كامالا هاريس تواجه معادلة صعبة بسبب حرب غزة
تاريخ النشر: 22nd, August 2024 GMT
سعى المندوبون الديمقراطيون إلى تثبيت مرشحتهم للانتخابات الرئاسية الأمريكية خلال انعقاد مؤتمرهم الوطني العام الثلاثاء في شيكاغو، قبل إضفاء الطابع الرسمي على ترشح كامالا هاريس مساء الخميس.
وتمثل نائبة الرئيس أملا كبيرا لملايين الأمريكيين، للتغلب على خصمها الجمهوري دونالد ترامب عبر صناديق الاقتراع في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
لكن على ضفاف بحيرة ميشيغان، اختلطت حماسة البعض للمرشحة الديمقراطية مع غضب آخرين. حيث تظاهر آلاف الأشخاص الإثنين للتنديد بشكل خاص، بدعم إدارة بايدن-هاريس للحرب التي تشنها إسرائيل على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة.
ومساء نفس اليوم، علّق الرئيس جو بايدن الذي صعد إلى المنصة تأكيدا على دعمه كامالا هاريس: “لدى هؤلاء المتظاهرين مواقف وجب توضيحها. لقد قُتل العديد من الأبرياء من كلا الجانبين”.
لطالما احتل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي لفترة طويلة موقعا ثانويا بين اهتمامات المجتمع الأمريكي. لكن اليوم اختلف الوضع ويتم مناقشة هذا الموضوع على نطاق واسع في الحملة، حسبما قالت سارة يائيل هيرشهورن، مؤرخة أمريكية وأستاذة بجامعة حيفا: “هذا أمر غير مسبوق على الإطلاق في تاريخ بلدنا”.
ففي شيكاغو، ولدى عودتها من مظاهرة طالبت بوقف إطلاق النار في غزة، تحدثت أرييل (29 عاما) لفرانس24 عن حلمها: “عالم نكون فيه كلنا أحرار وآمنون، من شيكاغو إلى فلسطين”.
تطالب هذه اليهودية الأمريكية قادة بلادها بفرض حظر على شحنات الأسلحة الموجهة إلى الجيش الإسرائيلي. وتضيف: “حاليا، هذا هو الحل الملموس الوحيد لتحقيق السلام الدائم بالشرق الأوسط، خصوصا في غزة، وعالم أكثر أمنا للجميع”.
في المقابل، ترى سارة يائيل هيرشهورن بأن مثل هذا الموقف لا يعكس رؤية الأغلبية بين اليهود الأمريكيين -ما يقرب من 7.5 مليون شخص ما يعادل 2 بالمئة من السكان-.
على الرغم من ذلك، يوجد في هذا البلد المتحالف مع إسرائيل، منظمات يهودية مثل الصوت اليهودي من أجل السلام، تتظاهر أحيانا إلى جانب الأمريكيين من أصل فلسطيني للدعوة إلى إنهاء الحرب في غزة، وهي تستقطب أضواء الكاميرات من ربوع العالم.
تقول هيرشهورن أيضا: “لم يكن في السابق موضع شك، لكن الدعم (الأمريكي) لإسرائيل بات اليوم موضع تساؤل متزايد، سواء بين جمهور الناخبين الديمقراطيين، أو حتى داخل صفوف الحزب”.
وعلى بعد حوالي عشرة آلاف كيلومتر من المعارك، تبقى الولايات المتحدة لاعبا أساسيا بالحرب التي اندلعت في قطاع غزة بعد الهجوم الذي شنّته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ففيما تواصل نشاطها المكثف على الصعيد الدبلوماسي، تستمر واشنطن في تسليم الإسرائيليين مزيدا من الأسلحة والذخائر.
يؤكد خبراء تواصلت معهم فرانس24، بأنه لولا شحنات الأسلحة الأمريكية تلك، لكانت الدولة العبرية ستضطر على الأرجح إلى وقف حربها -التي أدت إلى مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني في غزة حسب وزارة الصحة بالقطاع- “غدا”.
بالرغم من السخط الذي ينتاب جزءا من الشباب اليهودي، فإن المجتمع، الذي ساند الديمقراطيين لفترة طويلة، سيصوت لصالح كامالا هاريس بنسبة 75 بالمئة، وفق توقعات سارة يائيل هيرشهورن، التي تنحدر بدورها من عائلة يهودية أمريكية.
تراجع دعم العرب والمسلمين بسبب الحرب في غزة
كذلك، من الممكن أن يبتعد جمهور آخر من الناخبين عن الثنائي هاريس- تيم والز (حاكم مينيسوتا الذي رشّحته هاريس لمنصب نائب الرئيس) ما يعد بمثابة الأمر الأكثر خطورة بالنسبة للديمقراطيين.
فحتى وإن كان الأمريكيون الذين ينحدرون من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد انضموا إلى المعسكر الديمقراطي منذ اندلاع الحروب التي شنّتها إدارة جورج بوش الابن في العراق ثم أفغانستان، فقد أضعف دعم بايدن لإسرائيل في حرب غزة الانسجام العربي-الأمريكي.
تقول سوزان ناصر، أستاذة جامعية (46 عاما) تنحدر من أصل فلسطيني، لوكالة الأنباء الفرنسية، إن القاطنين في ضاحية شيكاغو هذه عملوا جاهدين لضمان فوز بايدن في 2020 إلا “أنهم يشعرون بالخيانة الآن”.
وتعتبر ناصر أن الحرب في غزة في نظر كثيرين ليست موضوعا نظريا يتعلق بالسياسة الخارجية. وتوضح بصوت يغلب عليه التأثر: “خسر أحد طلابي 35 من أفراد عائلته. وفقد الاتصال مع آخرين ولا يعرف إن كانوا على قيد الحياة أم لا”.
وقد أوضح استطلاع للرأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز منتصف شهر مايو/أيار، بأن أكثر من 70 بالمئة من هؤلاء الناخبين يرون بأن الوضع في غزة يمثل أولويتهم الانتخابية الرئيسية.
ففيما يميل بعض الأمريكيين من أصل عربي أو من المسلمين إلى دعم دونالد ترامب، يمكن أن يترجم تململ كثيرين حيال إدارة بايدن-هاريس من خلال امتناعهم عن التصويت خلال الانتخابات القادمة.
يقول علي إبراهيم (20 عاما) من أصل فلسطيني وهو يدير مخبزا فلسطينيا في بريدجفيو بولاية إيلينوي: “لن يحصلوا على أصواتنا هذه السنة”، وهو يوضح وقد لفّ عنقه بخريطة فلسطين التاريخية: “ولا نريدهم في الرئاسة، لأن ما يحدث (في غزة) سيء، ونحن لا نتسامح مع ذلك”.
اقرأ أيضاًتقاريرمهندسة تستخدم أدوات بسيطة لتحلية المياه في غزة
وتقع بريدجفيو على بعد حوالي عشرين كيلومترا من شيكاغو وتلقب بـ “فلسطين الصغيرة”، وهي موطن لأكبر جالية فلسطينية في الولايات المتحدة.
تضم ضاحية شيكاغو أكبر جالية فلسطينية. وعلى المستوى الوطني، تمثل المجتمعات المنحدرة من شمال أفريقيا والشرق الأوسط 3.5 مليون شخص، أي حوالي 1 بالمئة فقط من إجمالي سكان البلاد.
جمهور انتخابي حاسم بالولايات الحاسمة
رغم ذلك، فإن النظام الفيدرالي الأمريكي يجعل من هذه المجتمعات جمهورا انتخابيا حاسما في بعض الولايات الحاسمة، أو ما يطلق عليه “الولايات المتأرجحة”. كما هو الحال في ميشيغان، حيث تمثل الأقلية العربية الأمريكية، البالغ عددها نحو 310 آلاف ناخب، حوالي 5.6 بالمئة من الأمريكيين المدعوين إلى صناديق الاقتراع في الولاية الواقعة بالغرب الأوسط.
ترى سارة يائيل هيرشهورن أن من المحتمل أن تكون هذه الاعتبارات قد أثّرت في قرار كامالا هاريس بعدم منح جوش شابيرو التذكرة الديمقراطية قائلة: “اختيار مرشح يهودي وصهيوني لم يكن من الممكن أن يكون عملا لائقا في بعض الولايات الرئيسية”. فحاكم ولاية بنسلفانيا، الذي يعتبره منتقدوه مقربا للغاية من إسرائيل، والذي ظهر لفترة كمرشح ذي مصداقية لمنصب نائب الرئيس، تم تنحيته في نهاية المطاف لصالح تيم والز.
إضافة إلى تلك الخطوة، بادرت كامالا هاريس أيضا في بداية الشهر إلى لقاء عبد الله حمود، رئيس بلدية ديربورن الواقعة بضواحي ديترويت. وكان هذا المسؤول الشاب في الحزب الديمقراطي قد استقطب في يناير/كانون الثاني اهتمام وسائل الإعلام لرفضه مقابلة مسؤولي حملة جو بايدن. واعتبر اللبناني الأمريكي حينها أن “الإبادة الجماعية (في غزة) أثقل من تأثير سياسة بايدن الداخلية”.
تشرح المؤرخة سارة يائيل هيرشهورن: “من الواضح أن كامالا هاريس تغازل الناخبين المسلمين، وتحاول الوصول إلى هذا المجتمع وفهم مطالبه”.
وكانت هاريس قد تعهدت في 26 يوليو/تموز خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى الكونغرس الأمريكي، بعدم التزام “الصمت” أمام معاناة المدنيين في القطاع الفلسطيني. كما أصرّت نائبة الرئيس الأمريكي أيضا على ضرورة إبرام اتفاق سلام بدون تأخير.
لكن، إلى أي مدى يمكن أن تذهب المرشحة الديمقراطية في الإيفاء بوعودها الانتخابية؟
في مواجهة التهديد الذي يشكله ترامب، الثنائي هاريس-والز “ليس لديه سوى هدف واحد فقط: الفوز”، حسبما تؤكد هيرشهورن قائلة: “ففي حال شعرا بأنهما بحاجة إلى اتخاذ مواقف أكثر تأييدا للفلسطينيين للفوز، فسوف يفعلان ذلك”.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية کامالا هاریس من أصل فی غزة
إقرأ أيضاً:
حملة هاريس تطلب جمع تبرعات لـ "تقديم ترامب إلى العدالة"
دعت حملة المرشحة الديمقراطية الخاسرة في الانتخابات الرئاسة الأمريكية كامالا هاريس، إلى جمع الأموال من أجل "تقديم الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى العدالة".
وقالت الخدمة الصحفية لحملة هاريٍس: "الحقيقة هي أننا بحاجة إلى تدفق جديد من التبرعات لمواصلة بناء الأساس للموارد اللازمة لمحاسبة ترامب على مدى السنوات الأربع المقبلة"، وتبدأ التبرعات من 50 دولارا.
وبحسب وسائل إعلام أمريكية، تمكنت هاريس من جمع نحو 2.3 مليار دولار لحملتها، وأنفقت مئات الملايين على الإعلانات، وأصبحت حفلات المشاهير المرتبطة بخطابات المرشح بند نفقات كبيراً.
وفي الأيام التي سبقت الانتخابات، قام جون بون جوفي، وكريستينا أغيليرا، وكاتي بيري، وليدي غاغا بإجراء عروض ترفيهية للناخبين نيابة عن كامالا هاريس.
وكانت هناك تقارير عن تهديدات بتسريح أعداد كبيرة من موظفي هاريس، التي ذهبت بعد خسارتها إلى هاواي لمدة أسبوع "لقضاء بعض الوقت مع عائلتها".
وفي سياق متصل، أشار مدير اتصالات الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب دونالد ترامب، ستيفن تشون، يوم الاثنين إلى أن وزارة العدل الأمريكية أسقطت جميع القضايا الفيدرالية المرفوعة ضد ترامب.
وقال في بيان: "لقد أعاد الشعب الأمريكي انتخاب الرئيس ترامب بتفويض ساحق لجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى. القرار الذي اتخذته وزارة العدل اليوم ينهي القضايا الفيدرالية غير الدستورية ضد الرئيس ترامب، وهو انتصار كبير لسيادة القانون".
هذا وطلب المستشار الخاص الأمريكي جاك سميث يوم الاثنين، من محكمة اتحادية في مقاطعة كولومبيا رفض الإجراءات في قضية محاولة دونالد ترامب المزعومة في يناير 2021 الحفاظ على السلطة على الرغم من خسارته الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وفاز ترامب الذي شغل بالفعل منصب رئيس الولايات المتحدة، بالانتخابات الرئاسية التي جرت في 5 نوفمبر الجاري، وأصبح ثاني شخص في تاريخ الولايات المتحدة يعود إلى البيت الأبيض بعد فترة انقطاع 4 سنوات.
وأصبح ترامب أول فائز في الانتخابات يواجه تهما جنائية، وقد أدت إحداها بالفعل إلى صدور حكم بالإدانة، وهناك إجراءان يخضعان لسلطة المدعي الخاص ولهما وضع فيدرالي. ويتم التعامل مع الاثنين الأخيرين من قبل سلطات إنفاذ القانون في الولاية.