قالت منظمة العفو الدولية (أمنستي” إن السلطات الجزائرية احتجزت في التاسع عشر من الشهر الجاري المعارض السياسي كريم طابو في غياب محاميه، وقالت إن القاضي أعلمه بتمديد وضعه تحت المراقبة القضائية ليشمل حظرًا على نشاطه الإعلامي والسياسي ومنشوراته.

يأتي قرار السلطات الجزائرية تزامنا مع انطلاق الحملات الدعائية للانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها في السابع من الشهر المقبل، التي “يتنافس” فيها ثلاثة مترشحين، أبرزهم الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون والمدعوم من طرف جنرالات الجارة الشرقية.

وأضافت أن طابو رفض التوقيع على هذه الشروط الجديدة، معلنة إدانتها هذا التصعيد المقلق الذي يشدّ الخناق على النشاط السياسي المعارض في الجزائر ويظهر تراجع حرية التعبير في البلاد.

وكان طابو يذهب أسبوعيًا إلى الأمن الداخلي في العاصمة للإمضاء بحسب شروط مراقبة قضائية فُرضت عليه ظلمًا في ماي 2023، كجزء من تحقيق مبني على مشاركته في برنامج تلفزيوني، وفق ما كتبته المنظمة الدولية على صفحتها بمنصة “إكس”.

وخاض المعارض المعروف بطرحه النقدي في الجزائر، في السابع من ماي 2023 في برنامج على قناة المغاربية رفقة الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي في قضايا تتعلق بموضوع الحريات والاستبداد في العالم العربي، حيث وجّه الطرفان انتقادات لاذعة للأنظمة ووقوفها في طريق تطور الشعوب، وهي تصريحات اعتبرها القضاء الجزائري مهينة لرئيس الجمهورية.

ويواجه طابو أربع تهم وهي جنحة إهانة رجال القوة العمومية، والإساءة لرئيس الجمهورية، وإهانة هيئة نظامية، وترويج أخبار مغرضة من شأنها المساس بالأمن العمومي والنظام العام، وفق ما صدر عن دفاعه.

وذكرت هيئة دفاع طابو في بيان لها أن المعارض السياسي قد أخلي سبيله بعد عرضه بشكل مفاجئ على النيابة ولم يتم إيداعه الحبس. لكن طابو لم يخرج سالما من هذا التطور الجديد، فقد تم حسب محاميه، تشديد الرقابة القضائية المفروضة عليه وتقييده بـ4 ممنوعات جديدة.

وذكر كريم طابو لهيئة دفاعه وفق ما نقلت عنه في البيان، أنه “عندما توجه لثكنة الأمن الداخلي للإمضاء، تنفيذا لتدابير الرقابة القضائية المفروضة عليه، تم إعلامه بأنه تنفيذا لإنابة قضائية صادرة عن قاضي التحقيق سيتم اقتياده إلى محكمة القليعة”.

وأضافت: “بعد مدة زمنية تنقلوا به إلى المحكمة. وبعد مثوله أمام قاضي التحقيق، بحضور وكيل الجمهورية، أين طلب منه قاضي التحقيق الإمضاء على تعهد والتزام بعدم المشاركة في أي عمل سياسي أو حصة تلفزيونية. الأمر الذي رفضه جملة وتفصيلا، لما فيه من المساس بحرياته وحقوقه. ورفض الإمضاء على أي وثيقة”.

واعتبرت هيئة الدفاع أن ما وقع مع موكلها هو “تعدٍ صارخ ومساس خطير بحقوق وحريات المواطن، بما فيه حق الدفاع الذي لم يحترم”، خاصة وأنه “تم إخطارنا برسالة نصية يوم 18 غشت بجلسة سماع موكلنا ليوم 20 غشت، لنتفاجأ باقتياده يوما قبل التاريخ المحدد في الإخطار، بعد احتجازه تقريبا يوم كامل”.

وفي مارس الماضي، قضت محكمة جزائرية بالسجن 6 أشهر، مع وقف التنفيذ، على المعارض السياسي كريم طابو الذي يرأس حزب “الاتحاد الديموقراطي والاجتماعي” المعارض غير المرخص من السلطات، بتهم عدة بينها “التحريض على التجمهر” و”القذف”، بحسب ما أفادت منظمة حقوقية.

وذكرت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين أن “محكمة بئر مراد رايس بالعاصمة الجزائرية دانت كريم طابو (49 عاما) بالحبس 6 أشهر غير نافذ وغرامة 50 ألف دينار (340 يورو)، بتهم التحريض على التجمهر غير المسلح وإهانة موظف أثناء تأدية مهامه والقذف”.

وتمت تبرئة طابو من تهم “المساس بالحرمة الواجبة للموتى في المقابر والسماح بالتقاط ونشر صور دون إذن صاحبها والمساس بالوحدة الوطنية”، بحسب المنظمة الحقوقية التي أسست للدفاع عن معتقلي الحراك الشعبي (2019-2020)، الذي يعد طابو أحد أبرز وجوهه.

وحُكم على طابو في مارس 2020، وقضى عقوبة بالسجن لمدة عام بتهمة “المساس بالأمن الوطني”، بسبب مقطع فيديو على حساب حزبه على فيسبوك انتقد فيه تدخل الحكومة والجيش في الشؤون السياسية.

المصدر: مملكة بريس

إقرأ أيضاً:

تهجير أهل غزة في النظرية الترامبية.. العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب2

ردّا على سؤال بشأن السلطة التي تخوّله السيطرة على قطاع غزة، قال ترامب: "بموجب السلطة الأمريكية".

منذ أسابيع وترامب يصرح وينظّر لفكرة تهجير أهل غزة للأردن ومصر، وكان لقاء الرئيس الأمريكي بملك الأردن فرصة لكي يطرح الفكرة مجددا، بعد أن أكدها مرارا وإصرارا في صورة الواثق بأن كلامه نافذ، واستغل وجود ملك الأردن بجواره في مؤتمر صحفي ليقول للإسرائيليين قبل العالم: "أدي الجمل وأدي الجمال"، ويعيد على ضيفه أنه سيستقبل الفلسطينيين، والضيف في استحياء من المضيف يكرر أن لدى مصر والعرب خطة لحل الأزمة وإعادة الإعمار سنعرضها عليك بعد أن نلتقي في الرياض، لكن الأنا الترامبية أعلى من أن تمرر حلولا دبلوماسية تُخرج الضيف من ورطته أمام العالم الحر قبل شعبه، حتى اضطر، ربما، إلى اختلاق فكرة استقبال ألفي طفل من غزة للتداوي في الأردن.

إحدى الصحفيات اللاتي حضرن اللقاء بين الملك عبد الله والرئيس الأمريكي، قالت إن الحديث مع الصحفيين الذي جرى خلال اللقاء لم يكن مجدولا، وإن اللقاء كان من المفترض أن يكون مغلقا أمام الصحافة، لكنه "فُتح فجأة أمامهم". وهو ما يؤكد تلك الحالة التي كان عليها الملك، وهذه الصفاقة التي يتمتع بها راعي البقر الأمريكي وأظهرها أمام العالم من خلال استدعاء الصحافة، وهي رسالة مفادها أنني هنا الأقوى وكلامي هو النافذ، وأن لا أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا إلى مزيد من الصراع. في ظاهر كلامه الرحمة وباطنه من قبله العذاب، فحديثه عن رحمته بالملونين الذين يعيشون في غزة وحل أزمتهم بتهجيرهم، إنما هو كرحمة الطبيب تاجر الأعضاء الذي يرى في قتل الرضيع وسرقة أعضائه رحمة له بدلا من أن يتلطم في الشوارع وهو لقيت، وحاشى لغزة وأهلها أن يكونوا كذلكوفي ظاهر كلامه الرحمة وباطنه من قبله العذاب، فحديثه عن رحمته بالملونين الذين يعيشون في غزة وحل أزمتهم بتهجيرهم، إنما هو كرحمة الطبيب تاجر الأعضاء الذي يرى في قتل الرضيع وسرقة أعضائه رحمة له بدلا من أن يتلطم في الشوارع وهو لقيت، وحاشى لغزة وأهلها أن يكونوا كذلك.

مع أواخر القرن العشرين بزغ نجم الــ"نيوليبراليزم" أو الليبرالية الجديدة، وكان من روادها في الولايات المتحدة الأمريكية الرئيس ورونالد ريجان، وهي باختصار نظرية اقتصادية، وإن شئت فلنسميها أيدلوجية اقتصادية تؤكد على الأسواق الحرة، وإلغاء القيود التنظيمية، وترسخ الخصخصة، والحد من تدخل الحكومة، وإطلاق يد أصحاب الأموال، ليزدادوا توحشا، لا على مستوى أقاليمهم، ولكن على الصعيد العالمي، فيما عرف بالعولمة، والتي قُننت تجاريا باتفاقية التجارة الحرية التي أُجبر العالم الفقير قبل الغني في التوقيع عليها، وهي صورة من صور تقنين الاحتلال، والتوقيع على شروطه في معاهدة استسلام أبدية.

لكن السؤال الجدير بالطرح الآن: هل ترامب نيوليبرالي؟

الناظر إلى سياسات ترامب وأوامره التنفيذية سواء في ولايته الأولى أو الآن الأكثر حدة، نجد أن الرجل تبنى، نعم، بعض السياسات الاقتصادية النيوليبرالية، إلا أنه لا يعتبر من "النيوليبراليزم"، وذلك لتبنيه، مع سياسات تخفيضات الضرائب على الشركات، إلغاء القيود التنظيمية سواء فيما يتعلق بالصناعة أو البيئة وانسحابه من اتفاقية باريس للمناخ، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهي ترتب حقوقا وضوابط، قد يرى أنها تعيق طموحاته كرجل أعمال قبل أن يكون رجل دولة، إلا أن ترامب رغم تبنيه هذه السياسات لا يمكن تصنيفه كنيوليبرالي، نظرا لخطابه الشعبوي، وتبنيه القومية الاقتصادية، ورفعه شعار "أمريكا أولا" و"اجعل أمريكا عظيمة مجددا". وحتى لا نكرر يمكن مراجعة فكر الرجل من رفع هذه الشعارات في المقالين "العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب" و"من دولار نيكسون إلى ميم كوين ترامب"، فيبدو أن الرجل يؤسس لنظام عالمي جديد غير ذلك الذي أسسته الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، والذي ارتضينا به كأمم محتلة.

حديث ترامب عن شرق أوسط خال من الصراعات باحتلاله غزة، وإعادة إعمارها هو حديث، وإن كان يبتعد عن القواعد القانونية في القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فإنه كذلك يبتعد عن فهم ووعي أي إنسان عاقل أو مدرك، ناهيك عما لو كان قارئا، لطبيعة هذا الشعب
حديث ترامب عن شرق أوسط خال من الصراعات باحتلاله غزة، وإعادة إعمارها هو حديث، وإن كان يبتعد عن القواعد القانونية في القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، فإنه كذلك يبتعد عن فهم ووعي أي إنسان عاقل أو مدرك، ناهيك عما لو كان قارئا، لطبيعة هذا الشعب، وهذه الأمة التي لا ترضى الهوان، وتمرض ولا تموت، أمة تتخذ من عقيدتها منطلقا، حتى ولو أُلهيت بفعل محتاليها أو محتليها. كلام ترامب ينطلق من كونه مطورا عقاريا، وهو ما صرح به أمام ملك الأردن، وهو ما يلعب عليه نتنياهو، ومن ثم فإن الرجل يقدم العرض، ترحيل عدد لا بأس به من الفلسطينيين لإفساح المجال لمشاريعه العقارية على المدينة ذات الوجهة البحرية، كما وصفها، وهو في ذلك يؤسس للنظرية "الترامبية" التي لا تعبأ لا بقوانين ولا اتفاقيات، ويؤسس معها للفوضى في العالم.

في مقال "معركة ما بعد الحرب في غزة" والمنشور في 23 كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي تحدثت عن ضرورة أن تدشن حملة شعبية لإعادة ترميم كل غزة.. كل غزة بما فيها وما عليها وما تحتها، وعلى كل مخلص أن يتحرك للبدء الآن لتأسيس الشبكات ووضع الخطط لإيصال كل المعونات التي يحتاجها كل أهلنا في غزة لكي يصمدوا على أرضهم، فطالما لا نستطيع نصرتهم والدفاع عنهم فعلينا أن نمدهم بما يعينهم كي يستعيدوا قدراتهم وقواهم، ويثبتوا في الأرض، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، وتستطيع الشعوب أن تذب عنهم.

لعلي أطرح سؤالا لكل من فرح بعودة ترامب: هل ما زلتَ فرِحا بعودته إلى البيت الأبيض وامتلاكه لقوات في كل البحار والمحيطات، وعلى الأرض في محاور التجارة والنفوذ في العالم بعد ما أفصح عنه لا في القضية الفلسطينية وحسب، بل في كل ما عرضنا في المقالين السابقين؟!

لقد استطاع الرجل في شهرين بعد توليه مقاليد منصبه أن يحيي العالم في حيرة من أمره شرقا وغربا، لكن أخشى ما أخشاه أن يكون ترامب هو ذاك الرجل الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم؛ يسلطه الله علينا، فيبعثه فينا يفتنا به، فيجعل الحليم فينا حيران، فلا أرى فرِحا بعودة ترامب إلا الحمقى والدكتاتوريين، وحتى الصنف الأخير بدأوا بالاكتواء بناره.

مقالات مشابهة

  • أكثر من 9 آلاف صحافي عبر العالم يشوّهون صورة الجزائر!
  • عضو بالحزب الديمقراطي: الحراك السياسي في أمريكا يرفض تهجير الفلسطينيين
  • عضو بالحزب الديمقراطي: الحراك السياسي في أمريكا يرفض خطة تهجير الفلسطينيين
  • تبون يقود فضيحة في قمة الإتحاد الإفريقي بشكاير فلوس…فشل محاولاته الخسيسة لشراء ولاءات بعض الدول الأفريقية
  • الرئيس تبون: الجزائر ستظل شريكا فاعلا في دعم الآلية الإفريقية
  • تهجير أهل غزة في النظرية الترامبية.. العالم في اليوم التالي لتنصيب ترامب2
  • رئيس الجمهورية: الجزائر تتطوع بمليون دولار لصالح الآلية الإفريقية
  • رئيس الجمهورية يصل إلى مقر الاتحاد الإفريقي
  • فوز المستشار محمد هلال بعضوية مفوضية الاتحاد الأفريقي للقانون الدولي لولاية ثانية
  • فوز محمد هلال بعضوية مفوضية الاتحاد الأفريقي للقانون الدولي لولاية ثانية