التي تتعلق بالأحلاف ومصيرها:

أَلا أَبلِغ أَبا سُفيانَ عَنّي

فَأَنتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواءُ

 

هَجَوتَ مُحَمَّدا فَأَجَبتُ عَنهُ

وَعِندَ اللَهِ في ذاكَ الجَزاءُ

 

أَتَهجوهُ وَلَستَ لَهُ بِكُفءٍ

فَشَرُّكُما لِخَيرِكُما الفِداءُ

 

هَجَوتَ مُبارَكا بَرّا حَنيفا

أَمينَ اللَهِ شيمَتُهُ الوَفاءُ

 

فَمَن يَهجو رَسولَ اللَهِ مِنكُم

وَيَمدَحُهُ وَيَنصُرُهُ سَواءُ

 

فَإِنَّ أَبي وَوالِدَهُ وَعِرضي

لِعِرضِ مُحَمَّدٍ مِنكُم وِقاءُ

 

فَإِمّا تَثقَفَنَّ بَنو لُؤَيٍّ

جَذيمَةَ إِنَّ قَتلَهُمُ شِفاءُ

 

أولَئِكَ مَعشَرٌ نَصَروا عَلَينا

فَفي أَظفارِنا مِنهُم دِماءُ

 

وَحِلفُ الحَرِثِ اِبنِ أَبي ضِرارٍ

وَحِلفُ قُرَيظَةٍ مِنّا بُراءُ

ويفتخر حسان بشعره وقوة لسانه الذي سخره في سبيل الدفاع عن الإسلام والذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول:

لِساني صارِمٌ لا عَيبَ فيهِ

وَبَحري لا تُكَدِّرُهُ الدِلاءُ

خبيب بن عدي رضي الله عنه يوثق حادثة إعدامه شعرًا

خبيب بن عدي صحابي من الأوس، كان في البعثة التي أرسلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجد ليقرؤوا القرآن على الناس ويفقهوهم في الدين ويعلموهم شرائع الإسلام، فحين وصلوا إلى الرجيع، وهو ماء لهذيل بين عسفان ومكة، أُحيط بهم غدرا، فصار الصحابة بين قتيل وأسير. وأُسر خبيب بن عدي آنذاك وجيء به إلى مكة ليباع، فاشتراه رجل ليأخذ بثأر أبيه الذي قتله خبيب في غزوة بدر، وحين خرجوا به إلى التنعيم (خارج حدود الحرم)، طلب منهم أن يسمحوا له بصلاة ركعتين قبل تنفيذ حكم القتل فيه فسمحوا له بذلك، واجتمع كثير من الناس ليحضروا مصرعه، وحين رفع إلى خشبته موثقا مكبلا أنشد قائلا:

لقد جمّع الأحزاب حولي وألّبوا

قبائلهم واستجمعوا كل مَجمعِ

 

وكلّهم مُبدي العداوة جاهدٌ

عليّ لأني في وَثاقي بمضيع

 

وقد جمّعوا أبناءهم ونساءهم

وقُربت من جذع طويل مُمنّع

 

إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي

وما أرصدَ الأحزابُ لي عند مَصرعي

 

فذا العرشِ صبّرني على ما يُراد

بي فقد بضّعوا لحمي وقد ياس مطمعي

 

وذلك في ذات الإله وإن يشأ

يبارك على أوصالِ شلو ممزّع

 

وقد خيروني الكفرَ، والموت دونه

وقد هملت عيناي من غير مجزع

 

وما بي حِذارُ الموت، إني لميّتٌ

ولكن حذاري جحم نار مُلفع

 

فلست أبالي حين أقتل مسلما

على أيّ جنبٍ كان في الله مصرعي

 

ولست بمبدٍ للعدو تخشّعا

ولا جزِعا، إنّي إلى الله مَرجعي

فضالة بن عمير الليثي يوثق تفاصيل فتح مكة وما تبعها من محاولة اغتياله للنبيّ صلى الله عليه وسلم شعرًا

وردت في سيرة ابن هشام حادثة محاولة اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أراد فضالة بن عمير بن الملوح الليثي "قتل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت عام الفتح، فلما دنا منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفضالة؟ قال : نعم فضالة يا رسول الله، قال : ماذا كنت تحدث به نفسك؟ قال : لا شيء كنت أذكر الله، قال : فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: استغفر الله. ثم وضع يده على صدره فسكن قلبه، فكان فضالة يقول: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شيء أحب إلي منه. قال فضالة: فرجعت إلى أهلي فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها فقالت: هلم إلى الحديث، فقلت: لا". وراح فضالة ينشد قائلا :

قالت هلمّ إلى الحديث فقلت لا

يأبى عليك الله والإسلامُ

 

لوما رأيت محمدًا وقبيله

بالفتح يوم تكسر الأصنامُ

 

لرأيت دين الله أضحى بينا

والشرك يغشى وجهه الإظلامُ

الصحابة رضي الله عنهم يوثقون حادثة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم الرفيق الأعلى فتوفي في يوم الاثنين في شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة بلا خلاف، وهو في الثالثة والستين من عمره، وكان وقع الخبر على الصحابة الكرام عظيما، فاختلفت ردودهم، وتباينت مشاعرهم، واختلطت أفكارهم، ودهمهم الجزع آنذاك حتى أنزل الله سكينته عليهم، وكان منهم أن أنشدوا في توثيق وفاته أشعارا تفيض بما اعتمل في صدورهم من حزن وأسى، فها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول مؤرخا لوفاته صلى الله عليه وسلم:

فُجعنا بالنبي وكان فينا

إمام كرامة نِعْمَ الإمام

 

وكان قوامنا والرأسَ منا

فنحن اليوم ليس لنا قوامُ

 

نموج ونشتكي ما قد لقينا

ويشكو فقده البلدُ الحرام

 

فلا تبعد فكل كريم قوم

سيدركه ولو كره الحمام

 

فقدنا الوحي إذ وليتَ عنا

وودعنا من الله الكلام

 

لقد أورثتنا ميراثَ صدق

عليك به التحية والسلام

 

أما عمر بن الخطاب رضي الله عنه فرثى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن استكانت نفسه وهدأت وأيقنت بصدق الخبر وحق الأجل، قائلا:

ما زلتُ مذ وضع الفراش لجثته

وثوى، مريضا خائفا أتوقعُ

 

شفقا عليه أن يزول مكانه

عنا فيبقى بعده المتفجّع

 

فليبكه أهلُ المدينة كلهم

والمسلمون بكل أرض تجزع

 

نفسي فداؤك من لنا في أمرنا

أم من نشاوره إذا نتوجع

 

ولننظر إلى ما جادت به نفس علي بن أبي طالب رضي الله عنه حزنا وأسى حين وثق حادثة وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:

ألا طرق الناعي بليل فراعني

وأرّقني لما استقلّ مناديا

 

فقلت له لما رأيتُ الذي أتى

لغير رسول الله إن كنتَ ناعيا

 

فوالله لا أنساك أحمدُ ما مشت

بي العيس أو جاوزتُ في الأرض واديا

 

وكنت متى أهبط من الأرض تلعة

أرى أثرا منه جديدا وعافيا

 

جواد تشظى الخيلُ عنه كأنما

يرين به ليثا عليهن ضاريا

 

ليَبْكِ رسولَ الله خيلٌ كثيرة

تثير غبارا كالضبابة عاليا

 

أما حسان بن ثابت رضي الله عنه فأنشد واصفا حال المدينة يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وحال الصحابة وهم راجعون من دفنه، فقال:

بَطَيبَةَ رَسمٌ لِلرَسولِ وَمَعهَدُ

مُنيرٌ وَقَد تَعفو الرُسومُ وَتَهمَد

 

وَلا تَنْمَحي الآياتُ مِن دارِ حُرمَةٍ

بِها مِنبَرُ الهادي الَذي كانَ يَصعَدُ

 

وَواضِحُ آثارٍ وَباقي مَعالِمٍ

وَرَبعٌ لَهُ فيهِ مُصَلّى وَمَسجِدُ

 

بِها حُجُراتٌ كانَ يَنزِلُ وَسطَها

مِنَ اللَهِ نورٌ يُستَضاءُ وَيوقَدُ

 

ظَلَلتُ بِها أَبكي الرَسولِ فَأَسعَدَت

عُيونٌ وَمِثلاها مِنَ الجِفنِّ تُسعَدُ

 

أَطالَت وُقوفا تَذرِفُ العَينُ جُهدَها

عَلى طَلَلِ القَبرِ الَذي فيهِ أَحمَدُ

 

فَبورِكتَ يا قَبرَ الرَسولِ وَبورِكَت

بِلادٌ ثَوى فيها الرَشيدُ المُسَدَّدُ

 

وَبورِكَ لَحدٌ مِنكَ ضُمِّنَ طَيِّبا

عَلَيهِ بِناءٌ مِن صَفيحٍ مُنَضَّدُ

 

تَهيلُ عَلَيهِ التُربَ أَيدٍ وَأَعيُنٌ

عَلَيهِ وَقَد غارَت بِذَلِكَ أَسعُدُ

 

لَقَد غَيَّبوا حِلما وَعِلما وَرَحمَةً

عَشِيَّةَ عَلَّوهُ الثَرى لا يُوَسَّدُ

 

وَراحوا بِحُزنٍ لَيسَ فيهِم نَبيُّهُم

وَقَد وَهَنَت مِنهُم ظُهورٌ وَأَعضُدُ

 

يُبَكّونَ مَن تَبكي السَمَواتُ يَومَهُ

وَمَن قَد بَكَتهُ الأَرضُ فَالناسُ أَكمَدُ

 

وَهَل عَدَلَت يَوما رَزِيَّةُ هالِكٍ

رَزِيَّةَ يَومٍ ماتَ فيهِ مُحَمَّدُ

 

تَقَطَّعَ فيهِ مُنزَلُ الوَحيِ عَنهُمُ

وَقَد كانَ ذا نورٍ يَغورُ وَيُنجِدُ

 

يَدُلُّ عَلى الرَحمَنِ مَن يَقتَدي بِهِ

وَيُنقِذُ مِن هَولِ الخَزايا وَيُرشِدُ

 

إِمامٌ لَهُم يَهديهِمُ الحَقَّ جاهِدا

مُعَلِّمُ صِدقٍ إِن يُطيعوهُ يَسعَدوا

 

وبذا يمكننا القول إن الشّعر كان أحد أدوات التّاريخ الفريدة في توثيق أحداث سيرة النبيّ صلى الله عليه وسلّم، وكان شاهدَ عيان مصدَّقا، فالشّعرُ حين يوثّق السيرة النبويّة ويؤرّخ تفاصيلها يُعدّ وسيلة تخدم علم التّاريخ خدمة جليلة، إذ يقدَّم بوصفه وثيقة تاريخيّة يمكن للمؤرّخين أن يعتمدوا عليها وينطلقوا منها في توثيق التاريخ وقراءته وتحليله، إضافة إلى ما فيه من دفقات شعورية تهزّ قلب المتلقّي وتأسر روحه بعد أن تستقرّ في عقله ووعيه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات رسول الله صلى الله علیه وسلم النبی صلى الله علیه وسلم أحداث السیرة النبویة رضی الله عنه غزوة بدر سیرة ابن بن إسحاق ابن هشام الله م جاء فی فی الق

إقرأ أيضاً:

حكم بيع السجاد المكتوب عليه لفظ الجلالة

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم بيع السجاد المكتوب عليه لفظ الجلالة؟ فهناك رجلٌ يتاجر في السَّجَّادِ، ومنه سَجَّاد الصلاة المكتوب عليه كلمات للإهداء أو بعض الأسماء، مما يشتمل أحيانًا على لفظ الجَلَالَة -كما في بعض الأسماء المركبة مِن نحو عبد الله وغيرها- أو بعض الكلمات القرآنية، ويَبسُطُه المشتري على الأرض للصَّلاةِ عليه، فهل يحرُم عليه شرعًا بيع السَّجَّاد المشتمل على تلك الكلمات؟". 

لترد دار الإفتاء موضحة: ان تعظيم ما عَظَّمَه اللهُ تعالى وشَرَّفَه مِن الكلمات القرآنيَّة والأسماء الربانيَّة وما يتبع ذلك في الشرف والقدسيَّة الدِّينيَّة أمرٌ محتَّمُ الوجوب في الشريعة الإسلاميَّة، واشتمالُ ما يُفرش على الأرض -كالسجاد وغيره- على شيءٍ مِمّا عظَّمه الله وشرفه متنافٍ مع هذا التعظيم الواجب، والتوقير اللازم، ومن هذا المنطلق فإن بيع التاجر للسَّجاد المشتمل على كلماتٍ جليلةٍ مُعظَّمة في الشرع الشريف من نحو أسماء الله تعالى وآيات القرآن الكريم، لمَن يعلم أنه يستعمله بالبسط على الأرض ووطئه بالقدم في الصلاة أو غيرها -لا يجوز شرعًا باعتباره مُعِينًا له حينئذٍ على ارتكاب ما نهى عنه الشرعُ وحَرَّمه.

بيان أن الأصل في التجارة الحلّ والإباحة

التجارةُ بابٌ عظيمٌ مِن أبواب الكسب الطَّيِّبِ ما رُوعِيَت فيها أركانها وشروطها الشرعيَّة، ولم تتعارض مع مَقصِدٍ مِن مقاصد الشَّريعةِ المرعيَّة، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].

والأصل فيها الحِلُّ والإباحةُ إلا ما جاء الشرع بتحريمه؛ لعموم قول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة: 275]. فأصل البيوع كلِّها مباحٌ إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها، كما في "الأم" للإمام الشافعي رضي الله عنه (3/ 3، ط. دار المعرفة).

حكم الصلاة على السجاد والبساط
قد جرت العادة أن تُوضَع للصَّلاةِ الفُرُشُ المطهَّرةُ المجَمَّلةُ؛ طلبًا لطهارة المكان عن الدَّنَسِ والنَّجَس، المشروطةِ لصِحَّةِ الصَّلاةِ، وبدون الطهارة تَبطُلُ إجماعًا، كما في "الاستذكار" للإمام أبي عُمر ابن عبد البَر (1/ 332، ط. دار الكتب العلمية).

والصَّلاةُ على السَّجَّاد والبساطِ مشروعةٌ بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعن السيدة مَيْمُونَة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَأَنَا حِذَاءَهُ، وَأَنَا حَائِضٌ، وَرُبَّمَا أَصَابَنِي ثَوْبُهُ إِذَا سَجَدَ»، قَالَتْ: «وَكَانَ يُصَلِّي عَلَى الخُمْرَةِ» متفقٌ عليه. والخُمْرَةُ: "حَصِيرٌ صَغِيرَةٌ قَدْرُ مَا يُسْجَدُ عَلَيْهِ"، كما قال العلامة الفيومي في "المصباح المنير" (1/ 181، ط. المكتبة العلمية).

قال الإمام ابن بَطَّال في "شرح صحيح الإمام البخاري" (2/ 43، ط. مكتبة الرشد): [ولا خلاف بين فقهاء الأمصار في جواز الصلاة على الخُمْرَةِ] اهـ.

حكم استعمال السجاد المكتوب عليه لفظ الجلالة
اشتمال السجاد وما يوطأ على كتابةٍ فيها ذكر الله أو شيء من آياته مما اتفق على كراهته فقهاء المذاهب الفقهية الأربعة المتبوعة؛ وذلك خشية أن يوضع على الأرض فيُمتهن، إذ مِن المقرَّر أنَّ "القرآن وكل اسم معظَّمٍ -كاسم الله أو اسم نبيٍّ له- يجب احترامه وتوقيره وتعظيمه"، كما قال شيخ الإسلام ابن حَجَرٍ الهَيْتَمِي في "الفتاوى" (2/ 6، ط. المكتبة الإسلامية)، فثَبَتَت الكراهةُ خشية الوقوع في ذلك. ينظر: "فتح القدير" للإمام كمال الدين ابن الهُمَام الحنفي (1/ 169، ط. دار الفكر)، و"البحر الرائق" للإمام زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي (2/ 40، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"الشرح الكبير" للإمام أبي البَرَكَات الدَّرْدير المالكي -في بيان كراهة الكتابة على كلِّ موضِعٍ يُتَوقَّعُ فيه إهانةُ المكتوبِ بوطئه بالأقدام ونحو ذلك كالمقبرة- (1/ 425، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للإمام النَّوَوِي الشافعي (2/ 70، ط. دار الفكر)، و"الفروع" للإمام شمس الدين ابن مُفلِحٍ الحنبلي -في بيان كراهة الكتابة على الدراهم وما قد يُنْثَرُ فَيُمْتَهَن- (6/ 317، ط. مؤسسة الرسالة). فأفاد أن المكروه كتابة اسم الله تعالى على موضِع يصير فيه عرضةً للامتهان، وهو ما يشمل السجاد الموطوء بالأقدام.

والبساط المكتوب عليه ذكرٌ أو اسمٌ معظَّم ترتفع كراهة استعماله بانتفاء مَظنَّةِ الامتهان عنه، وثبوت تعظيمه وحفظه، قال العلامة علاء الدين الحصكفي في "الدر المختار" (ص: 30، ط. دار الكتب العلمية): [بساطٌ أو غيره كُتِبَ عليه "الملك لله" يُكرَه بَسطُه واستعماله، لا تعليقه للزِّينة.. قلت: وظاهره انتفاء الكراهة بمجرد تعظيمه وحفظه، عُلِّق أو لا، زُيِّن به أو لا] اهـ.

أمَّا استعماله في الصلاة عليه فلا يجوز شرعًا ما دام هذا السَّجاد مشتملًا على شيء من أسماء الله تعالى وآياته المُكَرَّمة المُعَظَّمة؛ لِمَا في القيام عليه ووطئه بالقدم من إظهار الابتذال، وانتفاء ما يتناسب مع ما لهذه الكلمات مِن قُدسيَّةٍ ووجوبِ إجلالٍ، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32]، وقال جَلَّ شأنُه وتعالى جَدُّه عن القرآن الكريم: ﴿فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ۝ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ﴾  [عبس: 13-14].

وعن أمير المؤمنين عُمر بن عبد العزيز أنه قال: "لَا تَكْتُبُوا الْقُرْآنَ حَيْثُ يُوطَأُ" أخرجه أبو عُبَيْد القاسم بن سلَّام في "فضائل القرآن"، وابن بطة في "الإبانة"، والحافظ المُسْتَغْفِرِي في "فضائل القرآن" وبوَّب له بقوله: "باب ما جاء في النهي عن كتابة القرآن على الأرض أو على شيءٍ يُوطَأُ تعظيمًا له".

حكم بيع السجاد المكتوب عليه لفظ الجلالة
المقرَّر في الأصل أن البائِع لا يجب عليه أن يسأل المشتري عن قصدِه في استعمال ما يبيعه له مِن السِّلع أو أن يُلزِمَه باستعمالٍ محدَّدٍ، فإذا كان للشيء استعمالان فالمؤاخذة في الاستعمال المنهي عنه إنما تتوجه إلى الذي أقدَمَ عليه مختارًا وَحْدَه؛ فالحُرمَة إذا لم تَتَعَيَّن حَلَّت، ولا يَضُر البائعَ استعمالُ المشتري للمُباع على نحوٍ منهي عنه حينئذٍ، كما قرَّره فقهاء الحنفية وهو المختار للفتوى؛ إِذ "لَا فَسَادَ فِي قَصدِ البَائِع، فإنَّ قَصْدَه التِّجَارَةُ بالتَّصرُّف فيما هو حلالٌ لِاكتِسَابِ الرِّبِح، وَإنمَا المُحَرَّم قَصدُ المُشتَرِي" إنِ استَعمَله في الحرام، كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي (24/ 6، ط. دار المعرفة).

فإن تَيَقَّن البائع أن استعمال المشتري للسلعة مما هو منهيٌّ عنه شرعًا -كما في مسألتنا- مُنِعَ مِن بيع تلك السلعةِ له على جهةِ التحريم عند جمهور الفقهاء من المالكيَّة والشافعيَّة والحنابلة، وهو الأنسب في خصوص مسألتنا؛ سدًّا لذريعة الإعانة على الإخلال بحقِّ ما عَظَّمَه اللهُ وشَرَّفَه مِن كلمات الذكر والتنزيل وما يماثل ذلك مِن الأسماء المعظَّمةِ، مما يترتب عليه اقترافُ السيئات، والتلبُّسُ بالمَنَاهي والمُحرَّمات، ورفعُ مهابة المقدَّسات من النفوس، وقلة الحرص على صَونها وتعظيمها.

قال تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]، و"الدَّالُّ عَلَى الشَّرِّ كَصَانِعِهِ"، كما قال الإمام القُرْطُبِي في "الجامع لأحكام القرآن" عند تفسير هذه الآية (6/ 47، ط. دار الكتب المصرية).

قال العلامة أبو العباس الصَّاوِي المالكي في "حاشيته على الشرح الصغير" (3/ 20، ط. دار المعارف): [يُمنع بيعُ كلِّ شيءٍ عُلم أن المشتري قَصَد به أمرًا لا يجوز] اهـ.

وقال الإمام النَّوَوِي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 98، ط. دار الفكر): [ومِن المنهي عنه: ما لا يَبطُل؛ لرجوعه إلى معنى يقترن به، كبيع حاضر لباد.. وبيع الرطب والعنب لعاصِرِ الخمر] اهـ. فأفاد أن النهي لاشتماله على المعنى المنهي عنه شرعًا، وهو هنا الإعانة على غير المشروع أو التسبب فيه.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "فتح الوهاب" (1/ 197، ط. دار الفكر) في ذكر البيوع المنهي عنها: [(وبيع نحو رُطَبٍ) كعنبٍ (لمتخذه مُسْكِرًا) بأن يعلم منه ذلك أو يظنه، فإن شك فيه أو توهَّمَه منه فالبيع له مكروه، وإنما حَرُم أو كُرِه لأنه سببٌ لمعصيةٍ محقَّقةٍ أو مظنونةٍ، أو لمعصيةٍ مشكوكٍ فيها أو متوهَّمة] اهـ. فأفاد النهي عن بيع ما يستعمل على نحوٍ منهي عنه شرعًا.

وقال الإمام موفق الدين ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (4/ 168، ط. مكتبة القاهرة): [إنما يَحرُم البيعُ ويَبطُل إذا علم البائعُ قصدَ المشتري ذلك، إمَّا بقولِهِ، وإمَّا بقرائن مختصة به تدل على ذلك] اهـ.

الخلاصة
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن تعظيم ما عَظَّمَه اللهُ تعالى وشَرَّفَه مِن الكلمات القرآنيَّة والأسماء الربانيَّة وما يتبع ذلك في الشرف والقدسيَّة الدِّينيَّة أمرٌ محتَّمُ الوجوب في الشريعة الإسلاميَّة، واشتمالُ ما يُفرش على الأرض على شيءٍ مِن ذلك متنافٍ مع هذا التعظيم الواجب، والتوقير اللازم، ومن ثمَّ فإن بيع التاجر المذكور للسَّجاد المشتمل على كلماتٍ جليلةٍ مُعظَّمة في الشرع الشريف من نحو أسماء الله تعالى وآيات القرآن الكريم، لمَن يعلم أنه يستعمله بالبسط على الأرض ووطئه بالقدم في الصلاة أو غيرها -لا يجوز شرعًا باعتباره مُعِينًا له حينئذٍ على ارتكاب ما نهى عنه الشرعُ وحَرَّمه.

مقالات مشابهة

  • فعالية خطابية للكادر النسائي بقطاع الأمن والشرطة بمناسبة ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء
  • أمسية شعرية تأسر القلوب وتُحيي جماليات الشعر العربي في معرض جدة للكتاب 2024
  • هل بر الوالدين يمحو الذنوب ولو كثيرة .. الإفتاء توضح
  • ننشر السيرة الذاتية السكرتير العام الجديد بالمنوفية
  • علي جمعة: الصدق الذي نستهين به هو أمر عظيم
  • 6 مواقف بكى فيها النبي محمد .. وسبب بكائه على أُمَّتِهِ
  • أذكار المساء مكتوبة كاملة.. ردد أفضل الأذكار النبوية الصحيحة
  • منها الدعاء للمتوفي.. مستحبات يوم الجمعة احرص على أدائها
  • مستحبات الجمعة.. 10 سنن احرص عليها اليوم
  • حكم بيع السجاد المكتوب عليه لفظ الجلالة